سجن و القبر
بقلم: عبدالقادر صيد بدأت تظهر في هذه البلدة بعض العادات السيئة ،قدم العقلاء النصائح، اجتمعوا بعينات من المجتمع و حذروهم من هذا المنحنى الانحرافي الخطير ،استمر الوضع على حاله،حتى فقد العقلاء أعصابهم، و بدأوا يتذمرون مما يرون ، إلى درجة أنهم صاروا يوبخون و يسبون ، ثم ظهرت آفات على شكل جنح عالجها الحاكم ببعض الغرامات ،لجأ إلى الحبس في بيت الحرس ، ثم بدأ الخطر يغازل البلدة بظهور بعض الجرائم ، الأمر الذي دعا مجلس العقلاء إلى الاجتماع ،و قرر بناء أول سجن ، كان السجن في بدايته صغيرا ، ثمبدأ زبائنه في الازدياد يوما بعد يوما ، ما جعل الملّاك الكبار يتبرعون لتوسعته كل عام ،حتى بلغ ثلث القرية ، و ظل يتسرطن حتى غمر القرية كلها بما فيهم حراسه الذين ارتكبوا تجاوزات ،فتم الحكم عليهم الواحد تلو الآخر ، بقي خارجه اثنان فقط ، يكادان يلامسان حدود البلدة المجاورة ، دار بينهما حوار:
ــ ما رأيك في أن ندخل معهم السجن؟
ــ لا يدخل السجن إلا المذنبون ؟
ــ ألم تذنب قط في حياتك ؟
ــ أذنبت بيني و بين نفسي كثيرا ، ذلك عند ربي ، و أنت ؟
ــ يكفي أنه لم يضبطني أهل القانون متلبسا ،هذا كل همّي، ماذا لو هدمنا هذه الأسوار؟
ــ إنهم أجرموا و هم يلاقون جزاءهم ..
ــ هل تعتقد أنك أفضل منهم؟
ــ ما دمت مهتما بالمفاضلة ،فأنت الأفضل، لأنك فعلت فعلتهم و نجوت ..
ــ البلهاء تركوا آثار جرائمهم.. سنخرجهم و نعلمهم كيف يتغلبون على القانون و المجتمع .
ــ أنا لن أخرج أحدا ، و لن أعلم أحدا ..
ــ ما رأيك لو نبيعهم إلى البلدات المجاورة، أو نعيرهم بأسعار مرتفعة ؟
ـ إنهم مجرمون لا يصلحون لشيء !
ــ أرى أننا سنختلف في الأمر..
ــ أنا أريد الوضع هكذا، لا أدخل و لا أخرجهم ..
حدث بينهما شجار لفظي ، تطور إلى مشادة بالأيدي ، سقط الرافض ميتا، دفنه صاحبه ، فتح أبواب السجن ،رفض الناس الخروج ، منذ ذلك الوقت اكتسب ذلك التجمع تسمية جديدة ؛ بلدة السجن و القبر..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق