الروائي المصري علي ماهر عيد:
جائزة قطر لأدب الطفل أنقذتني من اليأس
حوار - شبّوب أبوطالب
يقول الكاتب المصري علي ماهر إن جائزة الدولة للآداب، التي كرمته سمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند من خلالها، كانت إنقاذا حقيقيا له من حالة اليأس، كما أنها ستمكّنه من إهداء المكتبة العربية أول رواية مخصصة بالكامل للأطفال. ما عنوان الرواية التي نلت بها الجائزة؟• اسمها «حازم والقلوب الخضراء». كم هو حجمها؟• حوالي المائة صفحة. هل كان صعبا عليك أن تكتب رواية في مائة صفحة وتخصصها للأطفال، فكتابة قصة للأطفال تعتبر عملا أهون بكثير من كتابة رواية كاملة، خصوصا لناحية التحكم في اللغة؟• سؤال جيد. هذا مشكل عويص ويحتاج لقليل من التفصيل، فالكتابة للأطفال تحتاج جهدا كبيرا، وقد قامت جوائز عالمية كثيرة بدعم هذا النوع من الكتابة، أذكر منها جائزة هانز أندرسون والتي خلقت عشرات من كتاب رواية الطفل في أوروبا، ومثلها جائزة كير بيري الأميركية التي خلقت هي الأخرى أدباء عديدين بينهم الروائي توم سوير وأوليفر تويست وروبيرت سانت كروز.. إلخ، وهؤلاء أنجزوا أعمالا روائية عظيمة مثل «هايدي» و «الأثير» و «ريبيكا» التي جاءت في 250 صفحة، وكذا رواية «عودة اللقلاق» التي تجاوز عدد صفحاتها 500 صفحة.. وأي طفل تجاوز سنته الثانية عشر سيقرؤها دون ملل ودون تركها حتى آخر صفحة.. من جهتي نظرت إلى مكتبتنا العربية فلم أجد أي رواية للأطفال، وعليه فقد حاولت استغلال موهبتي الروائية لمحاولة البدء بسدّ هذه الثغرة. طيب، ولكنك لم تجبني على سؤالي، فكيف يمكن التعامل مع قضية لغة الأطفال؟• لقد كان هدفي كتابة عمل للأطفال في الحدود بين 70 و80 صفحة إلى مئة صفحة لا تزيد ولا تنقص، وقد اكتشفت نقطتين تساعدان الطفل على قراءة أي عمل موجّه له، أولا توفر عنصر التشويق والجاذبية، وثانيهما تناول مواضيع تتعلق بمدار اهتماماته. أي فئة عمرية تكتب لها أنت شخصيا؟• أنا أكتب للأطفال في المرحلة العمرية المنطلقة من 12 سنة فما فوق، وقد كتبت سابقا للأطفال بين سنتي 6 و9 سنوات، ثم تحولت إلى الفئة العمرية الأعلى. وهل تعاني من صعوبة الحفاظ على اللغة الطفولية أم تجد نفسك مرتاحا أثناء الكتابة بها؟• أولا يجب أن يبتعد الكاتب عن التحذلق واستخدام مهجور الكلام والكلمات المفخّمة، وثانيا هناك مطالب لغوية على الكاتب الوفاء بها، فإن كان يكتب للفئة بين 6 و9 سنوات فعليه أن يستعمل الكلمات والألفاظ الحسية، كـ «أكل» و «شرب».. إلخ، ويمنع منعا باتا أن يستعمل الكلمات المعنوية لأنها تتعب الطفل وتسبب له خللا في الفهم، وفي المرحلة بين 9 و12 سنة تستعمل الكلمات الحسية مع إدخال بعض الكلمات المعنوية ذات المضمون العاطفي كـ «حنان الأم» و «عطف الأب».. إلخ، وهي كلمات ومعانٍ عاطفية يمكن أن يتلقاها الطفل ويعرفها ويتفاعل معها لأنها قريبة إلى محيطه، خصوصا إذا راعى الكاتب الابتعاد عن شحن الطفل بأي معانٍ غيبية كالملائكة والشياطين وما شابهها لأنها لا تجد طريقها إليه، وفي المرحلة اللاحقة يكون التوسع في استعمال كلمات جديدة ولكن مع الحرص على الأسلوب السهل. في اعتقادك، لماذا يغيب كتاب رواية الطفل عن مشهدنا الثقافي العربي؟• نظرا لغياب التشجيع، خذ مثلا قصة الأطفال، إنها قد تكتب في ساعة وفي مصر يبيع الكتاب القصة للناشر مقابل 300 جنيه مصري، أما رواية الأطفال التي قد تكتب في خلال سنة كاملة، فإنها -بالتجربة- لا تباع بأكثر من 500 جنيه مصري.. السؤال هو: أي نوع سيختاره الكاتب؟ بالنسبة للكاتب المحترف فسيختار القصة لأن عائدها أكبر، أما الكاتب الهاوي أو الكاتب الذي يملك مصدر دخل إضافي ثانٍ (مثلي) فربما يختار الرواية. وهل ترى أن وجود جائزة لأدب الطفل قد يشجع على كسر هذه المعادلة؟• طبعا، وأنا شخصيا عشت هذه التجربة، فلكي أكتب عملي الأخير قمت بقراءة ما يزيد عن 40 كتابا لعلم النفس بحكم اشتغالي على عمل مركب تعليمي - نفسي، وتفرغت للكتابة حوالي السنة، واستهلكت جهدا نفسيا وعقليا كبيرا، وقد كتبتها قصد المشاركة بها في «جائزة الشيخ زايد» ولكني فوجئت برفض اعتمادها نظرا لأنهم يطلبون أن يشارك الكاتب بعمل مطبوع، وهذا ما لم يتحقق لي، فدخلت في حالة يأس كبير، وقد أنقذتني جائزة سمو الشيخة موزة من هذا اليأس وبعثت الأمل في نفسي، والرغبة في المزيد من الإبداع. أنت تشجع زملاءك المبدعين على الكتابة للطفل إذن؟• طبعا وأتمنى عليهم الانتباه بشكل جيد لما يكتبونه ومراعاة الخصائص النفسية والعقلية للطفل خلال عملية الكتابة.
نقلا عن صحيفة العرب القطرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق