2014/12/07

(أعشقني ) من أجل حياة (البعد الخامس) بقلم الناقد العراقي:حميد الحريـــــــــــــــــزي



(أعشقني ) من أجل حياة (البعد الخامس)
بقلم الناقد العراقي:حميد الحريـــــــــــــــــزي
 ((أنا نبية هذا العصر الألكتروني المقيت فهل من مؤمنين؟؟))
 ((اعشقني)) رواية الاديبة  الاردنية  الدكتورة  سناء الشعلان  الصادرة عن مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع ط1 2012.
((تستطيع ان تركلني بقدر ما تشاء  ان كنت حانقا علي ولكن  ذلك لن يغيير شيئا من حقيقة انني أ...عْ...شَ...قُ...ن...ي)).
وقفة عند ((أَعشقنـــــــــــــــــــــــــي)).

للعنوان أهمية كبيرة  قال فيه النقاد الكثير ، من حيث دلالته الخاصة بالمنتج الادبي او الثقافي او الفكري عموما ، يجب ان يعطيه الكاتب اهمية مميزة ، بحيث يكون:-
ممتليء بدلالته من حيث المعنى ومضمون متن المنتج ،عبر مايمكن ان يثيره في وعي  ولا وعي القاريء ناهيك عن الدارس والناقد ، اعتمادا على خزينه الثقافي والفكري ، ومقدار رصيد العنوان  من هذا الخزين  للمتلقي ...
فلو اننا جردنا عنوان  رواية ((أََعْشُقُني)) من  حركاتها ... لدخلنا في   حيز تعدد المعنى الموحى به  للمتلقي ، ومنها ان يكون امرا  بالعشق لو كسرنا حرف   الاليف، وهو  بعيد عن  مضمون  عنوان الرواية  ، هو اعلان صريح واضح عن عشق وحب الذات المبني على التفكر والتدبر والقناعة الذاتية بعيدا عن كل كوابح الارتهانات الحياتية .. وهنا تؤشر لناالرواية اهمية تكامل العلم والروح ، العلم المتجسد برأس ((باسل المهري))، والروح الممثلة بجسد ((شمس)) الثائرة المتمردة ((نبية)) العصر رمز الحرية والسلام  ونواميس الروح ، حلم الانسانية الذي يجمع بين التقدم العلمي ليكون في خدمة الانسان  امنه رفاهه ، غناه الروحي ، متعته  وليس عبوديته للالة وسلعة تباع وتشترى في سوق السلع الراسمالية المجرد من الروح والاحساس والمشاعر كأي الة  اخرى  في مصانع البضائع ......
لذلك  نرى ان  الكاتبة  الشعلان  كانت موفقة وفطنة في اختيار عنوان روايتها  الرائعة ....
 التقدم التكنلوجي سيف  ذو حدين :-
رواية (( اعشقني)) هي احدى روايات الخيال العلمي المرتابة من  تقدمه المذهل دون   ضوابط ، تعالج افرازات التقدم العلمي والتقني الذي فاق التصور  في عصرنا واثره على الحياة الفكرية والثقافية والروحية للانسان ومن سيخدم  من؟؟ هل سيكون الانسان برغي ضمن هذه الالات  الذكية ؟؟ او ستكون هذه الآلة الفائقة الذكاء في خدمة خالقها  الانسان ، وهو القادر الوحيد على خلق وسائل تقدمه واستمراره وانتاج  قوته؟؟
الرواية  تستشرف المستقبل البشري حتى  عام 3010  أي بعد مايقارب الالف عام  من يومنا هذا ........
كتب الكثير من الادباء قصصا وروايات تهتم بمعالجة هذه الاشكالية  كل من وجهة نظره وفلسفته ، ورؤاه للتقدم المستقبلي للعلوم والمعرفة، ومنها مثلا  رواية ((فرنكنشتاين)) لميلر  ومحاولة مناظرتها من قبل الكاتب العراقي المبدع احمد سعداوي في (( فرنكنشتاين في بغداد))....
رواية (اعشقني)) تعيد الى ذاكرتي رواية الاديب العراقي الدكتور عبد الهادي الفرطوسي((الزمن الحديدي)) حيث تخشبت مشاعر الانسان وماتت احاسيسه الفنية والروحية ..
 منذ الثورة الصناعية  في اوربا  اخذت التكنولوجيا تتطور  بقفزات كبيرة  كانت مجرد احلام الانسان  الطامح في حياة افضل  واسهل واكمل .....
هذا التطور الهائل  اصبح معصرة عملاقة  تعتصر  زمن وحياة  وروح الانسان ليصب  مزيدا من الثروة في جيوب سلاطين الراسمال  من  الطبقة الراسمالية صاحبة مبدء الربح ثم الربح  دون رحمة او شفقة ((358 ملياردير في العالم يمتلكون ثروة تضاهي ما يملكه 40 مليار من سكان المعمورة  أي ما يزيد قليلا على نصف سكان العالم)).... وبغض النظر عن  النتائج المترتبة  عن الاستغلال المتوحش للثروات الطبعية  وخراب الطاقة البشرية ، وخراب  وتلوث البيئة ، واستعباد الانسان فكريا وجسديا ليكون خادما مطيعا في منظومة الانتاج الراسمالي العملاقة ، وهذا  ما يعيشه الانسان  في واقع  العولمة الراسمالية المتوحشة  في العصر الراهن كما يقول انجلز:-
((ان العمل المأجور لا يمكن ان يفسر الا على اعتباره شكلا مخففا من التهام اللحم البشري)) دور العنف في التاريخ –انجلز ص 48
فما هو حاله ان استمر الوضع على ما هو عليه بعد الف عام مثلا ....؟؟؟؟؟؟؟؟
هل هذا الوصف هو القدر المحتوم والوجه البشع الحتمي للتقدم  العلمي  بالنسبة للانسان؟؟
  ام  ان هناك  طريق تطور  اخر  مناقض تماما  لهذا الوجه البشع ،  يبشر  بالسعادة  والرفاه وغنى الروح وازدهار الجسد  يوفرها التقدم العلمي الهادف لخدمة الانسان  باعتباره ((اثمن رأس مال في العالم))، فيكون العمل  متعة  روحية وتفتح للعقل وقوة   ورياضة للبدن ، يكون كما اللعب بالنسبة للانسان ، حيث يمارسه بشغف  وحب وابداع ضمن منافسة حرة بعيدة عن الكسب المادي، يعيش الانسان غناه الفكري والروحي عبر وفرة انتاجية هائلة تقضي على  احكام الضرورة لتؤمن حيز الحرية الحقيقية للانسان ، عبر توفر وسائل الراحة والمتعة  كالسكن والتعليم  ووسائل الترفيه وممارسة الهوايات المفضلة ، اضافة لاوقات التامل الفكري متصاعدة طرديا مع التطور التقني، لتتفتح وتزدهر قواه الروحية والنفسية ..... هذا الحلم الانساني الذي تبشر فيه القوى والافكار والفلسفات الداعية الى المساواة بين البشر  عبر  شكل من اشكال النظام الاشتراكي العالمي باعتباره الحيز  الاجمل  والاضمن للحرية الانسانية ، مما يشكل ردا قويا على وحشية واستلاب واغتراب الانسان في ظل النظم الراسمالية، ليكون امل الانسان في عالم العدل والسلام والتقدم العلمي بعيدا عن النظرة الرجعية التشاؤومية والمناهضة للتطور باعتباره  وحش متجبر متعطش للمزيد من العرق والدم والكدح والعذاب والجوع  للانسان في سباق التنافس الوحشي الهمجي المسعور لاقطاب الشركات الرأسمالية احتكارية عابرة القارات والمحيطات ،
للاسف الشديد غاب هذا  الخيار الانساني للتقدم البشري عن الكثير من الكتابات الادبية  والروائية  في نقدها لواقع الراسمالية ومسخها للانسان  وخرابها للبيئة وتهديها بالدمار الشامل للكرة الارضية  .....
(( ليس الإنسان بذلك الشخص العقلاني وحسب... ، بل العاطفي أيضا أن مجتمعا غنيا، بالمعنى الصحيح للكلمة لابد وان يأخذ في يد مواطنيه لتطوير مواهبهم العاطفية،والفنية،بحيث يعبرون عن ذواتهم، وما يجول في خواطرهم، بالشعر،بالفكر،.... ،بالفن.. فالثروة توزن بميزان الوقت الحر ، وليس الوقت المشغول بالعمل. فكما قال ماركس ....)) ج.فولكوف الانسان والتحدي التكنولوجي(ص144) –ترجمة سامي كعكي دار الطليعة.
ففي رواية ((الزمن الحديدي )) يرى  الكاتب الخلاص في الفن والموسيقى الكفيلة بعودة روح الانسان  .... اما ماري شيلي فاثبتت  تهور الانسان   الذي حاول تحدي خالقه عبر التطور العلمي  حيث اصبح اسيرا  ل((مسخه)) مخلوقه الخارق ، مما ادى الى فاجعة بموت الخالق وانتحار المخلوق بعد ان  ازهق المسخ ارواح العديد من  الابرياء  .......
اما د. الشعلان  فكانت محاولتها اكثر  عقلانية وذلك  بمحاولة خلق حالة من التوافق  والانسجام بين العلم والروح  وان كانت  ولادة الجنين ستكون على سطح القمر ،  مؤكدة الايمان بقوة  الحب ((البعد الخامس)) وكانها تؤكد مقولة الحكماء ((أحب لاخيك ما تحب لنفسك ))... والتبشير بولادة  جنين  يمتلك روح وقيم الانسان  ماقبل هيمنة قيم الالة والاتمتة  وتسليع  الانسان  ومسخه  وعقل العلم  مما نتج عنه مخلوقا عالما بروح انسان الحب والرقة والجمال ...
جلسة حوار مع ((زعيمة  حزب الحياة الممنوع )):_
 ((أنا نبية العصر الحب معجزتي  فهل من مؤمنين؟؟))
هذا ما نسمعه من (( شمس)):-
((تلك العنيدة  القادمة  من غياهب الزنزانات الانفرادية في معتقلاتها السياسية في اقاص كوكب المجرة  تترجل عن صهوة كبريائها ورفضها وصمودها بعد طول عناد ، وتلفظ انفاسها الاخيرة على ايدي جلاديها دون ان تتراجع عن أي موقف سياسي او عن رأي لها معارض لسياسة حكومة درب التبانة )) ص14.
اعلاه مواصفات بطلة رواية ((اعشقني))  المدعوة ((شمس)) ، انه أسم على مسمى   حيث الاحالة على معنى الحرية ، الحياة ، العدالة ، الدفيء... فلولا الشمس لما كانت الحياة  فلا حياة بلا شمس ، لاحياة  بدون  الانثى معنى الخصب والنماء والمشاعر الانسانية والرقة ، وعاء استمرار وتواصل الحياة في هذا الكون .....كما انها ((نبية)) بعد ان غاب وانتهى عصر النبوة..... نعم انها نبية وداعية لقيم الحياة للانسانية لعودة الروح  ولكنها بالتأكيد ليس تجديدا ولا تقليدا  ل((سجاح)) رفيقة مسيلمة.......
هذه ((الشمس)) زعيمة حزب الحياة الممنوعة من قبل سلطة الالكترون، الالة الصماء المجردة من كل  المشاعر والاحاسيس الانسانية في عالم الكتروني
(( فراغ متسع من الخواء ، كله برود واضطهاد وظلم ، ويعج بالاسمنت والزجاج والمعدن ، وخنقه المسافات الشاسعة التي قربتها وسائل الاتصال ، وعلت الانسان فيه عبدا للتحكم الالكتروني  المبرمج حيث لامكان للهرب والفردية او  الابداع الشخصي  او المشاعر او الانعتاق او الاستقلالية ......)) ص92 .
هذه ((الشمس))التي اختارت الحبيب ((خالد الاشهل))وليس ((مسيلمة)) ليكون الاب الحقيقي  ل((ورد)) ابنتها عبر تواصل جسدي يسبح في بحر من القبلات وممارسات الغرام الحقيقي ،  رغم ان لها زوج عبر علاقة  زواج تقليدية  بدت  غير لائقة ولا مناسبة  ل ((الشمس)) معنى الحرية والتجاوز، هنا تطرح الكاتبة موضوعا هاما غاية في الجرأة والتجاوز حول مفهوم العلاقات الغرامية بين الرجل والمرأة وهي دعوة لتكون  نتاج تفاهم وحب وانسجام  وفق مدار  ومسار ((البعد الخامس))
((انا زوجة لبيرق نوفل الاشقر ، ولكني لست زوجته ، بل انا صفقة من صفقاته الناجحة التي يبرمها بكل ذكاء وحنكة مشهودة له)) ص132.
، مؤشرة الى كون اغلب العلاقات الزوجية فيه عبارة عن عملية بيع وشراء مصادق عليه بورقة  رسمية وشرعية في ظل نظام اقتصادي اجتماعي سياسي محدد ، رغم انها لاتعدو ان تكون شاهد  قهر مجتمعي لبغاء مشرعن غالبا ما تكون المرأة ضحيته ....  ومن هنا  اتت تسمية ((خالد)) فالخالد هو الحبيب المختار بمحض الارادة الحرة والحب الصادق ....
وكذا هو النظر الى الابناء في المجتمع الرأسمالي وفق  مقياس الربح والخسارة  يذكر الكاتب  صائب خليل:-
((
يثير الكتاب الرأسمالي القيم "مستقبل الرأسمالية" مشكلة الأطفال في الرأسمالية، فيناقش الطفل كمشروع اقتصادي فاشل وكثير الكلفة)) صائب خليل موقع الناس  في 2\6\2009.
اما ((ورد)) هذا الجنين الموعود صلة الوصل بين ماض   انساني يراد له ان ينقرض وعالم الالكترون المبني على معادلات رياضية وخيارات تقنية ضمن وصفات  لا تعرف الجنس ولا الحب ولا التواصل بين البشر
(( استحدث مراكز التنمية الاخلاقية الالكترونية، وسائل تواصل جسدية الكترونية وادوات  تناكح مخبرية لاتعرف التواصل الجسدي المحض، وتكفل توفير  الاجنة عبر بنوك الاجنة المخلقة وفق قوائم محددة محددة ومتنوعة الاسعار والمواصفات....)) ص34.
فكان اختيار اسم ((ورد)) اختيارا موفقا  من حيث دلالته كونه صلة الوصل لانسان المشاعر والاحساس وتذكيرا  باسم ((الورد)) الذي  انقرض في عالم الالكترون بعد ان اقفرت الارض من كل انواع النباتات !!!!
((انقرض الغطاء النباتي منذ مئات السنين من كوكب الارض ، ولولا عمليات الاستنساخ الطويلة لما عادت كلمة شجرة الى قاموس البشرية المعاصرة))ص71.
وبذلك تصحرت الطبيعة وتصحرت الروح فدخل الكوكب في عالم الخواء،فان لم يكن العلم في خدمة الانسان ستذهب البشرية الى الى الهاوية ....
تتجول سناء الشعلان بحرية وجرأة في مذكرات ((شمس)) عبر حزمتها الالكترونية  الضوئية ..لتجمع من خلال روايتها بين غرضين :-
الاول :- كشف استلاب واغتراب وقتل روح الانسان في عالم تطغى عليه التكنولوجيا وعالم الالكترون كما ترى ذلك في حاضر ومستقبل الراسمالية....وتدعو الى عودة القيم الروحية للانسان وتحرره من هيمنة الالة .
الثاني:- استطاعت من خلال رسائل خالد وحواريتها معه ان تستعرض مفاهيمها ، ونظرتها الفلسفية في مختلف مناحي الحياة الانسانية .... وسنرافقها في تجاولها هذا  لنلقي الضوء على اغلب هذه اراء ووجهات النظر  وان بشكل موجز لضيق حيز المقال:-
قول في الشَـــــــــــــعْر:-
 ((... لكنها هي دون النساء من تملك شعرا غابة ، طوله يتجاوز طولهما ، فيسعى وراءها على الارض ، عندما  نام في حضنها التف شعرها على جسديهما ووهبهما شرنقة عشق دافئة حريرية ، ليلتها ادرك ان صاحبة الشعر الطويل هي اقوى امرأة في مملكته ، فتزوها من ساعتها ونعم بفردوس شعرها )) ص133.
هنا ترى الكاتبة ان  شعر المرأة هو تاجها الاجمل ، صاحبة الشعر الاطول هي الافضل ، وهي المختارة المحبوبة من قبل الرجل ، الشعر فاق السحر والقوة والثروة، انه العلامة المميزة للمرأة  الاكمل والاجمل ....وكم تغنى الشعراء والعشاق بشعر المرأة الحبيبة والمعشوقة.....
قول في الجنـــــــــــــس :-
(( لاقيمة للحياة دون الجنس ، ولا جدوى للذكورة والانوثة دون فعل التواصل الجنسي الكامل )) ص95.
((الجنس صلاة في ملكوت العراء، خشوع في سماوية الشهيق المندى  بالقبل المضمخة بارج النشوة،..... عبادة بدائية شهية ... وانما الجنس قبلة والقبلة قبلة قبلة ، فضاؤها شفتان ورديتان برياتان.....))191.
بجرأة غير معهودة للمرأة العربية والشرقية والتابو المفروض اجتماعيا على المرأة وحراجة الحديث في  الجنس حتى في مجالسهن الخاصة ، انها  جرأة مطلوبة من المرأة العربية المثقفة  وحق من حقوقها في الاعراب  عن مشاعرها في امور تخص   اخص  خصوصياتها الحياتية ، وصف دال على رفعة الذوق واختمار التجربة .....رغم ان الكاتبة تتحدث بلسان ((شمس)) ان يكون لهما جنين  دون ممارسة الجنس((اخاف الجنس، واراه سكينا مرعبة قد تقسم المرأة قسمين)) في حين يرى خالد(( ان الجنس وحده يلملم المراة)) ص206
قول في الله والايمــــــــان :-
(( الله، انه تلك القوة التي تملأ عليك الظلمات نورا، وتشعرك بان هناك قوة خفية ترعاك، وتدعمك...)) ص105.
الكاتبة هنا  تميط اللثام عن ايمانها بالله وبالمافوق وتراه امرا لايتناقض مع التطور العلمي  للانسان ، فمهما بلغ الانسان من التطور العلمي والتقني وكشف مغاليق العالم  يظل رغم ذلك بحاجة الى قوة روحية يسكن اليها في  حالات ضنكه ووحدته  خصوصا في عالم يفتقد للامن والامان والتضامن والتكاتف بين بني البشر ، ولازال الغموض والعجز  يكتنف الكثير من  الظواهر والاحداث  في الطبيعة والمجتمع ....الافلات من التشيوء في عالم بلا روح فان المتحكم في نظام الرأسمالية هو الأشياء كما يقول اريك فروم
:-

((القوة اليوم للأشياء... الأشياء التي تحكم الإنسان وتسوده)) اريك فروم –فن الاصغاء- ص193.

قول في البــــــــــــــكاء :-

((ابكي يا ورد.. لانني عاشقة ، فوحده العشق هو مايستحق نشوة البكاء ، وشهقاته ، ودواره ، وطعمه المالح الرخو ، العشق هو من يردنا اطفالا عاجزين لا نتقن غير حياة البكاء التي تمللك بامتياز ان  تمسح الغبار عن انسانيتنا المتخفية خلف اقنعة الوجود)) ص139.
يبدو تعريفا غريبا  للبكاء دلالة الالم ودلالالة  منتهى الفرح ، وهنا  تعرفه الكاتبة دلالة العشق ، حيث يكون البكاء العشقي نشوة وشهقة  ، تمسح عنا غبار انسانياتنا المقنعة المستترة  خلف اقنعة واقع حياتي مزيف .
قول في القبـــــــــــــــــــــــــلة:-
القبلة هذه الممارسة الانسانية  التي اتقنها الانسان  ان لم نقل تفرد بها دون المخلوقات الاخرى ، للدلالة على حميمية العلاقة بين حبيبين او صديقين ،كم هي مؤثرة مشاهد مثل هذه اللقاءات ، بين عشيقين ، او اب وولده بعد غياب او فراق طويل .......
((القبلة قبلة العالم وصوت ملاك يزغرد في الغابات ، اقبلك كي ارسم بشفتي حكاية بلون الشبق والمستقبل، ان تتعانق الشفاه هي لحظة ينتهي فيها الحكي... القبلة فضاء لارتكاب فضيحة اسمها اللحظة المقدسة....القبلة فضيحة تعري فراغ الكلمات))ص190 .
 تحلق الكاتبة باجنحة الجمال لتسبح في فضاء القبلة ، بلغة شعرية باذخة الجمال والدلالة .......
قول في الخيانــــــــــــــــــة:-
((الخيانة قضية كبرى ياشمس، هي من القضايا التي تؤثر على ضغطي الدموي:-هل من حقي ان احب امراة رجل آخر حبا روحانيا؟؟؟
هل الحب خيانة؟؟)) 196
هنا تثار اسئلة ربما يغفل عنها  اغلبنا رجالا ا و نساء  وهو يحب ((ملك)) الغير ويتعدى على خصوصياته  ولو  كان ذلك  ضمن المشتهى وليس المفعول به او الفاعل.....
يرد هنا الكثير من  الحوار والتفكر في  اسباب ذلك وما هي ظروف دفع الانسان لسد فراغ روحي وعاطفي خارج ((المشروع)) و ((المشرعن)).....لندخل في تفكر طبيعة المجتمع الثقافية والفكرية  والاقتصادية  وطبيعة ((الكونفورميا الاجتماعية )) السائدة .


الترويض والاندماج  وفك  اقفال الازدواجية :-

((ان هذا اليوم جمع اشتات كل كل المتناقضات، ففيه امنت بالله ربا وحقيقة ، وبالنبية هادية وسيدة كلمة، وفيه طويت آخر صفحة مما كتبت النبية ، ومنه دلفت الى انوثتي المذكرة او الى ذكورتي المؤتثة او الى نفسي الخنثى  التي تجمع كل اعضاء الخلق وادوات الوجود)) ص165
(( اليوم رضيت بجسدنا مآلا، وصالحته بعد طول خصام وجفاء، وقبلت وجنتيه في المرآة))ص166.
بعد طول  معاناة ورفض واشمئزار وقرف وحيرة والشعور بالدونية من قبل ((باسل المهري)) الذي  تم تركيب راسه على جسد ((شمس)) المرأة المقتولة تعذيباً، حيث اكتشف فقدان  عضوه الذكري  الذي كان يستمتع بتمسيده تمريغه واذا به يصدم  بأختفائه
(( لقد اختفى العضو ، تحسس مكانه برعب وتوتر ، فتاكد من فقدانه مخلفا وراءه تجويفا ناعما غريبا له اطراف واشفار تذكره بالشكل المنفر للجزء السفلي من جسد زوجته .....))ص35
هنا يثار سؤال  حول  وصف قبح  الجزء السفلي للمرأة رغم انه محل الرغبة ومنبع الحياة والتواصل  واكثر اعضاء المرأة اثارة ، فهل ترى الكاتبة  ان الرجل  ينفر من هذا الجزء من جسد المرأة؟؟؟
كاشفة مدى تعلق  الرجل  بعضوه التناسلي باعتباره  من اهم اعضاءه :-
((كل المشاعر الجميلة  والانتصارات الماجدة عاجزة عن ان تعوضه في هذه اللحظة عن عضوه الجميل..)) ص36.
ثم اكتشافه  انتفاخ بطنه علامة الحمل ب ((ورد))وكأنه يتفاجيء بهذا الانتفاخ رغم انه كان موجودا  بعمر 14 يوما منذ ان اجريت له عملية وصل الراس بالجسد واخذ ينمو حتى بلغ شهره الحادي عشر..!!!! في  فترة حمل  غير مسبوقة  في الحمل البشري.. قبل  ولادته على سطح القمر
 تعرف((باسل المهري)) على شمس من خلال قرائته ليومياتها  وتعرفه على افكارها وفلسفتها في الحياة ، واكتشافه  عظمة وقوة وجمال جسدها ، فاخذ يقترب منها شيئا فشيئا  الى درجة التماهي معها فكريا وجسديا  ،ومن ثم التمسك بالاحتفاظ  بواقعه الجسدي الجديد ، راس رجل بجسد امراة  رافضا  اجهاض الجنين  او تبديل جسده  بجسد رجل ........
انه دلالة انتصار التوافق والانسجام والتكامل بين  الجنسين في جنس غير مسبوق  في تاريخ البشرية ، استطاع ان  يوائم ويواشج بين العلم والروح ، الواعد بولادة جنين  التواصل الانساني في عصر الالكترون وطغيان الالة ...
تتحدث الكاتبة عبر استعراض يومياتها ورسائل  خالد حول الكثير من الظواهر والاشكاليات المعاشة في الواقع الحاضر والمستقبل ، مفسرة ، او مستنكرة ، مؤيدة او رافضة للعديد من السلوكيات او الممارسات  في عالم خال من الروح .....
ورد التباس في اسم العالم ((باسل المهري))ص32 وبين ((باسم المهري))ص42. نظنه خطأ مطبعي  والتشابه بين الاسمين ....
وظفت الكاتبة لغة شعرية  جميلة  عبر رسائل الحب الغرام المختومة ب((اشتهيك)) علامة اشتهاء الجسد للجسد ، كما انها  احكمت الحبكة السردية ووحدة الموضوع ، وكانت حاذقة في  دمج راس الرجل العالم بجسد وروح المرأة المتمردة . بمعنى تكامل العلم والروح من خلال تكامل  فكر وعمل الذكر والانثى .....
استطاعت الاديبة المبدعة  ان  تشرك اكثر من راوي (( شمس)) عبر حزمتها الضوئية ، ((باسل المهري)) وحواره مع ذاته ومع الجنين ((ورد))،(( خالد الاشهل)) الحبيب  والعشيق الاب البايلوجي للجنين ..... تخلص الاديبة المبدعة  الى حتمية انتصار ارادة الانسان على ارادة الآلة ، رغم انها تبدو  لاتمتلك البديل العلمي والعملي  لفجاجة  هيمنة  ثقافة الانسان الالي  وقد تحدثنا عن هذا الامر  انفا .....
رغم ان  فكرة الرواية  لم تكن جديدة ، ولكن ربما طريقة العرض  وعملية الدمج  تحمل الكثير  من الاصالة ، ومعالجة لا تقل أهمية من الاستلاب العلمي ألا وهو حالة التمييز على اساس الجنس بين الرجل  والمرأة، والقاء الضوء على  ردة الفعل  والجانب النفسي والبيايلوجي لتبادل الادوار.

في الختام لايسعنا الا  ان نقول  ل((شمس)):-
أشهد أنك ((نبية)) العصر ، أشهد أنك  حاضنة روح العالم، فاقبلينا ضمن  انصارك المكافحين من اجل عالم الحب والجمال  والأمل ............
تحياتي  وتقديري للمبدعة  الأديبة القديرة الدكتورة  سناء الشعلان ، وشكرنا  الجزيل لاهدائنا هذه الجوهرة الرائعة من سلسلة جواهرها الادبية والفكرية  وهي تثري المكتبة العربية بنتاجها الثر .....




هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

رواية تصاحبها كل سذاجة الاغراء الغبي لاستمالة القارئ..ومحتوى رديئ لا يمكن أن صنع من كاتب الرواية كاتبا على الاطلاق. توزيع شتى الوسائل لتسويق صورة وهم لرواية غبية..والأغبى الطقوس المرسومة بصباغة فاقعة لجذب انتباه قارئ نبيه لم تعد تنطلي عليه هذه الأساليب البئيسة