2016/02/03

أُمُّ الْلُغَاتِ أَنَا.. شعر: يسري الصياد

 أُمُّ الْلُغَاتِ أَنَا
القصيدة الفائزة بالمركز الأول في مسابقة لغة الخلود
يسري الصياد

مَنْ ذَا يُضَارِعُ فِي الْبَيَانِ بَيَانِي
 أَوْ سَوْفَ يُدْرِكُ لَحْظَةً سُلْطَانِي

مَهْمَا تَكَاثَرَتِ الْلُغَاتُ فَكُلُّهَا
 سُفُنٌ تَسِيرُ عَلَى هُدَى شُطْآنِي

أُمُّ الْلُغَاتِ أَنَا ، وَ بِرِّي وَاجِبٌ
 وَ رِضَايَ بَعْضٌ مِنْ رِضَا الرَّحْمَنِ

وَ الْحَرْفُ حِضْنٌ إِنْ رَضِيتُ ، وَ لَا غِنًى
 أَبَدًا لِهَذَا الْكَوْنِ عَنْ أَحْضَانِي

وَ يَفُورُ بُرْكَانُ الْحُرُوفِ لِغَضْبَتِي
 فَلْتَحْذَرِ الدُّنْيَا لَظَى بُرْكَانِي


كَمْ مِنْ غُزَاةٍ حَاوَلُوا سَجْنِي لِكَيْ
 أَفْنَى فَيَسْهُلَ سَلْبُهُمْ أَوْطَانِي

وَ صَمَدْتُ صَابِرَةً عَلَى مَا أَزْمَعُوا
 فَالصَّبْرُ يَكْسِرُ شَوْكَةَ السَّجَّانِ

فَتَحَرَّرَتْ أَرْضُ الْعُرُوبَةِ كُلُّهَا
 وَ الْفَضْلُ للهِ الَّذِي أَحْيَانِي

فَأَنَا اقْتَسَمْتُ مَعَ الْخُلُودِ وُجُودَهُ
 مُذْ أَنْ عُصِمْتُ بِعِصْمَةِ الْقُرْآنِ

خَيْلٌ أَنَا لَا يُسْتَهَانُ بِهَا ، فَمَنْ
 ذَا سَوْفَ يَمْلِكُ صَهْوَتِي وَ عِنَانِي

أَرْتَادُ أَرْوِقَةَ الشِّفَاهِ أَنِيقَةً
 فَتَهِيمُّ سَكْرَى مِنْ رَجِيعِ دِنَانِي

لَمَّا مَسَسْتُ لِسَانَ " يَعْرُبَ " أَشْرَقَتْ
 شَمْسُ الْبَلَاغَةِ فِي رُبَى "قَحْطَانِ"

وَ بِفِيهِ "إِسْمَاعِيلَ" سِرْتُ فَأَيْنَعَتْ
 دَوْحُ الْفَصَاحَةِ بَعْدُ فِي "عَدْنَانِ"

فَأَنَا الْعَزِيزَةُ ، يَسْتَقِي مِنْ عِزَّتِي
 مَنْ عَاشَ يَحْلُمُ عُمْرَهُ بِكِيَانِ

أَقْسُو ، وَ أَحْنُو كَيْ يَرَى الْبُلَغَاءُ مَا
 سَيَنَالُهُمْ مِنْ قَسْوَتِي وَ حَنَانِي

وَ الْمُحْسِنُونَ إِلَيَّ يَحْدُوهُمْ ضِيَا
 عَيْنَيَّ ، فَالْإِحْسَانُ بِالْإِحْسَانِ

ذَا "سِيبَوَيْهُ" تَعَلَّقَتْ أَنْفَاسُهُ
 بِي ، فَارْتَوَى مِن زَمْزَمِي وَ جِنَانِي

وَ تَنَافَسَ الشُّعَرَاءُ فِيَّ فَخُلِّدُوا
 وَ فَنَى مَلِيًّا مَنْ نَأَى وَ جَفَانِي

وَ سَلُوا "زُهَيْرًا" وَ "امْرَأَ الْقَيْسِ" ، اسْأَلُوا
 "بِشْرًا" وَ "عُرْوَةَ" ، وَ اسْأَلُوا "الذُّبْيَانِي"

مِنْ غَابِرِ الْأَزْمَانِ لَبَّوْا مَطْلَبِي
 لَمَّا أَشَرْتُ إِلَيْهِمُو بِبَنَانِي

أَهْدَوْا مَحَبَّتَهُمْ إِلَيَّ ، فَجِئْتُهُمْ
 بِلَآلِئِي وَ زُمُرُّدِي وَ جُمَانِي


وَ نَثَرْتُهَا حُبًّا عَلَيْهِمْ ، فَاعْتَلَوا
 قَبْلَ الْأَمَاكِنِ صَهْوَةَ الْأَزْمَانِ

وَ تَوَالَتِ الشُّعَرَاءُ تَتْرَى بَعْدَهُمْ
 كُلٌّ يُجِيبُ كَمَا يَشَاءُ أَذَانِي

وَ أَنَا أُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ ، كُلٌّ بِمَا
 أَبْلَى ، وَ بِالْبُرْهَانِ وَ الْمِيزَانِ


أَنَا دَوْحَةٌ ، وَ الْمُبْدِعُونَ بَلَابِلٌ
 تُلْقِي قَصَائِدَهَا عَلَى أَغْصَانِي

فَيُرَطِّبُ الْأَجْوَاءَ فَوْحُ عَبِيرِهَا
 يَنْسَابُ فِي الْأَرْوَاحِ وَ الْأَبْدَانِ

وَ أَنَا خِضَمُّ الضَّادِ ، دُرٌّ قَاعُهُ
 يَا سَعْدَ غَوَّاصٍ تَفَهَّمَ شَانِي

فَإِذَا وَعَى قَدْرِي ، تَفَوَّقَ دَائِمًا
 أَبَدًا عَلَى الْأَصْحَابِ وَ الْأَقْرَانِ

وَ أَنَا مَدِينَةٌ الْكَمَالُ رُوَاؤُهَا
 وَ لِأَجْلِ هَذَا أَنْتَقِي سُكَّانِي

فَإِذَا رَغِبْتُمْ فِي وِصَالِي ، فَابْحَثُوا
 تَجِدُوا قُلُوبَ أَحِبَّتِي عُنْوَانِي
 

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

أشكرك أيها المبدع أستاذ أحمد طوسون على جهدك الرائع في إدارة هذه المدونة الرائعة متمنيا لك كل التفوق والنجاح مستقبلا ... يسري الصياد