2018/07/25

جغرافيات العولـمة -قراءة في تـحديات العولـمة الاقتصادية والسياسية والثقافية بقلم: الدكتور محمد سيف الإسلام بـوفـلاقــــة



   جغرافيات العولـمة
-قراءة في تـحديات العولـمة الاقتصادية والسياسية والثقافية-  
بقلم: الدكتور محمد سيف الإسلام بـوفـلاقــــة
    لقد كانت العولمة وما زالت مسرحاً لدراسات وأبحاث عديدة ومتنوعة،فقد كتب الكثير عن العولمة،وتنافس الباحثون في إبراز آثارها وأبعادها وتداعياتها على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية ،ويبدو أن الحديث عنها سيظل يزداد، ويتعدد، ويتنوع، ويتعمق يوماً بعد يوم،وكأن  لا حدود له،  ولا نهايات ،فقد ملأت العولمة الدنيا وشغلت الناس خلال السنوات الأخيرة،كما أثارت جملة من الإشكالات والأسئلة،عن مفاهيمها،وآثارها، وانعكاساتها الإيجابية والسلبية، وهذا ما أدى إلى تعدد الرؤى والأفكار ،وتباينها.    
    و جاءت دراسة الدكتور ورويك موراي الموسومة ب«جغرافيات العولمة-قراءة في تحديات العولمة الاقتصادية والسياسية والثقافية-»والتي تولى ترجمتها إلى اللغة العربية الدكتور سعيد منتاق،وصدرت حديثاً عن سلسلة عالم المعرفة في شهر فبراير2013م، لتضاف إلى هذا الزخم من الدراسات،ولكن بتميزها عن سابقاتها من حيث الغاية والأهداف والمنهج،وطبيعة توجهها التي تركز بشكل رئيس على قراءة تحديات العولمة الاقتصادية والسياسية والثقافية،حيث يرمي الدكتور ورويك موراي من وراء تأليف هذا الكتاب إلى تحليل مفاهيم العولمة وعملياتها من منظور جغرافي،كما يقدم مجموعة من الرؤى والأفكار التي تتصل بتطور المجتمع المعولم،والتحولات الاقتصادية والسياسية والثقافية المعاصرة،ويستعرض جغرافيات العولمة الاقتصادية والسياسية والثقافية المتداخلة،ويناقش مختلف تحديات العولمة البيئية وآثارها على مختلف الدول سواء المتقدمة منها،أو دول العالم الثالث.
     ووفق وصف المؤلف لكتابه هذا فهو«يتمحور جوهرياً حول دراسة مفاهيم العولمة المتعددة ونظرياتها وعملياتها وتأثيراتها من منظور جغرافي»،وينبه في وصفه إلى نقطتين مهمتين تتصلان بموضوع الكتاب،حيث جاء في المقدمة قوله:«يجب أن نشير هنا إلى نقطتين مهمتين:الأولى،أن دراسة الجغرافيا هي أساساً دراسة متعددة الحقول المعرفية،فهناك جغرافيا في عمل متخصصين غير جغرافيين والعكس صحيح.والثانية،أن المادة التي أنتجت حول العولمة مدهشة،قد يأخذ العمل العمر كله لتلخيص الأعمال الرئيسة وآثارها،ولدينا مجرد تسعة فصول وجيزة لإلقاء نظرة عامة على الملامح الأساسية هنا،أسقطت بعض القضايا المهمة،بيد أن القراء يوجهون حيث يمكنهم الحصول على معلومات إضافية»(ص:37-38). وقد قسم المؤلف كتابه إلى ثلاثة أبواب رئيسة،وكل باب يحوي ثلاثة فصول.
 جغرافيات مـحولة
          خصص المؤلف الفصل الأول للحديث عن ظهور العولمة ونهاية الجغرافيا،ويمكن اعتبار هذا الفصل بمثابة تمهيد عام للكتاب ككل،فقد تحدث ورويك فيه عن التحولات الجذرية التي وقعت في العالم،إذ أصبح التواصل فورياً،وأصبحنا نعيش في«قرية عالمية»،وقد استعمل مفهوم«العولمة»على نحو متزايد بهدف ترشيد الكثير من الخطط الاقتصادية والسياسية،وبغرض شرح الكثير من العمليات والنتائج الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
      وتحدث عن نهاية الجغرافيا،وأشار إلى أن توفلر هو متزعم هذا المنظور في كتابه«الصدمة المستقبلية»،فقد رأى أن تطور تكنولوجيات النقل والاتصال وتدفقات الأشخاص المكثفة التي نتجت عن ذلك تعني أن المكان لم يعد المصدر الرئيس للتنوع،وقد أعلن أوبراين من خلال العنوان الفرعي لكتابه«التكامل المالي العالمي-نهاية الجغرافيا-» عن وضعية تنطوي على حالة من التطور الاقتصادي،حيث لم يعد التحديد الجغرافي مهماً.
      ولاحظ ورويك موراي أن المفاهيم الشعبية عن العولمة غالباً ما تسيء الفهم حول معنى الجغرافيا باعتبارها كياناً وحقلاً أكاديمياً على حد سواء،كما تفشل في تقدير طريقة تحديد الجغرافيين المعاصرين للمكونات المركزية في تحليلاتهم،وأورد جملة من التعريفات التي حاولت تحديد مفاهيم العولمة،من بينها مناقشة تايلور لهذا المفهوم وتأكيده على أنه مفهوم سلس ومرن جداً  يصعب التعامل معه، ورأى في بحثه عن العلاقة بين الجغرافيا والعولمة أن الجغرافيا مارست دوراً مهماً في تتبع معاني ومقاييس العولمة،من خلال اهتمامها بفهم القياس على وجه التحديد،وقد اتجهت الجغرافيا نحو تجنب مفهوم العالمي باعتباره مرحلة وفضاءً خامداً تتجلى فيه الأحداث حتمياً،كما مارست الجغرافيا البشرية دوراً في توضيح طبيعة العولمة وجذورها وتأثيراتها.
      في الفصل الثاني من الباب الأول عرض المؤلف جملة من الآراء والأطروحات الفكرية التي قدمت من قبل المتحمسين للعولمة والمشككين فيها،والذين يؤمنون بالتحول.
      بالنسبة إلى المتحمسين للعولمة فهناك عصر جديد من التاريخ يطل علينا،ولم يسبق له مثيل إطلاقاً،ويرون أن ولاءات الطبقة الجديدة العابرة للقوميات قد تطورت،وأحدثت نخبة عالمية جديدة تتشارك في الارتباط الأيديولوجي بالليبرالية الجديدة والنزعة الاستهلاكية،ويذهب بعضهم إلى أن هذا دليل على أول حضارة عالمية حقيقية،تسهل انتشار النزعة الاستهلاكية الليبرالية الجديدة،وحتى الديمقراطية الجديدة.
     وبالنسبة إلى المشككين فالحكومات القومية هي التي تبقى الفاعلة المركزية في بناء الاقتصاد العالمي وتنظيمه،وما يبقى هو اقتصاد سياسي يتم تدويله ،وينقسم إلى كتل اقتصادية قوية،وأقوى الكتل هي أوروبا وشرق آسيا والولايات المتحدة الأمريكية، ووفق رؤية العلماء الذين يؤمنون بالتحول  فالعولمة حقيقة،وهي تتميز بإعادتها بناء المجتمع بعمق.
       في الفصل الأخير من الباب الأول توقف ورويك موراي مع مجموعة من الرؤى التي تأملت في السلسلة الزمنية للتحولات العالمية،و وصف التأويل الذي قدمه هيلد وآخرون بالتأويل الغني تاريخياً والمفصل جداً عن تطور العولمة،وأشار إلى أن العولمة لم تكتمل تماماً،وسواء  ستكتمل أم لا فهو أمر مشكوك فيه،وهذا ما يجعل من الدقة أكثر الحديث عن عالم معولِم مقابل عالم معولَم.
مـجالات متحولة
    من خلال الباب الثاني من الكتاب،قام المؤلف بتجزئة مجالات العولمة،وسعى إلى تحليل نتائجها.
     في الفصل الأول تطرق إلى المجال الاقتصادي تحت عنوان:«عولمة الجغرافيات الاقتصادية»وعرض جملة من التحولات التي وقعت،كما أشار إلى تلخيص أهم الاتجاهات الجغرافية في خريطة اقتصاد العالم على مدى الثلاثة عقود المنصرمة،وعرض في هذا الصدد منظور ديكن الذي بني على سبع نقاط رئيسة:
 «1-ارتقاء اليابان إلى ثاني أكبر اقتصاد وثالث أكبر مصدر.
2-سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الاقتصاد الأكبر في العالم على الرغم من المنافسة الشديدة من قبل اليابان في الماضي القريب.
3-الأداء المتفاوت لاقتصادات أوروبا الغربية.
4-ظهور عدد من البلدان المصنعة حديثاً بشرق آسيا لتصبح مهمة عالمياً في تصدير البضائع.
5-ارتقاء الصين اللافت للنظر في السنوات القليلة الماضية لتصبح قوة اقتصادية رئيسة.
6-الأداء الضعيف لأغلب(البلدان النامية)ما عدا استثناءات قليلة مثل تشيلي.
7-ظهور عدد من الاقتصادات الانتقالية في أوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي»(ص:132).
      تحدث المؤلف عن الفضاءات الصناعية الجديدة،وهو المصطلح الذي صاغه سكوت للإشارة إلى نمو العقد الاقتصادية للإنتاج المرن الذي برز بسبب التحول نحو التراكم المرن،وذكر أنه يعتقد أنها تعكس التقسيم الدولي الجديد للعمل،كما أشار إلى أن ظهور التراكم المرن تنجر عليه جملة من الآثار على أطروحات العولمة،إذ يرى مؤيدو فكرة النظام الجديد أنه سيؤدي إلى إعادة تركيز الاستثمار بعيداً عن الهامش نحو المركز،وهذا ما سينتج عنه انعكاس للتقسيم الدولي الجديد للعمل.
      في الفصل الثاني ركز ورويك موراي على المجال السياسي،وافتتحه بالتذكير بتغير طبيعة الجغرافيا السياسية التقليدية التي ركزت على تكوين الدول القومية والتفاعل بينها على مراحل الجغرافيا السياسية الأولى،وقد تم استعمال الأفكار الجيو سياسية لتبرير الطموح التوسعي لبعض الدول.
     وقد وصف المؤلف الحركة المناهضة للعولمة بأنها حركة غير واضحة،وتستعمل لوصف أصناف واسعة من جماعات الاحتجاج والضغط والمصلحة،ووفق رؤيته فهي تميل إلى ارتكاب خطأ ما وراء السرد،وتنسب كل ويلات العالم إلى الظهور العنيد للعولمة،وهذا يعني أنها أصبحت مفرطة في العالمية وفقدت رؤية أشكال المقاومة المحلية التي نشأت منها.
        تحت عنوان«عالم متعدد الأقطاب»استنتج المؤلف في ختام هذا الفصل أن العولمة تحول الطريقة التي تمارس بها السياسة،وتتحول طبيعة الدولة القومية نتيجة لذلك،كما أن المجتمع المدني يتطور بسرعة وتزدهر الحكامة كما تمارس على المستويات الإقليمية والعالمية،والجغرافيا السياسية هي بحاجة إلى التحرك بسرعة لمواكبة هذه التغيرات.
       في الفصل الأخير من هذا الباب  انتقل المؤلف إلى الحديث عن عولمة الجغرافيات الثقافية،فقدم في البداية لمحة عن التحولات الثقافية العالمية،ففي العقدين الماضيين أعيدت كتابة الكثير من العلوم الاجتماعية والجغرافيا البشرية،وتم التركيز على طريقة اختراق الثقافة لميادين أخرى،وهذا ما سمي بالمنعطف الثقافي في العلوم الاجتماعية بصفة عامة،كما تأثر هذا المنعطف بالتطورات داخل الحياة الأكاديمية والمجتمع ككل،وقد ظهر ما يعرف بما بعد الحداثة التي ترى أن الواقع هو بناء اجتماعي والحقيقة المطلقة مستحيلة،وفي أواخر الثمانينيات كان هناك منعطف ثقافي في الجغرافيا البشرية تأثر بما بعد الحداثة،وقد سعت هذه المحاولة إلى توضيح الروابط بين الثقافة والفضاء،كما ركزت على دور الثقافة في التغيير الاجتماعي،ويذكر ورويك موراي أن التحول شمل استعمالاً واسعاً للتقنيات التأويلية وللمناهج النوعية،في مقابل التقنيات التجريبية،وفي قلب هذا التحول وجد نقد للثورة الكمية في الستينيات والسبعينيات،وقد جاء هذا النقد في أغلب الأحيان من قبل الأشخاص الذين تزعموا الثورة.
      ناقش المؤلف في هذا الفصل مختلف تجليات العولمة الثقافية المعاصرة،وأبرز في هذا الصدد رأي هيلد،الذي يذهب إلى أن العولمة الثقافية الحالية تنطلق من عولمة الماضي من حيث ستة اتجاهات وعمليات:
       «1-بنيات تحتية ثقافية جديدة للتكنولوجيا تعمل بفعالية وبقياس لم يسبق له مثيل.
2-الارتفاع الناتج في سرعة التبادلات الثقافية عبر الحدود وبين المجتمعات.
3-ظهور لا نظير له في للثقافة الغربية كعلامة مركزية للتفاعل الثقافي العالمي.
4-ظهور الشركات العابرة للقوميات في الصناعات الثقافية التي تنشئ البنية التحتية الضرورية للانتشار المتزايد وتديمها.
5-ظهور الثقافة الصناعية بوصفها دافعاً رئيسياً للتبادل الثقافي المرتبط بالنقطة الرابعة.
6-التحول في«جغرافية»التفاعل الثقافي مقارنة بعالم ما قبل الحرب العالمية الثانية »(ص:276).
            في ختام هذا الفصل أشار ورويك موراي إلى أن التغير الثقافي العالمي الذي حدث انعكس في المجال الأكاديمي على تطور وجهات النظر التي تمنح أسبقية أكبر للتفسيرات والتأويلات الثقافية،وقد ظهر أن التحول الثقافي يوحي بأن الثقافة تعزز التغيير في كل المجالات،والنقاش الأكثر إقناعاً هو أن القوى المحددة للثقافة والسياسة والاقتصاد متداخلة بشكل متلازم.
تـحديات عالـمية
         كرس المؤلف الباب الثالث من الكتاب لدراسة مختلف التحديات العالمية التي نتجت عن العولمة،وناقش هذه التحديات وانعكاساتها على مجالات متنوعة.
          تركزت مناقشته في الفصل الأول  على التفاوت والتنمية،وسعى إلى تحديد كيف   يمكن أن ترتبط العولمة بالتنمية،وذهب إلى أنه يمكن تصور ثلاثة آراء فيما يتعلق بالآثار التنموية للعولمة:يقوم الرأي الأول على نظريات المتحمسين للعولمة الذين يؤكدون على أن العولمة تشكل قوة إيجابية للتنمية،أما الرأي الثاني الذي وصفه المؤلف بأنه يحمل الكثير من القواسم المشتركة مع أطروحة المؤمنين بالتحول،فيرى أن تأثيرات العولمة في التنمية تعتمد على طريقة تنظيمها،والرؤية الأخيرة ترتبط بالآراء المشككة والمتحمسين الراديكاليين للعولمة،وهم يفترضون أن العولمة تديم التخلف،كما يسعون إلى البرهنة على أن خطابات(العولمة)و(التنمية)معاً يمثلان امتداداً لاستراتيجيات السيطرة الامبريالية،وهما متشابهان.
        وفي رصده لأنماط التفاوت العالمي ذكر المؤلف أن مستويات الحرمان المطلق ارتفعت إلى نقطة الأزمة وأن الفجوة بين الحد الأعلى والحد الأدنى تزايدت بشكل ملحوظ،وهذا ما اعترفت به منظمة الأمم المتحدة عندما أعلنت أهدافها الثمانية الطموحة بشأن التنمية الألفية.
        عقد ورويك موراي الفصل الثاني من هذا الباب لمناقشة موضوع« البيئة والاستدامة والعولمة»،ورأى في دراسته لهذا الموضوع أن الاهتمام البيئي  أصبح معولماً بثلاثة طرائق مرتبطة فيما بينها:
«1-زيادة سريعة في الموارد المادية والفكرية الملتزمة بالبحث في البيئة،ولاسيما التأثير البشري فيها.في الجامعات أصبحت العلوم البيئية والدراسات البيئية سائدة في شهادات البكالوريوس والدراسات العليا.وعلى مستوى البحث العلمي تطورت العشرات من المجلات الجديدة الملتزمة بقضايا البيئة،وتنشر النتائج على نطاق واسع من خلال هذه المنشورات والمؤتمرات الأكاديمية الدولية ومن خلال تدفقات شبكية أخرى من النشاط الأكاديمي.
2-ازدهار وكالات الحكومة الدولية التي تسعى إلى تدبير وتنظيم البيئة العالمية من الأعلى،مما أدى إلى ظهور قوانين وبروتوكولات واتفاقيات دولية جديدة.
3-ازدهار ردود سياسية على التدهور البيئي من الأسفل،فتشمل المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية الجديدة والأحزاب الخضراء والشركات البيئية والمستهلكين الخضر»(ص:392-393).
       وقد أضحت المشاكل البيئية عالمية المجال،كما وقع انحلال عام ومتراكم على مستوى لم يسبق له مثيل،وهذا ما سبب آثاراً متباينة جغرافياً تهدد نظام الأرض برمته.
        في الفصل الأخير من الكتاب طرح المؤلف مجموعة من الأسئلة التي تتصل بالطبيعة المتغيرة للعولمة وآثارها في الجغرافيات على أرض الواقع،وقدم برنامجاً لبحث الجغرافيا البشرية في العولمة،وقد وصفه بالبرنامج الذي يقتضي جغرافية إقليمية جديدة لا مركزية تعالج قضايا كبيرة بطريقة شاملة من خلال وضع خريطة في الواقع للتمييز الفضائي،وقد أشار في الأخير إلى نظرته للعولمة التي تعيد إنتاج العالم المتفاوت وتحدث فرصاً وتحديات على حد سواء للجغرافيا،ورأى أنها كما تمارس حالياً تعد مجرد تجل واحد لاحتمال أوسع إلى حد بعيد،حيث إن التفاعل والتهجين كما أحدثتهما العولمة يدعمان مجتمعاً تقدمياً أهدافه المساواة في الرفاهة والأمن العالمي والاستدامة البيئية.


 
  

ليست هناك تعليقات: