2010/08/23

العدد الجديد من مجلة ثقافات



المثاقفة، والحق الثقافي، والغرب في مرآة الخطاب الإصلاحي الإسلامي...
من قضايا العدد الجديد 23 من مجلة ثقافات



صدر عن كلية الآداب (جامعة البحرين) العدد الجديد (الثالث والعشرون) من مجلة "ثقافات" العلمية المحكمة التي تُعْنى بالدراساتِ الثقافية، والتي تترأس تحريرها الدكتورة هيا النعيمي، ويديرها الدكتور نادر كاظم.
وقد جاء العدد في حلَّةٍ جديدةٍ ومكتنزاًً بالعديد من القضايا الثقافية والفكرية التي تتمحور حول جدليةِ العلاقة بين الذات والآخر والهامشي، وعلاقة الأدب بهموم المجتمع، ودور المؤسسة التعليمية في إعادة الإنتاج الاجتماعي، وغير ذلك من المقاربات والأبحاث والترجمات ذات الطرح المغاير.
يستهل العدد أبحاثه بدراسة أحمد محمد سالم من مصر: " صورة الغرب في خطاب الإصلاح الديني" والتي تقرأ في المعالم الفكرية والرؤيوية التي ميزت هذا الخطاب، وفي مدى اختلاف تلك المعالم نفسها من مقاربة لأخرى من خلال إعادة قراءة مقاربات عدد من المفكرين الذين تناولوا موضوعة النهضة والمشروع النهضوي العربي والإسلامي مثل محمد عبده، والبشير الإبراهيمي، وجمال الدين الأفغاني، في ضوء مقاربة تجارب التحديث الغربية، وضوابط صياغة خِطاب نهضوي عربي وإسلامي تستلهم الغرب والتجارب الغربية الحديثة مستجيبة لثوابت التراث الإسلامي.. ثم يكتب شرف الدين ماجدولين من المغرب حول موضوعة الهامشي والآخر في السرد الهزلي، وكيف تبدو تجليات "الهامشي" في الموروث الخبري، سواء بوصفه موضوعا، أو خطابا أدبياً، أو تعبيراً عن طائفة اجتماعية. كما تسعى الدراسة إلى تبيان أن الهامشي يكتسب صفته "القدحية" - في مجموعة من تصانيف الأخبار والتراجم- من ارتباطه بمقولات: "السرد" و"الآخر" و"الهزل".
أمَّا علاقة الأدب بهموم المجتمع الصعيدي في مصر فقد كتب فيها عبد الجواد خفاجي مقارباً طرائق التعبير الأدبي عن الهم المعيشي للفرد في الصعيد المصري، وإلى أي مدى حرص الخطاب الإبداعي الأدبي على الارتباط بحاجيات الناس وأوضاعهم المعيشية.
وفي موضوعة الحقوق الثقافية للأمازيغ كتب الحسين الإدريسي من المغرب دراسته الموسومة: " الحقوق الثقافية الأمازيغية .. التمثلات والحاجيات" والتي تتناول المسألة الثقافية الأمازيغية من زاوية حقوقية، مرتكزةً على "مسلك أداتي " للثقافة على أساس أنها موضوعة في خدمة الإنسان، كما أنها في الآن نفسه من إبداعه وخلقه ، نظراً لما أصبحت تعانيه الحقوقُ الثقافيةُ من إهمال في الحالات التداولية ، على اعتبار أنها تُصَنَّفُ ضمن الجيل الثالث؛ فالجيل الأول للحرية والمساواة ، والجيل الثاني للسكن والغذاء والتربية، ومنوهةً ( أي الدراسة ) بضرورة عدم الفصل بين الحقوق السياسية والثقافية والاقتصادية للمجتمعات والأفراد ، لما تمثله هذه المحاور والأقطاب الحقوقية من كيان نسقي متكامل يؤدي كل قطب منها إلى الآخر، ولا يؤدي أي منهم مهمته كاملة إلا بالتعاضد مع باقي الأقطاب.
وتحت عنوان المدرسة وإعادة الإنتاج الإجتماعي يكتب عبد الكريم بزاز من الجزائر دراسته التي تتناول رؤية بيار بورديو المناهضة للفكرة القائلة بأن المدرسة مؤسسة محايدة في خدمة المعرفة الكونية والعقلانية وتسمح بالترقية الفردية ، إذ يذهب بورديو إلى أن المدرسة تعدُ من المؤسسات المركزية في إعادة إنتاج المزايا الثقافية، انطلاقا من تفسير قائم- أساسا - على آليات إعادة الإنتاج المرتبطة بأسلوب الاشتغال الداخلي للمؤسسة المدرسية، وتحليل الإستراتيجيات التي يوظفها الأعوان الاجتماعيون في الاستعمالِ التفاضلي للمؤسسة وفقاً لموقعهم في الفضاء الاجتماعي.
وفي قسم الدراسات المنشورة باللغة الإنجليزية تأتي دراسة حنان عبد اللطيف من سوريا التي تسعى إلى تقديم رواية "اليد الخفية" للكاتبة الأمريكية إما ساوثورث برؤية مختلفة عما سبق أن تناوله النقاد. فعلى الرغم من أن هذه الرواية – على حد تعبير كاتبة الدراسة - تقدم للقارئِ نوعاً من النقد الاجتماعي، فلقد اعتبر النقادُ أسلوبَ الكاتبة أقرب إلى الميلودراما، مما أدى إلى تهميشها لكونها أدبا "غير جاد" أو ذو قيمة أدبية عالية. وهذا ما يمثل دافعا وراء هذه القراءة التحليلية والنقدية لهذا النص، لإثبات آليات النقد والنقض الاجتماعي التي تضطلع بها الرواية وذلك من خلال بطلة الرواية الرئيسية كابيتولا نوار ودورها في النص إلى جانب موقف الكاتبة من المرأة ووضعها الاجتماعي.
أما الدراسة الثانية في القسم نفسه فهي لحسن الزعبي من الأردن حول المؤلف والسرد الشفوي في النص السيرذاتي، والتي يتقصى من خلالها كتابة السرد الشفوي في نصوص سيرذاتية مشتركة. ويحاول من خلالها – أي الدراسة - أيضاً أن يجيب على السؤال القائل: لمن يعودُ الفضلُ في إنشاءِ و إعدادِ نصِّ السيرة الذاتية إذا كان مشتركاً ما بين الراوي و المحرر ؟.
وفي قسم المقاربات، يكتب سليم بوعجاجة من الجزائر مقاربته حول الرواية الجزائرية ومسألة التاريخ ، الواقع والمثال، وهي مقاربة تأتي ضمن المنظور ما بعد الكولونيالي، يرصد من خلالها رؤية وقراءة الإبداع الروائي الجزائري للثورة الجزائرية وطرائق التعاطي مع الثورة ورموزها وأحداثها، في ضوءِ إبراز معالم التعاطي الرسمي او تعاطي السلطة والمؤسسات الرسمية مع الأحداث التي اكتنفت الثورة، وكيف هي الهوة بين رؤية الأدب الروائي لأحداث الثورة، ورؤية ما هو خلاف الأدب ( مثل السياسة) للأحداث نفسها.
و تَحْتَ عُنوانِ: " الاتصال الشفاهي والأدب الشفاهي" يكتب عماد مصطفى من سوريا، دراسته التي يقارب من خلالها لجدلية العلاقة بين الاتصال والأدب والشفاهي، وذلك في ضوء الدور الذي تلعبه العملية الاتصالية في تكوين الثقافات واستمراريتها سواء كانت شفاهيةً، أو كتابيةً، شعبيةً أو نخبويةً أو جماهيريةً، فمن خلال عملية الاتصال تدفع العملية الاتصالية الثقافة إلى الإثراء والتأثر والتأثير.
وحول عملية تداول الكتاب بشقيها: الإلكتروني، والورقي يقارب رشيد يحياوي من المغرب لعددٍ من الاستشكالات التي تدور حول تداول الكتاب، وبخاصةٍ ما يتعلق منها بمسائل نشره وتوزيعه وتنظيم معارضه، وانزياحه أحياناً نحو أسواق الكتاب المستعمل، وكذا وضعه أمام تحديات العولمة.
وتكتب كلير براندابور الباحثة والأكاديمية في جامعة اسطنبول مقاربتها باللغة الإنجليزية حول أدب عبد الرحمن منيف ويسار كمال من منظور انثرووبولوجي، في ضوء المنهج المقارن.
أما الترجمات التي تضمنها العدد فهي ترجمة خالدة حامد من العراق لمقال "ممارسة الحياة اليومية لـ" دي سيرتو " والذي يتناول نقد ومقاربة الرؤى والنظريات التي تبحث في الممارسات اليومية للبشر، ثم ترجمة سعيد بن الهاني لمقال كريسطال بانصونا حول الهجرة بوصفها ظاهرةً قديمةً يتجدد النظر إليها بتجدد القضايا التي تطرحها. ويمتد تأثيرُها إلى الأدب بفعل هجرةِ العديد من الكتاب والمفكرين الذين تركوا بلدانهم الأصليةَ في ظروفٍ غيرِ عاديةٍ إلى بلدانٍ أخرى طوعا أو إلزاما.
فإذا كانت الهجرة فجيعة بمعنى من المعاني، فإنها فرصةٌ للخروج من داخل الذات إلى العالم الخارجي تأتي مدفوعةً برغبةٍ دفينةٍ في انتقال الشخص من مرحلة الإنسان – الجماعة إلى مرحلة الإنسان- الفرد.كيف لا؟ وهي تجسيد حي للرغبة في الحرية : حرية أوسع أفقا ومساحةً . كما تحركها رغبة الخروج من التقليد المقيِد إلى التجديد المحيِر، أو كما يقول كاتب الدراسة.
ويترجم أحمد عثمان من مصر حواراً بين توني موريسون وبيار بورديو، دارت أسئلتُهُ حول نتاج بورديو و والقضايا ذات البعد الانثروبولوجي للكتابات الإبداعية، وفق رؤية بورديو للجانب السوسيولوجي في العملية الإبداعية.
ويختتم محمد فؤاد نعناع مساهمات العدد بمقاربته حول صورة المجتمع المصري في عدد من أعمال نجيب محفوظ وكيف تقرأ روايات محفوظ الاجتماعية في تمفصلات الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتاريخي للإنسان المصري.

ليست هناك تعليقات: