2015/02/07

أفلح إن صدق قصة بقلم: نسرين مصطفى حسن

أفلح إن صدق
نسرين مصطفى حسن

أخبريني ,,
فوق أي شجرة تسكنين يا  ثمرة الحكمة , حتى ننهال عليك بالقطاف و ننعم بمذاقك ..!!؟
ترى هل من عقار يحسن الرؤية , فيمنحنا خيار الدرب القويم لننعم بالفلاح..!!؟
أم نعصب أعيننا و نسير بعشوائية وفق المشاعر و إشارات القلوب..!!؟
هاتفتني و الفرحة تسبق صوتها إلى مسامعي ,, أخبرتني أنها و أخيرا وضعت قدميها على الطريق الصحيح ,,,,
عشرون عاما من الحياة الزوجية و الكفاح , تسبقها ثلاثون في نضال مع الواقع من أجل البقاء.
هي أم و زوجة تحمل لقب عزباء ,, لم تختار لقبها بمحض إرادتها بل فرضته عليها مجريات الأمور خلال مسير عشرين عاما هي عمر زواجها.
نعم ,, عمر زواجها ,, فالزواج ليس فقط علاقة بين طرفين بل هو كائن حي يولد و يتنفس و يتغذى و يشيخ و ربما حتى يموت إن فقد مقومات الحياة.
فتصبح العلاقة جافة جدباء خالية من الغصن الأخضر الذي معه تطيب الحياة و تثمر.
إنها تتذكر ذاك المساء جيدا ,,عندما زارهم مع أبيه لخطبتها ,, لم تحتار كثيرا و لم تتردد في الموافقة على الرغم من عدم معرفتها به سابقا.
فقد رشحته لها أحد أقاربها , و سريعا وافقت عليه بعدما اطمأن أخوانها لحسن سيرته و أخلاقه.
كانت الأخت الكبرى لخمسة من الذكور و إثنتين من الإناث ,,
لم تعرف أمها ,, فقد تربت يتيمة الأم , توفى والدها بعد زواجه بآخرى تاركا لها طفلين من الزوجة الجديدة غير خمسة أشقاء.
كأخت كبرى كان عليها تدبر أمر الصغار و الإهتمام بشؤونهم
الأن و بعد أن أصبح كلا منهم قادرا على الاعتماد على نفسه لا مانع من زواجها.
أحلام وردية و حياة رائعة رسمتها بمخيلتها فزوج المستقبل ميسور الحال , شخص ملتزم , و على خلق بشهادة الجميع.
بالإضافة إلى أنه يحمل قدرا كبيرا من الرومانسية و الوسامة التي تتمناها أي فتاة.
آه ,,, أي حياة مشرقة تنتظرني هناك خلف عتبات الزواج,,!
بإذن الله سيكون عُشي واحة غناء , قدوة و مثلا يحتذى للأقرباء و الغرباء.
تلك كانت أمانيها و أحلامها أو ربما أوهامها.
بعد الزواج و خلال الأعوام الأولى ظهرت بعض الخلافات و فروقات التفكير , لكن بروحها الهادئة و حِلمها لم تترك لتلك الخلافات المجال.
بل حولتها إلى نقاط مشتركة جمعت بينهما و أضفت روحا من الصداقة على علاقتهما الزوجية.
فقد كانت نعم الزوجة الصبورة المجتهدة التي ساندت زوجها و ربت ابنائها على الدين و الفضيلة , و تحملت من مصاعب الحياة ومنغصاتها الكثير.
و هو الزوج المتفاني الودود المقدر , و الذي لا يتوانى عن إظهار حبه و تقديره لها أمام الكبير قبل الصغير و الغريب قبل القريب.
إذاً أين المشكلة ,,!!؟
متى و كيف حدث الشرخ الذي الصق بها لقب العزباء ,,!!؟
ترى هل تغيرت هي أم تبدل هو ,,!!؟
لا ,, لم يحدث هذا أو ذاك لكن ما حدث كان الأغرب,,,
كان ذلك عندما ائتلفت قلوبهما حد التمازج و ذوبان الفوارق,, تماهت روحيهما حتى انصهر كلا منهما في حنايا الأخر.
فكانت له الصديقة , كاتمة الأسرار , و المصغية دائما لكل ما يجول بخاطره.
كل مساء يعود ليفرغ في ثوبها حكايا يومه بكل تفاصيله الكبيرة و الصغيرة.
بالإضافة إلى بعض التعليقات عن  هذه التي كانت عيونها بحرا فيروزيا بلا شطآن , و تلك ذات القد الممشوق , و عن  الحسناء ذات الخصر المنحوت و الشعر الهفهاف.
فهو مبتلى بالتحديق بلوحات الخالق التي تمشي على الأرض _كما يدعي_
عاجز عن غض بصره عن حسنهن , و لا يرغب سوى ببعض التأمل في إبداع أنامل خالقه.
و لا ضير بين الوقت و الأخر من فتح المحار , و اكتشاف ما به من اسرار.
اما هي ,, فهي الصديقة و الحبيبة , و أميرته المتوجة التي لا منازع لها على عرش قلبه.
تمرالسنوات و الحال كما هو رغم محاولاتها المستميتة لاثناءه عن عادة تأمل اللوحات و اكتشاف الأسرار.
و بينما أعباء الحياة لا تنتهي و لا ترحم ,,,
و بمرور السنوات كانت كل دقيقة تمر من عمرها , تلقي على وجهها و جسدها التحية و تخلد عليهما بصمتها الخاصة.
بينما هناك ,, ,,, كان الربيع يتجول  بخفة و دلال في كل أرجاء المعمورة , و بالتأكيد لا يستطيع صديقنا كبح رغبته في اشتمام عبيره و ممارسة هوايته السرية.
ليعود كعادته محملا بسيل الحكايا و طاقة و رغبات , باتت هي عاجزة عن احتوائها , ربما بسبب شرخا بدأ تدريجيا يتلمس طريقه إلى روحها , أو لعله بسبب الجسد المنهك  , و بعض الأمراض التي أهدتها لها أيادي الزمن.
تراكم لرغبات و متطلبات في تزايد مطرد , على عكس نواميس الخلق و الكون , يقابله منها عجز في الإيفاء طبيعي بحكم الظروف.
ليبدأ سيل الاتهامات ,,,,
أنتِ مقصرة في واجباتك نحوي.
أنت  متطلب بشكل غير منطقي.
أنتِ غافلة عن أبسط حقوقي و أهمها.
أنت متطلع دائما لما هو أكثر من قدراتي.
أنتِ ,,,,, ,,,,,,,,
أنت,,,,, ,,,,,,,,,
هو يرى أنها لا تفيه حقوقه كما ينبغي , و هي ترى أن رغباته مبالغا فيها و يستحيل إرضائه.
و في النهاية هو يقتله الاحتياج , و هي عاجزة عن الإيفاء.
ذاك السيل العارم من الاتهامات المتبادلة بينهما  يثير العديد من التساؤلات ,,,
لماذا لا يجاهد و يتخلص من تلك العادة البغيضة و يغض البصر!!؟
ربما حينها تسير رغباته في الإطار الطبيعي و يبلغ الرضا
من المسؤول عن شرخ كبريائها , و أنوثتها بالقدر الذي أصبحت معه تشمئز من العلاقة الجنسية , و عاجزة عن التجاوب !!؟
من علمه أن المرأة كائن خلقه الله للمتعة  فحسب , و ينتهي دورها في الحياة عند عجزها عن إغداق المزيد!!؟
لا أعلم ,, لا أملك إجابات

فقط ما أعلم أن الإحباط أصبح  هو عنوان حياتهما و المخيم على روحيهما ,  و إن ظل رباط الصداقة وثيقا يربط بينهما.

لا أعلم ,, لا أملك إجابات ...
فقط ما أعلم أن الإحباط أصبح هو عنوان حياتهما والمخيم على روحيهما , وإن ظل رباط الصداقة وثيقا يربط بينهما.
واليوم وبمنتهى السعادة ,,,
أخيرا وبعد طول عناء, وعلى حد قولها ألهمها الله طريق الصواب وخطبت لزوجها..!!!
 
نعم خطبت لزوجها,,,
فتاة صغيرة تكمل معه المشوار ,  تحتوي رغباته وتطلعاته المتراكمة و المتزايدة.
أماهي فقررت و بمحض إرادتها ابتلاع غصتها دون حتى شربة ماء,,, ,,, والتنازل عن حبيبها لأخرى وستكتفي بدور الصديقة التي تنتظره كل مساء ليفرغ في ثوبها الحكايا.
على وعد منه أن تظل بلا منازع أميرة متوجة على عرش قلبه
أفلح إن صدق..!!!

ليست هناك تعليقات: