2014/12/10

فكرة كونية الأدب و(رواية نقوش على جدران المنفى) للروائى: سالم محمود سالم



فكرة كونية الأدب و(رواية نقوش على جدران المنفى) للروائى: سالم محمود سالم
      قام الكاتب فى هذه الرواية بالتأصيل والترسيخ لفكرة كونية الأدب. بمعنى أن المبدع كما أنه يقوم بنقل حضارته من خلال إبداعه ليتعرف عليها العالم، يستطيع أيضاً نقل حضارة الآخر إلى حضارته، وهكذا تترسخ فكرة حوار الحضارات لا تصادمها، وللكاتب تجربته الخاصة فى هذا الإطار من خلال روايته (نقوش على جدران المنفى) التى طرح فيها مشروع تركيا الحديثة، من خلال أحد الشخصيات التركية فى العصر الحديث التى عاصرت الدولة العثمانية ومابعدها وهو "بديع الزمان سعيد النورسى"، وكان "النورسى" من العلماء الكبار الذين انتقدوا وتحدوا السلطة القمعية بمختلف أشكالها، فقد سار على درب الرجال الذين أبهروا العالم بحقيقة التفتّح الأخلاقى والعلمى، وبأطروحات "النورسى" المتطورة تخلخلت أنظمة القمع الدكتاتورية التي توالت على الحكم في تركيا أثناء حياته. خصوصاً فى فترة حكم "كمال أتاتورك"، وكان " النورسى" سببا فى انتشار وترسيخ اللغة العربية فى أرجاء تركيا مما أثار غضب الحكام آنذاك، وكانت السلطة تستعمل كل الوسائل لقمعه وتعذيبه وحصاره.
     تناول الكاتب في روايته حياة هذا الرجل ومسيرته. فقد انتشرت شهرة "النورسى" في تركيا بل تجاوزتها إلى آفاق وعواصم أخرى، وكان نفيه في المدن والقرى التركية المترامية البعيدة يحُدث صدى كبيراً فى تجديد الوعى عند الناس، غير أن الدولة كانت تتبع خطواته وتحدّ من انتشار أفكاره، مما أدى إلى زجه في السجن والإقامة الجبرية في منافيه التعددة، ولُقب ببديع الزمان لذكائه الخارق للعادة، وعندما دخل الجيش الروسي إلى تركيا كان "بديع الزمان" يدافع عن المدن دفاعاً مستميتا حتى جُرح وأُسر وسيق إلى معتقلات "سيبيريا". ثم هرب وعاد إلى استانبول، وبعد أن مات" النورسى" قامت السلطة بنبش قبره ونقل رفاته إلى مكان مجهول، وبقى  "النورسى" مطارداً حياً وميتاً.
     وعن تقنية المؤلف فى كتابة هذه الرواية فقد استخدم آليات متعددة للسرد. منها السرد التتبعى "أى تتابع الأحداث زمنياً" والسرد المشهدى " أى استخدام تقنيات سينمائية" وسرد بوحى منولوجى لشخوص الرواية، وتم بناءها بأسلوب تابلوهات فنية مشهدية تُكمل بعضها بعضاً فى إطار درامى مرئى ومسموع، لتشكل فى النهاية تقنية حديثة فى السرد العربى الحديث.


ليست هناك تعليقات: