2011/02/19

ثورة اللامعقول.. والغد كألوان قوس قزح

ثورة اللامعقول.. والغد كألوان قوس قزح
أحمد طوسون/قاص وروائي
ثورة 25 يناير بكل المعايير هي ثورة اللامعقول.. الثورة التي لم يتوقعها أحد.
كان الوضع أشبه بالقنبلة التي توشك على الانفجار وكنا جميعا نخشى من سيناريو الانفجار الذي يطيح ويدمر كل شيء في ظل سلطة لا تستمع إلا إلى أهوائها ونزواتها النزقة وشهواتها التي لا تشبع..
سلطة نجحت أن تصنع معارضين على مقاسها، فبتنا أمام وجهين لعملة واحدة، وهوة تزداد اتساعا بين رجال أعمال نهبوا ثروات البلد وطغوا وفسدوا.. وشباب يلقي بنفسه من فوق كوبري قصر النيل بعد أن أغلقوا كل أبواب الفرص في وجوههم، وفقراء معدمين مطحونين بحثا عن لقمة عيش تسد رمقهم.
خيمت في سمائنا سحب اليأس مع سحابة النهب والحرق السوداء وريح التوريث السموم.
لكن الشباب سبق الساسة والكتاب والمفكرين وأجهزة القمع وفجر ثورة اللامعقول.. ثورة الحلم.
خرجت الملايين من قمقمها تحمل الزهور يوم الخامس والعشرين ولم تعد إلا بعد أن أسقطت النظام.
ثورة من خيال جامح لم تستطع عقول تكلست على فهمها!
كانت الشيخوخة تدب في أركان النظام فتعامل بقسوة ساحرة عجوز شريرة بينما سالت دماء الشهداء معبقة بأريج الزهور ترسم وطنا من خيال.
لذا أتصور أن الغد أجمل، شريطة أن يكتفي أشرار الوطن بحواديتهم المرعبة التي صاغوها طوال ثلاثين عاما وأن يدعوا الوطن للشباب يرسمونه بألوان خيالهم المبدع.
مصر مغارة من الكنوز التي لا تنضب، وأهم كنوزها ناسها الطيبون وعقول أبنائها من الشرفاء والمخلصين..
نريدها كقصة في أدب الخيال العلمي تسبق زمنها، يقرأ العالم سطورها مدهشين بخيالها الجامح.
نريد استعادة سرها الغامض الذي جعل أهراماتها أسطورة في خيال العالم وضمائرهم، وشاهدة على قدرة هذا الشعب على البناء.
الغد لكي يشرق في بلادنا فتيا، ملونا بألوان قوس قزح كما نتمناه، يجب أن نحضره في قارورات العلماء، نستخرجه من برديات الكاتب المصري القديم وقوطية القديسين ومآذن قاهرة المعز.
الغد لكي يكون أوسع صفحة بخارطة العالم يجب أن نتشارك كلنا في صنعه..
يجب أن تتحول كل قرية ومدينة ومحافظة في هذا الوطن إلى عاصمة يقصدها المسئولون.. يجب أن يصبح مثلنا وقدوتنا فلاح بسيط يزرع القمح وليس لاعب كرة، فتاة تنسج وليست راقصة رخيصة، عامل يدير آلته وليس مسئولا متكبرا لا يقوم بعمله، قلم يفكر وليس مخبرا سريا يتعقب الشرفاء والمخلصين.
أنا متفاءل بقدر خيال هذه الثورة الملهمة.

ليست هناك تعليقات: