2012/09/23

القصيدة الفائزة بالمرتبة الاولى في مسابقة "القدس في عيون الشعراء".

عَلى خَدِّ زَيْتـُونِكِ دَمْعُ حَمَامِي
أحمد حسن محمد
قُطُوفُ نَبْضِـي اسْتَـوَتْ حَبَّاتُهَـا سَهَـرَا           بِطَعْمِ شَوْقِي، دَنَـتْ لِلْحَـرْفِ فَاعْتَصَـرَا
أَدْمَنْتُ -يَا قُدْسُ- فِي الأَوْرَاقِ غَرْسَ يَـدِي        فَاسْقِي بِذِكْـرَاكِ فِـي أَوْرَاقِـيَ الشَّجَـرَا
تُلْقِينَنِي مِنْ غُصُونِ الـرُّوحِ فِـي وَرَقِـي          حَرْفًا؛ صَـدَاهُ لِعُصْفُـورِ الْحَنَـانِ قِـرَى
مَعِـي عَكَاكِيـزُ حِبْـرٍ عِشْـتُ أَسْنُدُهَـا             عَلَى سُطُورِي، نُوَلِّي –شَطْـرَكِ- الفِكَـرَا
وَالْحَرْفُ حَافٍ عَلَـى رَمْـلِ الْخَيَـالِ، إِذَا         مَسَّتْهُ ذِكْرَاكِ فِـي عِـزِّ الْهُمُـومِ، جَـرَى
يَـا أَبْجَدِيَّـةَ مَجْـدٍ بِالضُّحَـى كُتِـبَـتْ                مَنْقُوطَـةً بِـدَمٍ فِـي حُبِّـهَـا سُـطِـرَا
مَا زِلْتِ تَمْشِيـنَ فَـوْقَ السَّطْـرِ، مُثْمِـرَةً         -مِنْ خَطْوَتَيْكِ- الضُّحَى وَالْحُلْمَ وَالْمَطَـرَا
عذراءَ مَهْمَا ارْتَدَيْتِ الْجُـرْحَ، أَوْ سَرَقُـوا         مِـنْ نَظْرَتَيْـكِ صَبَاحًـا طَالَمَـا انْتُظِـرَا
يَا بِنْتَ كَنْعَانَ! مِـنْ رِحْـمِ الْعُرُوبَـةِ قَـدْ           نَزَلْتِ فِي وَرَقِـي؛ فَاسْتَعْمِـرِي الصُّـوَرَا
فِي قَمْـحِ مَاضِيـكِ مَـا زَالَـتْ مُعَلِّمَـةً             أَصَابِـعُ العُـرْبِ؛ فَادْعِـي لِلَّـذِي بَـذَرَا
هُمْ أَوَّلُ الضَّوْءِ فِي عَيْنَيْـكِ مُنْـذُ صَحَـا          فِي الْكَوْنِ ضَوْءٌ بِهِ عَقْـلُ الزَّمَـانِ يَـرَى
إِذْ مَشَّطُوا الْعُشْبَ فِي مِيلادِ أَرْضِـكِ كَـيْ      تُنَافِسِي -مِنْ بَنَاتِ الشَّمْـسِ- أَيَّ قُـرَى
رَبَّـوْا عِيـالَ حُقُـولٍ؛ كُلُّهَـا كَبـرَتْ              فِي بَدْءِ حِضْنِكِ حَتَّـى أَصْبَحَـتْ شَجَـرَا
وَدُورُهُـمْ آنَسَـتْ خَدَّيْـكِ إِذْ بُنِـيَـتْ             كَأَنَّهَـا دَمْـعُ مَسْـرُورٍ قَــدِ انْهَـمَـرَا
فَكَذِّبِـي الْعُمْـيَ؛ إنَّ الشَّمْـسَ لاكِمَـةٌ            بِلَسْعَةِ الضَّـوْءِ مَـنْ لَـمْ يُتْقِنُـوا النَّظَـرَا

حَتَّى اليَهُودُ -وَقَدْ قَدُّوا قَمِيـصَ ضُحًـى        بِالْغَدْرِ مِـنْ دُبُـرٍ- لَـمْ يُطْفِئُـوا الْقَمَـرَا

أَلْـقَـوْا عَلَيْـنَـا ثَعَابِـيـنَ ادِّعَائِهُـمُـو              يَا صَدْقُ؛ فَالْقَفْ حَفِيـدَ الظُّلْمَـةِ الأَشِـرَا
سَبْعونَ حَبَّـةَ عُمْـرٍ مِـنْ سِنِينِـكِ فِـي          أَغْصَـانِ دُاوُدَ؛ سَمِّـي وَاجْمَعِـي الثَّمَـرَا
لَيْسَـتْ حَـلالَ يَـهُـودِيٍّ لِيَطْعَمَـهَـا             فَنَحْـنُ أَوْلَــى بِــدَاوُدٍ إِذَا ذُكِــرَا
كَمْ عَتَّقُوا مِنْ دِمَـاءِ الْوَحْـيِ فِـي قَـدَحٍ       مِنْ صُنْعِ إِبْلِيسَ؛ وَالشَّرُّ (الْعَمَى) سَكِـرَا!!
فِـي كُـلِّ قَبْـرٍ نَـبِـيٌ؛ لَـحْـدُهُ وَرَمٌ             مِنْ تَحْتِ جَفْنَيْكِ، أَوْ دَمْـعٌ بِخَـدِّ ثَـرَى
أَلَـمْ تَـزَلْ بَشْـرَةُ التَّارِيـخِ مُحْـرَقَـةً           مِنْ يَوْمَ أَنْ أَشْعَلُوا في (رُومَةَ) الضَجَـرَا..؟!
فَالْحِقْـدُ مِـنْ نَسْلِهِـمْ، وَالأُمُّ مَعْصِـيَـةٌ         تَزَوَّجُـوا نَارَهَـا؛ كَـيْ يُحْرَقُـوا مِـرَرَا

وَأُخْرِجُـوا مِـنْ بُيُـوتِ اللَـهِ شِرْذِمَـةً         غَاظُوا الْبَيَاضَ، وَعَقُّـوا الضَّـوْءَ والْمَطَـرَا

وَعِشْتِ -يَا قُدْسُ- بَيْـنَ الْفُـرْسِ مُرْهَقَـةً      وَبَيْنَ رُومَـا! ارْتَـدَتْ أَيَّامُـكِ الْخَطَـرَا
وَأَذَّنَ الضَّوْءُ فِـي حَلْـقِ السَّمَـاءِ؛ فَيَـا         سُبْحَانَ مَنْ صَاغَ -بِالْمِعْرَاجِ- تَاجَ سُـرَى
يُحْصِي لَكِ الْمَسْجِـدُ الأَقْصَـى عِبَادَتَنَـا       سَبْعًا سِمَانًـا، وَخُضْـرَ السُّنْبُـلِ الْعَشَـرَا
فـإن أُكِلْـنَ بِنَـوْمِ الْعُـرْبِ، فَانْتَظِـرِي         أَنْ يَصْحُوَ الْعُرْبُ حَتَّـى يُنْقِـذُوا الْبَشَـرَا
تَوَضَّئِي الآنَ؛ مَـاءُ الْجُـبِّ عُلْـوَ دَمِـي     وَالْفَجْرُ يَنْهَضُ (شَاءَ الْقَصْـفُ أَمْ ضَجِـرَا)
كَالْغَيْـمِ آتٍ أَمِيـرُ الْمُؤْمِنِـيـنَ عَـلَـى             وَقْتِ الصَّلاةِ؛ فَقُومِـي اسْتَمْطِـرِي عُمَـرَا
أُبُوَّةُ الضَّوْءِ فِـي قَلْـبِ الْهِـلالِ سَقَـتْ          مِنْهَا الْكَنَائِـسَ عَطْفًـا خَضَّـرَ الإِصَـرَا

شَفَا -بِهَا- الْمَسْجِدَ الأَقْصَى الَّذِي جُرِحَتْ      جُدْرَانُـهُ مِـنْ حُـرُوقٍ تُزْعِـجُ الْجُـدُرَا

لَكِـنْ تَعُـودُ عِيَـالُ الظُّلْـمِ شَـاهِـرَةً          قَمِيصَ "عِيسَى" عَلَى سَيْفٍ، عَـمٍ، سُعِـرَا
لَمْ يَرْحَمُوا الـزَّرْعَ مِـنْ أَفْـوَاهِ طَلْعَتِهِـمْ       كَيْ يَزْرَعُوا -فِي الظُّهُورِ- الرُّمْحَ وَالـدِّرَرَا
سَبْعُـونَ سُنْبُلَـةً (فِـي كُـل سُنْبُـلَـةٍ             أَلْـفٌ) قَـدِ انْفَرَطَـتْ أَرْوَاحُهُـمْ هَـدَرَا
أَرَى -عَلَى بُعْدِ ذِكْرَى- صَـوْتَ مِئْذَنَـةٍ      وَالْرُّمْـحُ يَقْطِفُـهُ مِـنْ حَلْقِهَـا خَضِـرَا
هَـذَا سَـلامٌ صَلِيبِـيٌ؛ فَقَـدْ صَلَـبُـوا           مُقَدَّسَاتِـي بِمَـا يُرْضِـي الَّـذِي كَفَـرَا
نَسِيتِ -يَا قُـدْسُ- أَنَّ الْجُنْـدَ إن قُذِفُـوا       مِنْ صُلْبِ لَيْلٍ، مَشَوْا -فَوْقَ الضُّحَى- حُمُرَا
وَعَادَتِ الْقُدْسُ -بَعْـدَ الْحُـبِّ- أَرْملـةً         مـن الأَذَانِ، تَبَنَّـتْ عَيْنُـهَـا سَـهَـرَا

لَكِـنْ بِهَـا امْـرَأَةٌ إِنْ غَسَّلَـتْ يَـدَهَـا          عِنْـدَ الْوُضُـوءِ تُغَسِّـلْ بِالدُّعَـاءِ قُـرَى

قَالَتْ: ((سَأَبْقَـى هُنَـا؛ فَالْخَيْـلُ عَائِـدَةٌ        مِنْ جُزْءِ "عَمَّ"؛ يُصَحِّي ضَبْحُهَـا الظَّفَـرَا
سَأَتْـرُكُ الْبَـابَ مَفْتُـوحًـا أَرَدِّدُ فِــي          سِرِّي -لكي يَسْمَعُوا- الإسْـرَاءَ وَالسُّـوَرَا
شَعْـرِي مَشَانِـقُ لِلأَعْـدَاءِ، أَوْ لُـجُـمٌ،          وَابْنِي يُخَبِّئُ فِي دُولابِـهِ حَجَـرَا......))
وَمِنْ ضُلُوعِ "صَلاحِ الدِّينِ" قَـدْ خُلِقَـتْ      حِطِّيـنُ؛ مُنْجِبَـةً ذِكْـرَى لِمَـنْ ذَكَـرَا
فَفَـرَّحَ الأَرْضَ بِالْبُنْـيَـانِ، وَانْبَثَـقَـتْ          حُرِّيَّةُ الدِّيـنِ تَـرْوِي البَـدْوَ وَالْحَضَـرَا
هَـذَا سَـلامٌ مِـنَ الإِسْــلامِ تَعْـرِفُـهُ           لَوْ -فِي مَكَانِ دَمٍ- مَاءُ الْحُقُـولِ جَـرَى
وَنَامَ فَـوْقَ الْحَصِيـرِ الْفَـظِّ مَـنْ أَمِـرَا       وَكَانَ يُصْبِحُ أَغْنَـى النَّـاسِ.. لَـوْ أَمَـرَا

وَوَفْـدُ كِسْـرَى رَأَى الْفَـارُوقَ مُلْتَحِفًـا       بِالظِّـلِّ فَـوْقَ سَرِيـرِ الرَّمْـلِ؛ فَانْبَهَـرَا

أَتَاكِ -يَا قُدْسُ- يَمْشِـي، حِيـنَ خَادِمُـهُ      عَلَـى الْمَطِيَّـةِ، يُبْكِـي عَدْلُـهُ الفِطَـرَا
عَلَيْهِ ثَـوْبٌ؛ مَشَـتْ فِـي نَسْجِـهِ رُقَـعٌ        وَلَوْ نَـوَى لارْتَـدَى فِـي خُفِّـهِ الـدُّرَرَا
هَذَا السَّـلامُ الَّـذِي خَافُـوهُ فَاطَّبَخُـوا         لَنَـا سَلامًـا، بِطَعْـمِ الْجُـرْحِ، مُسْتَعِـرَا
رَبَّوْا عَلَـى شَفَـةِ التَّارِيـخِ بِنْـتَ دُجًـى      مِنْ كِذْبِهِمْ، وَلَدَتْ -مِنْ ظُلْمِهَـا- ذَكَـرَا
مَا وِرْثُ أَحْفَـادِ بلْفُـورٍ؛ وقَـدْ شَبِعَـتْ      أُخْرَاهُ مِـنْ لَعَنَـاتٍ حَمَّـرَتْ سَقَـرَا!!!
بَيْـنَ الْمَغُـولِ وَبَيْـنَ الإِنْكِلِيـزِ وَمَــن       سِوَاهُمَا عِشْـتِ حُلْمًـا مُرْبِحًـا خَسِـرَا
أَمِيـرَةٌ أَنْـتِ قَـدْ فَاحَـتْ عُرُوبَتُـهَـا         فَأَغْـرَتِ التَّاجِـرَ الْخُفَّـاشَ، والنَّـمِـرَا

فَـلا تَطُوفِـي عَلَـى كُهَّـانِ مَحْكَـمَـةٍ         تُعَاشِـرُ الصَّمْـتَ؛ حَتَّـى يُنْجِبَـا تَتَـرَا

وَلا تَهُزِّي عِشَـاشَ (الْحُكْـمِ) فِـي بَلَـدٍ       فَتُسْقِطِـي قِمَّـةً أُخْــرَى وَمُؤْتَـمَـرَا
فَاللـوْمُ لَيْـسَ عَلَـى بِنْـتِ الثُّلُـوجِ إِذَا        مَا مَشَّطَتْ رَأْسَهَا كَـيْ تَطْـرُدَ الْحَشَـرَا
أَوْ نَظَّفَـتْ ثَوْبَهَـا مِـنْ بُقْعَـةٍ سَرَحَـتْ      فِي نَسْجِهِ الْمُجْتَبَى خَزًّا، وَعِطْـرَ ثَـرَا (ء)
لُومِي الَّذِي فَتَـحَ الْجَيْبَيْـنِ كَـيْ يَدَعُـوا      قُمَامَـةَ الْغَـدْرِ فِـي جَيْبَيْـهِ وَالْـقَـذَرَا
**
مِنْ يَـوْمِ أَنْ خَطَفَـتْ قُطُّاعُهُـمْ طُرُقِـي      أَمْشِي عَلَى السَّطْرِ؛ حِبْرِي -لِلْجُنُونِ- قِرَى
تَجْرِي مَعِي مِـنْ عِيَـالِ الْحَـرْبِ قُنْبلَـةٌ       مِنْ فَوْقِ سَطْرِيَ جَوْعَـى تَأْكُـلُ الْبَشَـرَا
وَكُلَّمَا سِرْتُ ساختْ فِي الْجُـرُوحِ يَـدِي       وَفِي قُبُـورٍ، وَأَوَرَاقِـي اسْتَـوَتْ حُفَـرَا
وَالْحَقْلُ يَشْكُو صُـدَاعَ الطَّائِـرَاتِ؛ فَمَـا      رشَّـتْـهُ إِلا دَمَ الْـفَـلاحِ وَالـشَّــرَرَا
قَدْ كَانَ يَرْعَى طُفُـولاتِ النَّبَـاتِ؛ وَقَـدْ        أَمْسَى عَجُـوزًا عَقِيمًـا يَفْطِـمُ الشَّجَـرَا
تَنَاوَلُـوا قِطْـفَ أَطْفَـالٍ، وَدَلْـوَ بُكًـى!          مِنْ قَلْبِ يَعْقُوبَ هَذَا الدَّمْـعُ قَـدْ عُصِـرَا
بَاعُوا النَّبِـيَّ بِبَخْـسٍ، واشْتَـرَوْا وَطَنًـا         في بَطْنِ دَبَّابَـةٍ كَـمْ ضَاجَعَـتْ (دُوْلَـرَا)
مَا طَعْمُهُ الْوَطَـن الْمَتْبُـولُ مِـنْ جُثَـثٍ         بِلُقْمَةِ الْغَدْرِ، فِي صَحْنِ الدُّجَـى نُسِـرَا!!
مَا طَعْمُهُ الْوَطَـن الْمَسْـرُوق مِـنْ عَـرَبٍ      لَهُمْ دُيُونٌ عَلَـى كِتْـفِ الظَّـلامِ تُـرَى!!
شَاءَ النَّعِيقُ بِـأَنْ يَبْنُـوا عِشَـاشَ دُجًـى        مِنْ أَجْلِ غِرْبَانِهِـمْ كَـيْ يُزْعِجُـوا نَفَـرَا
بَاتُوا يَغُـزُّونَ أَطْـوَالَ الشَّـوَارِعِ فِـي          جِسْمِ الْبُيُوتِ (كَمَرْضَـى أُشْبِعُـوا إِبَـرَا)

وَتَبْـلَـعُ الــدُّورَ جَرَّافَـاتُـهُـمْ؛ وَإِذَا              شَمَّتْ بِهَـا عَرَبًـا لَـمْ تَرْحَـمِ الْجُـدُرَا

تَبْكِي الْبُيُوتُ عَلَـى أَصْحَابِهَـا؛ أُخِـذُوا        مِنْ حِضْنِهَـا ذَاتَ ظُلْـمٍ يُطْفِـئُ الْقَمَـرَا
تَبْكِي عَلَـى طِفْلِهَـا إِذْ لَـمْ يَجِـدْ لَعِبًـا           إِلا عَلَى سَطْـحِ بَيْـتٍ؛ يَلْعَـبُ الْحَـذَرَا
وهَاجَرَ الْبُـومُ مِـنْ بَـرْدِ الشَّمَـالِ إِلَـى         دِفْءِ الْجِرَاحِ هُنَا، واسْتَوْطَنُـوا السَّحَـرَا
مَـنْ قَـالَ: إِنَّـكِ أُمٌّ لِلَّـذِيـنَ أَتَــوْا               مِنْ صُلْبِ لَنْـدَنَ، أَوْ بِكِّيـنَ أو أُخَـرا!!
مَا أَنْـتِ أُمٌّ لِغَيْـرِ الْعُـرْبِ، رَغْـمَ أسًـى         أَعْيَـا حَمَامَـكِ حَتَّـى مَـاتَ أَوْ هَجَـرَا
وَفِيـكِ أُمِّـي، وَفِـي قَبْـرٍ هُنَـاكَ أَبِـي            حَتَّى وَإِنْ لَـمْ تَلِدْنِـي، أَوْ يَكُـنْ عَقَِـرَا
وَفِيكِ أُخْتِـي؛ وَإِنْ لَـمْ تَشـفِ وَجْنَتَهَـا          أَصَابِعِـي مِـنْ دَمِ الدَّمْـعِ الّـذِي قُهِـرَا

وفيـكِ طِفْلِـي وَجِيـرَانٌ لَنَـا رَحَلُـوا          وَغَيْرُهُـمْ مَـنْ لَبسْنَـا قُرْبَهُـمْ عُـمُـرَا

وَفِيـكِ نَحْـنُ؛ وَإِنْ لَـمْ نَسْـقِ أَيْدِيَـنَـا         بِضَمِّ أَرْضِـكِ، أَوْ نُشْبِـعْ بِـكِ النَّظَـرَا
مَا زِلْتُ أَمْشِي عَلَى سَطْرِي إِلَيْـكِ، وَلَـوْ       لَفُّوا بِهِ عُنُقِـي كـي يَشْنُقُـوا الفِكَـرَا!!
السَّطْـرُ يُفْضِـي إِلَـى سَطْـرٍ يُوَصِّلُنِـي        لِثَالِـثٍ تُهْـتُ فِـي أَوْجَاعِـهِ سَـحَـرَا
جَفِّفْ دُمُوعَكَ يَابْنَ الْحِبْرِ، كَيْـفَ تَـرَى       أَنِّي سَأُنْفِقُ نَسْلِي فِـي الأَسَـى هَـدَرَا؟!
لا الْقُدْسُ عَطْشَى إِلَى حِبْـرِ الْعَوِيـلِ، وَلا          يَشْفِي الطَّبِيـبُ جُرُوحًـا رَشَّهَـا عَفَـرَا
دَمْعُ السَّجِيـنِ عَلَـى الأَقْفَـالِ يُصْدِئُهَـا          كَسِّرْ بِأُصْبَعِ صَوْتِـي خَـوْفَ مَـا سُطِـرَا
فِي آخِرِ السَّطْرِ "سَلْمَى" تَشْتَـرِي خُضَـرا        فِي الْقُـدْسِ مِـنْ عَرَبِـيِّ يُشْبِـهُ البُشَـرَا

وَثَوْبُهَا خِيطَ مِنْ طِيْـفِ الرُّجُـوعِ؛ أَتَـتْ           تُـؤَرِّقَ الْبُعْـدَ بِالْوَصْـلِ الّـذِي انتُظِـرَا

وَقَيْسُ "لَيلَى" امْتَطَى ظَهْـرَ الطَّرِيـقِ لَهَـا         يَسُوقُ بُهْمَ الصِّبَـا كَـيْ يُطْعِمَـا الفُقَـرَا
زَارَتْ مَحـلَّ حُلُـيٍّ، تَصْطَفِـي حَلَـقًـا              وَخَاتَـمًـا يَتَبَـنَّـى دِفْـئُـهُ الأُسُــرَا
قَيْـسٌ سَيَبْتَاعُـهُ مِـنْ أَجْـلِ فَرْحَتِـهَـا                وَوَرْدُ لُقْيَـاهُ يَكْسُو وَجْـهَهَا نَـضِـرَا
فِي الْقُـدْسِ عَبْلَـةُ رَبَّـتْ رُوحَ فَارِسِهَـا            فِي جِسْمِ حَقْـلٍ تَعَافَـى... وَدَّ لَـوْ ثَـأَرَا
شَـرِّبْ حُرُوفَـكَ مِـنْ يُمْنَـاهُ، إِنَّ بِهَـا              سَيْفًا؛ وَمَهْـرًا سَيُرْضِـي أَهْلَهَـا الْغُـرَرَا
دَعَتْ سُعَادُ نِسَـاءَ العُـرْبِ تَسْمَـعُ مِـنْ            كَعْـبٍ قَصَائِـدَ بَعْـدَ الْمُلْتَقَـى أُخَـرَا:
((عَادَتْ سُعَـادُ، وَكَعْـبٌ قَـدْ تَزَوَّجَهَـا           فِي الْقُدْسِ، وَابْنُهُمَا طِفْـلُ الْهُـدَى كَبـرَا

وفَّـتْ سُعَـادُ بِوَعْـدٍ كَـانَ بَيْنَهُـمَـا               وَتَابَ عَاصِي الْمُنَى، وَالْخُلْفُ قَدْ غُفِرَا)) ...

لا تَنْسَ يَا قَلَمِـي؛ فِـي الْقُـدْسِ جَارِيَـةٌ          فِـي كِتْفهَـا حَـرَقٌ، مَحْبُوبُهَـا أُسِـرَا
فِي ضَوْءِ نَظْرَتِـهِ عَـرْشٌ، وَجَيْـشُ رُؤًى       ماضٍ إلـى الْقُـدْسِ حَتَّـى يَهْـزِمَ التَّتَـرَا
فِي الْقُـدْسِ مِئْذَنَـةٌ فِـي رَأْسِهَـا رَحِـمٌ            فِيهِ هِـلالٌ سَيَغْـدُو فِـي غَـدٍ قَمَـرَا!!
وسوف تُنْفَخُ رُوحُ السَّيْـفِ فِـي جَسَـدٍ           مِنْ حِبْـرِ دَرْوِيـشَ، مَخْلُـوقٍ لِيَنْتَصِـرَا
فِـي قَلْعَـةٍ بُنِيَـتْ مِـنْ رَمْـلِ أَحْرُفِـهِ             لِتَسْكُـنَ الْقُـدْسُ فِيهَـا.. والسُّطُـورُ ذُرَا
عَلَيْـهِ سُتْـرةُ عِشْـقٍ؛ خَاطَهَـا وَجَــعٌ            يَقِي بِهَا الْقُدْسَ بَرْدًا فِـي الْقُلُـوبِ سَـرَى
مُعَسْكِرًا فِـي سُطُـورِ الصَّبْـرِ، مُنْجِبَـةً           مِـنْ صُلْبِـهِ كَلِمَـاتٌ، مُنْبِتًـا شَـجَـرَا
قَدِ ارْتَدَى الْغَيْـبَ، لَكِـنْ عُـودُ كِلْمَتِـهِ        مَـا زَالَ يَطْـرَحُ فِـي أَقْلامِنَـا الثَّـمَـرَا
** **
فِي الْقُدْسِ عُرْسٌ قَرِيبٌ؛ فَامْشِ يَا قَلَمِـي!        سَيَطْلُعُ الصُّبْحُ طَـالَ السَّطْـرُ أَمْ قَصُـرَا!
 

ليست هناك تعليقات: