2010/08/23

يحدثُ في واقعنا الثقافي



يحدثُ في واقعنا الثقافي


بقلم/أشرف البولاقي
عندما كنتُ مسئولا عن إدارة أنشطة وفعاليات قسم الثقافة العامة بفرع ثقافة قنا ( منذ سبع أو ثماني سنوات مضت ) كنتُ أتلقى أسبوعيا دعوة أو دعوتين لحضور أمسيات شعرية وندوات أدبية في مختلف محافظات مصر حتى ظننتُ – وكثير من الظن إثم كما تعلمون – أنني شاعر لا يُشق له غبار وتوهمتُ أن أدباء ومثقفي مصر يرون في قصيدي ما لا أراه وما لا يراه الكثيرون ، حتى حدثتْ تلك الواقعة التي لا أنساها ما حييتُ عندما انتهت إحدى تلك الأمسيات في محافظة ما وأصر رئيس نادي الأدب على أن يصطحبني بنفسه لمحطة القطار وهناك همس في أذني قائلا : متنسناش يا باشا أنا في انتظار أن تدعوني كما دعوتك ...! فقلتُ له أدعوك لأي شيء ؟ قال : لأمسية شعرية عندكم في قنا .... فلما قلتُ له هذه ليست مسئوليتي أنا موظف أقوم بتنفيذ سياسة الأندية قال لي بابتسامة ماكرة : الأمر برضه مايخلاش ...! والبركة فيك ..! وكان يمكن أن يمر الأمر في هدوء وسلام دون أن أعيره اهتماما لولا أنه تكرر بصورة مشابهة في أمسية أخرى بمحافظة أخرى مع عضو مجلس إدارة أحد أندية الأدب هناك ... ثم حدث أن تركتُ العمل بقسم الثقافة العامة برمته وآثرتُ الراحة فانقطعتْ أو كادت تلك الدعوات لأستيقظ على حقيقة الواقع الثقافي والأدبي ولأستيقظ أيضا على حقيقة شعري وقصيدي وأوهامي التي عشتُ فيها زمنا طويلا ... نسيتُ أن أذكر أن المدهش هو انقطاع سيل وطوفان المكالمات الهاتفية التي كانت تأتيني للسؤال عن صحتى أو عن صحة الوالدة – التي لا يعرفها أحد بالمناسبة من المتصلين – وتوقف برقيات التهنئة بعيد العمال وشم النسيم وعيد ميلاد جارتي المُسنَّة ....!
لماذا تذكرتُ كل هذا ؟
أمس هاتفني شاعر ليعاتبني على تجاهله – بصفتي مديرا أو مسئولا عن قسم الثقافة العامة بقنا- في توجيه الدعوة إليه لحضور أمسيات رمضان رغم أنه وضعني بنفسه في قائمة المدعوين عنده بعد أيام فلما أخبرته بحقيقة الأمر تهدج صوته وارتبك وتلعثم في كلامه إلى أن أنقذته قائلا : أشكر لك دعوتك يا صديق لكنني معتكف في شهر رمضان وبدلا من أن يستحي سألني عن اسم رئيس نادي الأدب ليدعوه بدلا مني احتراما منه لاعتكافي ....!
هذا جزء من واقع الحركة الأدبية والثقافية في بلادنا والتي ينهض أساسها وركنها على كثير من العلاقات الشخصية المتبادلة والتي تصل في بعض الأحايين إلى ما يندى له الجبين ولقد استمعتُ لصديق يتلقى وهو جالس معي اتصالا هاتفيا يدعوه لحضور ندوة ما فيقول لمحدثه بالنص " طب تحب أجيبلك إيه معاي المرة دي ؟ بلح ولا كركديه ؟
شاعر أخر جاء يسألني عن اسم مدير عام الثقافة العامة بهيئة قصور الثقافة فلما أخبرته باسمه قال لي : لازم نقوله كل سنة وانت طيب بمناسبة رمضان علشان المَحْكَى جاي ...! أكيد يا باشا انت سبقتنا طبعا ؟ فأومأتُ له برأسي .....
منذ بضعة شهور كتبتُ على الفيس بوك مهنئاَ أحد أصدقائي بعيد ميلاده لأنني أحبه وأحترمه وبعدها بأيام قليلة هاتفني يدعوني لحضور أمسية شعرية فاعتذرتُ له قائلا : كيف أقبلُ دعوتك والناس قرأت محبتي لك وتهنئتي بعيد ميلادك ... أنت عندي أكبر وأجلُّ من أن أضعك موضع شبهة
عن صفحة الكاتب بالفيس بوك

ليست هناك تعليقات: