2016/04/05

مـجلة «الأهرام العربي» تحتفي بالـجزائر وثورتـها العظيمة



 مـجلة«الأهرام العربي»تحتفي بالـجزائر
 وثورتـها العظيمة
بقلم:الدكتور محمد سيف الإسلام بوفـلاقـــــة
-جامعة عنابة-
              عن مؤسسة الأهرام بالقاهرة صدر العدد الجديد من مجلة«الأهرام العربي»العريقة،بتاريخ:19مارس2016م،والذي حمل رقم:989،وقد  جاء العدد حافلاً بالمواضيع المتميزة عن الجزائر،والثورة الجزائرية المظفرة،حيث عنونت المجلة هذا العدد ب«الجزائر أرض الصوفية والثورة».
                  كتب افتتاحية العدد أحمد السيد نجار؛رئيس مجلس الإدارة بمؤسسة الأهرام،وقد استهلها بقوله: «تبدو الجزائر كزهرة برية فريدة تنثر على سواحل المتوسط عبيرها،وتفتح للأحبة ذراعيها،وتمد في قلب صحراء إفريقيا الكبرى جذورها الضاربة في عمق الزمن،وتشرع أشواكها القاسية بوجه كل معتد أثيم،الجزائر بكل ولاياتها من الصحراء للساحل مروراً بجبال أطلس الصحراء والتل وهضبة الشطوط والغابات وجبال الأوراس التي انطلقت منها الرصاصات الأولى للثورة الأخيرة للجزائر ضد الاستدمار الفرنسي هي رافعة رئيسية للوطن العربي...».
           وقد ختم الأستاذ النجار افتتاحية العدد بالتنبيه إلى أن مجلة الأهرام العربي تسعى من خلال هذا العدد الفريد إلى تقديم الصورة الكاملة للجزائر لكل قراء العربية من السياسة للاقتصاد،والمجتمع،والفن،والرياضة،والأدب،والتاريخ،والآثار،والرموز،والبطولة التي تشكل ملامح وجه الجزائر وشعبها العظيم بعربه، و أمازيغه.
            في القسم الأول من المجلة الذي وسمته بملحمة شعب نجد تحقيقاً دقيقاً عن التفجيرات النووية الفرنسية التي وصفتها المجلة بمحرقة رقان وتمنراست57تفجيراً وتجربة نووية سيدفع الجزائريون ثمنها على مدار24ألف سنة،وأكدت  مجلة الأهرام العربي على أن الجريمة التي ارتكبتها فرنسا هي أكبر جريمة في التاريخ ،وهي أعمق أثراً من المحرقة التي ارتكبها هتلر في حق اليهود إبان الحرب العالمية الثانية،ومما فعلته أمريكا في هيروشيما ونجازاكي، هي الأكثر ضرراً كونها أقوى من تفجير هيروشيما بأربع مرات،ولأنها جريمة مستمرة لسنوات،وسنوات، فذرات البلوتونيوم، واليورانيوم، وغيرها من الذرات الناتجة عن الانشطار النووي لا تفنى إلا بعد أن تُفني هي الملايين،ومع هذا ظلت جريمة فرنسا في صحراء الجزائر متوارية لا يسلط عليها إعلام،ولا تنصفها دعاية...
               وفي القسم نفسه كتب المفكر الجزائري الدكتور محمد العربي ولد خليفة مقالاً تحدث فيه عن:«الثورة الجزائرية من خلال إعلانها المؤسس»،ومن أبرز ما أشار إليه أن تقدم الجزائر ومكانتها بين الأمم لا تبدأ بجيل واحد،ولا تنتهي بجيل،وإذا كان جيل نوفمبر من السابقين الأولين،ومن الشهداء والمجاهدين،قد دفعوا ضريبة الدماء والآلام،فإن على الأجيال الراهنة والمستقبلية أن تثمن تلك الضريبة بالعلم،والوطنية،والحضور الفاعل على الساحات الجهوية والدولية،وإحياء،وتفعيل ثوابت القوة الدائمة لبلادنا،وهي الوحدة الوطنية،والتجانس المجتمعي،والتنمية في ظل العدالة الاجتماعية،والديمقراطية،والوفاء للبيان التاريخي،وملحمة الثورة التي يرى فيها المظلومون في كل أنحاء العالم نموذجاً وقدوة،وبل مدرسة...
            وقد أجرت المجلة مجموعة من الحوارات مع عدد من المسؤولين الجزائريين،ورجال الدولة في مقدمتهم الوزير الأول عبد المالك سلال الذي أكد على أن الدستور الجزائري الجديد يشكل طفرة في مجال الحقوق والحريات،ونبه في حواره إلى أن الأيام أثبتت رجاحة القراءة الجزائرية لما يعرف بالربيع العربي،حين تحفظت الجزائر على المساس بسيادة الأوطان،والتدخل الأجنبي،وأشار الوزير الأول عبد المالك سلال في حواره مع مجلة الأهرام العربي إلى أن مشروع المصالحة الوطنية في الجزائر الذي وضعه الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة وضع الثوابت الوطنية في مرتبة أعلى من المعترك السياسي،وأوضح خصائص شخصية الفرد الجزائري الذي ذكر بأنه يطبق ما قاله العلاّمة ابن باديس شعب الجزائر مسلم،وإلى العروبة ينتسب،وفي شخصية كل جزائري تجد تقوى المسلم،وحكمة ابن الصحراء،وفروسية العربي،وعزة الأمازيغي..
            وفي حوار المجلة مع الأستاذ عبد المجيد شيخي؛المدير العام للأرشيف الوطني، أشار إلى أن فرنسا سرقت وثائقنا،وتريد أن نكتفي بتصويرها، كما حاورت المجلة وزير الثقافة عز الدين ميهوبي،الذي نبه إلى حصد عدد كبير من أدباء الجزائر لأهم الجوائز العربية،وأجرت المجلة  حواراً شائقاً مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور الطاهر حجار الذي قدم صورة شاملة عن أوضاع الجامعة الجزائرية،حيث جاء في مقدمة الحوار«يوجد بالجزائر53 جامعة حكومية،وتشمل مؤسسات التعليم العالي عدداً من المراكز الجامعية،وهي مجموعة من الكليات،والأقسام،والمعاهد،لم ترق إلى مستوى الجامعة،ولدينا مدارس ومعاهد عليا،ويصل مجموع مؤسسات التعليم العالي في الجزائر حالياً إلى107 مؤسسات منتشرة في كل أنحاء الوطن.لدينا48ولاية،وفي كل ولاية جامعة أو اثنتين،عدد الطلاب المندمجين في التعليم العالي بلغ المليون ونصف المليون طالب في هذه السنة.ولقد بذلت الدولة مجهوداً حقيقياً في مسار التعليم العالي عقب الاستقلال،فكل الجامعات أنشئت بعد الاستقلال فلم يكن لدينا عام:1962م سوى جامعة واحدة تأسست عام:1857،وعرفت عام:1909 باسم جامعة الجزائر،وبطبيعة الحال لم يكن ينخرط في السلك الجامعي سوى أبناء الفرنسيين وقلة قليلة من الجزائريين،لم تكن تتجاوز أعدادهم800طالب غداة الاستقلال.حتى يومنا هذا لا توجد جامعات خاصة في الجزائر برغم أن القانون يسمح بذلك منذ 20 عاماً،لكن لم يتقدم أحد بإنشاء جامعة خاصة، ربما لأننا وضعنا شروطاً علمية ومهنية محددة... ».
             وفي حوار المجلة مع العلاّمة سعد الدين نويوات؛ المستشار في رئاسة الجمهورية الجزائرية ذكر بأنه ذهب إلى مصر للالتحاق بجامعة القاهرة سنة:1951م،وكان معه رجاء النقاش، وعبد الرحمن بارود من فلسطين، وقد كانت القاهرة في فترتها الزاهرة، وقد تعلم على يد طه حسين، وشوقي ضيف، وسهير القلماوي، وهم عمالقة وقمم اللغة العربية.
               في باب«تاريخ وجغرافيا»تطرقت المجلة إلى طبيعة الجزائر الساحرة،حيث كتبت تحقيقاً مفصلاً وسمته ب«تاريخ عريق وجغرافيا منيعة الجزائر بحر وجبل وصحراء»،وقد شرحت المجلة اسم الجزائر،حيث جاء في هذا الصدد« أما الاسم فقد جاء حسب المصادر التاريخية على يد بلكين بن زيري مؤسس الدولة الزيرية،حين أسس عاصمته عام:960على أنقاض المدينة الفينيقية إيكوزيم التي سماها الرومان أكوزيم.فأطلق هو عليها   اسم جزائر بني مزغنة،نظراً لوجود 4جزر صغيرة غير بعيدة عن ساحل البحر قبالة المدينة.وهو ما أكده الجغرافيون المسلمون مثل ياقوت الحموي والإدريسي.كان الاسم في البداية يشمل فقط مدينة الجزائر لكن العثمانيين أطلقوا الجزائر على جميع البلاد باشتقاقه من اسم العاصمة...».
              ووصفت المجلة في تحقيق مستقل النشيد الوطني الجزائري بالملحمة التي صاغتها دماء الشهداء،حيث ذكرت مجلة الأهرام العربي أن النشيد الوطني الجزائري هو ليس مجرد نشيد وطني بل ملحمة صنعتها دماء الشهداء،وعزم المناضلين،وحمية الثوار الذين أرادوا أن تكون هذه هي حال نشيدهم الوطني ليقوي عضد الرجال في الخنادق، والميادين،وهم يطاردون مستعمرهم في كل بقعة بالجزائر،فجاء النشيد الملحمة،وقد قدمت المجلة متابعة تاريخية للنشيد الوطني الجزائري الساحر،فقالت في هذا الشأن: «كتب السطر الأول في الملحمة عام:1965 عبان رمضان،وهو من رموز الثورة الجزائرية ودوره معروف...،لقد طلب عبان رمضان من الشاعر مفدي زكريا كتابة نشيد وطني يعبر عن الثورة الجزائرية،ولم يكن هناك من هو أجدر منه بذلك..خلال يومين فقط جهز شاعر الثورة نشيد قسماً بالنازلات الماحقات،وانتقل شاعرنا إلى تونس لنشره في صفوف جبهة التحرير،وفي العاصمة التونسية قام الموسيقار التونسي علي السرياني بتلحينه،إلا أن لحنه لم يكن في مستوى قوة النشيد،كان هادئاً وموسيقاه ليست حماسية،بالقدر الذي يبث في الجنود القوة المعنوية الكافية،فأرسل اللحن إلى القاهرة،وسلم إلى إذاعة القاهرة بوصفها كانت تشرف على كل الملحنين والفنانين.كان لدى إذاعة القاهرة تقاليد،وهي توزيع الأعمال على الملحنين بها حسب قائمة موضوعة..كان الدور حينئذ على الموسيقار محمد فوزي،لكن مدير الإذاعة محمد حسن الشجاعي آنذاك رفض أن يتولى محمد فوزي المهمة،وقام باستدعائه طالباً منه التنازل بوصفه لا يمتلك خبرة تلحين الأغاني الوطنية...، لكن محمد فوزي أصر على اغتنام الفرصة...وخلال أيام قليلة قام فوزي بتلحين النص وعزفته الأوركسترا لأول مرة من إذاعة القاهرة بقيادة الموسيقار محمد حسن الشجاعي،وجاء قادة جبهة التحرير   إلى الإذاعة واستمعوا إلى عزف النشيد،ووافقوا على اللحن على الفور،كان بينهم محمد خيضر،وهو أحد أهم قادة الثورة الجزائرية،فجلس إلى محمد فوزي يسأله عن المقابل المادي للتلحين فقال محمد فوزي:إن القيمة باهظة جداً و لا يمكن للجزائر أن تدفعها،ثم قال:خذها هدية مني للثورة الجزائرية...».
              وقدمت المجلة تقريراً عن أمازيغ الجزائر،ووصفتهم بأنهم أول من قاوم الاحتلال ودافع عن الهوية،وأكدت على أن فرنسا فشلت في استخدامهم لتفتيت الشخصية الجزائرية،ونبهت المجلة في مقال آخر إلى محبة الجزائريين العميقة،والشديدة لفلسطين،وذكرت أن من يعرف جيداً عمق ارتباط الشعب الجزائري بالقضية الفلسطينية،لن يتعجب من موقف جماهير الجزائر الداعم للمنتخب الفلسطيني في مواجهة المنتخب الجزائري في مباراة كرة القدم التي أقيمت في فبراير الماضي بين المنتخبين على أرض الجزائر،وأعلام فلسطين التي ملأت مدرجات الجزائر تغني عن أي كلام.
                 وفي قسم ثورة وثوار رصدت المجلة سيرة الأمير عبد القادر الذي وصفته بالمجاهد،والعالم الفقيه مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة،وتحدثت في متابعة أخرى عن التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء الجزائر الأبطال في ثورتهم العظيمة ضد الاستدمار الفرنسي،كما تطرقت إلى دور الإذاعة السرية التي كانت شوكة في وجه المحتل الظالم،وحمل القسم نفسه مجموعة من المقالات الثمينة التي تتصل بثورة الجزائر المظفرة،حيث قدمت المجلة لمحة عن جميلات الجزائر نساء من حديد،ونشرت المجلة مجموعة من الصور النادرة التي تجسد كفاح أبناء الجزائر الشجعان أثناء الثورة الجزائرية المجيدة تحت عنوان: «ذاكرة الثورة الجزائرية بعدسة الأهرام»،وقد ذكرت المجلة في القسم نفسه أن الأهرام يمتلك15ألف وثيقة عن الثورة الجزائرية.
             ولم تغفل المجلة الحديث عن جرائم الاستدمار الفرنسي،فتطرقت إلى قصة النهب الفرنسي لآثار الجزائر،حيث أشارت إلى سرقة مدفع بابا مرزوق بعد11يوماً من احتلال الجزائر انتقاماً لقنصل فرنسا الذي قذف عبر فوهته،و نشرت تحقيقاً عن قصر أحمد باي ووصفته بالمعلم التاريخي الإنساني الذي شوهته فرنسا،ومتحف الجيش الذي يشكل ذاكرة الثورة الجزائرية المجيدة،ويعد رمزاً من رموز تفوقها.
           وتعرض الأستاذ أحمد الشهاوي في مقاله إلى شعر مفدي زكريا المجهول،وفي القسم الأخير خصصت المجلة قسماً بعنوان: «الجزائر بأقلامهم»تضمن مقالاً للكاتب الراحل محمد حسنين هيكل تحت عنوان«عائد من الجزائر»،وكتب الشاعر سعدي يوسف شهادة وسمها ب«الرحلة الأولى إلى الجزائر».

ليست هناك تعليقات: