2015/10/10

حوار مع الكاتبة اللبنانية نرمين الخنسا حاورها: عبد القادر كعبان



حوار مع الكاتبة اللبنانية نرمين الخنسا

حاورها: عبد القادر كعبان/الجزائر
المبدعة نرمين الخنسا شخصية مؤثرة في لبنان، تتمع بالثقافة الفكرية الوازنة و بجرأة قلمها الصادق وهذا من خلال جملة أعمالها الروائية "مرآة عشتروت"، "هذيان ذاكرة"، "ساعة مرمورة"، "يوميات آدم وحواء"،"شخص آخر" وغيرها، إضافة إلى كونها رئيسة اللجنة الثقافية في النادي الثقافي العربي الموجود في بيروت. ترى الخنسا الكتابة الروائية مسألة تهدف عموما لفتح جملة من التساؤلات تقلق القارئ وتستفز نفسيته لينطلق في عملية القراءة من النص بعينه ويعود إليه في حركة ذهاب وإياب، ومن هذا المنطلق فتحنا معها الحوار الآتي:
بعيدا عن الساحة الأدبية والثقافية: من هي نرمين الخنسا؟
بكل بساطة أنا إنسانة تنتمي الى كل فضاء حر خارج عن مسارالعنف والتطرف والتمذهب والطائفية والعنصرية. أؤمن بالإنسان وبحرية الفرد والفكر والتعبير عن الذات. قوية في المحن، ضعيفة أمام دمعة طفل أو مسنِ أو عاجز. أحلم بسلام دائم على هذه الأرض وبتكاتف انساني شامل يضع حدًا لمعاناة الشعوب التي ترزح تحت وطأة الجوع والفقر والعوز. وأنا انسانة أنظر الى الحياة نظرة ايجابية وأتعامل مع الآخر بصدق ومحبة. لا اقبل بالغدر ولا أسامح بسهولة. أتعلم من أخطائي كثيرًا وكذلك من أخطاء الآخرين. وكالجميع لي حسناتي وسيئاتي. ففي النهاية نحن بشر ولسنا ملائكة على الأرض. 
بداية حدثينا عن تجربتك في كتابة قصة "طفولة في عهدة أفعى"؟
لقد كانت قصة "طفولة في عهدة أفعى"بالنسبة لي هي  نقطة الانطلاق نحو عالم الكتابة. وكانت أيضًا محاولة قلم أراد أن يختبر نفسه على الاوراق. ولعل أهم ما دفعني الى كتابة هذه القصة هو  العهد الذي كنت قد قطعته بيني وبين نفسي وهو أنني إن قررت يومًا الشروع في كتابة القصص أو الروايات فسأبدا بكتابة هذه القصة الحقيقية التي تدور حول معاناة طفل صغير وقع بين براثن زوجة أبيه التي حولت طفولته الى جحيم . آلامتني كثيرًا معاناة هذا الطفل ولازمتني لفترة طويلة من الزمن بعدما انحفر ألم وعذاب هذا الطفل  في نفسي وفي وجداني. وقد أردت من خلال كتابة هذه القصة الموجعة أن أسلط الضوء على قضية تعنيف الاطفال وما يسببه هذا التعنيف من دمار نفسي وجسدي وروحي لديهم  للأسف الشديد.
لماذا اخترت الرواية بعد القصة القصيرة؟
لقد اخترت كتابة الرواية سعيًا مني لاختبار قدراتي في هذا النوع من الأدب الذي جعلني أحلق في مساحات أكبر وأوسع وأعطاني الفرصة للغوص أكثر في نفوس الشخصيات والأحداث . فكتابة القصة شيء ممتع وصعب في الوقت عينه، لأنه يفرض على الكاتب الإلتزام بشروط معينة وكذلك التقيد بحدود قد لا تكون كافية لاطلاق العنان لخياله او للاستفاضة في البوح عن مكنوناته.  ففي كتابة القصة علينا اختزال الحدث والشخصيات والزمن إضافة إلى ضرورة تكثيف فكرة واحدة ومحددة في حدث أو حادثة ما. فيما الرواية مداها أرحب، إذ نستطيع من خلالها طرح مجمل الاحداث و التطورات والتغيرات التي تستجد خلال دورة الحياة. وغالبًا ما نعالج في الرواية عدة مسائل و افكار لنكوِّن منها حشدًا من القرائن والاستشهادات والادلة التي يمكن ان تخدم الفكرة الاساسية للرواية. لكن في النهاية استطيع القول أن لكل منهما أهميته في عالم الأدب وكذلك لكل منهما محبيه وقرائه.
عنوان روايتك "مرآة عشتروت" يستفز القارئ ليعيده إلى عالم الأسطورة، فكيف تم اختياره ولماذا؟
أردت من خلال هذا العنوان، التلميح الى فكرة الرواية التي تدور حول عشق كبير حوَّلته الأحداث والظروف الى مأساة. كما أنني حاولت استحضار عشتروت "الهة الحب والجمال"كما جاء في الاسطورة، لأخاطب من خلالها الانثى العاشقة التي ترقد داخل كل امرأة فينا في كل زمان ومكان. والجدير ذكره أيضًا أن هناك أيضًا زهرة تحمل اسم "مرآة عشتروت". وهذه الزهرة الجميلة وجدت فيها الكثير من الخصائص التي تعكس شخصية وأحاسيس بطلة روايتي.  هذا التقاطع القوي بين ما يرمز اليه اسم "عشتروت" وبين فكرة الرواية وخصائص زهرة "مرآة عشتروت" دفعني بقوة وحماسة لاختيار هذا العنوان لروايتي التي صدرت عن دار الفارابي عام 2002.
هل يمكن أن نقول أن "ساعة مرمورة" رواية تاريخية كونها تعكس مرحلة مهمة عن الحرب اللبنانية؟
لا أعتقد ان رواية "ساعة مرمورة" هي من الروايات التاريخية في الوقت الراهن على الأقل. بل  هي رواية قمت من خلالها بتوثيق الأحداث التي جرت في لبنان بدءًا بالحرب الأهلية عام 1975 وانتهاءًا بعدوان تموز عام 2006. وذلك طبعًا  في قالب روائي ربطتُ فيه بين الحرب الأهلية اللبنانية وبين العدوان الاسرائيلي على لبنان. وقد أردت من خلال هذا الربط، تظهير التكامل بين الحربين وإبراز مضاعفاتهما وتأثيرهما في البشر والحجر. لكن هذا التوثيق، قد يُعتبر بعد عقود ومع مرور الزمن  نوع من التأريخ لحقبة تاريخية معينة.
ما سر اختيارك لأغنية السيدة فيروز "يارا الجدايلها شقر" التي تتربط قصتها بإسم البطلة يارا في روايتك "هذيان ذاكرة"؟
أنا من الروائيين الذين يختارون عناوين وأسماء أبطال رواياتهم بعناية فائقة، لقناعتي بأن عنوان الرواية  وأسماء الأبطال لهما تأثير قوي على جذب المتلقي. وقد مر وقت طويل كنت فيه حائرة في اختيار اسم لبطلة رواية "هذيان ذاكرة" بعدما انتهيت من رسم شخصيتها وملامحها الى أن استيقظت يومًا وأنا أدندن بشكل لا شعوري أغنية "يارا الجدايلها شقر" للسيدة فيروز. وبالمناسبة فأنا أعتبر صوت وأغاني فيروز كالأوكسجين في حياتي. المهم أنني في ذاك الصباح شعرت بسعادة كبيرة بعد أن أيقنت انني قد وجدت أخيرًا اسمًا لبطلة روايتي وهو يتماهى كثيرًا مع الشخصية المكتوبة . لذلك قررت ادخالها ضمن نصي لأوفيها حقها في المساهمة  في هذا الإختيار.
هل أنصفك النقد؟
الى حد بعيد نعم ، وهذا امر يسعدني ويحثني على العطاء أكثر. 
هل تعتقدين أن الروائية العربية تكتب بحرية مطلقة حاليا؟
لا شك أن حرية الكتابة عند  الروائية العربية تتفاوت بين بلد وآخر ومجتمع وآخر. ففي لبنان تتمتع الروائية بحرية مطلقة في الكتابة والتعبير. فيما نرى أن بعض الدول والمجتمعات العربية تقف سدًا منيعًا في وجه الكاتبات، وهذا أمر محزن ومؤسف للغاية.  لكن ورغم ذلك فأننا نلاحظ ان هناك محاولات جريئة من بعضهن لتخطي تلك العوائق ولو بنسب قليلة.
أعمال المبدعة نرمين الخنسا ضمن المناهج التعليمية في لبنان اليوم، كيف حدث ذلك باختصار؟
بعد أشهر قليلة على صدور رواية "مرآة عشتروت" تلقيت دعوة من احدى المدارس الخاصة في لبنان، للقاء حول رواية "مرآة عشتروت" مع تلامذة الصفوف الثانوية. يومها شعرت بسعادة وبفرح كبير سيما أنني كنت في بداياتي وكانت هذه الرواية هي العمل الثاني لي. لتكر بعدها السبحة وتنتقل رواياتي من مدرسة الى مدرسة حتى باتت معظمها ضمن المناهج التعليمية في المدارس الخاصة والرسمية في لبنان. وهذا طبعًا شيء أفتخر وأعتز به كثيرًا. 
ما هو جديدك؟
رواية جديدة بدأت بالتحضير لها.
كلمة ختامية للقارئ؟
خير جليس في الأنام كتاب.