عاجل
بقلم: عبدالقادر صيد ما هذه النقرة المزعجة التي يحسدها قرع طبول الحرب في شدة الإفزاع؟! لن أهتم بها ، و لن أرفع رأسي نحوها لأنها ـ اللعينة ـ ساهمت بقسط كبير في طلائه بكساء أبيض ، ملفوفة هي بتعويذة محكمة لإدخالي في حالة عصبية إلى حد الهستيريا ، المفروض أن يكتب عليها عبارة " لا يترك في متناول مفرطي الحساسية"، لقد صنعت مني كاتبا ، نعم كاتبا كبيرا ، و لكن لقاموس الخجل و مشتقاته الذي لن أنتهي منه أبد ..
أركز الآن بكامل قواي في الحاسوب فقط ، رائحة غريبة تغزو أنفي، لكنني مهتم بهذا العالم المفتوح أمامي ، إنها الفتوحات الفضائية التي أنا بصددها؛ بغنائمها و سباياها ،مرحبا بكم جميعا ، لا لون لي و لا طعم ، أنا أنتم ، لا تنزعجوا ،فلن أهتم بهذا الصوت الذي يحاكي صوت متسول في شدة انشغالي بالتسوق و احترازي من السرقة، إنه مجرد نشاز، و أنا لا تطربني إلا الألحان الأصيلة .. هذه العلبة التي في غرفتي قفص ، و ذلك الشريط الأحمر شراك ينصبه الأطفال للعصافير السذج ، لذلك لن أرفع رأسي .. لن أقرأ الخبر العاجل المكتوب داخله ،فأنا لم أفقد حافظة نقودي ، كما أني متأكد من وجود جميع أبنائي في المنزل ،فلم التطفل و الفضول ؟! لا خير يرتجى من شريط الحداد هذا.. لن تجد عربيا اخترع علاجا للسكري أو لضغط الدم أو للسيدا.. ستجد فقط عربيا يذبح عربيا ،و يلعن عربيا ، و للأسف لا يتكلم عربيا.. تذكر دائما أن هذا الشريط الأحمر ضدك ، يعاكسك و ينغّص عليك حياتك ، إنه كابوس يفصل بين حلمين جميلين ؛حلم الطفولة و حلم المراهقة .
رائحة شياط ربما تغازلني ؟!عادة ما تطبخ هذه الأخبار لهواة الطبخات الحارة ،نحن ـ مرضى الضغط ـ لا تلائمنا ، أضف إلى ذلك أن الأخبار الحقيقية لا يشي بها أصحابها، و ما يعرض إنما يصنع لعديمي الشأن ، و الحمد لله لست منهم ، لذلك سأصمد في وجوههم ، و لن أرفع رأسي ..
رغم أنني اشتريت هذه الشاشة من حر مالي ، إلا أنها تخونني ، أراهن على ذلك ، ما يصبرني هو أنها تخونني مع ألف عشيق ، و هو ما يبعدني عن المقارنات ،لقد تفرّق عرضي بين الأجناس، كم أنا معذور !
تزعجني هذه الرائحة ، لكنني مزهو باكتشافاتي النوعية التي لم أصرّح بها بعد أن" الأخبار أفيون الكسول" لذلك لن أتعاطاها ، مما جعلني مدة طويلة أنهمك و أتخصص في كشف الأخطاء السبعة في الأخبار، و من نصائحي التي خالفتها هو أنه لا تضع بركانا باردا في منزلك ، لأنه سيأتي اليوم الذي ستثور فيه أنت عليه،و سيسخر منك ..أما الآن فأريد أن أبقى صاحيا لهذا العالم الفسيح ..
فجأة هرع أبناؤه من البيت صارخين :
ـ النجدة ..حريق يا أبي ..
و هو ينهض مفزوعا ، ارتطمت عينه بالشريط الأحمر مكتوب عليه :
ــ بيتك يحترق..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق