2012/12/06

الأديب العراقي الشاب معاناته – طموحه – أمنياته بقلم: أثير محسن الهاشمي


الأديب العراقي الشاب معاناته – طموحه – أمنياته

أثير محسن الهاشمي

طموحاته وأمنياته ما عادت قادرة لأن تشكل بؤرة يسعى إليها ربما ، فأمنياته هي أمنيات الأجيال السابقة ذاتها ،  مستقبل مجهول في ظل واقع مبهم وتجليات مخادعة .
فكل ما نحتاجه إذا  هو حلم يقرب إلينا الوجود .. كل ما نتمناه هو اقتلاع أبواب الجحيم .. لنترك الصمت والموت والأنين .
لنترك الوجع المكتوب في الحناجر ، ونعدم رائحة الذكريات المرّة ، ونغلق الأبواب خلفنا ،ونفتح الجدران ونتسلل للمستقبل بلا علامات توقف أو بطاقات دخول، لنعبر الحدود من غير تأشيرة  للعقول أو بصمة للجسد الخاوي الهزيل.
كل ما نتمناه ..ان تنجلي الهموم من الواقع الذي انصب فيه الحزن والضياع ..
فواقعنا كســّرناه ، وحملناه على تفعيلة الغالب والمغلوب .. الغني والفقير .. القوي والضعيف ،  واقعنا يبكي من ألم الوحشة والغربة والصمت والبكاء على أطلال اللاشيء .
كل ما نتمناه ..  أن نعيش عيشة سعيدة لأن الحياة جميلة ورائعة شريطة ان تكون هناك محبة ومودة بين الناس ،نريد أن نبدأ بصفحة جديدة في كتاب جديد ، في هذه الحياة ، أولها ابتسامة وآخرها سعادة .. لا أن نعزف للوجوه ترانيم الرحيل .. الرحيل إلى عالم مجهول،  أو الانطواء تحت الذات المبهمة في زمن ٍ سلبنا منه ماء الوجه ، فراح يسرق منا ماء الوجوه .
-
طرحنا هذه التساؤلات ، وهذه الرؤية على عدد من الأدباء الشباب ، فكانت إجاباتهم متقاربة بعض الشيء .

-
التحرر من الايديلوجيا :
-
تحدث لنا أولا  الشاعر زاهر موسى عن هذا الموضوع قائلاً:
يمكن الاقتراب من مشغل المبدع الشاب من خلال الانتباه الى انتفاء مفعول الزمن عليه , المبدع اليوم يشعر بامتلاكه تعليما من نوع آخر يتميز به على من سبقه و لذا فهمومه تختلف هي الاخرى فهو مشغول بايصال صوته الفني الى المساحة الاوسع و هذا ما يدفعه الى اتقان الذكاء الادبي في التعامل مع الواقع خصوصا انه متحرر من الايديلوجيا و طموحه اكثر تجددا و تغيرا فهو كل يوم في شأن لارتباطه بحقيقة التكنلوجيا التي تجعله كائنا عولميا .

الجهد الشخصي الخالص :
وتحدث لنا الشاعر قاسم الشمري عن موضوعنا ، اذ يقول :
بالنسبة لمعاناة الأديب الشاب فهي تتخلص في عدم إتاحة الفرصة الكافية لحفر اسمه في لوحة الأدب العراقي المعاصر وما يخرج من أصوات شابة هي نتيجة الجهد الشخصي الخالص إلا ما ندر من بعض الاستثناءات التي تعرف التسلق على أكتاف الآخرين طموحاته وامنياته أن يجد المساحة الفعلية لإظهار ابدعاته وإيصالها الى حيث تستحق في سماوات الأدب ولا اعتقد إن هذا كثير على الجيل الحالي الذي أعتبره جيلاً شعرياً سيكون له أثر كبير على خارطة الأدب العراقي والعربي لو اتيحت له الفرصة.

لا يوجد ابداع من دون معاناة :
ومن ثم تحدث الشاعر هيثم جبار عباس عن الموضوع :
حين نريد التحدث عن معاناة الاديب الشاب العراقي فحديثنا سيكون عن معاناة داخلية ذاتية , وهي معاناة ربما تولد ابداعا كما قال ادونيس ( لايوجد ابداع دون معاناة ) وهذه ليس عند الاديب الشاب دون غيره وليس عند العراقي دون غيره بل عند كل مبدع , اما المعاناة الخارجية او الطارئة على الاديب الشاب العراقي لا اعتقد لها وجود اليوم في الساحة الثقافية العراقية كما كانت في عهد النظام السابق من تهميش وإقصاء وعدم زجهم في المهرجانات وعدم طباعة كتبهم , اما اليوم انظر فالمهرجانات يديرها الشباب وبعض رؤساء الاتحادات في بعض المحافظات من الشباب , فلا اعتقد وجود معاناة مريرة مرافقة للاديب الشاب العراقي .

المعاناة ذاتية جدا :
وعبـّر لنا الشاعر مؤيد الخفاجي قائلا :
ربّما سيكون رأيي مختلفاً و شخصيّاً تماماً , إذ أقولُ ببساطة: كل ما أطمح إليه, هو الكتابة المتميّزة و المتفرّدة عن كل شيء و الخاصّة بي إلى أبعد الحدود, و بالطبع فإن المعاناة في هذا السياق ذاتيّة جدّا , بل و إن فتح تفاصيلها على الآخر , يشبه تقديم الماء لمن لا يطلبه, لذا أفضّل أن أترك البئر لنفسها الآن, وبرأيي أن هذا هو الأصح و الأسلم في وضع يكفي أن تكون لك فيه أذنان لتسمع الشكاوى من الكلّ و على الكل. ربّما سيختلف معي كثيرون, لذا لن أطيل, لهم المجال في أن يسقوني و القرّاء من طموح البئر , و غيمة الأمنيات .

المثقف غير مهيأ لتفعيل دوره :
وتحدث الشاعر مهند التكريتي عن الموضوع قائلا :
يقول سارتر: (( ان المثقفين هم ضمير المجتمع ورئته التي يتنفس بها)) ، إلا أن قراءات واقعنا العراقي وتشظياته القيمية والاجتماعية تشير الى تعطيل شبه متعمد للدور الموكل به إليهم ، من خلال تأثرهم بنسيج التحولات التي عصفت بواقعهم الحياتي اليومي .
وبما أن المثقف غير محصن شأنه شأن باقي أفراد هذا المجتمع ، فأنه يجد نفسه غارقا ً في سلسلة من التنازلات الانقسامية سواء أكانت أيدلوجية أو سياسية أو ثقافية ممنهجة ، وبالتالي فأنه يرى  نفسه غير مهيأ لتفعيل دوره الذي تم تهميشه حتى قبل أحداث 2003 ، لعدم امتلاكه آليات فعالة تحد من هذا التدهور بالشكل الذي يضمن استبقاء مجموعة القيم الاعتبارية التي كان يمثلها سابقا ً أو بما يفعّل دوره الحالي لصياغة رؤى وقناعات تزاوج بين قناعاته الفكرية الملتصقة بواقع مجتمعه -وبما بات يروج له حالياً.

اتمنى ان أُفعـّلْ مقولة (الكتاب خير صديق(
فيما تحدث القاص نهار حسب الله عن الموضوع قائلا :
يعاني معظم الأدباء الشباب من عدم الرعاية من قبل القائمين على الثقافة على نحو عام، حيث يعامل نتاجهم الابداعي على إنه مادة هامشية لا تستحق أية مخصصات حتى ولو كانت رمزية للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية، الامر الذي جعل من الصفحات الثقافية لعدد كبير من الصحف العراقية منابراً لكتاب الانترنت والمواقع المجانية التي تعتمد الكم قبل الجودة.
بنا حاجة ماسة لدور النشر والتوزيع غير التجارية التي تحمل طابع الرقابة الموضوعية على المطبوع، حيث ان العراق بأكمله لا يملك سوى دار الشؤون الثقافية العامة كمطبعة حكومية، فضلاً عن افتقارنا لدور التوزيع حتى صار الكتاب يطبع ولا يقرأ بسبب تكديسه في المخازن. يطمح كل مبدع بان يجد من يرصد ويقيم إبداعه على نحو موضوعي.
طموحاتي كشاب مولع بالأدب تكمن في نشر رسالة تهدف الى السلام والتآخي ونبذ العنف والتطرف بكل أنواعه، وهذا ما ركزت عليه في مجموعتي القصصية الأولى ( ثورة عقارب الساعة  ) الصادرة في القاهرة 2011 وروايتي الجديدة (ذبابة من بلد الكتروني) والتي ستطبع مؤخراً. اما عن الأمنيات.. امنياتي بان تلتفت الحكومة العراقية لدعم ورعاية الثقافة والادب على نحو خاص كونه يؤسس لمجتمع يعي مفهوم التحرر، الأمر الذي سيعمل على اكتشاف القارئ المثالي الذي يقرأ كل ما يوافق ويخالف أفكاره ليصل الى الصواب.
اتمنى ان أُفعلْ مقولة (الكتاب خير صديق) لأجد شباباً يعشقوا القراءة، ليعود العراق بلداً للكتاب لا للسلاح  

ليست هناك تعليقات: