2015/03/02

التلميذ والإرهابي ... بقلم: أوباها حسين

التلميذ والإرهابي ...
أوباها حسين/القنيطرة/المغرب

غادر تلميذ رزين مؤسسة التعليم وفكره يطوف حول ما تعلمه من مبادئ وأخلاق تصونه وتبعده عن الانحراف ..وأثناء المشي سمع صوتا يناديه , خفّض سرعة السير ..
الإرهابي : انتظر بني ..
التفت التلميذ , ليرى ملتحيا يلبس جلبابا وينتعل صندلين ..
التلميذ : نعم سيدي , أتريد شيئا ؟
الإرهابي : لنتعرف أولا ...أنا مجاهد أحارب أعداء الله ..
التلميذ : وأنا شاب أحارب الجهل وأتعلم لأكوّن مستقبلي ..
الإرهابي : يبدو أن أساتذتك على بال في التلقين ..
التلميذ : أكفاء ووطنيون مخلصون ..
الإرهابي : ممتاز ...لكن نصيحتي أن تترك هذه المحفظة التي ستهلك صحّتك وتضيّع مستقبلك ..
التلميذ : لماذا هذا التشاؤم ؟!
الإرهابي : ألا ترى أجيالا من البطالة حول العالم لم يجدوا عملا رغم شواهدهم العالية ؟
التلميذ : تقول الديانات أن الأرزاق مقسمة بين المخلوقات , أليست هذه هي الحقيقة ؟
الإرهابي : صح ...أنا أتمنى أن تحمل حزاما ناسفا بدل هذه المحفظة التي تنسف حياتك وتوجهك لخدمة أعداء الدين ...
التلميذ : يا...ه ...أتراني منتحرا من أجلك ؟؟!
الإرهابي : بكل تأكيد , قال الرب ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون )..
التلميذ : صدق الله العظيم , وأين سبيل الله ؟!
الإرهابي : في كل مكان وأينما يوجد الكفار ...
التلميذ : المسيحيون واليهود يعبدون الربّ حسب الإنجيل والتوراة , فأين كفرهم ؟ وكما تعلمت فإن الكافر هو الذي يعبد غير الرب أو ملحد ..
الإرهابي : أنت واع !
التلميذ : لي أساتذة يقوّمون سيرتنا ..
الإرهابي : وأنا هنا لأصحح مفاهيمنا وأبلّغها لك بصدق وأمانة..
التلميذ : وما هي طريقتك في التبليغ ؟!
الإرهابي : فجّر نفسك من أجلنا وانصر إخوانك في الدين ..
التلميذ : اعتبرني موافقا ...فأين سأنفجر ؟!!
الإرهابي : في فندق أو مقهى أو سوق أو بين رجال الشرطة أو الجنود ...وسأعين لك مكانا من اختيارنا التلميذ : هذا اعتداء وظلم ..
الإرهابي : اعتبره ما تشاء , فهل ستوافق لإجراء العملية ؟
التلميذ : سأفكر ..
الإرهابي : فكّر , لك من الوقت ما يكفيك ...ولنا اتصال قريب ..
ودعه التلميذ والأفكار السوداء تبعثر بياض سريرته...دخل داره , تغيرت حالته , سئل فأجاب والديه بالعاطفة ...فكّر ...ترك الحلّ إلى الغد , لاح الصباح , وفي الإعدادية أثناء الاستراحة ناقش ما سمعه من الإرهابي مع أستاذ التربية الإسلامية ...استفاد فاستعدّ للقاء الإرهابي ...
وفي يوم آخر ...
الإرهابي : السلام عليك أيها الشاب المجاهد
التلميذ : وعليك السلام
الإرهابي : ماذا قرّرت ؟!
التلميذ : تريد أن أنتحر والانتحار حرام ...
الإرهابي : إنه موت في سبيل الحق ..
التلميذ : عيّن لي المكان الذي سأفجّر فيه جسمي ؟
الإرهابي : مقهى ( ....) في الشارع الرئيسي
التلميذ : أعرفها ...ولا أعتقد أن كفارا بداخلها , فزبائنها من وطني ..
الإرهابي : نفّذ ولا تعارض
التلميذ : هل من المباح أن نرد الأرواح إلى خالقها الذي أرسلها لواجب دنيوي ؟
الإرهابي : هذا كلام أستاذك !
التلميذ : أستاذ التربية الإسلامية وأنا فخور به ..
الإرهابي : إنه كافر يستحق النحر
التلميذ : تلقون براعم الحياة للموت انتحارا وتدمجوهم في حروبكم اليائسة ...هذا حرام
الإرهابي : دعك من الإنسانية والديانات لتربح دولارات
التلميذ : دولارات الكفار !
الإرهابي : لأنها عملة صعبة ...
التلميذ : وعملتنا ؟!
الإرهابي : ضعيفة !
التلميذ : وبالعملة تقتلون الإناث ودورهن التكاثر
الإرهابي : أنت ذكي ...لكني أحتاج إليك أو على الأقل أشر لي غبيا نسخّره ..
التلميذ : ها....ها....ها وقعت في شرّ كلامك لأنك تبحث عن الأغبياء والجهلة وناقصي عقل في الدين
الإرهابي : بالضبط...
التلميذ : ألي نصيب من الدولارات ؟؟
الإرهابي : سأدبّر الأمر لأشجّعك بالدولارات 
التلميذ : متى أزورك لتسلّم ليّ الحزام الناسف ؟!
الإرهابي : لك أم لغيرك !!
التلميذ : ليّ طبعا كي ألبسه لأبله وأكسب المال رغم أن والدي يوفر لي ما أحتاج إليه وزيادة
الإرهابي : هل أنت طماع ؟
التلميذ : لا ...ولكن نفسي تشتاق لباهظ الثمن ...
الإرهابي : أحسنت ...موعدنا غدا بعد المغرب أمام مسجد (....) حيث سترافقني لزيارة  الجماعة , فأنت الآن منا لتسوق أغنام الانتحار ...
التلميذ : إلى الغد أيها الأخ المجاهد ....
وقبيل غروب الشمس في اليوم الموالي ...دخل المسجد الموعود للقاء الإرهابي وبعد الصلاة ومغادرة المسالمين , مشى التلميذ إلى جانب الإرهابي الذي طرق باب دار قديمة تمتم جملة غير مفهومة ولجا الدار ,  أحاطت به الجماعة , تحدث أخدهم مرحبا فأمره أن يتلو آية من القرآن ويقرأ رسالة موجهة ضد أعداء الإسلام قبل أن يتسلّم الحزام... هاجمتهم الشرطة وألقي عليهم القبض ..

ليست هناك تعليقات: