2016/08/25

هجومات20أوت1955م ذكرى وعبرة وقيم تتجدد بقلم:الدكتور محمد سيف الإسلام بـوفـلاقــة

هجومات20أوت1955م
ذكرى وعبرة وقيم تتجدد
بقلم:الدكتور محمد سيف الإسلام بـوفـلاقــة
 -جامعة عنابة-
         تظل هجومات20أوت1955م واحدة من المحطات المفصلية التي مرت بها ثورة التحرير المجيدة،وهي الحدث الأبرز الذي حقق الكثير من الإنجازات الكبيرة للثورة الجزائرية في عامها الأول،كانت لها تأثيرات  عميقة على مسار الثورة وتطورها،وانعكست نتائجها على المستوى المغاربي والإقليمي.
         وصاحب الفكرة ومن خطط لهذه الهجومات هو البطل الشهيد زيغود يوسف،حيث يذكر المجاهد إبراهيم سلطان شيبوط أنه في شهر     جويلية1955م تحدث زيغود يوسف مع كل من بوقادوم بشير وبوبنيدر،وبوجريوي،واسماعيل زقات،وساسي وبوركايب وبوشريخة ومجموعة من معاونيه المقربين من منطقة الوسط عن المشروع وبرمج اجتماعاً مع بن طوبال وبن عودة،وقد تم الاجتماع الذي حضره أكثر من مائتي جندي من بينهم عمارة العسكري بالمكان المسمى( قندابو) الذي يبعد خمسة عشر كيلومتراً عن سكيكدة،ولم تتسرب أية أخبار إلى مصالح الاستخبارات الفرنسية،وخلال التسعة أشهر التي سبقت هجومات 20أوت1955م عمل زيغود يوسف مع مجموعة من مرافقيه جاهداً على تنظيم سكان الأرياف والمدن بالناحية الثانية من الشمال القسنطيني.
         يقول الباحث صالح جراب في كتاب موسوم ب: ( زيغود يوسف:قيم ومواقف) الذي صدر حديثاً عن منشورات مؤسسة بونة للبحوث والدراسات: «فإذا كان الأمير عبد القادر رجل دين ودولة (مشروع مجتمع ودولة)  فإن "زيغود يوسف" بعبقريته وحنكته أنقذ الثورة من الضياع ، وغير مجرى التاريخ ، وخطة 20 أوت 1955 شاهدة على ذلك فيها هـزم عشرات الجنرالات والمارشالات الفرنسيـين المشهود لهم بالنظام والتنظيم ، ومن ورائهم الحلف الأطلسي  بأرمادته الجهنمية التي رست بميناء سكيكدة ، ومن نتائج هذه الخطة فك الحصار المضـروب على الأوراس قلعة الثورة العتيـدة التي ظلت تقاوم ، إلى أن وجدت من يساندها ويقف إلى جانبها،لقد جاء في وقت قصير ، ثم مضى سريعا ، ليترك الثورة تمضي آمنة  بعد أن صحح مسارها!  
    كان الوطن في أمس الحاجة إلى من يحميه ، ويعيد له مجده السليب حتى يخلصه من نير الاحتلال الغاشم ، الذي ظل يرزح تحت وطأته عشرات السنين ، إلا أن قيض الله  له رجالا مخلصين كانوا كالسد المنيع ، في وجه الغزاة ، أمثال هذا البطل الفذ زيغود يوسف ، الذي لولاه لكان للوطن شأن آخر ،وظل رفاقه من بعده يواجهون العدو بكل ما لديهم من سلاح الإيمان وصدق العزيمة ، فمنهم من قضى نحبـه ، ومنهم من ما يزال يناضل ، وما بدلوا تبديلا ،والتاريخ الجزائري حافل بالبطولات والأمجاد ، وما زالت مآثره تضيء درب الحرية لكثير من الشعوب المقهورة ، في شتى بقاع العالم  ويكفي الثورة الجزائرية فخرا ، أنها توصف بثورة الشهداء .
    يحسن بنا أن نلتفت إلى هذا البطل الشهيد ، ونتحرى في حياته الدؤوبة ، والظروف التي بوأته هذه المكانة المرموقة  وساهمت في إعداده ليكون قدوة لجيلنا وللأجيال القادمة» .
    إن    البطل الشهيد زيغود يوسف هو أحد رجال الجزائر الأفذاذ الذين لعبوا دوراً ريادياً و رائعاً في الجهاد المسلح ضد الاستدمار الفرنسي،تميز بذكائه الخارق، وقد كانت سيرته،وجهاده وعبقريته وما تزال نوراً يسطع ويتجدد عبر الأجيال لتؤكد عظمة هذا الشهيد البطل الذي يذهب الكثير من الدارسين والمؤرخين إلى التأكيد على أنه هو الذي غير مجرى تاريخ الثورة الجزائرية المظفرة بتصميمه لخطة هجومات 20أوت1955م التي شكلت مرحلة حاسمة في الكفاح التحرري الجزائري،ومنعرجاً رئيساً لاكتساب الثورة الجزائرية  المباركة طابعها الشعبي،وأعطت ضربة قاصمة للاحتلال الفرنسي الذي حاول القضاء على الثورة المجيدة في عامها الأول حتى لا تشمل مختلف أنحاء القطر الجزائري،كما منحت  هجومات20أوت1955م  بعداً دولياً للثورة الجزائرية، وعجلت بدخولها إلى الأمم المتحدة،وكانت هزيمة كبرى لا تُنسى لكبار جنرالات فرنسا.
          فهجومات20أوت1955م هي واحدة من أهم الذكريات النضالية المجيدة في تاريخ الجزائر،فالأحداث العظيمة تنمو وتكبر قيمتها مع مرور الزمن،وتظل معانيها وقيمها خالدة في نفوس الشعوب ،نظراً لما تستمده منها من زخم وصور خالدة تبث الثقة في النفوس،فمراحل النضال والانتصار تعتبر صفحات خالدة تفرض على الأجيال المعاصرة أن تعتني بها عناية بالغة من أجل تحقيق تواصل تاريخي وحضاري يربط الماضي بالحاضر،ويبني جسور تواصل وطيدة بين السلف والخلف وينير الدروب.
         ومن جهة أخرى يقول المجاهد إبراهيم سلطان شيبوط ووزير المجاهدين الأسبق في كتابه: «زيغود يوسف الذي عرفته» والذي يعد مساهمة ثمينة وجادة في إضاءة الكثير من الجوانب الهامة من شخصية الشهيد البطل زيغود يوسف،بعد أن تساءل:   من هو زيغود يوسف؟
        «ما أن يذكر هذا الاسم إلا وتستحضر ذاكرة الجزائريين اسم الوطني الذي كان عضو( 22)،اسم ذلك الذي زعزع أمن المحتل بالشمال القسنطيني،اسم الذي نظم الأيام الثلاثة20-21-22أوت1955.هذه الأيام التي سمحت للشعب الجزائري بأن يغوص في المقاومة التحريرية ليبين لفرنسا الاستعمارية أن عهد الشغب المحلي انقضى بدون رجعة.
     زيغود يوسف كرّس شبابه للجزائر،توفي في سن الخامسة والثلاثين( 35)لم يخصص لعائلته سوى ست سنوات( 06)من عمره.انخرط منذ الثامنة عشرة في حزب الشعب الجزائري،وقد تمكن من أن ينتخب مستشاراً بلدياً.
      ولد زيغود يوسف بقريدة كندي سمندو( حالياً بلدية زيغود يوسف)عاش طفولته قرب والدته وجده( والد أمه).غرابي محمد الطاهر بكندي سمندو.لقد كان يتيم الأب.من مواليد كندي سمندو حيث قضى طفولته بمدرستها القرآنية ثم بالمدرسة البلدية الفرنسية للأهالي.اجتاز امتحان الشهادة الابتدائية بمركز الحروش بامتياز.بكندي سمندو بدأ حياته كرجل بجانب عائلته إذ صار صانعاً. وانطلاقاً من هذه القرية كندي سمندو كتب زيغود يوسف صفحة تاريخية ينبغي أن نعرفها ونتأملها...» ( ص:9 وما بعدها).
             واعتماداً على منظور الباحث صالح جراب في كتابه( زيغود يوسف:قيم ومواقف)،فالبطل الشهيد زيغود يوسف يمتد نضاله من انتقاله من الكشافة الإسلامية إلى الانخراط في صفوف حزب الشعب الجزائري   وعمره لا يتجاوز الثامنة عشرة ، وقد أصبح المسؤول الأول لهذا الحزب ، ناحية السمندو ، رغم صغر سنه ، واستمر في النشاط السياسي ، يناضل متحديا غطرسة الاستعمار ، هازئا بوعيده ، وكان خلال هذه الفترة نموذجا للسلوك الحميــد ، والخصــال السامية ، أخلاقيا ودينيا ، متشبثا بالقيم الإسلامية ، والوطنية النبيلة ، وهو الشيء الذي أكسبه تقدير رفاقه، ليتحمل المسؤوليات الكبرى ، وكانت له مسؤوليات تنظيمية ، اضطـلع بها على أحسن ما يرام ، فكون رجالا مناضلين ، شحنهم بالعزيمة والروح النضالية العالية ،ولا غرابة أن تسند له مهمة الإشراف على مظاهرات  8 ماي 1945 السلمية بناحية - سمندو - مما جعله ينجح في تنظيمها حيث قام أثناءها بإخفاء (24) بندقية بمنزله .ويشير في هذا الصدد المجاهد (بولعراس) أن "زيغود يوسف" هو الذي أشرف على عملية الإعداد للمسيرة  بالجهة ، وعقد في هذا الشأن اجتماعا بمسجد القرية ، تحددت فيـه خطة المسيرة   واللافتات المحمولة ، وكذلك العلم الوطني .
       ويُنبه الباحث صالح جراب إلى أن زوجته (عائشة) هي أول من صنع راية جزائرية في المنطقة  صنعتها بمساعدة إحدى جاراتها التي تدعى (نيني حلاّسة)  وكذلك اللافتات التي كتبت عليها شعارات وطنية ورفرف هذا العلم الجزائري في سماء - سمندو- لأول مرة ، مما جعل عدداً كبيراً من الناس يعتقدون أن الثورة اندلعت في ذلك الوقت بالذات ،وفي سنة 1947 برز "زيغود يوسف" كنموذج لحركة الانتصار للحريات الديمقراطية ، في القوائم الانتخابية لبلدية –سمندو- إذ فاز في هذه المعركة الانتخابية فوزا ساحقا ، رغم مكائد الإدارة الاستعمارية ، وألاعيبها التزويرية ، هذا الذي جعله يتأكد أكثر بأن القوة الحقيقية تكمن في قلوب الجماهير ، لا في غطرسة الاستعمار الفرنسي .وأصبح نائبا لرئيس بلدية – سمندو- من عام 1947 م حتى عام 1949 م.
 وفي غمرة نشاطه النضالي ، وتطلعاته واتصالاته بالمسؤولين الكبار في المنظمة السرية   لحركة الانتصار للحريات الديمقراطية ، أشرف “زيغود يوسف “ على تنظيم هذا الجهاز السري في بلدته ، وتطور نشاط هذا الجناح  السري الشبه عسكري ووسع مجاله في الناحية ،ورغم سرية هذا التنظيم فقد تمكن بوليس العدو من اكتشافه سنة 1950م على إثر ما يعرف بحادثة تبسة ، ومؤامرة 1950م ، وتم على إثر ذلك اعتقال مئات المناضلين ، من التنظيم السري للحزب ، في عدة مدن وقرى من التراب الوطني ، ومن بينهم "زيغود يوسف" حيث ألقي القبض عليه بتاريخ 22/03/1950م ، ونقل إلى سجن عنابة ، وحكم عليه بـ (20) سنة حبسا ، إذ حوكم بتهمة (المس بالأمن الخارجي للدولة) ، ومن ضمن رفاقه الذين ألقي عليهم القبض في المناسبة نفسها ، ابن زعيم محمد المستـــشار لدى بلدية (بونا) عنابة ، وعجـــومي إبراهيــــم بن مصطفى ،و مصطفى بن عودة ، وبكوش عبد الباقي ، الذين كانوا على متن عـــربة واحـــدة ، ومن الذين ألقي القبـــض عليــهم ابن عمــه الطاهر بـ – كندي سمندو- وهنا تروي (الحاجة زبيدة) ، وهي تتذكر يوم إلقاء القبض على أخيها ، سنة 1950م ، وكيف كان سريع البديهة ، لا تزعزعه الأحداث ، مهما كبرت ، حتى لو تعلق الأمر بحياته ، فتشير أنه عندما شاهد عربة البوليس ، وكان وقتها يصلح سقف بيته ، أمر على الفور زوجته بإخفاء كل الوثائق السرية في صدر ابنته (شامة) ، البنت الوحيدة التي ظلت على قيد الحياة حتى استقلال الجزائر ، وهي من أبنائه الستة ، وهكذا ظهرت براعة هذا القائد الفذ في أصعب اللحظات ، ولم تتمكن السلطات الاستعمارية من العثور على الوثائق ، باستثناء الكتب التي كان يطالعها،وبعد بضعة أشهر ، ألقي القبض على (بوشريحة بولعراس) وتمكن هذا الأخير أن يحضر عملية الفرار من السجن ، التي نظمها البطل الشهيد "زيغود يوسف".
    وقد لخص الباحث صالح جراب عدة محطات متميزة من مسيرة الشهيد البطل زيغود يوسف،حيث جاءت في كتاب: ( زيغود يوسف:قيم ومواقف)،رواية  مفصلة عن هروبه من السجن،حيث يقول: «في انتظار المحاكمة ، كان المناضل القائد يفكر في طريقة التخلص من هذا الكابوس ، إذ دبر عملية للهروب من السجن وخطط لها ، وبعد محاولة الفرار الأولى التي فشلت اهتدى "زيغود" إلى ضـــرورة صنع مفتـــاح لبــاب السجن ، صنعـــه بنفسـه  وهو الحداد الماهر- وبعد تجاوز صعوبات الحصول على قطعة حديد أدخلها تحت قشابيته من مرحاض السجن ، وصقلها في سرية تامة،وصنع منها مفتاحا ، فتح به باب غرفة السجن ، ثم ثغرة في السقف فكانت خطته لتدبير الفرار من السجن ، وقد رواها لنا أحد رفاقه الذين كانوا معه في السجن ،وهو الشيخ (بوشريحة بولعراس) ، وقد كانت خطة ذكية وجريئة لم ينتبه إليها العدو ، رغم مخابراته الذائمة الحركة ، وتجربته الواسعة ، فإنه لم يتوصل إلى الكيفية التي تمت بها خطة الفرار المحكمة ، وقد فشل العدو فشلا ذريعا ، في الحصول على أية معلومات عن ذلك ، ولم تستطــع مخابراته تحــديد المكان الذي توجــه إليه "زيغود يوسف" ورفاقه ، وقد قرر أن يكون الفرار  في  ليلة 21 أفريل 1954 م لتنفيذ خطة الهروب ، وكان معه ثلاثة من المناضلين الذين اقتنعوا بنجاح خطته ، فقطعوا الجبال والوديان والوهاد ، حتى وصلوا إلى ضواحي – سمندو- عند الشيخ (بوشريحة بولعراس) بدوار صوادق ، حيث وجدوا هناك مأواهم ونصرتهم ،وبعد عملية الفرار ظل الشهيد يتنقل في سرية تامة ، من موقع إلى آخر (الصوادق- الداموس) ، وهي أماكن جبلية حصينة ، وواصل
نضاله فيها إلا أن أصبح مسؤولا على منطقة - السمندو- كلها ،إذ عالج فيها الجرح الذي أصابه أثناء عملية الفرار ، كما كان  يتنقل ما بين الحروش  وسمندو عند أصهاره ، فينتقل إلى "لقرارم" عند (عمار قوقة) فالأوراس ، مع مجموعة من القادة الذين اعتصموا بالجبال أمثال : مصطفى بن بولعيد ،وعلى إثر ذلك عمل "زيغود يوسف" على ربط الاتصال بالأوراس ، هذه المنطقة التي نجت من مؤامرة 1950 ، ولم يكتشف الاستعمار تنظيمها السري،
وفي شهر جوان 1951 م كان "زيغود يوسف" يقيم في منطقة الأوراس في سرية تامة ، حيت كان مطاردا من طرف بوليس العدو،وبعد فترة قصيرة قضاها في المنطقة ، عاد إلى ناحية قسنطينة ليواصل نشاطه السري ...
وفي أواخر أكتوبر قام الشهيد "زيغود يوسف" بتهريب عدد من الأسلحة الحربية ، وكمية من الذخيرة أتى بها من مدينة قسنطيــــــنة استعدادا ليوم الفصل . فتولى مع رفاقــــــه عمليــة التنظيم بالشمــــال القسنطيني». 
     وبالنسبة إلى مشاركة الشهيد البطل زيغود يوسف في مؤتمر الصومام سنة:1956م،يؤكد الباحث صالح جراب على أن زيغود يوسف شارك بفعالية في مؤتمر الصومام التاريخي (20 أوت 1956) الذي أرسى قواعد تنظيم الثورة التحريرية ، وانبثقت عنه لجنة التنسيق والتنفيذ ، وكذا المجلس الوطني للثورة الجزائرية ، الذي كان الشهيد أحد أعضائه المؤسسين ، لقد كان على دراية كبيرة بالأمور العسكرية ، للولاية الثانية ، التي أقرها له مؤتمر الصومام ، ورقّاه بموجبها إلى رتبة عقيد ، كما هو الشأن بالنسبة إلى عدد من ضباط جيش التحرير الوطني ، وكلف رسميا بقيادة الولاية الثانية ،و يذكر الأستاذ صالح جراب أن زيغود يوسف لم يكن يلهيه التنظيم العسكري عن التخطيط السياسي ، فقد لعب دورا بارزا في مؤتمر الصومام   الذي انعقد بقرية إيفري (وادي الصومام) بالمنطقة الثالثة ، هذا اليوم الذي يمثل الذكرى الأولى لهجومات 20 أوت 1955 في الشمال القسنطيني ، لقد شارك كعضو بارز ونشيط في أشغال المؤتمر ،فقد حضر عدد كبير من ممثلي الولايات ، باستثناء الولاية الأولى ، ويرجع السبب في ذلك إلى استشهاد البطل مصطفى بن بولعيد في القتال   في مارس 1956م ، وكان استخلافه صعبا ،لذا أوفدت الولاية الأولى بعض المندوبين عنها ، وفي وقت متأخر  وعندما وصلوا ، كان المؤتمر قد انتهى ،ونتيجة لمقررات مؤتمر الصومام الحاسمة في مختلف الميادين المتعلقة بتنظيم الثورة على المستويين ، السياسي والعسكري ، وفور عودته من المؤتمر شرع "زيغود يوسف" مباشرة في إجراء اللقاءات لإعداد الرجال وضبط الأهداف،وتم تنفيذ ما اتفق عليه في مؤتمر الصومام ، وبعد سلسلة من الاجتماعات والأعمال ، التي استغرقت شهرا كاملا ، في نواحي الولاية الثانية ، قصد"زيغود يوسف" مقر الولاية الثانية الذي كان موجودا بنواحي وادي زهور قرب الميلية ، وقد كلف المؤتمر "زيغود يوسف" بمهمة  إعلام  الولاية الأولى بقرارات المؤتمرين ، فقد اختير لأنه كان يعرف عدداً كبيراً من مجاهدي الولاية وقضى معهم فترة من الزمن عايشهم فيها ، لكن ، بينما كان التحضــير للاجتماع التنسيقي المتعلق بإذاعة الأخبار المتعلقة بمؤتمر الصــومام الذي اختتمت أشغاله مند فترة وجيزة ، فإذا بـ "زيغود يوسف" يسقط شهيدا في مواجهة مع العدو غير متكافئة  ، حينما كان في طريقه إلى الأوراس (النمامشة) .
 وقد قدم الباحث صالح جراب في كتابه:( زيغود يوسف :قيم ومواقف) مجموعة من التفاصيل الدقيقة عن ظروف استشهاده،حيث يقول في هذا الصدد: «بعد عودته من المؤتمر يوم 08/09/1956م عاد يواصل ما تم الاتفاق عليه في هذا المؤتمر ، وكانت المهام كثيرة وذات شأن عظيم،فزيادة على مواجهــة ضرورات الكفـــاح المسلح اليومية للثورة فقد توسع مجالها وحجمها ، لذا كان عليه أن ينصب الهياكل الجديدة ، على أساس ما تقرر في المؤتمر ، وشرح تلك القرارات للقاعدة النضالية للثورة ، زيادة على ذلك تقرر أن يتوجه إلى الولاية الأولى (الأوراس) ، في مهمة  كلف بها من طرف المؤتمر ،وعقد عدة اجتماعات مع أقرب مساعديه ، ليُوصل إليهم ما تم الاتفاق عليه ،وعند عودته زار عائلته ومكث معها ثلاثة أيام ، وبعد انقضاء إجازته ، غادر دوار (الصوادق) واتجه إلى مشتة (شرشال) بنفس الدوار ثم انتقل إلى (سطيحة) قرب سيدي مزغيش .
    ويروي المجاهدان (موسى بوخميس) و(رحايل بوشريط)  وهما من ضمن من كان حاضرا في الاشتباك الذي استشهد فيه "زيغود يوسف" فيذكران أنه  بعد عودته من مؤتمر الصومام عقد اجتماعا بمشتة (الخربة) بدوار الحمري بالقرب من سيدي مزغيش في منزل المناضل (زيدان بوزرد) ، بعــد أن ســرح الفيــلق الذي كان يقوده ومنح جنوده  إجازة قصيرة ، وكان يضم (400) مجاهد ، ولم يبق  معه إلا نفر قليل من جنده البواسل حوالي (08) مجاهدين من بينهم (صالح بوجمعة) و(بوجمعة لمباردي)   و(جامع بوصبع)   وهذا للاطمئنان على القائد في المنطقة وعلى  سكانها ،وهذا بعد أربعة عشر يوماً فقط من مؤتمر الصومام 08/09/1956 م  الذين أضناهم التعب في التحضير والسهر على أن تجرى  أشغال المؤتمر في ظروف حسنة ، وهذه الوقائع  يؤكدها رفاقه : بوشريحة بولعراس ، وريكوح ، وزوجته عائشة ، وفي نيته  أن يقضي ليلته عند المناضل المذكور ، ويستريح ، على أن يواصل سيره في اليوم التالي إلى الأوراس ، وكان هذا في:  22-23/09/1956 ،وضم الاجتماع عدداً من مسؤولي مشاتي (سطيحة) ، ونوقشت عدة مسائل تتعلق بتنظيم عملية العبور إلى الحدود الشرقية ، بإنشاء مخابئ للأدوية ، والمؤن الخاصة بالقوافل المارة بالجهة ، وكذلك مسألة تحديد المسؤوليات المحلية بالمشتيين : بوساطور والعشرقة ،ومع الصباح عرف العقيد زيغود يوسف أن قوات العدو تتمركز في إحدى المناطق المجاورة بناحية الغرب ، فظن أنها عملية مسح للجبل القريب من مكان تواجده ، فاختار التسرب مع من كان معه إلى أحد الوديان ، وكانت خطته تهدف إلى عدم الاشتباك مع قوات العدو ، حفاظا على السكان ، لأن مبدأه كما روى لنا (يوسف رمضان) كان دائما "من كسب الشعب كسب الثورة   ومن خسره خسر الثورة"،لذا فهو يحافظ على الشعب أكثر من المحافظة على نفسه وكانت الخطة حكيمة ، غير أن الوقائع لها مسببات ، وما يخفيه القدر لا يطلع عليه أحد ،ذلك أن قوات العدو (فرقة كومندوس من الفيلق الأول للفرقة الرابعة) حسب أقوال  (موسى بوخميس ورحايل بوشريط) قد أخذت أربعة مناضلين من المناطق المجاورة ، على إثر وشاية بلغت عنهم ، ففاجأتهم  في بيوتهم ، وألقت القبض عليهم وقيدتهم وعند طلوع الفجر ، قفلت راجعة إلى (سيدي مزغيش) ، وفي طريقها فوجئت بشخص يجري في الاتجاه الذي كان يوجد فيه "زيغود يوسف" ورفاقه ،وكان في حقيقة أمـره حارس البيت الذي يقيم فيه زيغود يوسف" ويدعى(جامع بوصبع) ، ولا يعد ضمن المجاهدين التسعة المرافقين لـ"زيغود يوسف" ، فأطلقوا عليه الرصاص فقتلوه ، كما التقت بمناضلين آخرين وسط الأحراش ، وعندما لاذوا بالفرار تبعتهم دون إطلاق النار عليهم ، واتجهت قوات العدو إلى المنخفض الذي كان يسير فيه "زيغود يوسف " ورفاقه ، ووقع ما لم يكن في الحسبان  وما هي إلا لحظات ، حتى التقى الطرفان وجها لوجه وكان "زيغود يوسف" في المقدمة لذا كان أول من أصيب بجروح ورغم هــذا فقد استبســل وقاوم  ، فأصيب حيث أصبح يستحيل عليه الســير لذا أتلف ما استطاع إتلافه من الوثائق ،وحسب المعلومات التي رواها أحد المشاركين في المعركة   فإن "زيغود يوسف" لما تيقن من محاصرة العدو له ، قام بإحراق جميع الأوراق التي كانت تحوي قرارات المؤتمر ونتائجه ،حتى لا تقع يد العدو ، الذي كانت غايته الوحيدة  إلقاء القبض على "زيغود يوسف" حيا وليس شهيدا،ووسط النيران الكثيفة تفرق المجاهدون ، ولم يبق معه في المكان إلا ثلاثة هم : بوجمعة لباردي (رامي شهير) ، كاتبه وقد قتل معه وكذلك عبد الله لعليوي (مسؤول بوساطور) وشاوش عبد الله مسؤول (الصفصافة) ، فاشتبكوا مع قوات العدو وقاتلوهم  قتال الأبطال ، وسط جحافل العدو ، التي أحاطت بهم من كل مكان ، ورغم قلة عددهم وعدتهم فقد أحدثوا  في صفوفهم خسائر فادحة ، مما أثار الهلع والخوف في صفوفهم ، كيف لا وهم يعتبرون من أشهر الرماة ، قبل أن تلحق أرواحهم الطاهرة بالرفيق الأعلى .
انتهت المعركة ، واستشهد في ميدان الشرف تسعة شهداء هم (زيغود يوسف ،و بوجمعة لمباردي ،و عبد الله شاوش ،و عبد الله لعليوي  - الساسي حداد - بوجمعة حسين - أحمد رامول  بورحالة الحواس .
    استشهد القائد البطل "زيغود يوسف" بعد أن قام  بواجبه المقدس   حتى آخر لحظة من حياته،وقد لقي استشهاده صدى عميقا في أوساط جيش التحرير وأفراد الشعب. 
               لقد تعددت المراجع التي كتبت عن هجومات20أوت1955م،فقد قدم الكثير من المجاهدين مجموعة من الروايات والشهادات عن الوقائع من وجهة نظرهم،ومن الزاوية التي كانت تتراءى لهم منها الأحداث،ومن خلال هذه الورقة نسعى إلى تسليط الضوء على مجموعة من الشهادات التي فصّلت في وصف ذلك اليوم العظيم،كما نحاول التوقف مع أهم المناطق التي شملتها تلك الهجومات العظيمة.
               فمما لا يشوبه شك أن إلقاء الضوء على مجريات ووقائع حوادث20أوت1955م بالشمال القسنطيني-الولاية الثانية يكشف من حين إلى آخر جملة من الحقائق التاريخية البالغة الأهمية، يقول العقيد الراحل علي كافي:«إن فكرة عملية20أوت1955 كانت بمبادرة شخصية من البطل الشهيد زيغود يوسف،وتحمّل خطورة مسؤولية نتائج العملية إن لم تسر على ما يرام وحسبما يرجى منها»،وقد فكر زيغود يوسف في البدء أن يشمل ذلك الهجوم كافة أرجاء التراب الوطني ويستمر  لمدة أسبوع كامل،بيد أن  الظروف الصعبة التي كانت تمر بها الثورة في تلك الفترة لم تكن تسمح بتعميمه ليشمل كامل القطر،فقرر تنظيمه في المنطقة التي يقودها-منطقة الشمال القسنطيني-)1(.
          وعن الخلفيات التي سبقت هجومات 20أوت1955م يذكر الرئيس المجاهد علي كافي-رحمه الله- في مذكراته في القسم الذي خصصه للحديث عن تلك الهجومات ووسمه ب«بداية ثورة الشعب على الاستعمار»أن ربيع:1955م شكل مرحلة مخاض عسير وضع المنطقة في مفترق طرق،وهذا ما جعل قيادة المنطقة تختار وتحسم وترمي بثقلها في ميزان التاريخ،يقول في هذا الصدد:«إن مسؤولي المنطقة لم يكن يخيفهم رد فعل العدو فهم محصنون بالقناعة الثورية،وليس مثل موقف رؤساء الأحزاب والمترددين والمشككين.فقد دبروا وتوقعوا كل هذا قبل الانطلاقة وأعدوا له العدة في الوقت المناسب،ولكن الشغل الشاغل لهم هو:الأسلحة واحتواء الشعب للثورة واحتضانها وتبنيها عن قناعة والتزام ومسؤولية.فهي ثورة شعبية من الشعب وإليه،وكل هذا يتطلب تخطيطاً وتفكيراً ثورياً موضوعياً واستعداداً كبيراً للتضحية والفداء،وبالتالي مواصلة العمل مهما كان الثمن وتكريس التواجد في كل شبر من تراب المنطقة،تواجد جنود جيش التحرير الممثل الحقيقي والوحيد للثورة والمدافع الحقيقي والوحيد عن الشعب ومكاسب الثورة.
        ومن الخلفيات الأساسية-التي سطرتها قيادة المنطقة-للإعداد ل20أوت هي تحصين الثورة وحمايتها خاصة بعد عمليات الاعتقال وصعوبة الاتصال ومحاولة خنق الثورة في المهد من طرف القوات الاستعمارية ومن بعض الجزائريين القياديين المتربصين بها،ومن هنا تبدأ عبقرية القيادة وعلى رأسها زيغود يوسف للإعداد لعشرين أوت1955م،وفي هذا الوقت بالذات بدأت تعزيزات جنود قوات الاحتلال تتوافد على الشمال القسنطيني تحت قيادة الجنرال ألارد قائد منطقة الشمال القسنطيني آنذاك،كما وضع العقيد ديكورنو مقر قيادته في الحروش،والهدف هو ضرب المنطقة الثانية وإخماد الثورة فيها،على إثر شبه الصمت الذي عم المنطقة الأولى بعد اعتقال بن بولعيد»)2(.
         وفي قسم خاص وسمه ب«هكذا تم الإعداد ل20أوت1955م»ذكر العقيد علي كافي أن شهر جويلية1955م شهد اجتماعاً في دشرة الزمان في دار رابح يونس في الطريق الجبلي الرابط بين سكيكدة والقل،بين مسؤولي الناحية الثانية،تم تبعه اجتماع موسع لجميع جنود وضباط المنطقة الثانية في دار المجاجدة،وقد حضر هذا الاجتماع عمارة بوقلاز عن ناحية سوق أهراس،وقد تسلم القادة الأوامر والتعليمات من زيغود استعداداً لليوم المشهود،وبعد اجتماع المجاجدة وصل كل من بن طوبال وعمار بن عودة كل على حدة،وتسلما التعليمات،وقد تم التوزيع بإسناد الناحية الأولى لبن طوبال وهي تبدأ من سوق الاثنين غرباً إلى وادي الرمال شرقاً،وجنوباً ميلة-قرارم إلى تلاغمة وتشمل العلمة وإلى غاية مدينة سطيف.
       أما زيغود فقد تولى الناحية التي تراسم ناحية بن طوبال غرباً وناحية بن عودة شرقاً وتمتد من قالمة إلى الساحل إلى الحدود التونسية.
       ومن بين ما نبه إليه العقيد علي كافي أنه تفنيداً لجميع المزاعم والتزييفات التي روجت بأن عمليات20أوت كانت مرتجلة،فقد تبين أن الإعداد دام ثلاثة أشهر،كما أن اختيار أماكن العمليات كان مدروساً ودقيقاً ومضبوطاً،ويخضع لشروط أساسية ثلاثة:
1-أبعاد العملية يجب أن يتحسس بها الجميع إلى أبعد حد.
2-جمع ونقل وتخزين الأسلحة وتجمع المشاركين يجب أن يتم دون مشاكل أو صعوبات.
3-الانسحاب يجب أن يتم في أحسن الظروف.
  يضاف إليها بث فقدان الأمن في صفوف قوات العدو والمعمرين وغلاة الاستعماريين وزرع الرعب فيهم.
   وقد حددت أهداف الهجوم بأنها تشمل جميع المواقع العسكرية من ثكنات ومراكز البوليس والجندرمة والمؤسسات الاقتصادية ومعاقل الأوروبيين،وقد خطط على:
-أن يتم الهجوم في وضح النهار حتى تشاهد الجماهير الشعبية جنودها وتلتحم بهم لرفع المعنويات ولتحطيم قوة العدو.
-تتواصل العملية ثلاثة أيام لكل يوم أهدافه.
-إعدام من لم يستجب لنداء الثورة وتحالف مع العدو.
-تسليم مشعل الثورة للجماهير.
-فك الحصار عن المنطقة الأولى.
-حث باقي المناطق على النهوض حتى تشمل الثورة جميع ربوع الوطن.
-وضع خط أحمر أمام كل متردد.
- الإصداع باللا عودة بعد هذا اليوم.
-20أوت تضامن فعال وبالدم مع الشعب المغربي في ذكرى نفي محمد الخامس.
-استكمال شمولية الكفاح في كامل أرجاء المغرب العربي وذاك أحد أهداف أول نوفمبر.
-القضاء على التعتيم الإعلامي الغربي وإسماع صوت الثورة في المحافل الدولية.
إنها قمة التحدي وحكمة التخطيط وروعة الفداء)3(.
          وفي سياق الخلفيات التي سبقت هجومات20أوت1955م،يشير الدكتور عامر رخيلة إلى أنه«يخطئ من يعتقد بأن الساسة والعسكريين الفرنسيين تعاملوا مع الثورة التحريرية عسكرياً بالمستوى الذي تقتضيه محدودية الأحداث والعمليات التي قامت بها طلائع نوفمبر،وقد تميزت تصريحات الساسة الفرنسيين بالإصرار على تأكيد الطروحات المعهودة بشأن الوضع في الجزائر مؤكدين تمسكهم بوحدة فرنسا التي تعتبر الجزائر جزءاً لا يتجزأ منها،وهو الأمر الذي لم يسبق أن اختلف بشأنه اليمين واليسار الفرنسيين.
   وعلى الصعيد العسكري أعلنت السلطات الفرنسية إنشاء مناطق محرمة لتبدأ بذلك سياسة حربية قائمة على وسائل القمع والاضطهاد من خلال:
-شن عمليات تمشيط واسعة بالأوراس وبلاد القبائل ومعظم مناطق الشرق الجزائري.
-إجلاء السكان وتحويلهم بعد حرق مداشرهم وشن حملات اعتقال في صفوفهم.
-فتح محتشدات واعتمادها كمراكز إيواء معزولة.
-اتخاذ جملة من الإجراءات الردعية والزجرية ضد المدنيين في المدن والقرى،وبحلول سنة:1955م عرفت الساحة العسكرية بالنسبة للطرف الفرنسي دعماً كبيراً،إذ تدعمت القوات الفرنسية العاملة في الجزائر بقوات جديدة لتصل إلى ضعف ما كانت عليه عند اندلاع الثورة،إذ بلغت في:26فيفري1955 حوالي80.300عسكري وهو الرقم الذي ظل يزداد ارتفاعاً طيلة سنوات الحرب،ونالت فرنسا تزكية حلفائها في الحلف الأطلسي لحربها في الجزائر من خلال إعلان الحلف الأطلسي في:26مارس1956 تدعيمه للحكومة الفرنسية لوجستياً ومالياً لمواجهة الثورة الجزائرية.
    والملاحظ أن الثورة التحريرية عرفت خلال العشرة شهور الفاصلة بين اندلاع الثورة و20أوت1955م جملة من الأحداث المعرقلة لمسارها،يمكن ذكر بعضها فيما يلي:
-حملة الاعتقالات التي شملت المناضلين مما كان له أثره البين على إمكانيات التجنيد في صفوف الجبهة،وهو الأمر الذي كانت عمليات الاعتقال تستهدفه-أي الحد من تجنيد الجبهة-.
-السقوط المبكر لبعض القادة في ساحة المعركة مثل:استشهاد بن عبد المالك رمضان يوم:4نوفمبر،باجي مختار يوم:19 نوفمبر،قرين بلقاسم يوم:29 نوفمبر،ديدوش مراد يوم:18جانفي1955، وغيرهم من المجاهدين الأوائل.
-إلقاء القبض على قادة من جبهة التحرير الوطني وكان أولهم مصطفى بن بولعيد بتاريخ:11فيفري1955 وهو قائد منطقة الأوراس،ليتم في الشهر الموالي وبالتحديد يوم:23مارس1955 اعتقال رابح بيطاط قائد المنطقة الرابعة.
-ظهور الحركة المصالية اثر اندلاع الثورة مباشرة وما كان لذلك من تأثير على الرؤية السليمة للمناضلين والمواطنين لما يجري على الساحة من صراع خاصة وأن تأثير شخصية مصالي على المناضلين في الجزائر والمهجر إلى ذلك الوقت لا يمكن لأي كان الطعن فيها.
-فرض السلطات العسكرية حصاراً شديداً على منطقة الأوراس وتشديد الخناق عليها»)4(.
          فلا شك في أن الهدف الرئيس للاحتلال الفرنسي هو القضاء على الثورة في عامها الأول،وجعلها مجرد انتفاضة محلية وجهوية لا غير،وذلك ما صرح به جل المسؤولين الفرنسيين لتضليل الرأي العام،وعزل الثورة عن الشعب وتطويقها وإخمادها،ولذلك فقد وجهت فرنسا ثقلها العسكري إلى منطقة الأوراس،وقد جاءت هجومات20أوت1955م لتنسف جميع الادعاءات والأكاذيب الفرنسية،وتؤكد شمولية الثورة الجزائرية المظفرة،ووفق ما جاء في شهادة المجاهد أحمد هبهوب التي رواها الأستاذ عثمان الطاهر علية فالأهداف التي كان يصبو إلى تحقيقها زيغود يوسف هي:
1-فتح أبواب الثورة على مصراعيها أمام جميع المواطنين الجزائريين لدخول المعركة،وبذلك تصبح ثورتنا ثورة مجموع الشعب كله بدلاً من أن تبقى محدودة في مجموعات صغيرة من الرجال.
2-الضغط على القوات الفرنسية التي تضرب طوقاً محكماً على منطقة الأوراس وإجبارها على الانسحاب منها وتشتيت شملها،وذلك حتى لا تترك المجال مفتوحاً أمامها لتجميع قواها والقضاء على خلايا ثورتنا الحية خلية بعد خلية.
3- التعبير عن التضامن والتكاثف مع الشعب المغربي بعد اعتقال ونفي الملك محمد الخامس.
4-القضاء على الدعاية الفرنسية الزاعمة بأن ثورة الجزائر مستوحاة من الخارج وليست نابعة من صميم الشعب الجزائري.
5-أما الهدف الأسمى فهو تسجيل القضية الجزائرية في جدول أعمال الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة.
     وبالنسبة إلى تحديد يوم السبت20أوت1955م موعداً للهجوم،فهذا الأمر يرجع إلى سببين:
1-يمثل هذا اليوم نهاية الأسبوع وبداية العطل والإجازات للجنود الفرنسيين ورجال الشرطة والدرك.
2-في مثل هذا اليوم يعرف سوق سكيكدة حركة كبيرة،حيث يتوافد إليه عدد كبير من المواطنين من مختلف المناطق مما يسهل المهمة لجنود جيش التحرير الوطني للدخول إلى المدينة في زي تنكري مدني يتم من خلاله إخفاء الألبسة العسكرية والأسلحة.
         وقد حدد منتصف النهار كونه يتزامن مع خروج الأوروبيين من عملهم لتناول وجبات الغذاء،وبالتالي تسهل مهمة تنفيذ الهجوم،وبالنسبة إلى التحضيرات العسكرية والبشرية التي سبقت الهجوم فقد«كانت عملية توفير السلاح لتزويد المجاهدين وتدريب المواطنين وتوفير اللباس العسكري من أهم المشاكل التي طرحت خلال الاجتماع الذي سبق وأن تحدثنا عنه،خاصة أن السلطات الاستعمارية شددت رقابتها وكثفت عمليات التفتيش بحثاً عن السلاح لدى المواطنين وفرض العقوبات على كل محرز للسلاح،كما فرضت القيود على بيع البنزين والكيروسين خوفاً من استغلالها في صنع قنابل المولوتوف،وتصدياً لكل هذه المشاكل عيّن زيغود يوسف مسؤولين للإشراف على عملية التنظيم العسكري عن طريق:
-تحديد المهام والمسؤوليات وتوزيع المسؤولين على جميع النواحي قصد توفير الشروط المادية والبشرية والمعنوية لإنجاح عملية الهجوم.
-جمع الأسلحة والذخيرة الحربية ومعدات الهجوم والألبسة والتموين وتخزينها للوقت المناسب وجمع الأدوية ووسائل العلاج.
-تكليف بعض المواطنين من ذوي الخبرة بصنع القنابل الحارقة(مولوتوف) وصنع القنابل اليدوية من علب السردين والطماطم.
-إحصاء مراكز العدو وثكناته وعدد قواته وعتاده الحربي مع دراسة شاملة لوضعيتها الاستراتيجية.
-التدريب العسكري للمسبلين والمناضلين الذين أصرت قيادة المنطقة الثانية على إشراكهم بأعداد كبيرة في الهجوم.
      أما أسلوب القتال مع العدو فقد اعتمد على حرب العصابات مع حسن الاختيار الدقيق لأماكن العمليات لتمكين المهاجمين من الاحتماء بها بعد تنفيذ مهامهم.
       وقد تجسدت التحضيرات البشرية في جمع المجاهدين والمسبلين والمناضلين بعيداً عن أعين الاستعمار،قصد تشكيل أفواج الهجوم وتوزيع الأسلحة عليهم وإطلاعهم على الأهداف المحددة للهجوم،وقد نهض بهذه المهمة كل مسؤول في ناحيته،إذ عينهم زيغود يوسف لإتمام التحضيرات المادية والبشرية والمعنوية،وقد تمت هذه العملية في سرية تامة إلى غاية:19أوت1955م،حيث اطلعت عليها أفواج الهجوم التي تشكلت في جميع نواحي المنطقة وهي كالتالي:مدينة سكيكدة وضواحيها،ناحية الحروش،ناحية سمندو،ناحية الميلية،ناحية القل،ناحية قسنطينة،ناحية وادي الزناتي.
  هكذا وبعد وضع اللمسات الأخيرة لمخطط الهجوم،وتحديد أماكن وأهداف كل الأفواج المشاركة تقرر مع بداية العمليات العسكرية رفع العلم الجزائري،وأن تكون إشارة انطلاقتها إعلاء كلمة الجهاد في سبيل الله»)5(.
       يصف المؤرخ الراحل الدكتور يحيى بوعزيز-رحمه الله-هجومات 20أوت1955م،بقوله:«وكان شهر أوت1955م مرحلة جديدة في زحف الثورة وتقدمها إلى الأمام،ففي سكيكدة قام المناضلون والجنود من جيش وجبهة التحرير الوطني بإلقاء القنابل على محلات المعمرين،ونظموا هجوماً جريئاً على المدينة ضد غلاة الاستعمار وأذنابه وأضرموا الحرائق في ساحاتها،وأتلفوا عدداً من مزارع الكروم التي يملكها المعمرون،وذلك رداً على المجزرة الرهيبة التي ارتكبها الاستعماريون في نفس المدينة عندما ساقوا المئات من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال إلى ملعب المدينة البلدي وأعدموهم بصفة جماعية...
       ولقد كان يوم:20أوت1955م مشهوداً ورائعاً حقاً في تاريخ الثورة،ففي هذا اليوم وعند الساعة الثانية عشرة بالضبط عند منتصف النهار،نظم جيش التحرير الوطني هجومات عسكرية جريئة على أربعين مدينة من مدن الشمال القسنطيني،ولقد كان لهذه الهجومات أصداء بعيدة جداً سواءً بالنسبة إلى الثورة أو الاستعمار،بالنسبة للاستعمار أصيب بخيبة كبيرة،وأثر ذلك على نفسية الجنود،وأصبحوا يرون في جيش التحرير الفزع الأكبر والخطر الداهم على حياتهم،ولذلك انتشرت بينهم روح التمرد والعصيان ضد الحرب في الجزائر ومقاتلة جيش التحرير،فتمرد أكثر من أربعمائة جندي فرنسي من سلاح الطيران في محطة ليون بفرنسا ورفضوا الذهاب إلى الجزائر،وفشلت كل المحاولات لإقناعهم بالرحيل فأعيدوا إلى ثكناتهم،وتمرد أكثر من200جندي من فرقة المدفعية رقم:451 في كنيسة سان سيفيران،ووزعوا منشورات أعلنوا فيها معارضتهم   لاستخدامهم كأداة لتنفيذ سياسة عنجهية ينكرها أغلب الفرنسيين المتحررين.
   وبالنسبة إلى الثورة واصلت زحفها وسيرها اثر انتصارات20أوت،وجرت في شهر سبتمبر معركة الجرف الأول بجبال النمامشة في الأوراس»)6(.
          عن سير العمليات يوم الهجوم يذكر المجاهد عمار قليل في كتابه«ملحمة الجزائر الجديدة» أن العمليات انطلقت في الساعة المحددة «الثانية عشر ظهراً،فانطلقت أفواج المسبلين الذين كانوا تحت قيادة جنود جيش التحرير الوطني لتنفيذ المهام الموكلة إليهم،وداهمت كالسيل الجارف ثكنات الجيش الفرنسي وشرطته ودركه،بالإضافة إلى محلات المعمرين الأوروبيين الذين أخذتهم المفاجأة،حيث لم يكونوا يتوقعون هجوماً بهذه الكثافة والاندفاع في منتصف النهار،هذا ما جعلهم يقعون في ارتباك وهلع لا مثيل له،بينما انطلق المجاهدون والمسبلون في تنفيذ مهامهم وسط صيحات التكبير والدعوة إلى الجهاد،وما هي إلا ساعات معدودة من تطبيق عملية الهجوم الظافرة،حتى بدأ المستعمرون يستعيدون صوابهم، و بدأوا في استدعاء الفيالق العسكرية التي من بينها الفيلق التاسع لسلاح المدفعية التي حضرت خصيصاً من(كوبلنسن)لتطهير منطقة سكيكدة وضواحيها،ووصل الغضب بقوات الجيش الفرنسي حد الجنون،حيث قاموا بتطويق مدينة سكيكدة من جميع الجهات،وقاموا بصب وابل رصاصهم على السكان والمهاجمين،حيث سقط القتلى بالمئات،وارتفعت حمى القتل والانتقام وسط الجيش الفرنسي الذي اقتحم البيوت والمحلات،ساق المئات من أبناء الشعب الجزائري تحت تهديد السلاح صوب الملعب البلدي،وهناك تعرضوا إلى إبادة جماعية،فدفن آلاف القتلى وبعضهم ما زالت دماؤه تنزف،ولم يتوقف الأمر على القتل فحسب،بل إن عمليات حرق المساكن الشعبية والأكواخ والمزارع وحتى الحيوانات التي تخص الجزائريين انتشرت في معظم مناطق الشمال القسنطيني،شارك المعمرون المدججون بالسلاح جنباً إلى جنب مع الجيش والدرك والشرطة في تنفيذ هذه المهام،كانت حصيلة هذا الهجوم استشهاد700جزائري جلهم من مدينة سكيكدة وضواحيها،وغالبيتهم من المسبلين مع أعداد قليلة من المجاهدين »)7(.
        كما يشير المجاهد عمار قليل إلى أن سير العمليات بمنطقة الميلية اختلف عن مثيلاتها في منطقة سكيكدة،وذلك يرجع إلى اختلاف التكتيك الذي اتبع،فقد كانت هذه المنطقة الممتدة من عين قشرة حتى وادي ابرجانة تقع تحت قيادة«مسعود بوعلي» وهو مساعد للأخضر بن طوبال،فقد قام مسعود بوعلي بتنظيم المجاهدين والمسبلين وتحضيرهم للهجوم على الأهداف المحددة،مراعياً في ذلك أن يكون الاعتماد في تنفيذها على المجاهدين بالدرجة الأولى،ويكون الشعب ومعه مجموعة من المسبلين خلفهم،وذلك على خلاف ما حصل في المناطق الأخرى حيث كان إقحام الشعب وسط المجاهدين سبباً في وقوع الكثير من الضحايا وفق رؤية المجاهد عمار قليل،وهذا ما جعل العمليات في منطقة الميلية تكلل بالنجاح دون حصول خسائر تذكر في صفوف الشعب،ومن أبرز العمليات التي نفذت في منطقة الميلية،ودامت ثلاثة أيام متتالية«نصب كمين لحاكم الميلية على الطريق الرابط بين الميلية وقسنطينة على بعد5كلم من الميلية،إنه الحاكم(رينوا)الذي وقع في كمين وتم قتله وسقط سلاحه من السيارة-مدفع رشاش-فاغتنمه المجاهدون،بينما هرب سائقه به وهو ميت حتى دخل به إلى الميلية،إضافة إلى ذلك تم نصب عدة كمائن منها كمين زقار،الذي قتل فيه عدد من جنود العدو،وغنم المجاهدون قطعة رشاش من عيار24،29كانت أحسن قطعة سلاح تملكها فرنسا في ذلك الوقت،كذلك كمين(حزوزاين)قتل فيه شرطي فرنسي وغنم مسدسه،وتم تحطيم عدة جسور،وقطع أسلاك الكهرباء والهاتف،وحرق شاحنات المعمرين،بالإضافة إلى تطويق مدينة الميلية من جميع الجهات وعزلها عن العالم الخارجي،بحيث التزم الجنود الفرنسيون ثكناتهم،واتخذوا موقف الدفاع والحذر،كما توج المجاهدون هجوماتهم باحتلال قرية(أراقو)-برج علي حالياً-التي كان يسكنها المعمرون،حيث تم تحريرها تماماً ورفع العلم الجزائري فوقها.
  لم يتجاوز عدد الشهداء الذي سقطوا بمنطقة الميلية خلال الثلاثة أيام التي دارت فيها العمليات سوى بضعة شهداء منهم:قليل زيدان،بوزردوم علي،زرطال عبد الحميد،بغيجة بوخميس،ولقرون يوسف»)8(.
أهم الـمناطق التي شـملتها الهجومات:
1-    هجومات 20أوت1955م بناحية الميلية:
    ذكر المجاهد مسعود بوعلي مسؤول المنطقة الأولى التابعة إلى الولاية الثانية في حديث له مع «مجلة أول نوفمبر» العدد :52 سنة:1981م أنه تم تقسيم مجموعات الفرق على النحو التالي:
-فرقة هاجمت السطارة(كاطينا سابقاً) بقيادة الشهيد علي بوزردوم.
-فرقة هاجمت عين قشرة بقيادة مزدور صالح.
-فرقة هاجمت حزوزاين(طريق سكيكدة)بقيادة قرفي عمر المدعو موسطاش،وقد شارك في هذه العملية مجموعة من المجاهدين من بينهم المجاهد حسين بوفلاقة.
-فرقة بقيادة مسعود بوعلي مكثت فوق مدخل الطريق لمدة أربع ساعات تترقب حركات العدو،وتمكنت من الاستيلاء على كمية من الأدوات التقليدية منها الفؤوس والمعاول والمذارى،وغيرها والتحقت فيما بعد بفرقة قرفي عمر وتصدت لإحدى الشاحنات وقتلت إحدى الدركيين وغنمت سلاحه.
     وقد تميزت الهجومات في اليوم الثاني بعدم التصدي للعدو وجهاً لوجه بعكس ما حدث في اليوم الأول،وقد تم إطلاق النيران على قوات العدو وتدمير عدة سيارات،وفي اليوم الثالث هاجمت فرقة من المجاهدين عساكر العدو في طريق عصفورة وقتلت أكثر من خمس وأربعين جندياً وغنمت مجموعة من الأسلحة.
2-    هجومات20 أوت1955م برمضان جمال:
     ذكر المجاهد الشبل الضيف في حديث له مع «مجلة أول نوفمبر» العدد :51 سنة:1981م،أن الهجوم تركز على أربع جهات هي:
-دخول فرقة عن طريق الشهداء.
-دخول فرقة عن طريق السطيحة.
-دخول فرقة عن طريق الحروش.
-دخول فرقة على طريق عنابة.
    وبعد تطويق المدينة  ومحاصرة أربعة من رجال الدرك قتل دركيان وستة من العساكر الفرنسيين،وقد وصلت بعد ساعة تعزيزات أمنية كبيرة للعساكر الفرنسيين.
3-     هجومات20 أوت1955م بمجاز الدشيش:
          ذكر المجاهد محمد شريم في حديث له مع«مجلة أول نوفمبر» العدد :48 سنة:1981م أن فرقة من المجاهدين وصلت صبيحة19أوت1955م إلى منطقة صفيفة بضواحي مجاز الدشيش،والتجأت إلى غابة جبل السطيحة،ومكثت بها طوال النهار،ومع غروب الشمس دخل المجاهدون القرية وتوزعوا على أرجائها،«و صبيحة الهجوم وقبيل الساعة الحادية عشر صباحاً شعرت السلطات الاستعمارية بحركة غير عادية وسط السكان الشيء الذي أدى بقوات العدو إلى أن تتحرك بسياراتها ومصفحاتها وفي تلك الأثناء اكتشفت قوات العدو خطة المجاهدين،وبدأت طلقات نيران المجاهدين خارج القرية تسمع بصورة متقطعة خاصة في مرتفع(بوساطور)وهنا بادرت قوات العدو إلى محاصرة القرية عن طريق نجداتها الضخمة،وفي منتصف النهار أخذت فرقة المجاهدين مكانها المحدد،وتحددت إشارة الهجوم بسماع صوت(الرواقا)الذي يطلق في منتصف نهار كل يوم،وبدأ الهجوم في الوقت المحدد وذلك من طرف فصيلة على إثر نصب كمين لقوات العدو دمرت خلاله سيارة جيب بمن فيها،واستطاعت بواسطة بندقية ستان انجليزي،وموسكوطو إيطالي الصنع،وكمية هامة من بنادق الصيد أن تقاوم بشدة في حين ركز جنود العدو نيران رشاشاتهم على كل من صادف طريقهم».
4-     هجومات 20أوت1955م بالحروش:
      انطلق المجاهدون إلى مبنى الضيعة يوم:19 أوت1955م،«وفي مدينة الحروش إحدى دوائر ولاية سكيكدة حالياً،اكتسى  هجوم الثوار الذي تمركز في دار العدالة طابعاً مثيراً للغاية اضطرت معه القوات الاستعمارية إلى مواجهة كبيرة دامت أربع ساعات».
       وقد روى المجاهد العايب الدراجي تفاصيل ذلك اليوم لمجلة«أول نوفمبر» العدد :47 سنة:1980م،حيث جاء في شهادته:«بات المجاهدون بمبنى الضيعة على أمل أن يحين منتصف نهار الغد-20أوت1955م،ولم يهدأ بال الجميع خصوصاً وأن عملية مهاجمة مدينة الحروش ليست بالأمر الهين،ولذلك شددت الحراسة ونظمت في نقاط مختلفة من الطريق المؤدي إلى مدخل المدينة،وعندها قاربت عقارب الساعة الحادية عشرة صباحاً،بدأ المجاهدون في التسلل واحداً تلو الآخر إلى داخل المدينة،وبقيت كلمة لا بد منها وجهها مسؤول ناحية الحروش المجاهد العايب الدراجي،وقد خص بها الجانب التنظيمي،حيث بادر بتقسيم الأفواج إلى ثلاثة أقسام على كل فوج أن يسلك طريقه المحدد والذي يوصله إلى هدفه المحدد:
-طريق السد-الباراج-.
-طريقة سكيكدة.
-طريق الجبانة التابعة إلى بئر السطل.
         وعبر مختلف هذه الجهات كان الالتحام على أشده بين الأهالي والمجاهدين من جهة وجنود العدو الذين بوغت الكثير منهم بأمر الخطة التي كان تنفيذها جيداً ولصالح قوات جيش التحرير الذي فجر لأول مرة عملية عظيمة الحجم في قلب المدينة،وكأنهم يعلمون في قرارة أنفسهم مسبقاً بأن هذا اليوم هو بمثابة منعرج حاسم في مسار الكفاح المسلح،وهو حجر الزاوية في تحقيق أسس الاستقلال،وقد تحولت دار العدالة إلى ساحة لتبادل  النيران،وبعد اشتداد حملة تطويق منشآت العدو،اختلط الأمر في البداية واستاء العدو من ذلك،وقام بتصويب نيرانه في جميع الجهات،مستخدماً الأسلحة الثقيلة والقصف بالمدفعية بعدما علم بتواجد فرقة من المجاهدين بدار العدالة التي تسلل إليها المجاهدون قبل منتصف النهار وتمكنوا من الحصول على وثائق سرية و هامة،وتمكنوا من حرق جميع الوثائق والمستلزمات التي كانت تخص الإدارة الاستعمارية،وقد قام المستعمر بقصف هذا المعقل بالمدفعية الثقيلة بعد طول مقاومة وصمود المجاهدين إلى غاية الساعة الرابعة مساءً،وقد نفذت في هذا اليوم عدة عمليات فدائية جريئة وذلك تطبيقاً للتوجيهات العامة التي سبقت مرحلة تنفيذ الهجوم».
       كما شمل الهجوم جملة من المناطق لا يتسع المقام هنا للتفصيل فيها نذكر من بينها:وادي الزناتي،وسيدي مزغيش،والقل. 
           يذكر المجاهد عمار قليل في تقييمه لهجومات20أوت1955م أن قيادة المنطقة الثانية-الشمال القسنطيني-بعد الانتهاء من الهجومات عقدت اجتماعاً في منطقة(تايروا)شرق قرية سطارة في شهر نوفمبر1955م لتقييم حصيلة عام من الثورة،بالإضافة إلى تقييم هجومات20أوت1955م،وقد كان الشهيد البطل زيغود يوسف مسروراً جداً بنتائج هجومات20أوت،وبعد استعراض تفاصيل العملية من جميع الجهات قال الشهيد زيغود يوسف رحمه الله: (إذا كنا قد خسرنا عسكرياً ونجحنا سياسياً في شمال شرق قسنطينة-يعني بذلك سكيكدة وضواحيها-فإننا قد ربحنا سياسياً وعسكرياً في شمال غرب قسنطينة-يعني دائرة الميلية-وبهذه المناسبة قدم الشهيد زيغود يوسف مصحفاً للقرآن الكريم إلى قائد المنطقة مسعود بوعلي وشكره على النجاح الكبير الذي حققه هو ورفاقه في المعارك التي لم يسقط فيها أي شهيد من أبناء الشعب).
هجومات 20أوت1955قيم وعبر وذاكرة للأجيال:
        يشير المجاهد إبراهيم شيبوط في كتابه «زيغود يوسف الذي عرفته» إلى  أن هجومات 20أوت 1955م والتي خطط لها زيغود يوسف كانت بدايتها مع حديث زيغود يوسف  في شهر جويلية1955م    مع كل من بوقادوم بشير و بوبنيدر،بوجريوي،واسماعيل زقات،وساسي وبوركايب وبوشريخة ومجموعة من معاونيه المقربين من منطقة الوسط عن المشروع وبرمجته لاجتماع مع بن طوبال وبن عودة،وقد تم الاجتماع الذي حضره أكثر من مائتي جندي من بينهم عمارة العسكري بالمكان المسمى( قندابو) الذي يبعد خمسة عشر كيلومتراً عن سكيكدة،ولم تتسرب أية أخبار إلى مصالح الاستخبارات الفرنسية،وخلال التسعة أشهر التي سبقت هجومات 20أوت1955م عمل زيغود يوسف مع مجموعة من مرافقيه جاهداً على تنظيم سكان الأرياف والمدن بالناحية الثانية من الشمال القسنطيني.
     وبالنسبة إلى الأهداف المرجوة التي ينبغي تحقيقها فقد أوجزها المجاهد إبراهيم شيبوط في:
«1-شرح وإقناع سكان المنطقة بأن الحرب المسلحة تحت قيادة جبهة التحرير الوطني وسندها المسلح الجيش الوطني الشعبي تهم الشعب الجزائري كله والذي ينبغي إذن أن يتحد لأن هذه الوحدة ضرورية لنجاح الثورة.ثم انخراط السكان وتبين ذلك بمنح أسلحة الصيد للجيش الشعبي الوطني وأحياناً منحهم بنادق قديمة حصل عليها أصحابها من عند جنود الحلفاء خلال مرورهم بالجزائر عام:1942 .
2-بفضل هذا الانخراط تكونت مراكز اتصال( بريد)أو سلسلة يقوم عليها جنود أو مسبلون الذين عن طريقهم يتم النقل السريع للأوامر أو المعلومات كما أنهم يسهلون تنقل وحدات جيش التحرير الوطني.
    في شهر جويلية1955 إدارة الاحتلال لم تكن حاضرة بالبوادي واعتزلت المخيمات العسكرية المتواجدة بالأماكن التي يمكن من خلالها مراقبة حركات سكان الريف وجيش التحرير الوطني.
3-إقامة انعدام الأمن:أعمال استهدفت منشآت الطرق،الخطوط الهاتفية،الخطوط الكهربائية».
         أما نتائج هجومات 20أوت1955م فمن خلالها تأكدت وحدة الشعب والتحامه بالثورة المظفرة،تم وضع حد لأسطورة الجزائر الفرنسية،ووقع تمازج والتحام كبير بين الشعب وجبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني،كما تم فك الحصار على الأوراس،كما أكدت التضامن الوثيق مع المغرب الأقصى من خلال اختيار يوم:20أوت تاريخ الإطاحة بالملك محمد الخامس سنة:1953م.
      كما يذكر أن  زيغود يوسف تأكد من أن   التضحيات الكبيرة التي قدمت قد أعطت النتائج التالية:
-محاصرة الأوراس ارتخت،هذه المنطقة أمدت زيغود يوسف بمجموعة من الأسلحة التي أتى بها عيسى عبد الوهاب.
-ثورة الجزائر اكتسبت تعاطف الشعوب والدول الأجنبية.
 -استفادة كل من المغرب الأقصى وتونس استفادة كبيرة من الثورة الجزائرية.
-شهدت الناحية تزايداً كبيراً في عدد جيش التحرير الوطني.
-التنقلات أصبحت سهلة.
-التمكن من التوغل في كل مناطق الناحية.
-التنظيم العام يتحسن ولاسيما في مراكز الحراسة ومراكز التمريض والصحة.
 هجومات 20 أوت1955م :النصر الكبير
   توقف المجاهد عمر شيدخ العيدوني وقفة مطولة مع هجومات 20أوت1955م في كتابه:«مملكة الفلاڤة» كونها تشكل تحولاً كبيراً في تاريخ ثورة التحرير المظفرة،وذكر في بداية شهادته عن هذه الهجومات أن الشهيد البطل زيغود يوسف  قد استلهم   فكرة الهجوم الموسع مما شاهده من عمليات في أولاد عيدون يوم 09 ماي وما بعده، وقرر تكرار الأمر بصورة أشمل وفي نطاق أوسع يستغرق منطقة الشمال القسنطيني بأكملها وحدد لها يوم: 20 أوت 1955 م وكان منتصف النهار موعدا للبدء.
         يذكر المؤلف أنه قبل هذا التاريخ بأيام تم الاتصال بهم من قبل  مجموعة من المجاهدين من بينهم : محمد بعداش،و صالح بن عتيق، وحسين بودشيشة، ومحمد بن موسى... وطلبوا من كل من يملك آلة حديدية حادة (سكين، منجل، مزبر، شاقور، فأس...) أو سلاح مهما كان نوعه أن يتأهب لهجوم شامل على المستعمر الفرنسي.
         يقول المجاهد عمر شيدخ العيدوني في شهادته عن تلك الهجومات: «  في 20 أوت 1955م بدأت الهجومات في سكيكدة، التي قادها ميدانيا المناضل الفذ إسماعيل زيغد  ، وفي ناحيتنا أخذنا مواقعنا حسب المهمة الموكلة إلى كل واحد  منا، وكنا ممن كلفوا بالحراسة في مكان يسمى : "الدخسة من بسباس" بالقرب من مشتة بلجبالة برفقة المجاهد محمد تويور، وفي يوم 22 أوت صعد المجاهد محمد بعداش إلى مرتفع يسمى الطهر، وصاح في الناس: "الجهاد في سبيل الله"، فهب الناس كأمواج البحر المتلاطمة من كل حدب وصوب وهم يحملون المزابر و الشواقير و السيوف و السكاكين، ومن لم يجد فقضيبا من حديد... وبدأت هذه الحشود البشرية تسير متلاحمة، فلما اقتربوا من منطقة لمروج توقفوا بأمر من بودشيشة حسين و بن جكون، ثم طلبا ممن يحملون سلاحا ناريا أن يتقدموا ليكونوا في الصفوف الأولى ومن البقية التأخر والانتظار، فقد فضلا أن لا يغامرا بجموع السكان العزل وأن لا يرسلا بهم إلى مقصلة حقيقية ، بل يتقدم المسلحون أولا وحدهم، فإن نجحوا نجوا جميعا وكتب النصر للجميع، وإن هلكوا هلكوا وحدهم، وسلم الناس. وكذلك كان الأمر؛ فقد أقيم كمين على حافتي الطريق الذي يقطع منطقة المروج وكبدت قوات العدو خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد وكانت هذه المعركة بقيادة حسين بودشيشة، أما بن جكون فأقام بدوره كمينا في   توقيت الكمين الأول نفسه بمنطقة قريبة تسمى أسردون ترصد فيه قوة كبيرة للاستعمار متكونة من سيارات وشاحنات ودبابات مدعمة بغطاء جوي، وقد نالوا منهم وقتلوا أزيد من 45 عسكريا فرنسيا ودمروا عشرات الآليات. وفي هذه المعركة استشهد المجاهد زيدان قليل، وقيل إن طائرة أصابته فقتل، وفي معركة لمروج جرح مجاهد من دوار بني صبيح أرسله بن طبال للقتال معهم، داوته فيما بعد امرأة تدعى سعدة بنت صالح.
        أعود إلى تاريخ 20 أوت 1955، وبالتوازي مع هجومات سكيكدة، قاد بن طبال بنفسه معركة في آراقو، و هي التي تمكن فيها جيش التحرير من دحر القوة الفرنسية و أعلن المنطقة أول منطقة مستقلة في الجزائر لم تدخلها فرنسا أبدا حتى 62 إلا في عمليات التمشيط الكبرى و اتخذها بن طبال مركزا للقيادة و ملجأ لقادة الثورة الكبار على غرار زيغود، وكافي،و بوبنيدر،و منجلي،   وغيرهم... كما قاد المجاهد الفذ أحمد بلعابد معركة كبرى في كاتينة (السطارة حاليا) قتل فيها الكثير من العسكريين الفرنسيين والمعمرين  ، ومن بين المعمرين الذين قتلوا في هذه المعركة أذكر  : موريس و روني ماصلو، وفي هذه المعركة قتل المواطن بوخميس قميح خطأ بمنطقة حزوزاين، ظنه المجاهدون معمرا فأطلقوا عليه النار إذ كان يمتطي سيارته السوداء التي كانت تشبه كثيرا سيارات المعمرين. كما قام بعض المجاهدين الذين ينتمون إلى بني تليلان و بني صبيح بقيادة بن طبال بعملية بحمام بني هارون استشهد فيها سي عبد الله الشلفي من الشلف و قد التحق بالمنطقة سنة 1955 من قبل الساسي لسود أحد قادة الثورة التونسية.
    ولم نكتف في هذه الأيام بهذه المعارك بل كبدنا الاستعمار في 22 أوت 1955 م ضربة قاسمة أربكته وأذلت كبرياءه، تمثلت في قتل الحاكم العسكري لأولاد عيدون "رينو" برتبة عقيد (كولونيل) في منطقة أودادن على بعد كيلومترات من وسط المدينة، فقد رصدت مخابرات الثورة تحركاته على الطريق الرابط بين المدينة و قسنطينة، إذ كان يشرف بنفسه على إدخال المعمرين العاملين والمقيمين خارج المدينة خشية عليهم، وأبلغت القائد عمار علواش بهذه التحركات وتوقيتها، فعين أحد عشر (11) مسبلا من بينهم فانيط الطاهر بن مراجي ،والهاشمي بو  درمين بوبشيرة محمد بن ابراهيم ، بوسالم بوزيد ،عمار فانيط ، فانيط سعد ، فانيط محمد ،بوقعود العربي  ...وغيرهم. ممن يتفننون القنص وأخذوا أماكنهم في المكان المذكور (أودادن).
      وأثناء عودة الحاكم رينو إلى المدينة، وقد كان متقدما على قواته بمسافة معتبرة، أطلقوا عليه النار فأردوه قتيلا، وأخذوا رشاشه وعفوا عن سائقه ابن المنطقة لأنهم كانوا يعرفونه ويشهدون بطيبته.
      هذه الضربة القاسمة أصبحت حديث الصحافة العالمية بأسرها فلم يكن أحد يتصور أننا قادرون على الوصول إلى الحاكم رمز الهيمنة الاستعمارية و دليل هيبتها و حامي دولتها.
بعد انتهاء هذه الهجمات قال زيغود يوسف الشهير بيوسف الفرقاني إن الثورة نجحت في سكيكدة نجاحا سياسيا، ونجحت في أولاد عيدون نجاحا سياسيا وعسكريا.
        يقصد بهذا الكلام أنه قتل في الميلية  من الجيش الفرنسي الكثير و غنمت الثورة عدة أسلحة  في معركة أسردون بقيادة علي بن جكون في معركة 20 أوت. و معركة بين الميلية و عين قشرة بقيادة بوزردوم السعيد و لم يُقتل الشعب، وفي سكيكدة حدث العكس حيث قُتل الشعب بكثرة. و قد أهدى زيغود يوسف مصحفا شريفا لمسعود بوعلي تهنئة له بهذا النجاح و لبلائه الحسن في هذه الهجومات التي فاق نجاحها كل التوقعات.
   وقد اقتصرت الهجمات في منطقة الشمال القسنطيني على سكيكدة و أولاد عيدون، ولم نسمع عن منطقة أخرى غيرهما حدثت فيها هجمات كبيرة إلا مناوشات بسيطة في الخروب وواد زناتي و قسنطينة وغيرها من المناطق  ، أما في عين عبيد فقد ارتكب المعمرون مجزرة وحشية انتقاما لما أصابهم في حق سكان تلك المنطقة العزل، ذهب ضحيتها أزيد من 500 مواطن أبيدوا كما تباد الحشرات» . 
          ويشير كذلك إلى اندلاع   حوالي 30معركة في سنة 1955منها معارك كبيرة مابين زرزور و الميلية في المكان المسمى أخرطن و ما بين العنصر و الميلية في المكان المسمى تابوقار أغلبيتها من تخطيط و تدبير خيري محمد المدعو الكابران.
       بعد هذه العمليات النوعية الكبرى ، و بعد ما حققته من نجاحات سياسية وعسكرية كان لها الصدى الواسع وطنيا ودوليا؛ ترسخت قدم الثورة في المنطقة وقوت شوكتها وازدادت صفوفها وحدة ونظاما، وتعززت الثقة في النفس،وأصبح المجاهدون يتحكمون في الأوضاع إلى حد كبير و بقرار من المجاهدين: صالح غربي،و محمد زويكري المدعو بلحملاوي ، وبودشيشة حسين، ومحمود لبصير،و رابح بودندونة، أمروا جميع السكان مهما اختلفت مواقعهم و تمايزت انتماءاتهم بالخضوع إلى سلطة الثورة و من أبى حكمت عليه الثورة بعقوبة قاسية. وقد خالف الأمر ڤايد واحد فقط قتل وسط المدينة، أما البقية فقد دانوا بولائهم  .    
            وختم المجاهد عمر شيدخ العيدوني حديثه عن هجومات20أوت1955م بالإشارة إلى أن   نجاحات عمليات 20 أوت 1955، وما غنمته من أسلحة، جعلت بن طبال يأمر بإنشاء ورشة صغيرة متنقلة لإصلاح السلاح وصيانته، و قد أشرف على أول ورشة أقيمت في المنطقة المجاهد: بونويوة محمود المدعو بن قريقة، يشتغل معه من 10 إلى 15 فردًا، هذه الورشة استمر نشاطها إلى غاية الاستقلال. وأول مقر لهذه الورشة التأمت فيه وبدأت نشاطها منه مكان يسمى "بصّام" وهو جبل يقع بين بني خطاب وأولاد دباب، ثم بدأت تنتقل سرا بعتادها من مكان إلى آخر، كما كونت العديد من المجاهدين أصبحوا بدورهم أصحاب مقدرة فائقة على  القيام بأعمال الإصلاح والصيانة، وفي أواخر سنة 1958م اكتشفت قوات الاستعمار هذه الورشة واستولت على عتادها، فما كان من نظام الثورة إلا تكليف قائد القسم الرابع محمد بلحملاوي بضرورة شراء العتاد وإعادة فتح الورشة مهما كانت الظروف. 
 الهوامش:
(1)  ينظر:هجومات20أوت1955م على الشمال القسنطيني،إعداد مصلحة البحوث والتوثيق بالمركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمر 1954م،مجلة المصادر،العدد الثالث، 1421 ،هـ/200م،ص:157
(2) ينظر:مذكرات الرئيس علي كافي:من المناضل السياسي إلى القائد العسكري1946-1962م،دار القصبة للنشر،الجزائر،1999م،ص:76-77.
(3) ينظر:مذكرات الرئيس علي كافي:من المناضل السياسي إلى القائد العسكري1946-1962م،ص:84.
(4)ينظر:د.عامر رخيلة،نتائج وانعكاسات هجومات20أوت1955 جزائرياً ومغاربياً،جريدة اليوم الجزائرية،الأحد20أوت 2000م،ص:21.
(5)ينظر:هجومات20أوت1955م على الشمال القسنطيني،إعداد مصلحة البحوث والتوثيق بالمركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمر 1954م،مجلة المصادر،العدد الثالث، 1421 ،هـ/200م،ص:164-165. 
(6)ينظر:د.يحيى بوعزيز:ثورات القرن العشرين،طبعة خاصة وزارة المجاهدين،عالم المعرفة للنشر والتوزيع،الجزائر،2009م،ص:137.
(7)ينظر:عمار قليل،ملحمة الجزائر الجديدة، مطبعة دار البعث،قسنطينة الجزائر،ج:01،ط: 01 ،1412هـ/1991م،ص:320-321.
(8)ينظر:عمار قليل،ملحمة الجزائر الجديدة، مطبعة دار البعث،قسنطينة الجزائر،ج:01،ص:322.
 

ليست هناك تعليقات: