2014/10/20

ضمائر الغافلات بقلم: عبد القادر كعبان



ضمائر الغافلات
بقلم: عبد القادر كعبان
دخلت البيت فوجدتها باكية. تنذب ميلة بختها. تجرأت على الخروج إلى السوق من دون حجاب. غضب زوجها و طردها. تناست أختي البكر حين جاء لخطبتها حيث وضع شرطا أساسيا للزواج منها. قال بنبرة صدق:
-عليك بالحجاب الشرعي..
أبي وافقه و أمي المسكينة لم تعارض القرار الذي اتخذه. هي (أختي البكر) لم تعر للموضوع أدنى اهتمام. همها الوحيد كان الهروب من الفقر المدقع الذي نعيشه. حرصت على ارتداءه مجبرة. لم تقتنع يوما بأهمية الحجاب. اعتبرته مجرد غطاء للرأس ستخلعه متى تشاء. أراها اليوم نادمة. ناقمة على نفسها. فتحت أختي الصغيرة التلفاز. حان موعد صلاة العصر. يرفع الآذان على مسامعنا. اكتأبت كآبة جعلتها تتناسى دعاء الوسيلة. نظرت أمي المغلوبة على أمرها الى السماء تقول:
-استغفرك يا رب..
شل وجه أمي حزن قاهر منعها من الكلام. قامت تخطو بخطوات متثاقلة تمشي بين أركان البيت الذي شهد أيامها الماضية بحلوها و مرها. هي مجرد امرأة أمية في الخمسين من عمرها. دخلت الحمام لتتوضأ. غيرت لدقائق القناة. فاجأتني حلقة جديدة من برنامج "أختي المسلمة" تتناول بالصدفة وجوب الحجاب الشرعي. عادت أمي بخطوات متباطئة تبحث عن سجادة الصلاة. استوقفني المنشط يسأل الداعية عن دليل قرآني يوقظ ضمائر الغافلات. أجابه بآية قرآنية من سورة النور لقوله تعالى: ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنّ ).. فجأة تركتني أختي البكر مذهولة مبهوتة. دخلت غرفتها و أحكمت اغلاق الباب على نفسها. و كأن للمصيبة سحر غامض يدعو للتأمل و التفكير و الندم. نظرت الى أمي و هي قائمة تصلي. وجدتها تتمتم بآيات قرآنية وهي خاضعة لخشوع جارف.

ليست هناك تعليقات: