2009/12/31

نشرة مؤتمر أدباء مصر بالإسكندرية العدد الثالث

نشرة مؤتمر أدباء مصر بالإسكندرية- العدد الثالث

رئيس تحرير النشرة/أحمد المريخي
مكاسب المؤتمر وانتخابات الأمانة المقبلة

المكاسب التى حصدها أدباء مصر بفضل أمانة مؤتمرهم فى الدورتين السابقتين (2008 – 2009) تجلت بوضوح فى لقائهم المفتوح مع الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الذى استمع إلى شئونهم وشجونهم بقلب رحب، واستجاب لمطالبهم بل وزادهم فيها فأهداهم جائزة كبرى، لا تقل قيمة عن أكبر الجوائز التى تمنحها مؤتمرات أخرى، بواقع 50 ألف جنيه لكل نوع أدبى وبما يعادل 250 ألف جنيه سنويًا.
هذه المكاسب تدعو الأمانة التى سيختارها أعضاء الجمعية العمومية - فى الخامسة مساء اليوم- إلى الحرص والتشدد فى اختيار ممثليهم الذين سوف يحملون على عاتقهم مسئولية الدورتين القادمتين (2010 – 2011). هذه المكاسب يأمل الكثيرون ألاّ تهددها المصالح الشخصية والعلاقات الملتبسة والانحياز الجغرافى أو العواطف، ففى النهاية مهما كان الاختلاف أو الاتفاق بيننا، فإن ما يمكن أن يسوء المؤتمر سيصيب الجميع.
قوة الديمقراطية ينبغى ألاّ تزيدنا إلاّ قوة على قوتنا، والكواليس التى تجوّلنا بين أفكارها وآرائها وانحيازاتها وتكتلاتها كشفت عن بعد صادق لما يأمله الأدباء فى الدورتين القادمتين، وأمانتهما، والتى ستُشكل بالطبع توجه المؤتمر واستقراره فى المرحلة القادمة.
لا أحد يريد أن يملى على عضو ما انتخاب عضو بعينه أو يفرض أحد رأيا على أحد، ولكن بما أن الإبداع فيصل محوري، حيث يعمل الجميع على أن تكون كتابتهم موضع رصد ونقاش وتحليل لا أن تكون تبنيًا لاستعراضات فات أوانها وقضايا تزيد الانقسام وتلهب الصراع دون جدوى، لكنها للحقيقة لم تضف لتطور الكتابة شيئا يذكر ولا خدمت رؤية مبدع.
إن توجهًا قويًا فى الكواليس يبحث عن الكشف عن المبدعين الذين سوف ينشغلون بالكتابة وتطورها، بالمبدعين وهموهم، باستمرار المؤتمر خصبا وعفيا وقادرا على أن يستمر رافدا من روافد الإبداع المصرى والعربى يمنح مصر جيلا بعد جيل من المبدعين.
ليكن شعارنا لا للتكتلات والمصالح الشخصية والمنافع غير المجدية ونعم للإبداع أفقا مفتوحا لمستقبل مؤتمرنا، يعبر عنه ويشكل رؤيته.

سعد عبد الرحمن:
الشعر الآن يطرح الكثير من الأسئلة التى تحتاج إلى إجابات

• الشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية بالهيئة، يرى أن اختيار الشعر موضوعا لدورة هذا العام جاء من باب العدل، فالمؤتمر ليس قاصرا على جنس بعينه من أجناس الأدب، وإذا كانت دورة العام الماضى كاملة دارت حول أسئلة السرد الجديد، ففى المقابل كان يجب أن تكون هذه الدورة كاملة حول المشهد الشعرى الراهن، ذلك لأن هذا المشهد يطرح الكثير من الأسئلة التى تحتاج إلى إجابات علمية ومقنعة، خاصة فى ظل الاحتدام الذى يحدث بين الأشكال الشعرية السائدة (العمودى والتفعيلة) من جهة، وبين قصيدة النثر من جهة أخرى.
• فيما يخص عدم الاستقرار على المحافظة المضيفة حتى الأسابيع الأخيرة قبل انعقاد المؤتمر يقول سعد عبد الرحمن إن هذه ليست المرة الأولى، فقد حدثت هذه الأزمة من قبل، وقد تكررت لأننا كنا نأمل فى تطور وعى القائمين على الإدارات المحلية فى محافظات مصر، بحيث يهتموا بالثقافة وبالمؤتمرات الأدبية والفنية والعلمية، تماما مثل اهتمامهم بالبنية التحتية من كهرباء ومياه شرب وصرف صحى وطرق، لأن هذه المؤتمرات تصب فى وعى النخبة التى تسهم فى التنمية والنهضة، ومازال لدينا أمل فى أن يحدث تطور فى وعى رجال الأعمال لكى يدعموا الثقافة، كما يحدث فى دول كثيرة.
• وحول فاعلية المؤتمر يقول سعد عبد الرحمن إن الهيئة تسعى بشكل حقيقى لأن يكون المؤتمر أكثر جدوى مما كان عليه فى السنوات السابقة، لكن الأمر يحتاج إلى مراجعة آليات كثيرة فى مقدمتها تخفيض تلك الأعداد الغفيرة التى تحضر كل عام، إضافة إلى اختيار المشاركين على أسس حقيقية بعيدا عن الشخصنة وعن سياسة الدور التى تتم فى نوادى الأدب.
• يشهد المؤتمر وجوها جديدة فى مجال الأبحاث، وصار يجتذب دماء جديدة تضيف إلى المؤتمر بعد أن أصبح له اسم ومكانة تدفع الناس للمشاركة فيه وتسعى لذلك بجدية، ونسعى من خلال مثل هذه الخطوات إلى كسر حالة الاحتكار التى يشهدها المؤتمر متمثلة فى أسماء بعينها تحضر كل عام، مما أصاب المؤتمر بالرتابة والتكرار، لذلك اشترطنا أن تكون الأسماء المشاركة من خلال نوادى الأدب وهذا بالطبع سيغضب السماء الثابتة والمتكررة فى كل عام.. لكن لابد من التجديد والتغيير مادام فى الصالح العام.
محمد أبو المجد:
الشعر بحاجة إلى الكثير من المراجعات

• الشاعر محمد أبو المجد مدير عام الثقافة العامة بالهيئة، يقول إن اختيار الشعر موضوعا لهذه الدورة جاء باتفاق الأمانة على أن تقدم مشروعا على مدى دورتين، فكان طبيعيا أن تكون إحداهما عن السرد والأخرى عن الشعر، وقد رأت الأمانة تنفيذ الفكرة التى استقروا عليها وأن الحديث عن الشعر فى الوقت الحالى مناسب جدا.
أما رأيى الشخصى فإن هذا المؤتمر لن يستطيع وحده أن يقدم كل شىء لـ/ وعن الشعر، لكن أهم ما فيه أنه يجمع الأطياف الشعرية جميعها تحت مظلة واحدة، فمن لم تدعهم الأمانة لأسباب مختلفة، وجهت لهم الهيئة دعوة رسمية للحضور كضيوف شرف.
• الشعر الآن بحاجة إلى الكثير من المراجعات، ولا أريد أن يفهم من كلامى أن فكرة المراجعة تهدف إلى الوقوف أمام/ أو بجوار الرواية، وكنهل مطلوبة على الأقل عند انتهاء العقود، وباعتبار أن المشهد الشعرى به الآن من تيارات الكتابة ما يحتاج إلى عقد مؤتمرات فصلية وليست سنوية، للوقوف على الطبيعة الفنية لهذه الكتابة ومستقبلها، وتقديم المشروعات النقدية الموازية لحالة التفجر الشعرية غير المنظور إليها، وبالتالى فإن المؤتمر إن لم يعد إلى المشهد سوى هذه الآليات للتماس مع الزخم الإبداعى الشعرى فإن هذا يكفيه.
• على الهيئة بالتعاون مع الأمانة أن تضع خطة ولو قصيرة الأجل لمشروع متكامل للمؤتمر، ويا حبذا لو تبنوا المقترح الذى طرحه العام الماضى الدكتور مجاهد رئيس الهيئة، بأن يكون المؤتمر العام خلاصة اشتغال المؤتمرات الإقليمية على موضوعات تؤدى جميعها فى النهاية إلى موضوع عام، ووضع خطة قصيرة الأجل سيحقق شيئا من الثبات النسبى، مما يسهل لنا إمكانية مخاطبة المحافظات قبلها بوقت كاف، لكن على الأدباء أن يتفهموا أن استمرار المؤتمر بهذا الكم المتضخم من المشاركين سيكون عقبة أمام وضع التصور المبدئى لهذه الخطة الإسترتيجية.

جلسات بحثية
قصيدة النثر تواصل إثارة الجدل
رفعت سلام يتهم النقد.. ومكاوى يتهم جيل التسعينيات.. وحجازى يتحفظ

شهدت جلسة «مرجعيات قصيدة النثر المصرية العربية»، والتى تحدث فيها الشاعر رفعت سلام والناقد د. محمد عبد السلام، وأدارها د. محمد بريري، جدلا كبيرا،حول قصيدة النثر من ناحية، وشعر العامية من ناحية أخرى.
بدأ سلام حديثه عن قصيدة النثر بمقدمة من ثلاثة مقاطع عن افتقار الكتابات النقدية المصرية إلى الدراسات المتخصصة فى قصيدة النثر ومرجعيتها. وقال إن الموجه الأولى التى أنطلقت أواخر الخمسينيات حول مجلة شعر وأسست للمصطلح والعقيدة قدمت النماذج الأولى لأول مرة فى تاريخ الشعر.
والموجه الثانية التى أنطلقت فى التسعينيات لتحرير العقيدة مما تبق فيها من قيود واختراق الممنوعات والمحرمات الشعرية (الأخلاقية والاجتماعية والفنية)، ثم فى التسعينات جيل شعرى منقسم على ذاته فى حلقتين الأولى قادمة من قصيدة التفعيلة (محمود قرني- حسن خضر- فتحى عبد الله – على منصور– عزمى عبد الوهاب)، وغيرهم، والمجموعة الثانية خاصمت التفعيلة وقدمت قصائد النثر الأولى بدون مرجعية تفعيلية مثل (عماد أبو صالح – إيمان مرسال – هدى حسين – محمود خير الله – جرجس شكرى – عماد فؤاد، وغيرهم).. ثم قدم رفعت إسلام مجموعة من الأسئلة عن الجذور فى المراحل الأولى لكتابة قصيدة النثر وعن الجذر الطبيعى لقصيدة النثر وسؤال المشروعية لقصيدة النثر إزاء الوعى العام الرافض، والاتهامات المنكرة لها.
أما الناقد د. محمد عبد السلام إبراهيم فتحدث عن مرجعية الشعر العامى فقال إن العامية هى مثار للتساؤلات: من أين أتت وإلى أين ترجع مقارنة بالفصحى، وإن العربية انتشرت مع الإسلام فظل المسلمون محتفظين بلغتهم فى الأمصار التى دخلها الإسلام، وهى بلاد تتحدث لغات مختلفة، فكان لابد من لغة وسيطة للتفاهم بين هذه الجماعات المختلفة الأصول والمتباعدة اللغات، وأخذت هذه اللغة تتطور مع الزمن حتى ظهور اللغة الدارجة أو اللغة العامية، وأضاف عبد السلام أن هناك فرق بين الأدب العامى والأدب الشعبى مشيرا إلى أشكال التعبير فى الأدب العامى (فنون الشعر الملحون) مثل الزجل فى مصر وإمتزاج الشعر الفصيح بالعامى فى العصر المملوكي..
وفى المداخلات قال الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى إن قصيدة النثر هى الاتجاه السائد فى التسعينيات ولا تزال حتى الآن تنتظر القبول العام والذى حظيت به قصيدة التفعيلة خلال العشر سنوات الأولى لها.. وتساءل حجازي: لماذا أصحبت قصيدة النثر اتجاها سائدا فى الكتابة وليست اتجاها سائدا فى القراءة؟.
أما فى مداخلته حول شعر العامية فقال حجازى أنه يتفق مع د. عبد السلام عن علاقة المصريين بالعرب، ولكن هناك ملحوظات منها.. لماذا أختار شعراء العامية «الشعر العامي» وكان قبل ذلك يطلق على العامية «الزجل» وعلى الفصحى «شعر الفصحي»؟.. وأضاف: لا أعتقد عندما نتحدث أو نتثقف بالفصحى أننا نتحدث بلغة غزاة.
وفى مداخلته قال الدكتور «عبد الغفار مكاوي» إن التراث ما تصنعه أنت (رأى نجيب محفوظ) وأصبحنا الآن نعيش ثقافة مختلفة عما سبقونا، فالتراث يجدد نفسه باستمرار، وهناك جينات متواجدة فى كل جيل، لكن جيل التسعينات منفصل تماما عن تراثه وبعض من كتبوا النثر علاقتهم سيئة بالثراث، وعلى قصيدة النثر أن تتجاوز نفسها وتخلف ايقاعها.
أما الدكتور زكريا عنانى فأشار إلى أن لديه تحفظا على نشأة الشعر العامي، وهذا يحتاج إلى إعادة نظر، فالموشحات ظهرت فى بادئ الأمر ثم انتشرت الأزجال بعد ذلك.
وقال الشاعر الكبيرعبد المنعم عواد يوسف: إننا لسنا ضد قصيدة النثر، وهناك مبدعون حقيقيون مثل الراحل محمد صالح وفريد أبو سعده وحلمى سالم وعلى منصور، وغيرهم..
لكن هؤلاء كتبوا التفعيلة أولاً، وشعروا أنها انتهت فكتبوا النثر. أما الكثيرون الذى كتبوا قصيدة النثر فى التسعينات فقد دخلوها من باب الاستسهال.
وفى ختام الجلسة علق الشاعر رفعت سلام على ملحوظة الشاعر عبد المعطى حجازى أن قصيدة النثر تحتاج إلى قراءة، والقراءة تحتاج إلى جمهور، وليس للشعراء قرار فى صنع الجمهور، ولنتأمل وعى الجمهور واحتياجاته الآن من خلال مشاهداته لمباريات كرة القدم أو الحفلات.
وأضاف سلام أن قصيدة النثر نشأت فى فرنسا ولم تعانى ما عانته قصيدة النثر فى مصر..
وبالفعل أنا أتصور أن قصيدة النثر فى مصر مدعوه إلى تجاوز نفسها كما أشار الدكتور مكاوي..
وقال الدكتور محمد عبد السلام إننا نتعامل مع الشعر الفصيح والعامية على أن بينهما مواجهة، وأنا اعترض تمامًا على فكرة اختلاف الحضارات، فجميعنا عرب رغم إنتماءات جذورنا.

الإسكندرية الشاعرة
المشهد السكندرى الراهن

فى العصر الحديث، يبدأ الشعر السكندرى بجماعة الشلالات التى أسسها الشاعر عتمان حلمى (1894 ـ 1962) عام 1912م ومعه الشعراء عبد اللطيف النشار وزكريا جزارين (1897 ـ 1955) وعبد الحميد السنوسى (1898 ـ 1956) ومحمد مفيد الشوباشى (1899 ـ ؟) وحسن فهمى (1895 ـ 1930) وعبد الحكيم الجهني. ثم انضم لهم الشاعر عبد الرحمن شكرى (1886 ـ 1958) العائد من بعثة إلى إنجلترا، فاحتل مركز الصدارة فى هذه الجماعة، وصار الشاعر والناقد والمعلم، بما حمله من أفكار فى تطوير القصيدة العربية.
لقد اهتمت جماعة الشلالات بسلاسة الشعر العربي، والابتعاد عن التعقيد اللفظي، والتعبير عن التجارب الذاتية، والتطرق إلى الموضوعات المبتكرة، وتصوير البيئة الساحلية السكندرية، وبذلك كونوا اتجاها فنيا يحسب للشعر السكندري.
وفى عام 1932م دعا كل من د. مصطفى فهمى ويوسف الجزايرلى لتكوين جماعة عرفت باسم «جماعة نشر الثقافة» لجمع شمل الأدباء ونشر إنتاجهم الأدبي، وكان من أبرز شعراء هذه الجماعة خليل شيبوب (1892 ـ 1951) وعبد اللطيف النشار (1895 ـ ؟ ) وفلورى عبد الملك، ومنيرة توفيق (1893 ـ 1965) صاحبة ديوان «»أنوار منيرة» الذى طبع عام 1967 بعد وفاتها، وكتب مقدمته السيد حمدى عاشور محافظ الإسكندرية وقتذاك.
هذا فضلا عن وجود شعراء آخرين ربما لم ينضموا إلى الجماعتين السابقتين: الشلالات ونشر الثقافة، من أمثال: الشاعرة اللبنانية التى أحبت الإسكندرية واستقرت فيها حتى آخر حياتها وردة اليازجى (1838 ـ 1924 ) وأحمد راسم (1895 ـ 1958) وفخرى أبو السعود (1909 ـ 1940) الذى مات منتحرا بإطلاق الرصاص على رأسه وهو فى نحو الثلاثين من العمر.
ثم ظهر جيل عبد المنعم الأنصاري، وعبد العليم القباني، وأحمد السمرة، ومحمود العتريس، ومحمد برهام، ومحمد عبد الرحيم إدريس، ومحمد محمود زيتون، وإدوار حنا سعد، ومحمود عبد الحي، وعمر الجارم، ود. محمد زكى العشماوي، ود. محمد زكريا عناني، ود. لطفى عبد الوهاب، ومحجوب موسى، وعلى الباز، ووصفى صادق، وغيرهم، فكتب أحمد السمرة المسرحية الشعرية ومنها: رئبال، وساق من ذهب، إلى جانب قصائده التى جمعها فى ديوانى أنسام وأنغام، وقصائد إسلامية، وأصدر عبد المنعم الأنصارى ثلاثة دواوين شعرية هي: أغنيات الساقية، وعلى باب الأميرة، وقرابين، وأثارت قصائده العمودية جدلا واهتماما واسعا، أما عبد العليم القبانى فكان من أكثر شعراء جيله حرصا على تنوعات إصداراته التى وصل عددها إلى ثلاثة وعشرين كتابا، وهو لم يكتف بإصدار الدواوين الشعرية، والتى منها: بقايا سراب، وأغنيات مهاجرة، وإنما اهتم أيضا بكتابة المسرحية الشعرية مثل قوس قزح، وحدث فى قصر السلطان، والملاحم الشعرية مثل ملحمة الثورة العرابية، وملحمة الثورة الفرنسية، كما كتب شعرا للأطفال، ومنها ديوان «فى حديقة الحيوانات»، كما كتب البحث الأدبى والدراسات الإعلامية، والأغانى والأزجال، وغيرَها من الإصدارات. فكان بذلك أكثر شعراء عصره فى الإسكندرية إصدارا للكتب الثقافية المتنوعة. وهو يُعد أول أديب سكندرى يصبح عضوا فى مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر.
وقد لعبت قصور الثقافة ـ وعلى وجه التحديد قصر ثقافة الحرية ـ دورا كبيرا منذ الستينيات فى تقديم عشرات الشعراء فى الإسكندرية إلى جمهور الشعر فى مصر كلها، وبرز جيل جديد اهتم بتطوير القصيدة العربية فى الإسكندرية، ومغازلة شعر التفعيلة من شعرائه: فؤاد طمان، وسعيد نافع، وفهمى إبراهيم، وصبرى أبو علم، وأحمد عبد العظيم الشيخ، ومحمد رفيق خليل، وحامد نفادي، ويوسف العيشي، وعزيزة كاتو ومهدى بندق، ود. فوزى عيسى، ود. صالح اليظي، وعبد الصبور منير (الذى توفى فى الجزائر) وعبد الله الوكيل، ود. محمد عزيز نظمى وغيرهم، وكوَّن بعضُهم جماعةً شعرية عرفت باسم «أبوللو الجديد»، غير أن هذه المجموعة لم تهتم بإصدار دواوين شعرية، باستثناء صبرى أبو علم الذى أصدر ديوانا واحدا حتى الآن، هو «قصائد حب»، وعزيزة كاتو التى أصدرت ديوانا واحدا حتى الآن، هو ديوان «يوميات امرأة تبحث عن هوية»، وأيضا باستثناء الشاعرين فؤاد طمان وحامد نفادى اللذين أصدرا أكثر من ديوان. أما الشاعر مهدى بندق ـ الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية فى المسرح ـ فقد اهتم بالمسرح الشعرى اهتماما كبيرا وأصدر عدة مسرحيات شعرية، منها: ريم على الدم، والسلطانة هند، وليلة زفاف إلكترا، وغيلان الدمشقي، وهل أنتَ الملك تيتي؟ وآخر أيام إخناتون، وغيرَها، فضلا عن إصداره لمجلة أحدثت صدى طيبا لدى الأوساط الثقافية فى مصر هى مجلة «تحديات ثقافية».
يأتى بعد ذلك جيل السبعينيات فى الإسكندرية، ومن أهم شعراء هذا الجيل: فوزى خضر ـ ـ الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية ـ صاحب أطول قائمة للكتب فى جيله، ليس فى الإسكندرية وحدها، وإنما فى مصر كلها، فله حتى الآن أكثر من خمسة وأربعين كتابا ما بين الدواوين الشعرية، والدراسات الأدبية، وكتب الأطفال، والرحلات، والتراجم، فضلا عن كتاباته الدرامية للإذاعة، ولعل برنامجه الإذاعى اليومى الشهير «كتاب عربى علَّم العالم» بإذاعة البرنامج العام، يُعد من أهم البرامج الإذاعية فى هذا المجال. وقد اهتم فوزى خضر بتطوير قصيدته، فلجأ إلى القصيدة المدورة، والقصيدة الإبجرامة (القصيرة جدا)، إلى جانب القصيدة التفعيلية، وهى السائدة فى معظم دواوينه، وأحيانا القصيدة العمودية، كما تنوعت موضوعاته وأساليبه الشعرية.
أيضا هناك من شعراء هذا الجيل: عبد الحميد محمود ـ الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية فى الشعر ـ ومرسى توفيق، وعبد المنعم كامل، وعبد المنعم سالم، وأحمد محمود مبارك، وعبد الرحمن عبد المولى، ومحمد عبد الفتاح الشاذلي، وربيع عبد العزيز، وعاطف الحداد، ومحمود عبد الصمد، وأحمد شاهين، وناجى عبد اللطيف، وأحمد فراج، ومحمد فرج، وإسماعيل الشيخة، ومحمود إدريس، وهدى عبد الغني، وصاحب هذه السطور، وكل منهم أصدر أكثر من عمل مطبوع، باستثناء عبد المنعم سالم الذى أصدر مؤخرا ديوانه الأول «الآبق من حفل صاخب»، وصاحب هذه السطور الذى أصدر أكثر من خمسة وعشرين كتابا تنوعت ما بين الدواوين الشعرية (آخرها: الماء لنا والورود) والكتابة للأطفال، والدراسات الأدبية والنقدية، والمعاجم اللغوية (مثل معجم الدهر، ومعجم أوائل الأشياء فى اللغة العربية) فضلا عن المشاركة فى أعمال أدبية وموسوعية مع آخرين.
ويأتى جيل جديد فى الثمانينات والتسعينات، يحمل ـ إلى جانب الشعراء السابقين ـ مشعل الشعر فى الإسكندرية، ومن شعرائه: جابر بسيوني، وأحمد شاهر، وأيمن صادق، ومحمود أمين، ومحمد مصطفى أبو شوارب، ومراد حسن عباس، وعلى عبد الدايم، وعزة رشاد، وبشرى بشير، وحنان فاروق، وكاميليا عبد الفتاح، ومصطفى تمَّام، وعادل خليل، ومختار عطية، وحسنى منصور، وعصام عبد الوهاب، ورحاب عابدين، وأمانى شكم، ورضا فوزي، ومحمد شكري، وعنتر حربي، ومحمود الفحام، وشهدان الغرباوي، وأحمد عوَّاد، ومنال الشربيني، وأحمد الفلو، وأمل سعد، وعمر عبد العزيز، وسناء الجبالي، وانتصار الهلباوي، وشيماء حسن، وغيرهم، وقد أصدر كل منهم ديوانا شعريا واحدا على الأقل، أو فى طريقه للإصدار الأول.
ولا نستطيع أن نُغفلَ نشاط جماعة شعرية ظهرت فى منتصف الثمانينات بالإسكندرية هى جماعة الأربعائيون، (وقد سبق الإشارة إليها عند حديثنا عن سلطة المقاهى والتجمعات الأدبية والثقافية فى الإسكندرية) والتى اتخذتْ من صالون الشاعر عبد العظيم ناجى فى منزله بجناكليس، مكانا لها حيث كان الأعضاء يجتمعون فيه مساء كل أربعاء، وأصدرت الجماعة مجلة باسمها، وانضم إليها معظم من كانوا يجربون كتابة قصيدة النثر فى الثغر من أمثال: حميدة عبد الله وناصر فرغلى ومهاب نصر وعلاء خالد وغيرهم. وعلى الرغم من عدم تواصل هذه الجماعة مع بقية الجماعات الأخرى فى الإسكندرية، على اعتبار أن أعضاءها يقدمون إبداعا مغايرا لما هو سائد فى قصور الثقافة، إلا أن أسباب توقفها تدعو إلى التساؤل والتشكك فى مدى إيمان أعضائها بما كانوا يمارسونه ويبشرون به كتابة ونقدا. أيضا لا نستطيع أن ننسى نشاط ورشة الشعر بأتيليه الإسكندرية (جماعة الفنانين والكتَّاب) برئاسة الشاعر والفنان د. محمد رفيق خليل، والذى يضم مجموعة من شباب الشعراء منهم: حاتم الكاتب، وأمينة أحمد حسن، وفاطمة زكي، وفاطمة قتيبة (البُراء العراقي)، وسامى إسماعيل، وإيمان عبد الحميد، وصفاء عبد العال، وعبد الرحيم يوسف، وأحمد يحيى، وغيرهم. وقد أصدرت الورشة مجموعتين من الشعر بعنوان «الورشة» لأعضائها، فضلا عن تنظيم مؤتمرين للشعر فى العامين الأخيرين، لاقا نجاحا طيبا.
هذا باختصار مُخل ـ بطبيعة الحال ـ أهم الخطوط العريضة للمشهد الشعرى فى الإسكندرية فى جانبه الفصيح.
أما عن المشهد فى جانبه الزجلى وشعر العامية وفن كتابة الأغنية فى الإسكندرية، فيكفينا الإشارة إلى أبناء الإسكندرية عبد الله النديم، ومحمود بيرم التونسى (1893 ـ 1961) ـ فنان الشعب، وصاحب الصدارة فى فن الزجل فى مصر كلها، والسيد عقل ومحمد مكيوي، ومحمد رخا (رئيس جماعة الأدب العربي)، وكامل حسنى (رئيس جمعية أدباء الشعب) ورائد المدرسة الزجلية الحديثة فى الإسكندرية التى تخرج منها عدد من زجالينا من أمثال: زينات القليوبي، وإيمان حسن، ونادية رسمي، وسعد بدوي، فضلا عن محمد طعيمة صاحب الأسلوب المتميز والإضافة الحقيقية فى فن الزجل. ومن شعراء العامية والأغنية الذين يضيفون الآن اتساعا حقيقيا للمشهد الشعرى السكندري: على المحمدى علي، ونجوى السيد، وعبد الرحمن درويش، وجابر سلطان، وضياء طمان، وعبد الله حسن، وفاتن البقري، وإيمان يوسف، وحسام الدين شوقي، وصادق أمين، ورأفت رشوان، ومصطفى الجارحي، وفوزية شبل، وحورية البدري، وطاهر سعيد، ومحمد أحمد طه، والسيد بغدادي، وآمال بسيوني، وابنتها سحر أبو شادي، ووهيبة صادق ووفاء بغدادي، ووفاء جابر، وإبراهيم طلبة إبراهيم، وطارق السيد، وعبد الله عبد الصبور، وعمرو عبد المجيد، وحمدى خلف، وحسام الحداد، وصفية نور الدين، وأحمد خميس، وصبحى طمان، وعمران بكر ، وزكى محمود، وعبد المنعم كاسب، ومحمد سالم، وعادل حرَّاز، وإبراهيم زيادة، وعبد اللطيف أبو كبشة، وأمينة عبد الله، وفاطمة حسبو، وحسن أبو سونة، وفوزى صبيح، وعبد اللطيف محمد عبد اللطيف، وحامد السقا، ومختار عبد الفتاح، ونعمات بدر، وعبد الفتاح محمد، وهالة مهدي، وغيرهم. وقد أصدر معظم هؤلاء الشعراء والزجالين دواوين شعرية مطبوعة.
هذا جانب من المشهد الشعرى السكندرى فى أروع تجلياته وفيوضاته على الساحة الشعرية المصرية والعربية، أرجو أن أكون قد وفقت فى نقله أو تصويره لكم، ولعل أهم ما ينقص هذا المشهد الآن، لقطة الشعراء الأجانب الذين عاشوا فى الإسكندرية حديثا، وتأثروا بها ولم يغادروها ومنهم على سبيل المثال الشاعر اليونانى قسطنطين كفافيس، وهو أمر يحتاج إلى وقفات ولقطات أخرى.

المكرمون

كل اسم من مكرمينا يشكل علامة مهمة فى حركة الثقافية المصرية، وجزءاً حيوياً من نسيجها الإبداعي، أخلصوا للكلمة ومتلقيها, فاحتفت المكتبة العربية بأعمالهم «إبداعية ونقدية وإعلامية» التى كان لها تأثيرها فى تطور الرؤى والأطروحات، كل هذا فضلا عن حضورهم الإنسانى الفاعل فى الأنشطة المختلفة، الأمر الذى جعلهم فى قلب المشهد الثقافى المصرى والعربى أيضا، منهم أساتذة أجلاء لنا ولأجيال سبقت وأجيال قادمة، ومنهم زملاء نعتز بإبداعاتهم ونأمل منهم عطاء لا يتوقف.

محمد هيكل

لم يكن الكاتب الراحل عضوًا فى جماعة «الصفوة»، أو رجلاً من رجال «النخب»، بل كان كاتبًا يعيش فى قلب الحياة والناس، يأخذ بأيديهم، ويشاركهم اهتماماتهم الأدبية والثقافية والفنية، ويشدّ من أزرهم بالكتابة عنهم، مُوقنًا يقينًا كاملاً أنه منهم، وأنه يجب أن يكون بينهم.
وهب حياته للعمل الثقافى العام، بجانب مهنة الصحافة، وراح يطوف أقاليم مصر، ويتعرف على كنوزها الإبداعية فى شتى المجالات.
تكرّمه الهيئة العامة لقصور الثقافة؛ تقديرًا لما قدّمه طيلة حياته الصحفية من دعم كبير للثقافة والأدب.
محمد حسن محمد هيكل, ولد فى 23 يونيو 1948م بمدينة المنصورة بالدقهلية، حصل على ليسانس الآداب جامعة عين شمس 1970، حصل على ماجستير الصحافة من كلية الإعلام جامعة القاهرة 1976.
شغل المناصب التالية: نائب رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط ـ قطاع المعلومات، مدير مكتب الوكالة ببغداد، مدير مكتب الوكالة بالخرطوم، مدير الديسك المركزى بالوكالة، مدير تحرير صحيفة «العالم اليوم» ـ العدد الأسبوعي، مدير مركز دراسات وأبحاث الشرق الأوسط بمصر.
صدر له: مواطنون اختاروا الوطن ـ بوابات مصر ـ سودانيون أحببتهم، وله دراسات وكتابات منشورة فى مجلات الهلال وآفاق عربية وكل العرب والثقافة الجديدة والبيان بدبى والوطن الكويتية وعدد من الصحف المصرية والعربية.
حصل على الجائزة الأولى فى مسابقة التفوق الصحفى لعام 2007م، من نقابة الصحفيين (فرع التغطية الخارجية).

إبراهيم جاد الله

رجل من طراز خاص. تتجاذبه كتابة القصة من النقد، والنقد من البحث الأدبي، ويخطفه النشاط الفكرى من ذلك كله؛ ليضعه فى مواجهة جادة مع التواصل الثقافي، وفى قلب ساحات العمل العام، حاملاً همَّ الوطن، وهمّ أبنائه، ومدافعًا عن العقل، ومعليًا من شأن حرّيته، وقيمة منجزاته، له إسهامات كثيرة ومتواصلة فى تدعيم مؤتمر أدباء مصر، والمشاركة فى جلساته، عبر دورات متعددة، تكرّمه الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر فى هذه الدورة، ممثِّلاً لأدباء الوجه البحري.
إبراهيم جاد الله: ولد بالدنابيق مركز المنصورة فى السابع من ديسمبر عام 1951، حصل على بكالوريوس النقد والإخراج المسرحى عام 1977، عين معيداً بقسم الدراما بالمعهد العالى للفنون المسرحية، قبل خروجه من مصر إثر تداعيات أحداث 18و 19 يناير 1977، عمل لمدة عامين بعد نقل مقر الجامعة العربية إلى تونس خبيرا للمسرح بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (1982 و 1983م)، عمل مدرسا لمادة الدراما بالجامعة المستنصرية ببغداد، عمل مستشارا للمسرح بمكتب وزير الثقافة اليمنى من عام 1984 إلى عام 1992، شارك فى تحرير صفحة ساعات بين الكتب، ومعارك ومواقف، ووجوه وملامح بصحيفة القاهرة لأربع سنوات، حرر وشارك فى تحرير صفحات أدب وفن، وأضواء الجمهورية، بصحيفة الجمهورية باليمن لثمانية أعوام متواصلة.
حاز شهادات التقدير من عدد من الجامعات العربية والمراكز البحثية العربية: مركز دراسات الوحدة العربية ـ مركز الدراسات والبحوث اليمنية ـ مركز الدراسات الحضارية جامعة الموصل ـ الجامعة المستنصرية ببغداد ـ المجلس القومى للثقافة العربية ـ رابطة الكتاب بالأردن ـ صحيفة الدستور الأردنية ـ جامعة مولاى إسماعيل بالمغرب ـ الهيئة العامة لقصور الثقافة ـ الملتقى الفنى والأدبى الأول بوهران الجزائر.
ترجمت قصته «المعطوب» إلى الإنجليزية والكردية والأمازيغية، وحوّل السيناريست والمخرج العراقى محمد توفيق روايته المشتركة مع الكاتبة العراقية كلشان البياتى إلى سيناريو فيلم سينمائى بإنتاج سويدي، وشارك بالدراسات والبحوث والتحكيم فى منتديات ومهرجانات مسرحية عربية مثل: مهرجان دمشق المسرحى مهرجان المسرح العربى ببغداد ـ مهرجان جرش للفنون ـ مهرجان جمعية رواد الخشبة بمكناس، المغرب ـ الملتقى الفنى الأدبى بوهران، الجزائر ـ مؤتمرات المائدة المستديرة لجامعة ناصر الأممية بطرابلس، ليبيا ـ مؤتمرات مختلفة لمركز دراسات الوحدة العربية ببيروت.
من أعماله القصصية:مشاهد من حكاية الوابور المقدس ـ من أوراق موت البنفسج ـ ظهيرة اليقظة، تداعيات الزمن المر، شدو طائر عربى، بيت من زجاج وحجر، المسرح العربى والتحدي، الثابت والمتحول فى المسرح العربي، مواقيت لغير البهجة.

فاطمة قنديل

استطاعت الشاعرة فاطمة قنديل منذ ديوانها الأول أن تترك بصمتها الخاصة على المشهد الشعري، وأن تجد لكتابتها مساحة حرة تتنقّل فيها بين الذات والكتابة والرؤية الفنية المختلفة والمتجاوزة للسائد. وفى تحولها من العامية إلى الفصحى سارت على النهج نفسه، وقدمت صورةً مغايرة للمرأة التى تخرج من ركن السُّكونية إلى فضاء البوح، عبر نصوص نثرية تلتفت بالأساس إلى الفن وبناء النص الشعري، كما أسست لوعيها الفنيّ بوعيٍ مجاور ومتلازم عبر دراساتها الأكاديمية فى النقد الأدبي.تكرّمها الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر فى هذه الدورة.. ممثِّلةً لكاتبات مصر.
شاركت فاطمة قنديل فى العديد من المؤتمرات والمهرجانات الشعرية فى مصر والعالم العربي، والبلاد الأوروبية، وأمريكا
اللاتينية، تُرجم شعرها إلى العديد من اللغات الأجنبية مثل: الإنجليزية، والفرنسية، والإيطالية، والألمانية، والإسبانية، عملت محررة بمجلة فصول، فى الفترة من 1991 إلى 1999م.عضو اتحاد كتاب مصر، وعضو أتيلييه القاهرة منذ 1988، عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة لدورتين، تعمل حالياً مدرساً للنقد الأدبى الحديث فى كلية الآداب ـ جامعة حلوان ـ قسم اللغة العربية.
صـدر لها فى الشعـر: عشان نقدر نعيش ـ ديوان شعر بالعامية المصرية ـ حظر التجـوال ـ ديوان شعر بالعامية المصرية، صمت قطنة مبتلّة، أسئلة معلّقة كالذبائح، أنا شاهـد قـبرك، وفى المسـرح: لليلة الثانية بعد الألف ـ مسرحية شعرية بالعامية المصرية ـ عرضت على مسرح الشباب، فى النقــد:التناص فى شعر شعراء السبعينيات ـ أطروحة ماجستير، تحت الطبع: شعرية الكتابة النثرية عند جبران خليل جبران ـ أطروحة دكتوراه، فى الترجمـة: مقدمة إلى الأدب العربى بالاشتراك مع آخرين لروجر آلن، جبران خليل جبران، حياته وعالمه.

عصام راسم.. سارق الدهشة

كثيراً ما تأملت ملامحه وهو يمتص رأى، أو يتشرب حس كاتب يقرأ نصاً، أو حين يضيق من كلام عفى عليه الزمن. فيما بين حواشى شخصياته الروائية من الصعب أن نجد شخصية تسلم بالأمر الواقع سوى الأم أو شخصيات هامشية. كثيراً ما تخيلت عصام وهو يبنى شخصياته وأحداثه، وهو يتداخل فى جلده وعضامه تطقطق وتنكمش. ككل الكتاب الحقيقين حين تحاصرهم افكارهم وكم يتضخمون معها حين يكتبونها. وفى تلك الرحلة قد تسقط حناجرهم فى قرارهم، أو يتصارع القلب والعقل فلا يجدون سوى دماء لا يعرفون مصدرها. قد يصرخ أو يئن أو يحتوى نفسه إلى نفسه. هكذا هتف محمود درويش يوماً « تداخل جلدى بحنجرتى « هل على الكاتب أن يطلق الريح فى كتفيه فيثقبهما علامة على كتابة تسأل نفسها أن تصير يوماً نصاً.
لعصام وجه صريح إلى حد الاستفزاز أحياناً. سريع الانفعال، سريع الغضب، وعين نهمة لالتقاط التفاصيل.. الظاهر منها والخافى، وأنف يتشمم روائح الأفعال وإن لم تتبد. رغم كل الجموح، لدى هذا الوجه قدرة على الإنصات توازى حس جمل على احتواء روح الصحراء وتشرب العطش. وفى لحظات أخرى يبوح بما يعتمل فى حناياه من أول لمسة حوار. شيء ما يبدو بريئاً إلى الحد الذى لا يحتمل عبء تناقضات شخوص رواياته.
كاتب القصة القصيرة أقل خبثاً. مخاوفه من اللحظة. حصار اللحظة التى عليه أن يحاصرها ويخشى كتابتها كى لا تفضحه. وحين يجرؤ، ينتهى على خط الورق، وينتهى فى نفس اللحظة التى انتهى إليها، وعليه أن يتجدد من رماده كى يحلق إلى حين. وبين قصة وأخرى آه طويلة لا يصدقها. أكان هو من ارتكب إثم ما صار قصة. اتدهشه كثافة اللحظة ؟! تُرى، بل، ربما.
عصام كاتب روائى بامتياز. حكاء على الورق. وحين يحكى على الأرض لا يتوقف. خائف من صوته الأرضى كى لا يصير لوناً فيهرب بملامحه. له الكثير من القصص القصيرة لم ينشرها. لكنها فى معظمها فصول من روايات مؤجلة. فعالم الروائى بقدر ما يضيق يتسع فى دم الكتابة. عالم القاص بقدر ما يتسع يضبق فى صمت السطور. هو يرصد اللحظة لكنه لا يتوقف عندها كثيراً. وتكوينه الشخصى يجعله يطويها إلى بحر الزمن. إلى عالم قادم سيرويه يوماً. قد يتوهج باللحظة، لكنها لا تحاصره. قد يضعها على الورق ويغلق عليها لحظتها إلى حي، لأنها يوماً ستأتى فى سياق روائى، وحتى لو حاول حصارها فالمجرى الزمنى سيجعلها سائلة. لا يمثل هذا دم القصة القصيرة المتخثر على لحظتها. فالفكرة تفاجئه. يسجل بعض ملامحها انتظاراً للآتى. وربما خاف من زخمه فيحاول أن يتخلص منها بكتابة تبحث عن امتداد قد يتراءى يوماً ما، ويتوهم أنها قصة لكنها مجرد نداء.
وجه عصام يصارع عالمين لا ينفصلان. مثاليات تجعله لا يستطيع أن يصبح سافلاً، وواقع يحرضه ألا يصير مثالياً فى عالم القردة. شيء كوجه العذراء فى انكسار نظرتها، فى مواجهة صورة المجدلية فى صراحتها. اكانت العذراء ترغب فى صمت قداستها ؟.. أكانت المجدلية عاهرة كما صوروها؟ أكان المسيح بتلك المثالية؟ ألا يتصارع الله والشيطان فى رغبات النفس الإنسانية، ويتبديان على رقائق الوجه الإنسانى أحياناً، أو يتخفيان معظم الأحيان.
خميرة الكتابة عند عصام راسم فى ذلك التناقض الإنسانى المشروع. فهو إما أن يكتب بواقعية جارحة إلى حد القسوة، وبتفاصيل يومية وبأسماء الأماكن التى نتردد عليها. يصل بصراعه إلى منتهاه، ويستخدم وقائع أرضية صارعها وصارعته إلى حد الشقاء، يحول تفاصيلها عبر الحكى إلى أحداثاً تتفاعل بها الشخصيات لتتداعى أحداثاً أكثر تركيباً تتصاعد بها الشخصيات إلى مصائرها. هو يعرف كيف يلتقط أحداثاً بعينها من بين عشرات الأحداث. يحللها فى حالة بوح بوقائع يومية ستصير مع الزمن تاريخاً وتأريخاً لبقع مجهولة على الخارطة، وسيصنع من منطقة عشوائية (الحكروب) أرضاً لوقائع لن يذكرها تاريخ رسمى.
حين تغلبه الوقائع الأرضية وتضغط على حواسه التى يتصور أنها أقوى من الوقائع، يلجأ إلى الفانتازيا. يستحلب من واقعة أرضية صمت بطولتها المهدرة. فيبنى من واقعة صراع تمساح يحاول الصيادون اقتناصه إلى محرك اسطورى لعالم بأكمله وشخصية حية لرواية فى بقعة مجهولة فى أقصى الجنوب لا يدرى أحد عنها شيئاً . هنا يتخلق الحلم، فيحيل التمساح صراع وجوده إلى أسطورة تحرك مصائر شخصيات العمل. ينتهى بها إلى مصير دام أو سلام لمن لا يخدش صمته. وفى واقعية القسوة أو الفانتازيا يسرق منا الدهشة، ويمنحنا الأسئلة.

الأخيرة
تحية لرئيس مركز الإبداع وفريقه المعاون

منذ اللحظة الأولى لدخول أعضاء المركز الإعلامى لنشرة مؤتمر أدباء مصر فى دورته الـ 24 إلى مركز الإبداع، ورئيسه وفريق عمله ورجال أمن المركز لا يألون جهدا فى توفير كافة, سُبل الدعم والمساندة والرعاية، ظل المركز ليومين متتاليين فاتحا بابه حتى مطلع الفجر، لا تمر ساعة إلا وهناك من يأتى ليطمئن ويرى إن كانت هناك حاجة مطلوبة، بل إن بعض أفراد فريق العمل فى المركز كانوا يقدمون المساعدة فيما يطرأ من مشكلات تقنية وغيرها.
فتحية لمدير مركز الإبداع د.يحيى عاشور، والفريق المعاون له ولرجال الأمن على الحفاوة والإخلاص فى التواصل والتفاعل.

قالوا عن المؤتمر

سيظل هذا المؤتمر رغم كل العراقيل والعثرات التى توضع أحيانًا فى سبيله رايتنا وصوتنا الصارخ فى برية هذا الكون وخندقنا الأخير، إنه دليل حى يؤكد أن الضمير المصرى وأن الإبداع الأدبى لا يمكن أن يموت مهما طُعن بخناجر التجاهل والنسيان والتهميش الإعلامى ومحاولات البعض فى اختزال الإبداع فى الأداء التمثيلى وبعض المسلسلات الهابطة وتصدير نجوم الكرة والممثلين ونجوم الغناء ليكونوا أمام شبابنا هم المثل الأعلى, وتغير صوت الإبداع ووجوه رموزه, لهذا فأنا واحد من الذين سيقاتلون تحت راية هذا المؤتمر إلى النفس الأخير. وسيظل الأمل معقودًا على المخلصين فى تجديد شبابه وتطويره الدائم ليكون دائمًا حارسًا للضمير وللوجدان وحارسًا لقيم الحق والخير والجمال والحرية.
جميل عبد الرحمن
بما أن هناك من يتم تكريمهم من الكتاب والأدباء.. أرى أن يتم تكريم من قام على هذا الجهد من موظفين وعاملين داخل الهيئة والذين اعتبرهم المساهمين الأساسيين فى إنجاح هذا المؤتمر.
سعدت جدًا بالجائزة التى تضاف إلى رصيد الهيئة العامة لقصور الثقافة فى إنجازاتها القادمة لصالح الأدباء والكتاب.
أرى أن هذا المؤتمر قد تطور تطورًا جيدًا فضلاً عن كونه رد إعتبار الشعر بعد عدة دورات كان للقصة والرواية الثقل الأساسي.
أشكر الهيئة على اتساع صدرها للمقيمين فى مصر أن يحضروا ويشاركوا مع أدبائها.
ميسون صقر
المؤتمر نافذة حقيقية لالتقاء المثقفين والأدباء المصريين ثقافياً وإنسانيًا واجتماعيًا والتقارب الذى لا يحدث إلا فى هذه المناسبة, وأظن أن المؤتمر قد تجاوز كثيرًا من العقبات والمعوقات البيروقراطية التى كانت تقف فى وجه تطور مساراته المتعددة بالإضافة إلى المطبوعات الجيدة والجادة مثل كتاب ثورة الشعر الحديث للعالم والدكتور عبد الغفار مكاوي، وفى الدورتين الأخيرتين على وجه الخصوص أرى أن المؤتمر أخذ مسارًا نوعيًا فى تخصيص ملتقاه حول القصة أو الشعر.. وآمل أن تكون الدورة القادمة مخصصة لدراسة النقد الأدبى وتطوره على مدى ربع قرن.
شعبان يوسف
يعد المؤتمر احتفالاً كبيرًا خاصة أنه قارب على سن النضج بحيث جاءت الأبحاث على مستوى عالى وكذلك إدارة الجلسات وأعتقد أن هذه الأمانة فى هذه الدورة لم تقصر فى أداء عملها على عكس ما قيل.
أرى أن استمرارية المؤتمر العام لأدباء مصر أكبر نجاز ثقافى تقدمه الوزارة (تمسكوا بالمؤتمر حتى الموت)
أشرف عتريس
سعادتى غامرة بوجودى فى هذا المؤتمر المرصود للمشهد الشعرى المعاصر غير أنى لى ملاحظة.. المؤتمر كأنما هو مركز على تيار الحداثة والشعر وكأنه الملمح الأساسى فى المشهد. أين واقع قصيدة التفعيلة فى أبحاث المؤتمر ومازال لها حضورها الكامح. من الذين دخلوها من باب الاستسهال لا الضرورة الفنية. كان علينا ونحن نرصد المشهد الشعرى الراهن ألا ننسى رحيل أحد شعراء المشهد الشعرى الذى رحل منذ أيام وهو الشاعر الكبير محمد صالح.
عبد المنعم عواد يوسف

ليست هناك تعليقات: