2012/09/07

"فقاعة الصابون" قصة بقلم: محمد نجيب مطر



فقاعة الصابون
محمد نجيب مطر
أخذ يفكر بينما يصعد درجات السلم عائداً من العمل في المستشفى بالوردية الليلية، كيف يحس الجسم بالجراثيم ويقاومها بكريات الدم البيضاء بينما لا يحس و لا يهتم بالأورام الخبيثة تنهش في الجزء المصاب وتنتشر لتصيب ذلك الجسم بالعطب، ما الفرق بين الجراثيم وبين الأورام الخبيثة، أليس كلاهما مرض يصيب الجسم ويسبب له العطب أو الاختلال في أداء الوظيفة.
فتح باب الشقة ودلف إلى الداخل على عجل تخلص من ملابسه الخارجية بسرعة ودخل إلى الحمام وفتح صنبور البانيو على الماء الساخن ثم ألقى عليه الشامبو الذكي الذي يعشق رائحته، وأحضر فنجان القهوة صنعه على عجل،  ثم دخل ليسترخي وجسده تحت الماء ويرشف دفعات من القهوة الساخنة، وفقاعات الصابون تطفو أمامه وتحاول الوصول إلى أنفه فيدفعها بعيداً، وهو مازال يفكر في القضية التي تؤرق مضجعه.
كثير من القضايا نسلم بها أو نستسلم لها دون أن نفكر، ونتعامل معها وكأنها هكذا خلقت بدون سبب، عرفنا كيف نعالج ولكننا حتى الآن لم نعرف كيف نمرض، كانت فقاعة الصابون ترنو إليه، ثم تقترب من عينيه متلونة بألوان مختلطة معطية أشكالاً جميلة، ثم تنفجر، ثم تحاول فقاعة أخرى الوصول ولكنها أيضاً تنتهي كما انتهت الفقاعة السابقة.
وفجاة اقتربت منه فقاعة كبيرة وتسللت بالقرب من إحدى عينيه، ووقفت على حافتها فتضاعف حجمها أمامه ثم انفجرت ولم يستطع ان يغلق عينه بسرعة فدخل بعض الرذاذ وأحس ببعض الألم، ومع الألم لمعت في العقل فكرة، تدحرجت ككرة الثلج فزاد حجمها وكبر وزنها حتى توصل إلى استنتاج لتفسير التساؤل الذي كان يؤرقه، إن الجسم يعرف بالكارثة عندما تنفجر أحد الخلايا وهو ما يحدث بسبب البكتيريا والجراثيم والفيروسات، ولكنه الجسم ربما لا ينتبه للأورام لأنها تنتج خلايا من نوعها و لا تنفجر المنطقة المصابة إلا بعد فوات الأوان.

ليست هناك تعليقات: