2011/04/04

" مؤقتا مفيش فايدة " قصة قصيرة لخالد السيد على

مؤقتا مفيش فايدة
قصة قصيرة 
خالد السيد على
أصبحت الحياة مطمعاً لكل من تسول له نفسه وهو يتزاحم ويتولى عرشاً أو مركزاً وكأنه يرشف من الحياة جرعات من الملذات النفسية..
هكذا بدأ الراوي كلماته.. أن الحياة أصبحت مطمعاً وكأن الحياة مستمرة لا فناء ،وكأنها الخلود..
استطرد الراوي كلماته التي يسطرها في كتابه المعنون بمختصر الحياة.. مفيش فايده.. وهو يقول :
- أننا نعيش خارج حدود الزمن خارج الحياة نفسها.. إن ما نعيشه خدعه بصرية.. وربما تكون غفلة وقتيه.. بل وأزعم انها شبه حلم تلون بالكوابيس..
وانطلقت من أحرفه علامات الاستفهام وعلامات الدهشة والتعجب لما يراه هذا الراوي المخضرم الذي سبح في بحور التاريخ وانغمس في تفاصيل بدء الحياة وما كتب عنها طوال القرون السابقة..
عجباً ما يحدث على متن الكرة الأرضية بل وعلى متن العوالم الأخرى التي سمع عنها ولم يتعايش ويغمس في زواياها..
ويسترسل بعبوس :
- حكايات هذا الزمن لا تختلف عن حكايات الأزمنة السابقة وإن اختلفت الأسماء والأمكنة.. فالنتيجة واحدة.. ألا وهى مفيش فايدة ..الخط البياني في منحدر مستمر.. فشهوة الوجودية تزداد , وحب التملك يختال .. ولذة الظالم تنعم بالمديح , وهيهات لن يتغير أي شئ لا أنا ولا أنت أيها الكائن الناطق – إلا بالقدر الذي يحدده الخالق - فأنا وأنت تتكرر شخوصنا في كل عقد وكما يقال يخلق من الشبه أربعين – من يستطيع التغير .. وقد ندر الزهد..!!؟
فكلما رأينا العالم يتغير من حولنا إلى الرخاء بقوته المادية والتكنولوجية كلما أحسسنا بهمومنا داخل الوطن وأنه لا جديد في التغيير..لاجديد في جعبة من يتولى المركز أو العرش.. لأننا تعودنا على الهياج الفكري , والشعارات واللهو وراء الفوضى , والسعي وراء كيف نحطم أي منظومة غير تقليدية..
استرخى الراوي مليا وتنهد ثم استرسل قائلا:
- مختصر الحياة.. إننا لم نكن على قيد الحياة ولا نعرف شيئاً عنها..كل شئ فيها صفر كبير يملأ عين الشمس فالأخلاق صفر.. الحب بدون أغراض صفر.. إسعاد الغير بدون مصالح صفر.. الضمير ملك الأصفار.. أبحث عن هذه الاصفار ربما في جمعها تحصل على رقم مفيد يغير المفهوم ويدفعنا إلى الشعور بطعم الحياة..!!
- الاصفارمختصر الحياة .. هلوسة وحكايات فارغة.. تستهلك الوقت على متن الأرض .. ندور ونسبح في دائرة مغلقة مليئة بالشوائب ولكن بالدائرة ثقوب أمل بعيدة المدى..وليست مستحيلة..
بعد صمت مستغرقاً في التأمل .. استكمل الراوي سطوره متنهداً :
- مختصر الحياة.. نحن نعيش المتاح وليس المفروض..نطوى الأحلام جانباً ونتعارك مع الغير..
- مختصر الحياة.. الحياة تحت الصخرة أو فوقها فما أكثر هؤلاء الذين يعيشون تحت خطوط الفقر.. بينما على الجانب الأخر من الرؤية أناس يعيشون فوق خطوط الثراء الفاحش..فإذا وقت الكارثة وسقطت الصخرة تمر مرور الكرام , وتستمر الحياة.. ويركب البشر قطار أخر ويتعايشون مع حكايات أخرى لا تقل أهمية عن السوابق ولكنها في نظر أصحاب الكراسي والمراكز .. حكايات فارغة.. تحدث كل يوم .. مفيش فايدة..
- مختصر الحياة .. انتظر الفرج.. كلمتان على لسان من لا حيلة له في التأقلم مع معطيات الدنيا... فمن يتاجرون بالأوهام من أجل المكاسب الدنيوية ربما يتاجر بهم من زاوية أخرى لا يتوقعونها..!!
- مختصر الحياة.. الأيام متقلبة المزاج.. يوماً معك.. واليوم التالي ضدك.. بقاء الحال من المحال..
- مختصر الحياة.. انهيار الحياة ذاتها.. سقوط القيم.. اختفاء المودة.. تناثر الأسر.. تضارب الفقهاء..مفيش فايدة..العودة إلى بدايات الحياة ربما يكون الأرجح..ولكن هيهات..
- مختصر الحياة .. لن نجتمع معاً على مائدة مستديرة.. ولن يكون لنا قرارات حكيمة.. ولن نستطيع مواجهة القوة دون أن نكون عصبة..نملك أنفسنا.. نملك حبة القمح.. فمن يملك يحكم..
الراوي وهو يتثاءب ثم ضاحكاً:
- نحن لا نعرف سوى المهاترات..المهرجانات.. المؤتمرات.. البروتوكولات.. وهيهات.. مفيش فايدة..
عفواً أيها القارئ يحضرني جملة عابرة تقول .. سلم لي على الترماى.. لا أدرى لماذا حضرت إلى تواً ولكن يمكن أن نفكر سوياً فيما بعد في هذه الجملة..
- مختصر الحياة عزيزي مواطن الأرض.. أن المصالح لابد أن تتصالح على حساب من هم تحت أو فوق الصخرة.. مختصر الحياة .. أكثرنا لا يستحق شرف الحياة..
فجأة نام الراوي وكأن التعب داهمه وهو يسطر سطوراً في كتابه.. ولا أخفى عليكم سراً النوم فجأة من عادته.. فمن وجهة نظرة لابد أن يخرج من عالم الواقع إلى عالم السبات يتنفس الصعداء حلماً.. ويسترخى فكراً..ثم يستيقظ ويسطر السطور بغزارة ..ولكنه ما أن استيقظ هذه المرة كان الاستيقاظ الأخير له.. حيث تخطى الخطوط الحمراء بمراحل.. كل خطوط الحياة.. والتي تؤدى إلى رعاة حزب الفساد والسطو على معطيات الحياة.. بل واغتصاب حقوق الغير طمعاً في احتضان الحياة .. ولكن هيهات ..مفيش فايدة..
كانت مداهمـــــة صومعة الراوي شئ مخيف .. مرعب..متوقع ..لأنه قال في حق الآخرين كلمة حق.. لذا ذهب وراء الشمس...
ترك قلمه في منتصف السطور لمن يستكمل مختصر الحياة .. هاهما القلم والقرطاس..!
أشتعل الثوار في كل مكان وتواصلوا على شبكة المعلومات موقع الفيس بوك وهم في حزن شديد لتساقط رموز الفكر أمام النظام الفاسد المستبد الغاصب .. النظام الذي يطيح بكل من يريد أن ينير الطريق أمام الشعب خاصة البسطاء .. يطيح بكل من يريد أن يعطى لهذا البلد.. يطيح بكل من يريد أن يعمل لصالح هذا الشعب العريق..
وكانت ساعة الصفر..حركة شبابية.. أعقبها احتضان شعبي.. أعقبها سقوط مدو لنظام فاسد في أيام معدودة.. أعقبها حماية الجيش للثوار.. لقد كان نظام هش.. مخوخ.. لم يتوقع أحد أن يسقط النظام بهيبته بهذه السهولة.. شئ لا يصدقه عقل..خرج الراوي من معتقله ليشارك الثوار.. لقد دخل المعتقل عنوة بأيد النظام الفاسد وخرج من المعتقل عنوة أيضاً..يقال بأيد البلطجية ، ويقال بأيد الحكومة الفاسدة ،ويقال بأيد من لهم أجندات داخلية وخارجية..
ولكن يقين الحقيقة .. يجلس الآن الراوي كي يرويها بعد تقصى الحقائق !!!!!

ليست هناك تعليقات: