2014/12/26

مـجلة الإمارات الثقافية تـحتفي بأبـي القاسم الشابـي



في عددها:22
مـجلة الإمارات الثقافية تـحتفي بأبـي القاسم الشابـي
بقلم:د.محمد سيف الإسلام بوفـلاقـة
  -جامعة عنابة-الجزائر
            أصدر مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام بمدينة( أبوظبي) بدولة الإمارات العربية المتحدة،العدد:22من مجلة:« الإمارات الثقافية»،وهي مجلة شهرية تعنى بشؤون الثقافة والفكر،وقد تضمن العدد الجديد مجموعة من الأبحاث والدراسات الهامة،وقد ارتأت المجلة في عددها هذا أن تحتفي بأبي القاسم الشابي،فقد جاء عنوان ملف العدد:« أبو القاسم الشابي وأغاني الحياة»،وكتب افتتاحية العدد الدكتور رياض نعسان آغا؛رئيس تحرير المجلة،وقد عنونها ب« في ذكرى أبي القاسم الشابي»،ومما جاء فيها قوله:« لعل أشهر بيت من الشعر حفظه العرب ورددوه على مدى قرن من الزمان هو مطلع قصيدة أبي القاسم الشابي(إرادة الحياة)وهو الذي تحول إلى شعار تردده الشعوب وتستلهم منه إرادتها(إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر)،وقد كتبت عدة مرات عن أبي القاسم الشابي الذي أدهشني كما أدهش كل عشاق الأدب في قدرته على التمسك بالأمل وغنائه العذب للحياة،وهو المفجوع منذ طفولته،والمهدد بالموت منذ شبابه...،ولم تكن قصائد الشابي الوطنية التي كانت من أجمل غناء للحرية ملهمة لشعب تونس منذ انتفاضته الأولى على الاستعمار الفرنسي فحسب،فقد ألهمت قصائده شعب الجزائر مثلما هو استلهم قصيدته من ملحمة كفاح الشعب الجزائري،فقد عاش الشابي فترة في الوادي المسمى الجريد القريب من توزر حيث التواصل اليومي بين شعبي تونس والجزائر،وقد قرأت أن قصيدة الشابي(إرادة الحياة)ولدت هناك،والمهم أنها بقيت حية وستبقى،فقد تغلغلت قصائد الشابي في الوجدان العربي،وباتت أناشيد أمة تعشق أغاني الحياة».

              قام بإعداد ملف العدد الباحث عبد الله المتقي،وقد ذكر في مستهل الملف أن مجلة الإمارات الثقافية تسعى إلى استحضار الرموز الثقافية،والاحتفاء بالمبدعين أنى كانت جغرافيتهم،وفي هذا السياق يأتي هذا الملف لاستحضار الشاعر التونسي،والكوني أبي القاسم الشابي بمناسبة الذكرى الثمانين لرحيله.
          المقال الأول في الملف كتبه الدكتور عبد السلام المساوي تحت عنوان:« أبو القاسم الشابي ناثراً:ثورة على الخيال الشعري عند العرب»،وقد نبه في مستهل مقاله إلى أن الشابي كان شاعراً مجدداً،وناثراً متميزاً وناقداً وظيفياً استطاع أن يجعل من شعره تطبيقاً فعلياً لمبادئه وتبصراته النقدية،فقد كان الشابي أديباً مكتمل الفكر والأدوات في الشعر والنثر سواء بسواء،وكل ذلك يكشف عن ناثر مبدع يتصرف في أساليبه ولغته بيسر وسلاسة وبطريقة تعبير تجمع بين إتاحة المتعة للقارئ وبين الإبلاغ البياني الذي لا تصنع فيه ولا تكلف،وهذا أمر طبيعي عند أديب ظل طوال عمره القصير عداً والمكتنز إنتاجاً يدعو إلى تحرير الكتابة من النمطية السائدة والتقليد الرازح،وإلى تمثل روح العصر في الشكل والجوهر.
          وقد أكد الدكتور عبد السلام المساوي على أن الشابي استطاع أن ينتبه إلى الموضوعات الكبرى المشتركة بين الآداب الإنسانية برمتها ليقارب عبرها قيمة الخيال الشعري عند العرب،والطبيعة بكل عناصرها المتنوعة مجال أساس شكل مصدر إيحاء للشعراء والأدباء على مر العصور وفي كل البقاع،والعرب بدورهم أفاضوا في هذا الموضوع ودبجوا القصائد الكثيرة فيه منذ العصر الجاهلي مروراً بالعصور السياسية والأدبية المتوالية،بل قد يكونون قد فاقوا غيرهم في ذلك،بيد أن الشابي ينظر إلى هذا التحقق النصي نظرة لا تخفي شعوره بالإحباط،فالشعراء-حسب رأيه- لم يزيدوا على أن وصفوا وشبهوا وحشدوا المجازات والاستعارات بتفاوت بينهم،ولكنهم جميعاً لم يفلحوا في خلق ذلك التفاعل بين الجمال الطبيعي المشع والرامز وبين ذواتهم.
           وخصص الباحث سمير سحيمي مقاله للحديث عن:« الذات في أغاني الحياة»،ودرس الكاتب صلاح بوسريف« مجازفات الشابي النثرية أو قصيدة النثر كما كتبها الشابي»،ووفق منظور الباحث صلاح بوسريف فالشابي لم يتوقف عن كتابة قصائده الموزونة،فحرصه على تأريخ قصائده يدل على هذا الزواج بين الشعري والنثري،لكن تأمل هذه القصائد بقدر ما يضعنا في مواجهة نصين كُتبا وفق اختيارين مختلفين،بقدر ما يجعلنا نطرح سؤال القطيعة أو الاختلاف بين النصين في مستوى العلاقة بتجربة الشاعر،ولم يخرج الشابي عن طريقته في الكتابة،أعني بشكل خاص لغته وأسلوبه،فالصور هي نفسها والتراكيب البلاغية لم تخرج عن السياقات التعبيرية التي بها كتب في تجربته الشعرية الموزونة،وحده الوزن اختفى أو توارى،برغم أن آثار حضوره بدت في التكرارات المتتالية لصيغ وتعابير صوتية أو صرفية محددة،وأيضاً حضور القافية أو بعض ترسباتها في ثنايا هذه النصوص،فهذا التأرجح بين الحداثة والتقليد يشي في جوهره بقوة النفس التقليدي في تجربة الشاعر.
          وكتب الناقد عمر حفيظ مقالاً وسمه ب:« حداثة الشابي...السياقات والرهانات»،وقد أوضح في البدء أنه ليس للحداثة تعريف نهائي،أو حد زمني مطلق،فخلفياتها المعرفية لا ترتبط بزمن دون غيره(الحاضر دون الماضي مثلاً،أو المستقبل دون الحاضر)،وموجهاتها هي السؤال الدائم والشك المعرفي والإنصات إلى الآخر،وحسب رأيه فالثابت في تجربة الشابي،وقد جمعت بين الشعر والرسائل والمذكرات والممارسة النقدية،أنها تجربة السؤال والشك والإنصات إلى الآخر كذلك،فقصيدته كانت حيزاً للمتعدد المتنوع،كما كانت محكومة بالاختلاف والتحول،لا في مظهرها الماثل للعين وإنما في أنماط بنائها العميق،وفي ما تنفتح عليه من متخيل يتقاطع في طبقاته البعيدة الذاتي والتاريخي والأسطوري والوطني والمحلي والعربي والإنساني في آن معاً.
            وقد توصل الناقد عمر حفيظ في خاتمة دراسته إلى أن« لحداثة الشابي سياقاتها التي هيأت لها على أنحاء مباشرة وغير مباشرة،ولها كذلك رهاناتها المعرفية الموصولة بالإنسان في جغرافيته الثقافية الذاتية(الإنسان التونسي،الإنسان العربي)وفي وجوده مطلقاً،ورهاناتها الإبداعية المتعلقة بالقصيدة وهي تنشد ذاتها خارج إكراهات النماذج وقوانين التقليد،فنص الشابي الشعري منفتح من داخل الوزن على كل الإبدالات التي أرساها الرومانسيون..».
            وقد بحث الأديب الحبيب الدائم ربي في مساهمته عن:« تشكلات الوعي النقدي عند أبي القاسم الشابي من خلال رسائله إلى الحليوي»،وأكد على أن هذه الرسائل تقدم صورة على مدى اتقاد الوعي النقدي عند أبي القاسم الشابي الشاعر والإنسان ،مما جعله يعيش في مواجهة مستمرة مع الأشياء والكائنات والكلمات ممزقاً بين الكائن المتسيد والممكن البعيد المنال،والشابي لم يكن مجرد ناظم للشعر فقط،وإنما كانت له إحاطة واسعة بآليات اشتغال الكتابة الشعرية ويحاول بناء على هذا تجاوز الكائن إلى الممكن والانخراط في إبدال شعري جديد.
         في حين أفرد الدكتور الحسن بواجلابن مقاله لتحليل:«أشكال الانزياح في شعر أبي القاسم الشابي»،وقد تحدث في دراسته عن الإطار النظري لمفهوم الانزياح،وتوقف مع المستوى الصوتي والمستوى الدلالي.
              ومن بين الأبحاث التي حواها العدد:22 من مجلة الإمارات الثقافية خارج دائرة الملف الذي خصص لأبي القاسم الشابي بحث الدكتور محمود شاهين عن الاهتمامات المتشعبة خارج النمط لعلي العبدان،ودراسة عبد الرحمن بن نونة عن:« طوباوية أمين معلوف نحو عالم جديد»،وقد ختم دراسته هذه بالإشارة إلى أن سر أمين معلوف هو أنه عرف قيمة موهبته فلم يستخف بها،وأعطاها كل وقته،وقسم عمله إلى قسمين متساويين:الأول للبحث والثاني للكتابة،ويحمل الاثنين إلى جزيرة بعيدة عن ملهيات باريس لكي يتكرس إلى ذلك الخلطة السحرية التي يمكن تسميتها بالاختصار بالإتقان،الإتقان هو طريقه إلى العالمية وسلمه إلى الأكاديمية التي دخلها في مراسيم الاحتفال بالثوب الاحتفالي الذي يُعطى في مجمع الخالدين.
         ودرست إكرام عبدي رواية سيرك عمار للدكتور سعيد علوش البهلوان ولعبة الأقنعة»،وقد ذكرت أن رواية سيرك عمار للدكتور سعيد علوش تستند إلى مرجعية تاريخية واقعية متمثلة في مسار سرك آل عمار عبر التاريخ،وهو استناد يلوذ بذاكرة أيقونية أدرجها الكاتب في روايته،ذاكرة تفقد جذورها وهويتها عبر التاريخ وتستعيد أفقها  عبر خيال الكاتب.
       وقدم الباحث سيد نجم قراءة في رواية« وقت للخراب القادم»لأحمد مؤذن،وخصص محمد سيف الإسلام بوفلاقة من الجزائر مقاله للحديث عن:« الخطاب الشعري الإماراتي الحديث في ميزان البحث»،وقد ذكر في مستهل دراسته أنه         منذ عدة سنوات بذلت جهود مخلصة من قبل جملة من الباحثين والدارسين العرب، من أجل رصد سمات الأدب الإماراتي،وتقديم رؤى نقدية عن توجهاته ومضامينه وجمالياته،إضافة إلى السعي إلى البحث في جذوره  وخصائصه،ومختلف مبدعيه ورواده،وقد تَوَفَّق عدد من الدارسين والباحثين في وضع دراسات متميزة عن الشعر الإماراتي،أسهمت تلك الدراسات والأبحاث في التعريف بعوالم وهواجس الإبداع الإماراتي،وفي تغيير الكثير من الرؤى،ووجهات النظر ،ولاسيما لدى القراء في بعض البلدان العربية الذين لم تكن لهم معرفة واسعة بإبداعات أدباء الإمارات العربية المتحدة.
         وقد كتبت الدكتور عفاف عبد المعطي في العدد نفسه عن سمرقند والبحث عن عمر الخيام،وخصصت مانيا سويد مقالها للحديث عن فيلم المرأة الحديدية الذي أنتج عام:2011م،وأخرجته البريطانية فيليدا لويد،وكتبت له السيناريو البريطانية آبي مورغان.
        وتحدث أحمد الماجد عن الدورة السادسة لمهرجان المسرح العربي الذي احتضنت فعالياته إمارة الشارقة،وقد كتبت الكلمة الأخيرة في المجلة مريم ناصر في قسم وأخيراً حيث عنونتها بأمنيات مختلفة.
  

ليست هناك تعليقات: