2012/03/09

ثورة 25 يناير .......... ثورة شعب/ أحمد علي صالح

ثورة 25 يناير .......... ثورة شعب
أحمد علي صالح
ثورة 25 يناير ... تلك الثورة الشعبية السلمية والتي انطلقت يوم الثلاثاء21 صفر 1432 هـ الموافق25 يناير 2011م . ذلك اليوم الذي اُختير ليوافق عيد الشُرطة المصرية حددته عدة جهات من المُعارضة المصرية والمُستقلين من بينهم حركة شباب6 أبريل وحركة كفاية وكذلك مجموعات الشُبّان عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك والتي من أشهرها مجموعة( كُلنا خالد سعيد ) و( شبكة رصد ) وشبان الإخوان المسلمين برغم التصريحات الأولية التي أشارت إلى أن الجماعة لن تُشارك كقوي سياسية لأن المشاركة تحتاج إلي تخطيط واتفاق بين كافة القوي السياسية قبل النزول إلي الشارع . وفي عام 2008 قامت فتاة تدعى إسراء عبد الفتاح وكانت تبلغ حين ذاك من العمر 17 عاماً من خلال موقعها على الفيس بوك بالدعوة إلى إضراب سلمي في6 أبريل2008م احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية وسرعان ما لقيت دعوتها استجابة من حوالي70 ألفاً من المواطنين ونتيجة أن الإضراب نجح أُطلق على إسراء في حينه لقب فتاة الفيس بوك والقائدة الافتراضية . كما قامت حركات المُعارضة ببدء توعية أبناء المُحافظات ليقوموا بعمل احتجاجات على سوء الأوضاع في مصر وكان أبرزها حركة شباب 6 أبريل وحركة كفاية . وبعد حادثة مقتل خالد سعيد قام الناشطان وائل غنيم وعبد الرحمن منصور بإنشاء صفحة كُلنا خالد سعيد على موقع الفيس بوك ووجها نداء ودعوة للمصريين إلى التخلص من النظام وسوء مُعاملة الشُرطة للشعب . أدت هذه الثورة إلى تنحي الرئيس السابق محمد حسني مُبارك عن الحكم في8 ربيع الأول 1432هـ الموافق 11 فبراير2011م .، ففي السادسة من مساء الجمعة11 فبراير2011 أعلن نائب الرئيس السابق عُمر سُليمان في بيان قصير عن تخلي الرئيس عن منصبه وأنه كلف المجلس الأعلى للقوات المُسلحة بإدارة شئون البلاد . وإيماناً منّا بأهمية تلك الثورة المباركة واحتفالاً بمرور عام عليها ، علينا أن نستلهم أسباب الثورة المصرية والأهداف التي قامت من أجلها وعوامل نجاحها والدروس المُستفادة منها .

1- أسباب ثورة 25 يناير

إن دوافع وأسباب شباب المصريين ومن بعدهم جُموع من جميع فئات المُجتمع لقيامهم بثورة 25 يناير في مصر كثيرة ولكن أهمها سيادة ثقافة الاستهانة وهو الوصف الذي أطلقه البعض على السُلوك السياسي لنظام الرئيس السابق حسني مبارك ضد المواطنين المصريين بل ويتهم البعض نظام الرئيس السابق بأنه نشر هذه الثقافة بين مُختلف المؤسسات الرسمية المصرية وفي كل مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وإنه لم يكن يستهين فقط بآلام المصريين ومُعاناتهم ويتجاهل مطالبهم بل كان يتعمد أن يحرم الشعب من أن يفرح أو أن يجتمع في مُناسبة اجتماعية أو قومية والدليل على ذلك بأنه منع إقامة العرض العسكري الذي كان مُناسبة يشعر فيها كل مصري بالفخر وهو يُشاهد قواته المُسلحة تعرض أحدث ما في جعبتها من أسلحة قتال . كما أن استمرار العمل بقانون الطوارئ يُعد سبب آخر أدي إلي قيام الثورة المصرية في 25 يناير 2011م وهو الذي عملت الحُكومة المصرية علي بقاءه بحجة الأمن القومي فهي لم تتخلى عن فرضه وخاصة قبل وأثناء الانتخابات البرلمانية حيث أبقي على التدابير التي تعطي السلطة التنفيذية الحق في تقييد حُرية الأشخاص في التجمع والتحرك والإقامة والمرور في أماكن وأوقات بعينها كما يُتيح توقيف واعتقال المُشتبه بهم أو من يُمثلون خطراً على الأمن العام وتفتيش الأشخاص والأماكن من دون الالتزام بنصوص قانون الإجراءات الجنائية . السبب الثالث سُوء مُعاملة جهاز الشُرطة للمصريين يعد من الأسباب الرئيسية التي أدت إلي انـدلاع الثـورة حيث عـانى الـمواطن المصـري الكثير من الظُلم والانتهاك لحُقوقه الإنسانية والذي تمثل في طريقة القبض عليه والحبس والقتل وغيره ومن هذه الأحداث واقعة مقتل الشاب خالد سعيد الذي توفي على يد الشُرطة في منطقة سيدي جابر في الإسكندرية يوم 6 يونيو 2010 م ، ثم تُوفي شاب في الثلاثين من عمره في 6 يناير 2011م وهو السيد بلال أثناء احتجازه في مباحث أمن الدولة في الإسكندرية وترددت أنباء عن تعذيبه بشدة وانتشر علـى نطاق واسع فيديو يُظهر آثـار التعذيب في رأسه وبطنه ويديه . رابع الأسباب وهو ما عجّل بقيام الثورة مشروع التوريث الذي كان يريد نظام الرئيس السابق فرضه علي المصريين وإفساد الحياة السياسية بتزوير الانتخابات وآخرها انتخابات مجلسي الشعب والشورى 2010م مع تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بمصر حيث أصبح حوالى40 ٪ من سُكان مصر يعيشون تحت خط الفقر بحلول أواخر 2010م أي يعتمدون على دخل قومى يعادل حوالى 2 دولار في اليوم لكل فرد ويعتمد جزء كبير من السُكان على السلع المدعومة . بالإضافة إلي أن المصريين اتخذوا من تونس مثل في ثورتها علي الطغيان ولم لا والدولة المصرية معروفة بإمكانيات شعبها وتونس دولة صغيرة المساحة وقليلة السكان وانتفضت علي الظلم والاستبداد .

2- عوامل نجاح الثورة

تُعتبر وحدة الإرادة الشعبية لجُموع المواطنين في مصر أهم عوامل نجاح الثورة حيث خرجت جميع أطياف المُجتمع المصري يد واحدة لمواجهة الظُلم والفساد واختيار يوم 25 يناير ( وهو موافق لعيد الشُرطة سابقاً ) أدي إلي التأييد الكامل لدعوة الخُروج لما بين الشعب والشُرطة من عدم وفاق الأمر الذي أدي بعد ذلك إلي عودة شعار الشُرطة في خدمة الشعب . كما أن الدور الذي أدته وما زالت تؤديه القوات المُسلحة المصرية في حماية الثوّار الذين تظاهروا في ميدان التحرير وجميع ميادين الجُمهورية واحتجوا فيها علي تردي الأوضاع المعيشية في مصر . عامل ثالث هو أن رُدود الفعل الدولية علي الثورة المصرية جاءت في صالح الثوّار ونجح المُحتجين بميدان التحرير في تحريك المياه الراكدة ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك مما أجبره علي التنحي وأرجعت ما حدث إلي انتصار الديمقراطية واحترمت ردود الأفعال خيار الشعب المصري الـذي شاركت مُعظم فئاته في الثورة في صورة حضارية أبـهرت العالم أجمع الأمر الذي جعل الرئيس الأمريكي أوباما يقول : إن الثورة المصرية مُلهمة الشعوب . هذا في الوقت الذي تعتبر فيه استجابة الرئيس السابق حسني مبارك للمطالب المُشروعة للثوّار بتنحيه عن سُدة الحكم في مصر جاءت في الوقـت المُناسب الأمر الذي كان من عوامل نجاح الثورة لأنه أدي إلي أن تتجنب البلاد الوقوع في حرب أهلية كان من المُمكن أن تأتي علي الأخضر واليابس إذا حدث تدخل من الحرس الجُمهوري ضد القوات المُسلحة .

3- أهداف ثورة 25 يناير

أما عن الأهداف التي قامت من أجلها الثورة فحدث ولا حرج ، فلقد استطاع جيل الإنترنت والفيس بوك والتويتر أن يُحدث التغيير الذي يبحث عنه الطامحون والطامعون على حد سواء في حياة أفضل للمصريين وتمثلت أهداف ثورة 25 يناير في حُرية تكوين الأحزاب وتداول السُلطة وتقليص صلاحيات رئيس الدولة وحُرية الصحافة والإعلام والتخلص من جهاز أمن الدولة وإطلاق سراح معتقلي الرأي وتكوين برلمان من نخبة المُجتمع والقائمين علي خدمة الناس من خلال انتخابات برلمانية نزيهة علي أساس ديمقراطي والقضاء علي الفساد ومراكز قوى رجال الأعمال بالإضافة إلي إلغاء قانون الطوارئ وتحقيق العدالة والحُرية والمُساواة بين جميع المواطنين وتعديل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ورفع مُستوي معيشة المواطنين من خلال تحسين المُنتج المحلي ومُنافسته في الأسواق الدولية.

4- أهم الدروس المستفادة

إن أول دروس الثورة هو الإرادة حيث أكدت الثورة المصرية أن إرادة الشُعوب لا تعلوها إرادة إلا إرادة الله سبحانه وتعالى وأن القُوة والجبروت مهما عظمت ستتحطم أمام إرادة الشُعوب التي ذاقت الويل من إهدار الكرامة وانعدام الحُريات والفقر فالشعب المصري شعب خصب وقادر على التحرك وتحرك بكل قوة لأن القوى السياسيَّة لم تكن على المُستوى المطلوب وعندما تقاعست هذه القوى عن المُبادرة أفرز الرحم المصري شبابًا صغير السن لا ينتمي إلى لون معين ففجَّر الثورة وجرَّ معه كل القوى السياسية . كما أن أخطاء القوي المُستكبرة بسُوء تعامل النظام السابق مع الثوار ساهمت في تأجيج الثورة فعندما اندلعت في 25 يناير كان لها مطالب مُعينة لو تمت الاستجابة لها فورًا لهدأت الأمور ولو مؤقتًا ولكنه الغباء وبطء التفكير الذي أجَّج الثورة . وليس غريب علي الثورة أن تفرز لجان الشعبية سهرت طوال الليل تحرس مصر بعد تبخر وزارة الداخلية بعد جمعة الغضب والتي أثبتت أن شباب مصر لم تمت روحه بالكامل رغم استحكام السلبية واللامبالاة ، ورغم طوفان الإفساد الخلقي وتفاهة وقذارة وسائل الإعلام ، ورغم جو القهر والاستبداد الذى يترعرع فيه شباب مصر سواء فى المنزل ، أو العمل - إن وُجـِد - أو المجتمع . لقد أظهرت هذه اللجان ، وبالأخص فى الأيام الأولى من الفوضى ، أن شباب مصر به طاقات مـُخدَّرة من العزيمة والتصميم والابتكار والتعاون والروح والوطنية والانتماء .. يكفيك مثال بسيطا حركة المرور التى نظمها المتطوعون بمنتهى السلاسة والدقة ودون دفاتر أو ( معلوم )

وفي النهاية نجد أن الثورة الشعبية المصرية عمل عظيم قام لُيصلح ما أفسده النظام السابق ولتحقيق العدل والمُساواة والحُرية بين أفراد الشعب المصري بجميع طوائفه . لقد أكدت هذه الثورة علي عظمة الشعب المصري ووحدته وقدرته علي مواجهة الطغاة ، كما أكدت علي عظمة الجيش المصري – خير أجناد الأرض – الذي وقف بجانب الشعب في تحقيق مطالبه العادلة والمشروعة .

ليست هناك تعليقات: