2014/07/25

البحث عن النهاية السعيدة في قصص الأطفال المحلية بقلم : سهيل إبراهيم عيساوي



البحث عن  النهاية  السعيدة في  قصص  الأطفال  المحلية
   بقلم  :  سهيل  إبراهيم  عيساوي

  يعتقد  معظم  القراء  عامة ، والكتاب  خاصة  بحتمية  النهاية  السعيدة  في  قصص  الأطفال ، على أمل  زرع  الأمل   وتصوير  الحياة  بشكل  أفضل ، وهذه  الفرضية  تعيدنا الى  سؤال جوهري ،  ما  هي وظيفة أدب  الأطفال ،  هل  تصوير  الحياة  على  أنها  وردية ، وحتمية  انتصار الخير  على  الشر ، ومنح الطفل جرعات من  التفاؤل ،أم  تقديم  الحياة للطفل  بلا  رتوش  كما  هي ، وتصوير  الصعاب  والواقع  المر ، وهل الأطفال  في  الوطن  العربي  في  غياب  عما  يحصل  اليوم  لأترابهم  في  جل  البلدان  العربية  وخاصة  بعد  الربيع  العربي وإخفاقاته وخاصة في  سوريا  ومصر  وليبيا واليمن ، وحصاد  الموت  اليومي وقتل  الأطفال  وتشريدهم ؟ وخاصة  في  ظل ما  تنقله نشرات  الأخبار اليومية ، وانتشار وسائل  الاعلام والتكنولوجيا ،  مما  يضع  كاتب قصص  الأطفال  في  تحديات  جديدة ومهام  حقيقية، لذا  هنالك  من  يعتقد من  الكتاب  بان من  أهداف  قصص  الاطفال  اعداد  الطفل  لمواجهة  الحياة كما  هي  وليس  الهروب  منها  من  خلال  أحلام  عسجدية  ونهاية  سعيدة وتحقيق  جميع  الأحلام  دون عناء، وسحق  الشر ،  في  هذا  المضمار  كتب  كل  من  الدكتور رافع  يحيى  والكاتبة حنان  كركبي- جرايسي ،  مقالة  هامة   تحت  عنوان " التعامل  مع  الموت في قصص  الأطفال " يتناول  البحث  التغير  الذي  طرأ  على  كتاب  قصص  الأطفال  المحليين  لقضايا  لم  تكن  مألوفة  في  السابق   كالموت ، " هنالك  الكثير من  القضايا  التي تجنبها أدب الأطفال  في السابق  مثل  الموت ، التربية الجنسية ، الطلاق ،  الاعاقة الجسدية  وغيرها ، صارت تطرح –بحرية – كمواضيع  للمناقشة والعلاج عبر قصص الأطفال " ( انظر المجلة العدد 4-5 – 2013 )، أما  الكاتب  المقدسي جميل  سلحوت   
كتب  في  مقالة تحت  عنوان " معالجة  الموت في قصة الاطفال لرفيقة  عثمان " يوصي  الأدباء  "  أرجو  من كل أدبائنا  العرب الذين يعنون بأدب الأطفال ان ينهجوا نهج الكاتبة رفيقة عثمان  في  جرأتها بتناول قصة مهمة مثل قصة الموت وذلك بعد  دراسة عميقة مسبقة ،بالتعاون مع  اخصائيين نفسيين وتربويين واجتماعيين من أجل الوصول الى عمل متقن ،  لا  يمس أحاسيس الأطفال  بشكل  سلبي  "   (انظر  الحوار المتمدن  28-5-2011 ) ، من هنا نلاحظ  تغيير  مفهوم  قصص  الاطفال  ودورها ومضمونها  لدى  العديد  من  كتاب قصص  الأطفال  في  العالم  العربي ،  وهذا  النهج  أثر على كتابنا  المحليين تحت  ظل  تغيير  الواقع  وحاجة الطفل وزيادة  الوعي  لدى  الأطفال وذويهم والكتاب  على  حد  سواء .  من  خلال هذه  المقالة  سوف  اتناول  عدة  نماذج  لأدب  الاطفال  المحلي  لقصص صدرت  في  الاونة  الاخيرة  ، نتطرق  الى   مفهوم  النهاية ودلالاتها .

1-   قصة تفاحة جلال ، للكاتبة ميسون  اسدي : صدرت  القصة عام 2012 عن دار  الهدى  للطباعة والنشر- عبد زحالقة ،رسومات انصاف صفوري ، تتناول  القصة  الطالب  الموهوب  جلال ، لكن  المعلمة والمديرة والمدرسة  كلهم  لم  يتنبهوا  لموهبته  الخارقة ولم  يتم  استعابيه ومنحه  ما يستحق  من  اهتمام خاص  ورعاية ،    لا  تنتهي  القصة  كما  يتوقع  القارئ بحل  توافقي   او   اعتذار  متبادل من  قبل  الطالب والمعلمة ،  او  اكتشاف  المديرة  لخطأ  المعلمة .  بل  يترك  جلال  المدرسة  ص 20  "  ..وبعدها  نظر  الاب الى زوجته وامسك بيدها، ثم نظر  صوب المديرة وقال  بهدوء  تام : معك حق أيتها المديرة فهذه  المدرسة غير ملائمة لأبننا انها  لا  تقدر  مستوى تفكيره !!!"   فهل  هذه  نهاية  سعيدة ؟  ربما  لأن جلال قد  يجد  مدرسة  تفتح  له  أبوابها  وتحتضن تفوقه ، من  ناحية  اخرى  خسر  مدرسته  وأترابه ، والمدرسة  خسرت  احد  طلابها  النجباء وأسرته ،  يشار  الى  أن  الكاتبة  ميسون  اسدي  عادة  تبحث  عن  نهاية مغايرة وغير  متوقعة لقصصها  للكبار والصغار ، وتطرح  نفسها  ككاتبة  تكسر  القوالب المألوفة .

2-   قصة  اغلى من  الذهب بكثير ، للكاتب سهيل  كيوان : صدرت  القصة عام 2013  عن  مركز الكتاب والمكتبات   ، بدعم  من  وزارة الثقافة ، رسومات نوار   ابو خضرة راشد ، تتناول  القصة  حكاية  الطفل  حامد  الذي وجد  قطعة من  الذهب ،وهو  في  طريقه  الى  المدرسة ، يحاول  التصرف  والشراء  بها ،  لكن  تجار  السوق  يشيرون  اليه  انها  تعود  لامرأة  مسكينة  تبحث  عنها  بعد  ان  فقدتها،  وحامد  لا  يعبث وينكر ، في  النهاية تحضر  السيدة  وتكتشف  بمرارة  ان  حامد  هو  ابنها ، ولم  يحصل  على  تربية والتي  هي   اغلى من  الذهب ،  يختتم  الكاتب  قصته  بهذه  العبارات"  فقالت  الامرأة  ، والدموع تتساقط على خديها  "  سيدي ..  هذا الولد ،  هو ابني حامد ، يبدو انني أخطأت في تربيته ..فكان  علي  ان افهمه ، بان هنالك  ما  هو  اغلى من الذهب بكثير ، والذي علينا  ان  نحافظ عليه ، حتى  في  اقسى  الظروف "..!  ،  الكاتب  سهيل  كيوان  ينهي  قصته  الخاصة للأطفال  بحسرة  على  تربية  اليوم وفقدان  القيم  وتأنيب   وجلد  للذات ، كان  بإمكانه  أن  يجعل  البطل-  السلبي-  حامد  ان  يسلم  القطعة  الذهبية للشرطة  ان  او  يبحث  عن  صاحبها  الحقيقي ، لكن  الكاتب  اثر  التوجه  الواقعي  المر ،  لكن  عندما  يفقد  احدنا  اغراضه  اليوم  مثل  مال  او  هاتف خلوي ،  لن  يجده  ،  ان  وجده  سوف  يساوم  على  رجوعه  اليه  بعد  ان  يدفع  المال  لاسترداده  ، سهيل  كيوان  يطرح  أزمة اخلاق تضرب بالمجتمع  العربي وسط  تجاهل  كبير  من  قبل  الأهل  ووسائل  الاعلام والكتاب  والمجتمع عامة، صحيح  ان  حامد  لا  يمثل  كل  اطفالنا  لكنه حتما  يمثل  شريحة كبيرة من  الأولاد  الذين يتطاولون  على  اهلهم وتمتد  ايديهم  لمال  الأهل وللمال  العام وعادة يصدم الأهل  عندما يصدر بحقهم  حكما قضائيا  ويزج  بهم في  السجن  ونخسرهم.
3-  دردبيسي  ، للكاتب  سليم نفاع : صدرت  القصة عن دار  الهدى – عبد زحاقة ، 2013 ، رسومات  فيتا  تنئيل ، القصة  شعبية ، تقص  القصة حكاية خلاف  بين  أخ  وأخته بسبب  ذئب  مخادع  ، تمكن  من  الايقاع  بين دردبيسي والأخ  الصياد ، لكن  في  النهاية يدرك الأخ  فداحة ما  وقع  به من اثم وسوء تقدير  فيبادر  الى  مصالحة اخته . يختتم  الكاتب  قصته  ص27 " حتى أدرك أخيرا  أن  لا  جدوى من  تدخل الغرباء في حياتهما ، وأن  أخته كانت  مظلومة وعلى حق ،فقرر العودة الى بلاده والعيش بجانب أخته  الوفية في  سعادة وهناء وفرح  وسرور "  ،  الكاتب  سليم نفاع  يتجه  نحو النهاية السعيدة  اسوة بالقصص  الشعبية وخاصة  الثلاثية " هناء وفرح وسرور " .
4-  السمكة  السخية ، للكاتب  محمد  علي طه : القصة  اصدار دار  الهدى للطباعة والنشر كريم ،بدون  تاريخ  اصدار ، رسوم ارينا كركبي ،  القصة  شعبية على  نمط قصص  الف  ليلة وليلة ،
تتناول  القصة  حكاية  الصياد  الفقير وزوجته ، عندما  يصطاد  الصياد  سمكة  ذهبية ، لكن  السمكة  تطلب  منه  اطلاق  سراحها  وإعادتها  الى  البحر  مقابل  الحصول  على  أمنيات ،  الصياد  العجوز قنوع  ،  لكن  زوجته  الشريرة  تود  الاستحواذ على كل  شيء تطلب  القصور  والمال وحديقة  وإزهار ،ثم  تريد  ان  تكون  ملكة  البحر  وان  تكون  السمكة  الذهبية خادمتها ، هنا  تغضب  السمكة وتقرر  ان  تعيدهما  الى  الفقر  والجوع  والكوخ ،  ينهي  الكاتب  القصة : "  عد  الى  زوجتك  في  الحال ، وقل  لها تطلبين المحال ! عودي الى كوخك  يا طماعة يا شريرة  وارجعي جائعة فقيرة "  هنا  نلاحظ  ان  القصة  تعالج  موضوع  الجشع وتنهي  القصة  بنهاية مأساوية بالنسبة  للصياد  وزوجته ،  السمكة  لم تعاقب  الزوجة  الشرهة فحسب  ايضا  الصياد  صاحب  القلب  الطيب  ايضا  عاد  الى  الفقر ،  لكنها  نهاية متوقعة  حسب وقع خطوات  القصة .
5-   قصة  القط  دوتو  ، لشراز خيري عثامنة ، اصدار دار  الهدى للطباعة والنشر كريم ، رسومات  وائل  حسين ، بدون  سنة  اصدار ، تقص  علينا  القصة  حكاية قط  انغمس بالكسل يحب  النوم ودائم النعاس ، ينتهز الفرص ويتسلل  الى  البيوت من  أجل  السرقة ، فيسرق  ويخرج  بأمان ، الى  حين وقع  في  قبضة  الجد  سمعان الذي عرض  عليه  عرضا  مغريا ،  ان  يقدم  له  الجبن واللبن والطعام واللحوم ،  مقابل  اصطياد  الفئران  الموجودة  في  المحزن  الكبير ، وتنتهي  القصة  بنهاية  سعيدة بالنسبة  للجد  سمعان  والقط  دوتو "  استطاع ان  يجعل دوتو بطلا يفتخر به أمام  الجميع ، بعد  ان  كان سارق اكل يكرهه  الجميع .وقدم له الطعام بكل لطف وسرور " .  نلاحظ  ان  النهاية سعيدة  تدعو  الانسان  والحيوان  للجهد  والجد في  سبيل  الرقي والتقدم ،  ولعل  الجيل  الذي  تتوجه  اليه  القصة ،جيل  طفولة  مبكرة  يحتم  هذه  النهاية .
6-  أمي وأبي  منفصلان ، للكاتبة حنان جبيلي ، رسوم حنان  ابو أحمد ،اصدار دار  الفتى  العربي – كفرقرع ، بدون  سنة اصدار ،  هذه  القصة تتناول  المواضيع  الشائكة التي  كان  الادباء  في  بلادنا  يتجنبون  الخوض  بها  بسبب  حساسيتها ، موضوع  الطلاق  الذي  انتشر  في  وسطنا  العربي في  الاونة  الاخيرة ،  ولا  بد  من  وضع الأصبع  على  الجرح  وطرح  الموضوع  بجسارة ،  القصة  غنائية ،  ربما  لتناول  القصة  بشكل  هين وسلس  رغم  المرارة والألم  المترتب  على  الأطفال  الذين  ينفصل  اهلهما ، الكاتبة تستعرض  الموضوع  من  عيون  طفل ، الذي  يصف  حالات  الخصام ، تنهي  الكاتبة  القصة "  لكني اتذكر انهما منفصلان ومع هذا فرحي يريدان ، فليتهما يعودان "  أي  بأمنية  ورغبة في  العودة ،  وتكون  القصة  اعمق  لو  تناولت  احداث  بعينها ، لكن  ربما  الكاتبة  ارادت  ان  تعرض  المشكلة  من  منظار  اخر .
7-  قصة  اخي  وكرسيه  المتحرك ،  تأليف اديم  أحمد  مصاروة ، رسوم  ساهر عوكل ، اصدار مركز  الكتاب  والمكتبات ، 2013 ،  ايضا  هذه  القصة  تتناول  احد  المواضيع  الشائكة والملفات  الصعبة ،  والتي  يحاول  البعض  تجاهلها  تماما  من  خلال  عدم  الكتابة  عنها  ،  وعدم  طرح  قضية اصاب  الاحتياجات  الخاصة ،سواء  من  الاهل  او  الكتاب  او  اصحاب  القرار ،  القصة  تطرح  موضوع  الطفل  المتميز  الذي يستعمل كرسيا ذا  عجلات للتنقل  من  مكان  الى  اخر ، الطفل  يامن  الذي   يتحدث  عن  أخيه  يطرح  اسئلة واضحة لماذا  لا  يسير اخيه  مثل  اترابه  لماذا  لا  يركض ،  يصور حزن  الأم  عند  ولادة  الأخ ،  لماذا  وضع  وقتها  في  غرفة  الخدج ؟ ولماذا  هو  بحاجة  الى  رعاية خاصة ؟ ويعرض  الأمور  التي  يستطع  فعلها  بمشاركة  أخيه  مثل  قراءة  القصة ومشاهدة  التلفاز ويعرض  أيضا  الأمور  التي  لا  يمكن  المشاركة  بها  مثل  الجري ولعب  الكرة ،  وتنهي  القصة  ببريق  امل  لكن  دون  الهروب  من  الواقع  ص 22 "  نعم .. هذا  هو  اخي ، هو  مختلف  عني  وعن باقي الأطفال ، لكن يمكننا ان نفعل  أشياء كثيرة  معا ، وكم اكون  سعيدا ،  عندما أرى  الابتسامة ،  مرسومة على شفتيه متحديا كرسيه  المتحرك "  ، النهاية جاءت واقعية ،  الابتسامة  هي انتصار  في  وضعية الأخ  المقعد ،  للكاتبة لم  تذهب  الى  حل  سحري  مثل  الشفاء  التام  بمعجزة  او  توصل  الى  حل  طبي  متقدم ،  لكن  مثل  هذه  الحلول  سوف  تظلل  وتكون  مدعاة  للسخرية ، ومع  اننا  كنا  نفضل  سماع  صوت  الطفل  الذي  يعاني  من  اعاقة ،  وأحداث  ليسمع  صوته  نقيا  الى  المجتمع  الذي يتجاهله ويتجاهل احتياجاته  الخاصة،  القصة  مبنية  على  طرح  موقف  اكثر  من كونها ذات بناء قصصي  معهود ،  لكنها  تطرح  الموقف  بجسارة  وتصور  الواقع  كما  هو  وتلوذ  عن  حق  شريحة  واسعة من  المجتمع  في  العيش  بكرامة وحرية مع  كامل  حقوقها أي  التفضيل  المصحح.
8-  قصة  ملابس  احمد  تصرخ ،  للكاتبة ليلة حجة ، اصدار مركز ادب  الاطفال ، 2009 ، رسوم اليزابيت محاميد ، القصة تتناول  مشكلة  السمنة وخاصة  لدى  الأطفال ،  في ظل  تغير  معايير وأنواع  الغذاء   الاطفالنا ، فصارت المسليات الوجبة  الرئيسية ،  وبات  العزوف عن  تناول  الخضار  والفواكه واللحوم ، بطولة  لدى  البعض وبتشجيع  من  الاهل ، وآلة  الدعاية  الهدامة ،القصة  تتناول مشكلة  الطفل  احمد الذي  يتعلم في  الصف  الثالث  ومشكلته  الوحيدة  انه  يرغب كثيرا  في  تناول المأكولات  الحلوة التي تحتوي  على  نسبة عالية من  السكريات والنشويات، وسط  تشجيع  الأصدقاء والجيران والأهل ، حتى  تضايقت وتألمت  ملابسه،  لكن  بعد  زيارة  الطبيب أوصاه  بأكل  الخضار والفواكه والتقليل  من  اكل  الحلويات ، وطبعا  احمد  ولد  مطيع  حافظ  على  للياقة جسده  وأنواع  طعامه  ،  تنهي  الكاتبة  القصة بنجاح  مهمة  احمد ، " بدأ  أحمد يحصد  الجوائز والمرتبات الأولى في جميع مسابقات  الجري، والنشاطات الحركية ، الألعاب  الجسمية ، وكانت  البسمة  لا  تفارق وجهه  ابدا " , نلاحظ  النهاية  السعيدة  والمتوقعة في  نفس  الوقت  للقصة ،  لأن  الكاتبة  تتناول  مشكلة  السمنة ولا  بد  لها  ان  تقترح  الحلول  العملية والممكنة للانتصار على  هذه  الافة التي  يعاني  منها  اكثر من  ثلث  اطفالنا ،  تخيل  معي  لو  قامت  الكاتبة  بكتابة  نهاية اخرى  محزنة للقصة  مثل ،  ازدياد  وزن  أحمد  وانتشار  الأمراض  لديه  كالترهل والسكري والضغط  العالي ، والتراجع  النفسي ،  حتما  سوف  يصاب  الطفل   الذي  يعاني من  نفس  المشكلة بالإحباط  ولن  يحاول   اخذ  النصائح  التي   يمنحها الطبيب .
9-  نوف  والدب ، للكاتبة  مينا عليان ، اصدار دار  الهدى – عبد زحالقة ، 2013 ، رسوم  هيفاء سعيد قبلان ،  تسوق  لنا  الكاتبة  نمطا  من  الحكايات  الشعبية ، مثل  قصة ليلى  الحمراء ، هنا  نوف  تقع  في  قبضة  الدب  الذي  يحاول  اكلها  اذا  لم  تأتي  له  بمدين شعير ،  تفشل   نوف  في احضاره  ةالايفاء  بوعدها  له  ، لكنها  في  النهاية  تقرر  التخلص  منه ودفعه  الى  حافة  البئر  لينال حتفه ، وتنهي  الكاتبة  القصة ، ص 30 "  بهدوء فتحت باب  الكوخ ، تسللت بحذر  الى الفراش وراحت  تغط في  نوم عميق" . نلاحظ  أيضا  هنا  النهاية  السعيدة  المتوقعة  في  القصص  الشعبية  والانتصار  على  الحيوانات  المفترسة  وبحيلة وذكاء.
10 – قصة وطن  العصافير ،  للكاتب  وهيب نديم وهبة ، اصدار  دار  الهدى  للطباعة والنشر ، 2012 ، رسوم  صبحية حسن ، القصة معدة للناشئة ، مترجمة من  العربية  الى  العبرية في نفس  الطبعة ، القصة تحمل في طياتها أبعاد  سياسية وتربوية  وتتناول  الصراعات السياسية  والعسكرية التي  تحدث  في  الكون ويحاول  الكاتب ابداع  الحلول  القصة  تروي لنا  حكاية  وطن  العصافير  الذي   تم  اجتياحه  بصورة  وحشية من قبل  حيوانات  غريبة  كالفيلة والتماسيح والحشرات والأفاعي  السامة ، يهرب  الحطاب  ومعه  افاعي  سامة  احداها  تقتل  حاكم  المدينة فيزج  به  في  غياهب  السجون  بتهم  كثيرة  وكبيرة ملفقة،  في  النهاية  يقترح  الحلول  من  سجنه  يقنع  المحقق  وأهل  المدينة ،  الحل  لديه  اقتسام  الغابة بين  الفيلة والعصافير  والقبول  بالواقع الجديد  ،  والعيش  بسلام  بين  الطرفين ،  تقبل  الاخر ، ونشر  ثقافة السلام ، وترويض  الفيلة  لتكون في خدمة الانسان ، وينهي  الكاتب وهيب نديم  وهيبة قصته "  وفي غضون  أسابيع صارت الغابة مرتعا اليفا للعصافير والحيوانات ،وتم فك  الحبال ، وإزالة الحدود وأصبحت  البحيرة نقية صافية وعادت كما  كانت ، ماؤها يلمع ويبرق في  ضوء  الشمس "  نلاحظ  أن النهاية  نسبيا  سعيدة   لكن  بعد  خراب  وطن العصافير  وتضحيات  وتدخل  الحكماء  على  هيئة  الحطاب ، ونلاحظ  النزعة الانسانية  في  القصة ،  وضرورة  تنازل  جميع  الاطراف  لحصول  حل  ولا  يمكن  تجاهل  الواقع  ،  ولا  يمكن  أن  يتم  الغاء  الاخر  واستحواذ على  ارضه  ووطنه ، ولا  يمكن  الحصول  على  كل  الكعكة لان  مذاقها  سوف  يكون ممزوجا  بالمرارة والألم ، دائما  عليك ان  تترك  للخصم  حفظ ماء الوجه  ، وهذه قصة رمزية  يمكن  تطبيقها على  العديد  من  الصراعات  العسكرية والسياسية التي   تعم  المعمورة .

ملاحظات  واستنتاجات  :  حول  القصص  التي  تناولتاها

القاسم  المشترك  الذي  يجمع  بين  العشر قصص  التي  عالجتها هنا ، انها  قصص  لكتاب  وكاتبات محليين ، صدرت عن دور  نشر محلية ، صدرت في السنوات  الأخيرة ، هي عينة عشوائية ، في  متناول  يدي ويد  القراء بيسر  قصص  صدرت بحلة جميلة.
1-   نلاحظ  التغيير  في  التوجيه للقارئ  الطفل  من  قبل  الكتاب  المحليين ، من  حيث المضمون  والقدرة على  طرح  قضايا  ملحة يفرضها  الواقع  وحاجة الطفل ، لاحظنا  طرح  قضايا  السمنة وسوء  التغذية ، قضية الطلاق ووضعية الأطفال  والظروف  التي  تنتظرهم  في  ظل  الواقع  المر ، والإعاقة  الجسدية ، وهنالك  قضايا  اخرى  لم  نتطرق  لها  مثل  الموت والتحرش  الجنسي ، والإبحار  الامن في الشبكة العنكبوتية .
2-  لم  يعد  من المسلم  به ،  ان  تكون  النهاية سعيدة ،   لأنه  اخذ  يتبلور  نوع  من  القناعة  والوعي  لدى  الكاتب ، ان  يمكن  تعتيم  الصورة  أكثر ،  والمقاربة  من  الواقع ، نجد نهاية  حزينة ، او  مفتوحة يمكن  تفسيرها  على  اكثر  من  وجه ،  وإنصاف  حلول ، وليس  بالضرورة ان  تكون  النهاية الحصول  على  شيء مادي  ملموس  ربما  ابتسامة او انتصار  معنوي  او  بريق  امل  اشارة  الى  نهاية سعيدة . .
3-  القصص  الموجه  لجيل  الطفولة  المبكرة ،  عادة  تكون  نهايتها  سعيدة بوضوح لا  لبس  به ،  ربما  لزيادة  ثقة  الطفل  بنفسه وبالحياة  وبالمحيط  القريب ,اما  القصة  المعدة  لجيل اكبر ،  من  الممكن  ان  يجيز الكاتب الخروج  عن  المألوف  والمتوقع  منه .
4-  لا  علاقة  بين  كون  الكاتب رجل  او  امرأة  في  التوجه  الى  مضامين  معينة  ، أو  الى  نهاية  سعيدة  أو  حزينة .كما  اننا  من  الممكن  ان  نجد الاختلاف  بين  قصة وقصة لنفس  الكاتب .
5-  القصص  التراثية المستوحاة  من  قصص الف  ليلة وليلة  والشعبية بشكل عام ، عادة تكون نهايتها  متوقعة  ، يستطع  ان  يتوقع  القارئ  نهايتها ، عادة تصور  حتمية انتصار الخير  على  الشر ، وانتصار البطل ، ودحر  الشر وانكفاء  ألشرير هنا  يتقوقع  أدب  الأطفال  في بوتقة يشوبها  التكرار  واجترار  النهايات  المحتمة ، فقط  يمكن تغير اسم  الثعلب بالذئب  أو الدب أ و الأرنب  وتظل  الحكاية كما  هي ، قد  تكون  هذه  القصص  نوع  من  الهروب  من  الواقع وتحدياته  وربما  يمكن  ان  تكون رمزية  تشير  الى  الواقع من  خلف  الحجاب وتأنيس  الحيوان.
6-  الواقع  العربي  المر ، والصور  التي يراها  الطفل عبر  شاشات  التلفاز من  قتل  وتشريد وهدم بيوت وقصف مدافع وصوت  الطائرات  الهادر  وأشلاء  الجثث ، وأطفال  يعيشون  في ظروف معيشية صعبة ،  وظروف  الحياة الصعبة من  عقبات وإثقال  كاهل  الاهل ، وعنف  اسري ومشاكل  اجتماعية وتحرش جنسي ، جعلت  الطفل ينضج  قبل  اوانه ، معلوماته  زادت ومصطلحاته تغيرت ، الطفل  امام  تحديات جدية ، ليستمر  في  الحياة وبناء  شخصيته  المستقلة ،  على  الأهل  والمدرسة والبيئة المحيطة دعمه ، وعلى   الكاتب  ان لا  يصف  الحياة  بأنها  كلها  مفروشة بالورود ، وكل  الناس يملكون  القلوب البيضاء الوارفة الظلال ،والنوايا  الحسنة ، لذا  الكثير  من  القصص  هي  علاجية  ،  تدعو  لتقبل  الاخر  بطريقة  ذكية وتقبل  اصحاب  الاعاقات  الجسدية مثل  قصة الارنب زرزور  للكاتب  الدكتور سليمان  أحمد  وقصة رامي  لا  يشبه احدا  لنادر ابو تامر ، وقصة مغني  المطر لزكريا محمد ،القصص التي  تقارب  الواقع يراد  منها  المساهمة في  بناء وصقل شخصية الطفل ليكن  مستعدا  لمجابهة تحديات  مستقبلية  قد  تعترض طريقه  في  المستقبل ، وتمنحه   الحلول  المبتكرة وتنبهه لمخاطر ومخاوف معينة ، وهنا  لا  نقصد  بعض  القصص  التي  نتحفظ  منها  التي  تجلب  الى  خيال  الطفل  الرعب والجن والعفاريت ، انما  مخاطر  حقيقية مثل  خطر السمنة  المفرطة ، مواجهة مشاكل  الطلاق  بين  الوالدين ، السموم ، الاستغلال  والابتزاز من  قبل بالغين عبر خلال  الانترنت ، التحرش الجنسي ، مشاكل  تربوية وأخلاقية .

خلاصة :  التغييرات  الاجتماعية والسياسية وسيطرت  التكنولوجيا  على  عالمنا  وحياتنا  اليومية وأصبحت  التكنولوجيا  في  متناول  الأطفال  بل  يلمون  بها  أكثر  من  الأهل والمعلم ، وانكشاف  الأطفال  الى  تعقيدات  كثيرة في  الحياة  اليومية، وزيادة  الوعي لدى  الأهل وتطور  وتحسن  البرامج  التعليمية والمناهج  الدراسية ، وتبلور  وتطور  قصص  الأطفال  المحلية ،  من  خلال  تقديم  الجديد ، ومساهمة كتاب  كبار  في  هذا  المضمار ،  وحركة  الترجمة  من  لغات  اخرى ، واستغلال  شبكة الانترنت  للإطلاع على كتابات  كبار  الكتاب في  العالم  العربي وكل  ما  يصدر ،كل  هذه  العوامل حتمت  اجراء تغييرات  في  مضمون وشكل  وتوجه  ادب  الاطفال المحلي ، فلم  يعد  من  البديهي  اختتام  القصة  بنهاية سعيدة  بصورة سلسلة ، كما  كان  سائدا  في  البداية ،  ولم  تعد  المواضيع  مستقاه  من  التراث  الشعبي فحسب ،  أو  من  الأدب  العالمي ، أصبح  الأديب  المحلي  يطرح قضايا  جديدة  وملحة وجديرة باهتمام القارئ والباحث ،  وغير مستهلكة ، في  محاولة  لتقديم  الأفضل  في  مجابهة  تغييرات  الحياة  الاجتماعية  ومتطلبات  أطفالنا ،وضرورة كشف  الحقيقة  تدريجيا  أن  الحياة  ليست وردية  وأنه  من  أجل  النجاح  لا  بد  من  التعثر في  الطريق بضع  مرات، والتجارب  القاسية تخلق  الرجال وليس  من  الضروري  ان  تحقق  كل  أحلامك  التي رسمتها  لنفسك  منذ  بداية الطريق ،  وتحقيق  الأحلام  بحاجة الى الكثير  من  الجهد والجد والإيمان والإصرار  والإرادة  والعمل والعلم .


ليست هناك تعليقات: