2011/08/11

" سر الاعتراف" قصة قصيرة لموسى نجيب موسى

ســر الاعتــراف*
موسى نجيب موسى
يبلل سريره كل ليله بدموعه الغزيرة علّ الله يستجيب يوماً ويحصل على المغفرة فذنبه أعظم من أن يغتفر ولكن الله وعد بغفران الخطايا إذا عض نواجذ الندم وثاب إليه واهتدى إلى طريقه الضيق الذى شبهه الله نفسه بأن مرور جمل أسهل وإيسر من أن يسلك فى هذا الطريق الضيق لكنه لم يفقد الأمل لحظة واحده أو طرفة عين...مع كل طلة شمس فى صباح يوم جديد يزداد أمله ويقينه بأن الخلاص قد قرب وأن الطريق الضيق يتسع أمامه رويدًا رويدًا ....كانت خطيئته الوحيدة لكنه كانت تساوى فى نظرة كل خطايا البشر منذ خطيئة قايين مع أخيه هابيل وحتى وقوعه فيها ...لم تكن جميله بالقدر الذى يغريه ولكنه استسلم للوحش الساكن فى قلبه وعقله الذي تركه يعبث فيه كيفما يشاء ويسمع ضجيج ضحكاته المزعجة كلما ضاجعها على سريره الذى يتوهم أنه يطهره بدموعه كل ليلة .
- قليل عليك الطرد من الجنه ياملعون فأنت قد عصيت الله فماذا أنا فاعل بك ؟
تشفق عليه أمه كلما سمعت نحيبه كل ليلة وتحاول أن تواسيه فيشير إليها بضرورة السكوت الآن لأنه فى حضرة الله العظيم عله يستمع إليه فلا تجد شيئا تفعله سوى مشاركته نحيبه.
فى الصباح وبعد أن يستيقظ ويهيم على وجهه كعادته حتى مجئ المساء... تحاول أمه أن تنشر فراشه المبلل حتى يجف فى انتظار دموع الليلة التالية ..... كمد وحزن وضياع وتشتت أصبحت حياته – لاينتوى على فعل شىء سوى الذهاب إلي الدير والهروب من الملعون لكن إلى أين ؟ ....ابوه مات وتركه صغيرًا وعائلاً لأمه التى لازمتها أمراض الدنيا وتستعين بإيمانها النظرى وقليل من عافية تبقت فى الجسد الذابل على قضاء حوائجه التى تضاءلت فى الفترة الاخيرة وحوائج المنزل المتواضع ... يتشبث بممحاة الزمن علها تساعده على محو صورتها من عقله او تنظف قلبه من خطيئته مستعينا بدموعه الحارة لكن كل ذلك لم يفلح فى خروجه من محنته الأبدية ...طرق أبوابا كثيرة للتوبة ولم يفتح له ... هكذا كان يظن دائما كلما طرق باباً وعادوته آلام الخطيئة توجع قلبه وتدمى عينيه ..يحاول مرات ومرات عله يفلح يوماً .
ذات صباح ملبد بالغيوم ماتت أمه كأنها تتآمر مع الملعون ومع الزمن ومع كل شىء عليه ...بعد اتمام مراسم الدفن فى مدافن الأسرة التى تقع فى الجبل الشرقى سمع وهو يتقبل العزاء فى أمه صوتا هسيساً فى أذنه بخفوت ووهن يقول له :
- تعال الىّ......تعالى الى ماذا تنتظر ؟
كان الصوت يعلو تدريجياً حتى ملأ اذنيه تلفت حوله لم يجد شيئاً ...لا المعزين ،ولا الأفرباء الذين كانوا يشاركونه دفن أمه... ولم يجد حتى اللحاد الذى تولى مهمة مواراة جسد أمه الثرى ...كانت المساحات شاسعة أمامه وصفرة الرمال تنعكس على وجهة الذابل والصوت الذى يعرف من صاحبه لايرحمه بل يضغط عليه بقوة كلما حاول الهرب منه .
- إنه صوت الخطيئة ....الخطيئة التى لن تسقط عنى ابداً.
أقنع نفسه بذلك وأغلق على نفسه باب دارهم وظل حبيساً فيه أيام وأيام حتى جاء أحد أصدقاؤه القدامى والذى تغيب كثيراً فى إحدى بلاد النفط و وادرك ما هو فيه ولم يتركه حتى اصطحبه الى الكنيسة علّ حمله يخف فدائما كان يردد قول الرب :
- تعالوا الىٌ ياثقيلى الاحمال وانا اريحكم ......
لكنه لم يسترح أبدا رغم اعتياده الذهاب الى الكنيسة فى أوقات الصلاة وفى غيرها ورغم مداومته على قراءة الكتاب المقدس الذى ترفض صفحاته أن تنقلب قبل أو بعد قصة داود النبى مع بثشبع زوجة أوريا الحثى ...حتى كان يوما انتهز فرصة وجود كاهن الكنيسة بمفرده فى الهيكل فدخل إليه وأخبره بحكاية الصوت الذى يسمعه ويملأ أذنيه فضحك الكاهن ورتب على كتفه وقال له :
- إنه صوت الرب يا بنى وليس صوت الخطيئة .
بهت عندما ذكر الكاهن كلمة الخطيئة فمن أين له أن يعرف ذلك وهو لم يخبره بخطيئته لكن الكاهن طمأنه بأنه يجب عليه أن يلبى نداء الرب ويذهب لعمل خلوة روحية فى أحد الاديرة القريبة من بيته، وفى وسط هذا الزخم والضجيج الذى أصبح يملأ كل حياته الخاوية من كل شىء وعقله الخاوى من أى شىء سوى من صورة خطيئته وصورة من أغواها إتخذ القرار بالفرار إلى أحد الأديرة القريبة من مدينته واختلى بنفسه فى البرية وأخذ يخدم فى الدير ويصلى كثيرا ويقرأ أكثر فى الكتاب المقدس الذى ولأول مرة طاوعته صفحاته على تقليبها كيفما شاء ولم تتجمد عند قصة داود النبى ....
توالت الأيام وبعدها الشهور والسنوات الكثيرة وأخذت معها صورة خطيئته وصورة من أغواها فى البهتان شيئا فشيئاً ولم يكن يشعر بغُصه فى حلقه سوى بعض المحاولات المستميته من الملعون الذى أخذ يحاربه بشراسه أكثر فى شهوته حتى أنه يجبره على اندفاع حيواناته المنوية حتى يبتل تماماً كل ليلة تقريباً ... شكا قليلاً إلى ابيه رئيس الدير ولكنه لم يستمع منه سوى كلمة واحدة
- الصبر........
-الصبر ............
-الصبر............
وعندما ضاق بهذه الكلمة كان يضغط على أبيه حتى يريحه فلم يزد على كلمته الوحيدة سوى كلمات قليلة :
- الصبر حتى تنال الخلاص ...
قالها وتركه تنهش الحيرة قلبه وعقله معا ولكنه شعر بأن محاولات الملعون قد بدأت تخف من ضغطها عليه ... لم ينتظر حتى مجئ صلاة منتصف الليل ليقابل أبيه رئيس الديربل ذهب إليه وأخرجه من خلوته اليومية مع ربه ... بلا تردد طلب منه الرهبنة... لم يتعجب رئيس الدير من طلبه فهو ببصيرته الروحية أيقن مدى نقاء هذا الإناء الذى يقف أمامه ومدى إصراره على الحصول على خلاصه وخلاص نفسه وقبل أن ينطق رئيس الدير بكلمته المعتاده فاجأه بإلحاحه المستميت فى طلبه:
- لا تقل لى الصبر فأنا صبرت كثيرًا .... ليت يا أبي تمنحنى الفرصة.
- الطريق صعب وشاق وأنت مازلت غصنًا غضًا طريًا ولعبة سهلة في أيد الملعون .
- أمنحنى الفرصة.
-الرهبنة صعبة جدًا.
- ساطلب دوما معونة الرب.
- براحتك من الغد ترتدى الملابس البيضاء الخاص بالأخوة طالبى الرهبنة حتى تمر فترة الاختبار وهى ثلاثة شهور أو حسب ما تنجح فيما تمر فيها من اختبارات .
مرت الفترة المحدودة سريعا ونجح فى جميع الاختبارات بطريقة مذهلة أذهلت زملائه الرهبان ورئيس الدير نفسه وتم تحديد موعد لإقامة صلاة الموتى عليه ورسمه راهباً .
لم يكن يعلم أنه بذلك فتح باباً عظيماً للملعون لكى يحاربه أكثر وأشرس مماسبق ولكنه كان يجاهد كثيرًا فى صد هجومه عليه وشراسته فكلما زادت شراسة الملعون زاد جهاده بالسهر والصلاة وإذلال الجسد فى قمع الشهوات ونزواته ورغباته وكان يحافظ على أقل معدل ممكن لطعامه لاستمرار حياته فقط وليس رغبه فى تناوله فكان يكتفى طيلة ليله ونهاره بكسرة خبز صغيرة جافة وقليل من الماء والنوم لمدة ثلاث ساعات فقط وباقى الوقت يقضيه فى العمل داخل الدير وخدمة الزوار وإخوانه الرهبان ورئيس الدير وفى الصلاة والسجود لربه كثيرا حتى تورمت ركبتاه وانفجرت منها الدماء بغزارة ...كان دائما محط اهتمام رئيس الدير ويضعه تحت ميكروسكوبه الذى لايرحم سهو او هفوة قد تكون عارضة ،وكان رئيس الدير يشجعه كثيراً ويسانده ويدعمه بالعلم والخبرة وبالصلاة وبالإرشادات الروحية التى يحتاج اليها كثيراً ... ظل هكذا حتى زف إليه أحد اخوته الرهبان خبر اختيار رئيس الدير له لكى يرسمه قساً لكى يخدم فى كنيسة مدينته التى هجرها منذ زمن بعيد ... لم يفرح بالخبروهو ما أدهش زميله كثيراً فيجب أن يفرح لـنه سوف يخدم فى كنيسته وسوف يجاهد وسط العالم الذي فر منه لحضن حبيبه الاعظم – الله- عادت صورة خطيئته مع صورة من أغواها الى الظهور فى عقله الذى أصبح صفحة ناصعة البياض ولولا خوفه من الوقوع فى خطيئة معصية أبيه رئيس الدير لرفض هذا الأمر برمته .
- ابن الطاعة تحل عليه البركة .
فى الموعد المحدد تم إقامة صلاة رسامته قسًا ليخدم في الكنيسة التى طالما دخلها "خاطياً" ولم يرتح إلا عندما هجر كل شىء ولاذ بالصحراء ...حزم امتعته القليلة وبعض ملابسه الرثه التى التى قد يحتاجها فى خدمته فى الكنيسة وذهب تعلو وجهة الكآبة والذعر والخوف من مقابلتها وتذكره بخطيئته الكبيرة .
مر الوقت سريعاً وتولى المهمة الشاقة مع أبيه القمص الذى سبقه فى الرتبة الكهنوتية وظل مساعدا له فى القداسات التى يقيمها .... كان كلما وقف فى الهيكل ليقود القداس سواء كان بسبب دوره الذى يتبادله مع ابيه القمص أو بسبب مرض القمص أو سفره فى مهمة روحية خارج المدينة يتذكر خطيئته فيبلل مفرش المذبح بدموعه التى يشعر بها الشعب فيتعزى منه أكثر وكلما كانت تقع عينيه عليها وسط المصلين كانت تزداد دموعه وتزداد تعزيته حتى يتطهر أكثر بينما هى كانت تحاول أن تدقق فيه النظر أكثر عله يكون هو وتحاول أن تشنف اذنيها حتى تتطابق نبرات صوته التى تنطق بالكلمات المقدسة مع تلك الكلمات التى تملأ أذنيها والتى كان يطلقها بلا إرادة أو وعى عندما كان يبيت معها ويقول أن هذه الكلمات تفر من بين شفتيه كلما كانت فى حالة غنج أنثوى مبهر هكذا كان.
تخونها عينيها فلم تعد ملامحه نفس الملامح القديمة فوجهه الذى أمامها مبهر يشع النور من بين تقاسيمه كما أن راحه وسكون وسكينه تظلله وهدوء نفسى عجيب يسرى فى نبرات صوته الحنون أما من كانت تعرفه فكان وجهه متجهما دائماً ولا ينفك إلا عندما يغرس قضيبه فى تجويفها الأنثوى الرائع ويقذف بمنوياته فى المخزن الذى أعده الله له خصيصاً كما كان يومها بذلك كلما كانت تتمنع عليه ، كما خانتها أذنيها فصوت الذى أمامها حنوناً مباركاَ كأنه صوت الملائكة فى مهدها أو كأنه تغريد عصفور الجنة وهو يستقبل شعاع من نور الشمس كل صباح ،أما صورة ذلك الصوت المبحوح الذى كان يهمس به فى أذنيها من كانت تعرفه عندما يكون فوقها تماماً وفى لحظات قذفه المتوهج كان يميل بشفتيه اكثر حتى تلاصق اذنيها ويقول لها بنشوة تشعر بها كل أنثى تكون فى نفس موقفها:
– احبك ....احبك...احبك .
طردت كل هذه الأفكار التى كانت بقصد المقارنة بين القس وبين من تعرفه إلا أن الهواجس لم ترحمها ليلة وقلبها لم يعد يخفق بشدة كما كان من قبل حينما تراه ...ذلك الخفقان صاحب الدقات المميزة التى لايدقها قلب أنثى إلا لذكرها الذى اصطفته ليسكنه هو فقط دون كل ذكور الدنيا.
حاولت أن تقابله أو أن تنفرد به لكنه كان يتهرب من كل محاولاتها الشريرة على حد ظنه فكان يعلم أن الملعون يحركها ضده لأنها ضعفه الوحيد فى هذا العالم ويعلم أيضا انها ضعيفة جدًا جدًا ولا تقوى على مواجهة الملعون بحيله وخداعه كلما يتهرب منها يزداد شكها فيه ويزداد هاجسها ويقينها بأنه هو وإلا لماذا يتهرب منها هكذا بحركات مريبة وبإصرار واضح بأن لا ينفرد بها ولا يقابلها.
تنيح أبيه القمص فوقعت المسئولية عليه كاملة حتى يتم تدبير قسًا يتم رسامته لمعاونته فى مهام الكنيسة فكان يقوم بكل طقوس الكنيسة وممارسة جميع الأسرار سواء سر التناول "الافخارستيا" او سر المعمودية وسر الزيجة وسر الكهنوت وسر زيت الميرون وسر مسحة المرضى وسر الاعتراف أه سر الاعتراف ................
كان يوم أحد وهو يقود الصلاة بدموعه كعادته وتعزياته تلهب قلوب الخطاة من الشعب الذى يصلى خلفه وأثناء العظة وقعت عيناه عليها التى ثبتت عينيها عليه مباشرة وجندت كل حيلها ومهاراتها وقدراتها الأنثوية للتأكد منه فبينما كان هو يلقى عظته عن خطية الزنا ويسرد قصة داود النبى مع بثشبع امراة أوريا الحثى وكيف وقع معها فى الخطيئة ونال المغفرة والتوبة كانت هى تجرده من كل شىء روحى فيه لحيته الطويلة المغبرة بتراب الزمن وشاربه الكث المتناثر فوق شفتيه الطاهرة وقلنسوته التى عجزت عن تغطية صلعته التى زحفت على رأسه مؤخرا ... فتمثل هو بذاته تماماً فى عينيها ... أنه هو بالفعل هو من هرب منها ومن قلبها ومن أحلامها منذ سنوات طويلة وهى تنتظره أن يعود كما كان معها لكنه عاد كما أراد وكما رأته الان ... لم تتزوج بعد فى انتظار أن يضم كاهن الكنيسه رأسها برأسه ويربطهما بالرباط المقدس حتى يجمعهما سريره الذى سوف يكون لأول مرة طاهرا لكنه هرب وظلت هى تغلق باب قلبها على سرها الدفين الذى لم يعرفه أحد حتى أب اعترافها.
بعد أنهى صلاة القداس وبينما هو يرش الماء المقدس على المصلين لنوال البركة جاءت وقفته الأخيرة مع أخر حفنة ماء متبقية فى الإناء المقدس فى مواجهتها مباشرة نظرت إليه مليا وغمزت إليه بعينيها ادرك وقتها أنها عرفته .. ادرك أن الملعون يحاول التسلل إليه من خلال عينيها الفاضحه لكنه لا لن يسمح له مطلقاً ... اندفعت نحوه بسرعة وبعد أن مالت بجذعها تدلى أمامه صدرها الرجراج الذى كانت شفاه تمرح عليه يوما بمهارتها الفائقة ... قبلت يده ومالت على أذنه تطلب منه فى خشوع مصطنع أن تعترف أمامه ...ادرك وقتها أنه لا مناص من مقابلتها ولو تهرب منها فإلى من سوف تعترف وأبيه القمص قد تنيح ولم يتم الاستقرار على رسم قس آخر يساعده فى القيام بمهام الكنيسة كما أنه اعتبر الهروب من القيام بسر من أسرار الكنيسة خيانة له ولجميع زملاؤه الرهبان الذين زكوه لهذا المنصب لدى رئيس الدير الذى كان يحبه كثيرا وأيضا خيانة للكهنوت الذى اختاره قبل أن يختاروه ... وهو خيانة أيضا للرب الذى مازال يترجاه بعيون ملؤها الدموع كى يغفر له وينال الخلاص ... بعد أن انطلق المصلون إلى منازلهم ولم يتبق منهم سوى الذين يريدون الاعتراف وأخذ مشورة الأب لهم فى بعض مشاكلهم التى تواجههم يسترشدوا باراءه الروحية وينالوا بركة صلاته التى تعينهم على الحياة بلا صعوبات تذكر .
جلس بحجرته الضيقة وطلب من خادم الكنيسة الا يسمح لأحد بالدخول حتى ينتهى من صلاته القصيرة التى يطلب فيها عون الرب كى يستطيع أن يلبى طلبات وحاجات المريدين ... ظل يتناوب عليه المريدون وكانت هى تؤجل دورها مرة بعد مرة كلما طلب منها خادم الكنيسة الدخول إلى الأب الكاهن حتى أصبحت أخر الموجودين فدخلت عليه بارتباك ملحوظ بينما أهتز قلبه قليلاً لكن سرعان ماعاد إلى خفقانه الطبيعى عندما لهج لسانه بالمزامير التى تعينه فى مثل تلك الحالات رفع قلبه بصلاة قصيرة حتى يعضده الله بالفرار من هذا الفخ المدبر من قبل الملعون ثم إتجه نحوها وقال لها بحنو غريب :
- ماذا بك ياابنتى ؟
هربت الكلمات من شفتيها وأخذت تنثرها بلا رابط أو ترتيب فى كل اتجاه وفى أى موضوع ولم تستطع أن تتمالك نفسها إلا عندما وضع الصليب على رأسها وصلى عليها حتى تهدأ ... بينما هو جالس على الأريكة الوحيدة الموجودة بالغرفة ركعت على قدميها ودفنت وجهها بين كفيه وظلت تحكى له من بين دموعها عن سرها الذى لم يعرفه أحد سواهما ... ظلت تحكى وتحكى وبينما هى تحكى تتساقطت دموعه الحارقة كلما حركت كلماتها الصورة المختزنة فى ذاكرته التى لم تصدأ بعد كلما حكت له عنه تزداد دموعه حتى بللت لحيته وتساقطت على شعرها الذى كثيرا ماجال بيديه عليه يستجدى رغبتها ويستفز شهوتها ...ظلت الدموع تنهمر من عينيه حتى بللتها تماما من شعرها حتى أخمص قدميها ثم قال لها بصوت متهدج :
- قفى ياابنتى وصلىّ كثيرا الى الرحوم الله كى يغفر لى ...........................ولك.
وقعت علي روحها الكلمات كالصاعقة وأسلمتها لغيبوبة لم تفق منها، بينما هرب هو إلى قلايته التى اختارها لنفسه فوق سطح الكنيسة لينفرد بربه ويجاهد كثيرا ويصلى كثيراً ويصوم أكثر ويعذب جسده اكثر واكثر ويبكى اكثر واكثر واكثر عله ينال يوما ً ... يوماً ينال الخلاص المرجو .
* قصة من مجموعة قصصية للكاتب تحمل ذات العنوان تصدر قريبا عن  عن مركز عماد قطرى للإبداع

ليست هناك تعليقات: