
فى المؤتمر العلمى الذى تقيمه جامعة حلوان ابتداء من الأحد القادم، يقدم يعقوب الشارونى رائد أدب الأطفال دراسة حول " تطور صورة الشخصية فى أدب الأطفال المصرى والعربى " ، وكيف أثرت القيم التربوية الحديثة وما طرأ على المجتمع من تحولات ، فى تطور وتغير رسم شخصية الطفل فى روايات وقصص الأطفال ، وعلى وجه خاص فيما يتعلق بصورة الفتاة والمرأة وذوى الاحتياجات الخاصة . الدراسة شملت تحليل أكثر من خمسين رواية وقصة من مصر وأنحاء العالم العربى ، منذ الرائد كامل كيلانى وحتى الآن .
ملخص دراسة حول
" تطور صورة الشخصية فى أدب الأطفال المصرى والعربى "
بقلم : يعقوب الشارونى
أصبحت " الشخصية " هى المادة الأساسية التى يدور حولها أى عمل قصصى أو روائى يوجه إلى الأطفال ، على عكس ما كان الحال فى أوربا فى العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين ، عندما كان هناك ميل إلى إهمال الشخصية فى أدب الأطفال . لقد كان الأطفال يُصَوَّرون عادة فى مجموعات يخوضون مغامرات يشتركون فيها معًا ، لكن ليست لديهم القدرة على أن يكونوا أفرادًا متفردين .
لكن منذ بداية الأربعينيات من القرن الماضى ، بدأ الاهتمام بإبراز شخصية الطفل فى أدب الأطفال ، وإظهار طبيعتها من خلال كيانها المادى والاجتماعى والنفسى ، والبحث عن البواعث التى تدفعها إلى أن تفعل ما تقوم به من أفعال ، وذلك عن طريق علاقاتها بالآخرين ، وكيفية تطورها ، وما يعتريها من تغيرات ، وما تهدف إلى تحقيقه من أهداف .
ويمكن للكاتب أن يرسم شخصياته إما عن طريق القليل من الوصف المباشر ، أو عن طريق كشف طبيعة الشخصية وعاداتها من خلال حوارها وتفاعلها مع مختلف شخصيات العمل الأدبى . لكن لعل أفضل الطرق لرسم الشخصية ، هى إبراز كيف تتصرف من خلال موقف بعد آخر من مواقف العمل الأدبى .
ومن أبرز التغيرات التى حدثت فى اختيار ورسم شخصيات أدب الأطفال العربى ، منذ الرائد كامل كيلانى حتى الآن ، هو ما نلاحظه مِن تحول الاهتمام عَن الشخصيات الخيالية ، إلى الاهتمام بالشخصيات الواقعية . والتغير فى رسم صورة الطفل ، وعلى وجه خاص صورة الطفلة ، من الاعتماد على الآخرين فى اتخاذ القرار إلى المبادرة على نحو إيجابى فَعَّال . والتغير من صورة الطفل غير القادر على مواجهة المشكلات والتحديات والمواقف الصعبة ، إلى القدرة على المواجهة والتكيف السليم مع المتغيرات . مع ظهور الشخصيات القادرة على تحمل المسئولية ، وعلى التعبير عن الرأى سعيًا إلى التغيير ، ورسم شخصيات قيادية لها دور إيجابى . مع تقديم شخصيات قادرة على الإبداع والتفكير الخَلاَّق ، وعلى تذوق الفنون ، وعلى الاهتمام بالمعرفة والثقافة العلمية . لقد ظهر أبطال قصص أطفال يتمسكون بالتعليم وبالعمل ( خاصة بالنسبة للفتيات ) ، ويؤكدون حقهم فى التعبير عن الرأى وفى الاختيار ( وعلى وجه خاص حق الفتاة فى اختيار شريك حياتها ) ، وعلى وعى بالحقوق والمطالبة بها والدفاع عنها ، والمرونة فى التفكير ، والتخطيط للمستقبل .
مع اهتمام أدب الأطفال العربى بشخصية الطفل المعاق ودمجه فى مجتمع الأسوياء ، وبشخصيات الأطفال فى ظروف صعبة ، مثل أطفال العشوائيات وأطفال الشوارع . والتأكيد على اعتماد الشخصيات على العلم فى فهم الحياة ومواجهتها ، وفى تشكيل المستقبل .
وإذا كانت هناك دراسات قد صدرت فى بداية السبعينيات من القرن الماضى ، تبين أن بعض المؤلفين العرب للأطفال لا يتنبهون إلى الأثر الذى تتركه كتاباتهم فى الأطفال القراء ، كأن يُترك أبطال القصص الذين قاموا بعدوان دون لوم أو عقاب ، أو يقدموا قصصًا يشيع فيها التشجيع على الخضوع وليس الاستقلال ، أو تتناسى دور العلم فى بناء الشخصية وطموحاتها ، فإننا ، عن طريق الفن وليس على حساب الفن ، علينا الاهتمام بتقديم شخصيات تنمى إحساس الأطفال بالمسئولية الاجتماعية والقومية ، وتساعد على إعدادهم لكى يصبح كل منهم عضوًا عاملاً فى جماعة تسعى إلى تحسين أحوالها ، مؤمنًا ببذل الجهد وتحصيل العلم واكتساب الخبرة سبيلاً للتطور والتقدم ، مع تقدير قيمة البطولة الجماعية والتعاون ، وتساعد على تنمية شجاعة الأطفال وثقتهم بأنفسهم ، مع تأكيد قدرة الإنسان على صنع الواقع وتطويره ، وخلق الثقة فى نفوس الأطفال بقدرتهم على تحقيق الأهداف التى يصبو إليها مجتمعهم عندما يبلغون سن النضج .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق