2014/07/12

حوار مع الكاتب العراقي حسن البصام من إعداد عبد القادر كعبان



حوار مع الكاتب العراقي حسن البصام
من إعداد عبد القادر كعبان/الجزائر

بداية هل كان حسن البصام يحلم أن يكون قاصاً أو شاعراً يوما؟
أعتقد أن قلبي بدأ الكتابة منذ أول شهقة إنتظار لبنت الجيران حين كنت في الابتدائية ..بدأت اعتني بملابسي وكلماتي وحرصي على إقتناص نظرة منها وهي ذاهبة حاملة الخبز الى مطعم أبيها ..وأحببت الأغاني وإن لم أفهم منها الكثير لكن تاخذ بخيالي الى سماوات الحلم ... وبدأت أكتب بمخيلتي وأنا سارح الخيال مع قصص جدتي التي تحكيها لنا كل ليلة ثم عكفت على قراءة كتب المغامرات والبطولات والحب ..قرأت الكثير الكثير ثم عكفت على قراءة الشعر .. ..كرهت الشعر العمودي لانه يذكرني بقسوة المعلمين والمدرسين..أحسست انه قيد يدمي حرية مخيلتي ويعتقل كلماتي  .. وابتدأت بالشعر الحر والمترجم ..وإستمرت ذائقتي تستمرئ الجميل فيه .....حتى حانت ولادة كتابة أول قصة وأول قصيدة ....بشكل تلقائي .. لكني وجدت من يؤازرني حين أرسلتها الى الاذاعة في المرحلة المتوسطة ..ولم أجد من يؤازرني من أفراد عائلتي أو أصدقائي ..لاأحد مقتنع با لقراءة أو الكتابة..الكل يسعى وراء لقمته ..لم أحلم أن أكون قاصا أو شاعرا لكن... قراءاتي هي التي مسكتني من يدي وقادتني الى منعطف الكتابة الخطير الحاد والمثمر .

ماهي طقوس الكتابة لدى حسن البصام عموما؟
لا يتملكني طقس ويحددني زمنه ..ولا يحددني مكان ..الأدب حر يولد لحظة اكتمال ملامحه  .. تقتله القيود ويتعطر بشذا الحرية ..قد أكتب في أخطر الأماكن وأقذرها وقد لاأكتب في أبهاها وأجملها وأهدأها..أقول إن الكتابة مثل المرأة الحامل لاتعرف بالضبط متى تولد قد يفاجئها المخاض قبل الموعد أو بعده أو في الوقت التمام ..

بمن تأثرت من الشعراء و كتاب القصة؟
جيلنا جيل قارئ جيد لأنه إبتدا بالسمين من الابداع .. إبتدات  بالف ليلة وليلة وجرجي زيدان وإحسان عبد القدوس وجبرا ابراهيم جبرا وعبد الرحمن منيف وحنا مينا واسماعيل فهد اسماعيل وزكريا ثامر والماغوط وانسي الحاج وادونيس  ....الخ والكتاب الأجانب الذين لهم بصمة سحرية في سفر الابداع العراقي والعربي مثل دستيوفسكي وهمنغواي وتولستوي ومكسيم غوركي وبابلو نيرودا وبول ايلوار واليوت ....الخ

أبارك لك صدور مجموعتك القصصية الجديدة الموسومة "البحث عن اللون"، فهل يمكن أن تحدثنا عنها؟
شكرا لطيب مباركتك ..هذه المجموعة القصصية لها حيزا كبيرا في قلبي ووجداني وعقلي ..إنها ظلي الذي لازمني في احداث العراق أو التحولات النفسية والاجتماعية للاشخاص وتبدل الأمكنة وتغير الأزمنة  المتعاقبة المختلفة ..  إنها تمثل إنعكاسا حقيقيا  لأحلامي وطموحاتي .. وهي مرايا لنزيف الشريان اليومي لواقعنا المريض أحب هذه المجموعة جدا ..لأني كتبتها بضمير نابض بالحرقة والوجع الأبيض كقلب العراق ..وأحلامنا المنسكبة على حافات خطانا دون أن نصل ..

مارأيك بالنشر النتي ؟ وهل استطاع أن ينافس الورقي ؟
يقول محمد الماغوط  ( الشعر ليس فقط ان تكتب شعرا .. يمكن للمرء أحيانا ان يكون شاعرا أكبر من شكسبير دون أن يكتب كلمة .. وتكون انت في محنتك ووحدتك الذاتية والقومية والتاريخية والجغرافية .. ويقول لك أحدهم : صباح الخير .. تحس أنه شاعرا أكبر من شكسبير .. وتجد أحيانا شاعرا كبيرا .. انما تجربته عبارة عن بلاطة أو حجر )
وهذا يعني غن الأديب تتجلى ملامحه الابداعية في أي محفل سواء كان في حضوره ..او عبر نشره في الصحافة او النت ..او أي مكان اخر..لاخوف من الأمكنة ولاخوف من أن يدس طارئ نفسه وسط صفوف المبدعين.. الذائقة تفرز بذكاء وفطنة .. وقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول هذا الموضوع وتعددت الآراء ..وأقول إن للنشر على المواقع الالكترونية أو الفيس بك إشراقات للأرتقاء بالأبداع على كافة مستوياته ..فقد اتاح الأتصال والمعرفة والاطلاع السريع .. وإن الكثرة ولدت الرداءة .. ولكنه ابرز المائز والابد اع الحقيقي من الردئ .. واتاح الفرص العديدة لكثير من الكتاب والشعراء والأدباء أن يجدوا فرصتهم في النشر والاطلاع على المتجدد من إبداع ..وأرى أن يتم نظر النقاد الجدي والفاعل الى هذا الكم الهائل من الكتابات بالعين المتبصرة .. لأن التقاء الكتاب العرب المنتشرين في شرق العالم وغربه على هذه المساحات المتالقة من شانه أن يسهم بالمعرفة الدقيقة بالمنجز الأبداعي مختلف المشارب وبالسرعة الفائقة ..لقد باتت التوجهات الداعية للتجديد واضحة اكثر من ذي قبل وملامح الأرتقاء به ظاهرا.

كيف ترى حركة دور النشر والتوزيع من الناحية الاقتصادية اليوم؟
الكتب الادبية وخاصة الشعروالقصة الآن تعاني من ركود وعدم وجود مبيعات كما كانت في السابق ..أعتقد ان الرواية الآن تحظي بأفضل الفرص وكذلك الكتب الادبية التي تشكل مصادرا بحثية ومعرفية للطلبة والباحثين والاكاديميين .الكتاب يعاني من ركود لم يشهده من قبل .. إن اكثر الأصدارات الحديثة توزع مجانا على الاصدقاء والمهتمين بشكل شخصي أو من خلال  حفلات توقيعها ..كما إن الطباعة مُكلفة للكاتب وصعبة إذ يعاني منها أحيانا حد التذمر.

البصام شاعر أيضا، فما هو جديدك في كتابة القصيدة؟
القصيدة تعيش معي بشكل يومي فهي حاضرة دائما ..أكتبها باستمرارأو تكتبني .. مستلهما الحافز اليومي أو العاطفي ..وأرسلت مجموعة شعرية الى دار تموز- دمشق ( الختم بالثلج الاحمر) ستصدرخلال الايام المقبلة إن شاء الله  لتكون المجموعة الشعرية الثالثة مع مجموعة قصصية ..ولدي مجموعتين شعريتين تحت اليد.


ماهي برأيك المسافة بين الشاعر والقصيدة ؟
متلاصقان ويعيشان بقلب واحد لأن الأدب هو أفضل الأشياء لدى الأديب .. كما يقول نجيب محفوظ اذ لابد أن يكون الادب هو شاغله الوحيد ويهتم به دون سواه ..فالشعر شيطان يتلبس الشاعر..او هو عقله الباطن ..او جلاده .

ماهي هموم  المبدع العربي في ظل الثورات؟ وكيف يمكن تجاوزها من وجهة نظرك؟
اختلف معك في التسمية ..انها ثورات التعصب والتبعية قادها الخريف للعصف بكل شئ ..ماعدا دول قليلة جدا ومازالت تعاني القتل والدمار وعدم الاستقرار .. وقد عصف بالأدب والفكر والثقافة وشملها الشتات والتفرقة بل البعض يسعى الى محقها وطمسها  ومحاربتها لأنها تنشر الجمال والعدالة والمحبة وهم دعاة التمزق والتخلف والشتات خاصة الحركات الدينية المتطرفة والتي ترتدي ملامح الدين المزيفة فانها من صنع الأعداء لإسقاط الهوية الأسلامية أو الهوية العربية ..وسيشهد على كلامي الزمن المقبل الذي تتكشف فيه دسائس الغرب والشرق..
 
هل انت راض عن الحركة النقدية المعاصرة ؟

أقول لك إنها عاجزة عن شمول الحراك الثقافي الناهض وإن الكثيرين مازالوا يكتبون عن الرواد ومابعدهم ولاأدري هل لعدم قناعتهم بالمنجز الحالي أم أنهم يسعون الى الشهرة بالكتابة عن المعروفين ..وهل يعتبرونها مجازفة بسمعتهم النقدية إن كتبوا عن الادباء الحاليين؟

هل ثمة كلمة اخيرة ؟

في البلدان التي تنظر للانسان على إنه قيمة عليا في الحياة ..نجد أن للأديب مكانة يحلم بها السياسيون أنفسهم ...بمماتهم تنتكس الاعلام ويعم الحداد ..  باسمائهم تعرف الاماكن البارزة والشوارع والساحات .. هنا في هذه الأوطان المغلوب على خيرها .. يمر الأديب ولا يذكره احد سوى الكثير من الكلاب تنبح عليه في حياته وبعد مماته ..

ليست هناك تعليقات: