2018/07/07

جمال الصورة وحداثة الاسلوب في أعمال الشاعرة هنادي مصطفى بقلم: د. سفانة الصافي و د. باسل مولود الطائي



جمال الصورة وحداثة الاسلوب في أعمال الشاعرة هنادي مصطفى
د. سفانة الصافي           د. باسل مولود الطائي

كاتبة شابة مبدعة متعددة المواهب تكتب القصيدة الحديثة وبشكل جميل ودقيق ولها مجموعة من القصص القصيرة وبعضالخواطر الطيبة هي الكاتبة..هنادي مصطفى مواليد 1984 -جرمانا ،دمشق،سوريا طالبة في كلية الحقوق –مكانالأقامة حاليا ، السويداء ،تكتب القصة القصيرة جدا
والقصة القصيرة ،وقصيدة النثر ،والهايكو ،والومضة لكن تجد نفسيها بالقصة القصيرة جدا والشعر أكثر حاصلة على العديدمن الجوائز في الرابطة السورية للقصة القصيرة جدا
فضلا عن مشاركاتها في أكثر من منتدى وملتقى ونالت إيضا جوائز محلية فيها ، بعض نصوص ق ق ج نشرت في جريدة الوحدة في سوريا ، وجريدة البناء اللبنانية ،وجريدة الفيصل في فرنسا ،وجريدة الدستور في العراق -ومجلة ميديا نيوز الدولية العراقية ،وجريدة السفير في فرنسا ،و الديار لندن و حديث العالم -لها مجموعة قصصية
مشتركة صدرت حديثا بالاشتراك مع د.محمد ياسين صبيح عميد الرابطة السورية للقصة القصيرة جدا في سوريا .
نقول أن كاتبتنا هنادي تكتب باسلوب حديث، تتقن فنون الكتابة ، تجيد توظيف المفردات، تقدم صور جميلة وبغية ألاحاطة الشاملة بمنهج الكاتبة سوف نتناول بعض اعمالها ألشعرية التي تتصف بالحداثة ومن هذا كله وقبل الولوج في تفاصيل اعمالها ينبغي ان نفهم معنى الحداثة ليتسنى للقاريء فهم موضوع دراستنا نقول انه لا يمكن ان نفهم الحداثة في الشعر دون دراسة شامله لمجمل مجريات الاحداث والتطورات التي عصفت العالم ،لان أي حديث عن الحداثة والتحديث لا يمكن فهمها دون الغوص في الواقع الذي افرز مبررات تحديث الواقع وبتغير نمط واسلوب الحياة النمطية ليتم مواكبة متغيرات الحاصلة في مفاهيم المجتمع ليواكب عصرنه العصر الذي نعيشه ، وبدا فقد تم تداخل العلاقات الاجتماعية وذلك بانفتاحها على الاخر ، وبتوسيع محيط المحلية الى الاقليمية ومن ثم دخولنا عالم العولمة بعد ان شهد العالم انفجار الثورة العلمية والتكنولوجيا الهائلة في اساليب الاتصالات والمعلومات ، فالشرق ، الحضارة والتاريخ ، و باهميته وبمحيطه الاستراتيجي لم ينفصل عن العالم ، في الاخذ والعطاء معه، والانسان-،بالمجمل ،طبيعته محبا للتغير والتجديد لذا واكب العصرنة بكل مداخلاتها وشعابها فلو أن اسلوب الحياة بفكرها وعلومها وادابها وفنونها وعلى نحو ذلك توغل نحو كل مفاصل الحياة لأشبعها واغناها وحقق الكثير في تغير منهجها ، فالتغير لم يحدث الا باردة حره حيث صاعدت ثورة الحرية التي حمل مشاعلها الانسان الثوري لتحرر ذاته وانسانيته من العبودية والاستغلال ، فكانت ثورة الحرية بمثابة زلزالا هزه مفاهيم المجتمع وساهم في تحرير الانسان من العبودية ليمضي حرا بارادته ، غاية في ذاته، لا عبد لسلطان او سلطة غاشمة ، مكبلا لا قيمة للانسانية الانسان ، محكوما بارادة الاخرين ، حبيس قيم .. وعادات .. وحاكم اجير ، تابعا ذليل يباع ويشترى .. حيثما شاء الاخرين .لقد ثار الانسان لتحقيق ثورة حقيقية واحدث تغيرا شاملا لنمط الحياة ، كل الحياة التي كان يعيشها ، ثورة كانت .. وستكون حرة محدثة بحداثة التغير وكسر طوق النمطية البالية، هو احساس رد لذات الانسان وعية وكقوة سحرية ثارت على كل شي ، ومن كل شي ومن اجل كل شي، هذه الأرادة عينها هي التي تقفز اليوم لتكون جسرا بين واقع الإنسان المادي العلمي وبين الروح والقوى الغيبية ، بين عالمنا المكشوف وعالم الإنسان المخفي خلف منعطفات الخيال والذاكرة، ومن هنا جاءت اعمال هنادي متواكبة مع هذه المتغيرات الكثيرة فضلا عن ذلك اوضاع سورية والحروب خلق ظروف عديدة في صقل موهبتها وللولوج في عناصر الابداع للاديبة هنادي نقول
إثارة المستوى الجمالي في اعمال الشاعرة السورية هنادي مصطفى
ثبت لنا ان نصوصها الشعرية على درجة من الجمالية ونالت استحسان اغلب قراء نصوصها ،ومن دراستنا لنصين من نصوصها شهرزاد وصوت البلبل وجدنا فيها لغة بسيطة وسليمة ومعاني حصيفة بمقومات الشعر الحديث والمعاصر ، واعتدال في استخدام المثيرات الفنية؛ فضلا عن ذلك وعند تمحيص نصوصها العاطفية التي رافقتها الجمالية ومن أولى مؤشرات الابداع الشعري لااعمال كاتبتنا في تلك النصوص هي الحداثة والجمال التصويري وتعتبر المتعة الجمالية امن اهم العناصر التي يولي لها النقاد اهمية خاصة ومنهم ( جان برتليمي) الذي يقول:( إن الأعمال الفنية الجميلة تمتع الإنسان بالجمال الذي تغذيه. وهذه المتعة الجمالية؛ إن لم تحقق قيمة جمالية أو فنية لا أهمية لها في عالم الفن؛ لأن الفن- بالأساس-” من معدن القيمة،وليس من معدن الوجود”.وكل ما هو موجود لا قيمة له في عالم الفن، وبدراستنا للنصين ألشعريين شهرزاد ،وصوت البلبل واحظنا ان هذين النصين كنموذج رئيس تنطبق عليهم صفة نصوص ذات قيمة جمالية وكذلك بقية القصائد الاخرى كانت ذا قيمة واضحة في تحريك الخيال،وإثارة مشاعر جديدة، وروى مبتكرة تملك قيمها الجمالية العليا، وولدت إثارتها الشعورية المحفزة للقراء فضلا ان اسلوبها ومنظورها الإيحائي الجديد أو المتجدد.يميل الى الحداثة المعاصرة المتقنة والتي قد تحتاج الى صقل تلك المواهب اكاديميا وبالاطلاع الثر على اعمال وكتابات النقاد الحديثة والتي لها علاقة بالشان نفسه ...
وبهذا التصور،والوعي النقدي، الذي يتطابق مع رأي احدى الناقدات التي ترى في ان ”الفن الحقيقي هو الفن القادر على دمج القيمة بالجمال؛ليحقق تواصلاً من نوع خاص؛ حيث تتضمن القيمة جمالها المندمج بجمال المتعة الفنية،وهي تقدم لنا عالماً ينأى عن العالم المادي القائم على ثقل الأشياء وصلابتها،وهو- أي فن الشعر- بقدرته على عزلنا عن فداحة عالم الواقع، يسمو بنا نحو خلاص روحي هو الانعتاق الفريد، وذلك أسمى ما يضطلع به الفن من مهمات
والقيمة الجمالية في أعمال ألشاعرة هنادي مصطفى والذي لمسناه في مضمار اعمالها الشعرية وجدناه تحديداً بمخيلتها الإبداعية الخلاقة التي نتجة ما هو مغايرومنحة اشياء الشاعرة الخصوصية خصوصية ما غير معهودة في شكلها الواقعي وهذه الميزة تسجل كحالة مميزة لها وتميز وبروز الحسي(المرئي)ورسمها الإيحائي، فهنادي كانت هي الأقدر على إكساب الصور المجردة أو التجريدية رؤية حسية( جمالية)،ولذلك لما تتسم به مخيلتها من سعة معهودة هي الأكثر قدرة على العيش بصورة دائمة مع كثافة اللحظة الشعرية وضغوطاتها التي تتحول وتتغير باستمرار.وكما يقال فالشعور المستمر الذي يتميز به الشاعر في حياته هو نتاج تحرك حواسه وعقله كجهاز استقبال بالغ الدقة للرسائل حتى في الأوقات التي يبدو فيها الفنان عديم النشاط
وبهذا التصور،إن منتج هنادي خضع لمؤثرات وعمليات مخاض جمة حتى أنتجته وهذا يعني أن الإبداعي الذي وجدناه في اغلب نصوصها لم يأتي عن فراغ وإنما هو حصيلة مؤثرات، ومقومات، وبواعث، ونشاطات عديدة؛ تشكل أرضيته الفنية،وتحقق قيمته الجمالية من خلال المامها الواسع
وحرصها الشديد في اخراج اعمالها باابهى الصور والذي يتطابق مع القاعدة الاكاديمية التي نصها يقول (لا ترسموا الأشياء؛وإنما ارسموا الباعث الذي يسبب رسمها”).
فالمنتجات الفنية أو المحفزات الفنية هي التي تسهم-بشكل رئيس في إنتاج الابداع الشعري وهذا يعني أن دوافع االابداع هي التي تملك السيادة في إنتاج الابداع، أو خلق الابداع ،وهذا يعني أن دوافع الابداع الشعري هي التي تملك السيادة في إنتاج الابداع الشعري ولهذا فإن الابداع تمجيد للحظة،وإكسابها السرمدية والخلود وبهذا التصور يقول احد النقاد إذا كان الفن يمنح الخلود للحظة فذلك لأنه رأى أنها تستحق الخلود وهو وسيلته لإعلاء الشيء الذي ينتقيه”....خلاصة القول ان الشاعرة هنادي مجدة ومجتهدة مبدعة ...ولها اسلوبها الخاص وتنوعها الثر الغني واتمنى تواصلها مع اساليب النقد الحديث والعمل الجاد والاجتهاد والمثابرة وكما تقول الحكمة الوصول لالمن سبق بل لمن صدق.. لتكون اعمالها مشفوعة بالاكاديمية الحديثة ومدارس النقد الحديث ..
وما تزال الصورة الشعرية في قصائد هنادي الحديثة واضحة وخاصة في قصيدتي صوت البلبل وقصيدة شهرزاد .ونرى فيها تمكنت الشاعرة من خلق مساحات مقبولة من الدهشة والتجديد،فهي كانت ذات شاعرتها ،ووسيلتها للتجريب، وملمحها الذي تميزها عن غيره من الشعراء،فمن خلالها انبثقة ذاتها الشعرية وملمحها الأسلوبي
فهي هاجسها الأكبر والتي حاولت من خلالها النفاذ إلى أفق المتلقي ،ولذلك نجدها عندها بشكلٍ كثيف على نحوٍ تجديدي غير تقليدي ،على العكس تماماً من الشاعر التقليدي والذي بقيت الصورة الشعرية عنده ثابتةً تراوح ما بين الإجترار والخمول.
الهادئ
الصارخ في
في وجه الظلم
"دفن مفاتيح
القضية "
تحت الركام
▪▪▪▪▪
وجه شتوية
تفتش في رحابك
أيها الكون
عن الإنسانية
افتح جدار الصمت
مابال أنفاسك
أخرست الصدى
أنا الطفل أنا الضحية #


في هذا المقتطف الشعري يتجلى التصوير الحسي ،والذي نقل عاطفة الحزن واليأس الظلام الطفولة التي غمرت الشاعر وجعلتها باحثة كوسيلةٍ للخروج من الماسات ....اما المقطع الثاني
فهي تصيغ صورتها الشعرية
تتسلل الروح من بين
النجوم
تظلل سكر الموج
يتبلور اللؤلؤ
يتبخر الشقاء
تسطر الأنفاس
تاريخ المكوث
بين الأضلع
قبل الوصول إلى
طوق العناق
يالسحر
عينين تجيدان الإرباك
تبعثر النبض
ساعة الصفا
تحرر البوح
على تخوم الفضاءات


ترتكز الصورة في هذا المقطع الشعري على التشبيه،والذي هو عنصرٌ رئيسٌ فيها ،فمن خلالها أراد الشاعرة أن يعبر عن حالته النفسية في السماء والكواكب،حيث شبهة نفسها كمركبة تجول الفضاء وتتنقل بي الكواكب ، ،بإحساسٍ من لارتباك والقلق العارم والحنين.وفي ذلك تبرهن هنادي على قدرتها الإبداعية وفطنتها ووعيها الكبير،حيث جعلت من نصّه الشعري غابةً من الصور التشبيهية لا تحجب مساحات التخيل والرؤية عند المتلقي.
ترتكز الرؤية في هذا المقطع على الصورة البصرية،وربما يكون سبب ذلك أن البصر هو الخيار الأمثل للتعبير عن الموقف والطبيعة، فالعين تسهم في إحياء الصورة ، والتي بدورها تقوم بتحريك الخيال لدى القارئ ، وتجعله مستوعباً لماهية الصورة بشكلٍ أكثر شمولاً. ولذلك يرى القارئ أن القصيدتين لهنادي ، أبرزت جمالية الصورة الشعرية في الشعر ا الحديث بفعاليةٍ عالية، ممثلةً في ذلك إحساس وتجربة الشاعر ة ، مازجةً في ذلك بين عناصر الحلم والواقع، بحيث أصبحت جزءا من العالم البعيد عن صلابة الحياة وقسوتها...

ليست هناك تعليقات: