المبدعون في بريد القراء
شعبان يوسف
»بريد القراء«، »تواصل«، »مع المحرر«.. إلخ، كلها عناوين لمضمون يكاد أن يكون واحدا، وهو حوار الكاتب المبتديء، أو الناشيء، أو الذي في »طور التكوين«، مع أحد مسئولي المجلة أو الجريدة، ومن خلال هذا الحوار المتواصل، تصبح هذه المساحة المفتوحة دائما، والتي لاتخلو منها أي جريدة أو مجلة إلا قليلا، مجالا خصبا للمناقشات، ومساحة- أيضا- يتم فيها إعداد وتدريب الكتاب، قبل أن يصيروا كتابا بالفعل، لهم حضور وتأثير، وأحيانا يتفوق هؤلاء الذين كانوا ناشئين، علي من كانوا يصدونهم أو يردون عليهم- أحيانا- بصلف أو بتعال أو بسخرية، وأظن أن هذه المساحة- بريد القراء-، التي أنجبت كتابا ومبدعين كبارا، تصلح- جدا- لدراسات أكاديمية ..ولمعرفة توجهات هؤلاء الكتاب الذين أصبحوا كبارا، فمن هؤلاء من صاروا روائيين، وكانوا قد بدأوا حياتهم شعراء مثلا، أو العكس، وهناك من بدأوا ثائرين علي السلطة الثقافية وصلفها، ثم أصبحوا جزءا لا يتجزأ منها، يمارسون ذات الأفعال التي كان يتم ممارستها عليهم، وهناك من يصرخ لأن قصيدة أو قصة تعطلت في النشر، ثم أصبح -فيما بعد- لايستطيع أن يفي بأغراض المجلات والجرائد، كل هذه أمور تستحق الدرس المتأني، والقراءة الميدانية، لكن الدراسات الأكاديمية، مازالت توجه جل اهتمامها نحو موضوعات تقليدية.وسأحاول أن أعود إلي هذا الباب بشكل عشوائي، في دوريات متعددة وفاعلية، حيث كانت تدور حوارات ومناقشات جادة وجيدة، لتصنع مجتمعا ثقافيا متصلا ومنفصلا عما يجري في الحياة الثقافية، ويشتبك معها، ولكن في مستوي آخر.. أي مستوي يشغل منطقة بين الكتاب الراسخين، والقراء الذين مازلوا قارئين.. وأظن ان مجلة الشمس التي كان يرأس تحريرها الراحل سعد الدين وهبة كانت مثالا حيا لتجسيد هذا المستوي.. ففي العدد ٥٢- اكتوبر- ٠٦٩١ نشر الشاعر عبدالعليم القباني قصيدة طويلة عنوانها »الحانة«، وأثارت هذه القصيدة جدلا ساخنا استمر لعدة أعداد، ففي العدد الثاني (٦٢) كتب محمد رشاد القوصي »مقالا«، اتهم فيه القباني، بالسطو علي قصيدة للشاعر فتحي سعيد ، اجري مقارنة بين القصيدتين، لينتهي إلي أن قصيدة قباني تنطوي علي »نفس التركيب لولا ان الأول رفع الأبيات، والآخر خبرها«.. ونفس التكرار: للحالمين، والناشئين، والمعجبين«.. ولم تتوقف المسألة عند ذلك، فكتب القباني في العدد »٧٢« مدافعا عن نفسه حول قضية أخري، ولكن الشاعر عبدالمنعم الأنصاري كتب يهاجم القصيدتين قائلا: (لن أتعرض للتشابه بين الحانة و.. مجذوب، فإنني أعتبر هاتين القصيدتين من سقط المتاع).. وفي العدد ٩٢ كتب الشاعر القباني ردا مطولا علي رشاد القوصي، وعلي الأنصاري، متهما كليهما بعدم الجدية في النظر الي القصيدتين... وفي العدد »٠٣« كتب أمل دنقل مقالا -أظنه الأول له- تحت عنوان: (النقد والتجريح)- آخذا علي الجميع القسوة قائلا في نهاية مقاله: (إنني أرجو أن يفكر كل شاعر وأن يتعمق قصائده،.. وأن يبعد كل ناقد عن التجريح لأنه محا الأثر الطيب الذي كان من الممكن أن يتركه في نفوسنا، ولاداعي لأن يتسلق عبدالوهاب محمد- احد المتحاورين- والأنصاري أعمدة المناقشات في المجلات وكلاهما لم يضع مقاييس واعية لكلمات، أو مفاهيم لما يدور حوله).. وفي العدد ذاته كتب عن القضية الشاعر حسن النجار.. وذيل أمل دنقل توقيعه بـ»جماعة نشر الثقافة- الاسكندرية).. وأظن ان هذه المعركة التي جرت في هذه الآونة تركت أثارا قوية في روح كل من شاركوا، وساعدتهم- بالطبع- علي ممارسة الكتابة، وأفصحت عن توجهاتهم المبكرة.. وتعتبر مجلة الشهر- في ذلك الوقت- متنفسا قويا، ورئة فاعلة جداً في الحياة الثقافية، وحمل لنا بريد المجلة رسائل طريفة جدا، وكان احد المتعاملين بقوة مع هذا الباب الكاتب الكبير خيري شلبي- خيري أحمد شلبي- وكان يرسل ابداعاته بشكل مطرد، ففي العدد ٩١ نجد تعقيبا علي قصة له تحت عنوان أخيرا- ابريل ٠٦٩١- يقول التعقيب: (صورة يرسمها المؤلف (لمحمود جابر) كاتب العرائض والشكاوي في قرية (قزمان)، يسود السلام القرية فلا مشاجرات ولا شكاوي (ويقف حال) محمود... وتحدث (خناقة) يسرع اليها محمود منتظرا أن تسفر عن بلاغات يقدمها المتشاجرون الي (النقطة)، وتنتهي المعركة بلا بلاغات ويعود محمود الي بيته.. وبعد ان يتدخل المحرر في عرض القصة يعلق بـ: (استغرق رسم (الشخصية) ثلاثة أرباع المكتوب ومع ذلك فقد كان رسما من الخارج...، ثم ينتهي المحرر بـ: (القصة القصيرة تحتاج الي مزيد من العناية بالحادثة وبالشخصيات ولاداعي للتفاصيل الكثيرة التي لاتفيد شيئا)..>>>وفي رسالة سابقة- مارس ٩٥٩١- كتب شلبي رسالة يمتدح فيها المجلة بعد فوات العام بعد صدورها، جاء فيها: (وقد دخلت المجلة- الشهر- في عامها الجديد لانملك انا وامثالي الا ان تتقدم بخالص الشكر والتهنئة لمجلتنا الغراء.. تحيتي لمجلة الشهر، للمجلة التي اتاحت للبراعم فرصة فيها تتفتح، وللمواهب الصغيرة ان تنمو لتحمل علي عاتقها رسالة الفكر والثقافة في خدمة الانسانية«.. وقبل ان نترك مجلة تستوقفني رسالة يوجهها الاستاذ خيري الي الشاعر عفيفي مطر، فيقول: (عزيزي الشاعر محمد عفيفي عامر مطر.. التقينا منذ ما يقرب من عام بمدينة دسوق، وفي منزل الزميل الفنان عبدالمنعم عبدالسيد، وتعارفنا وكنت أود أن نكون علي اتصال دائم.. ولكن فاتني يومها ان آخذ عنوانك، وحسنا فعلت يومها لانني لم يكن قد استقر بي المقام في عمل اعطيك عنوانه، اما وقد اقمت الآن باسكندرية، لم اجد خيرا من مجلتنا المحبوبة، مكانا رحبا نلتقي به، وهاك عنواني:(خيري أحمد شلبي... ٣٤ شارع سعد زغلول شقة نمرة ٥٣- المكتب الحديث للتجارة والتوزيع اسكندرية)... ومن المؤكد ان مجلة »الشهر« كانت تحمل أسماء كثيرة، حيث انها كانت قد حلت محل مجلة »الرسالة الجديدة«.. فهي التي قدمت الشاعر محمد عفيفي مطر، ونشرت له قصائد كثيرة، وفي عدد مايو ٨٥٩١ نقرأ لأحمد كمال زكي، في باب »مع الشعراء« يقول عن محمد عفيفي مطر: (وهو شاعر بحق.. تدل علي ذلك قصائده الثماني التي بعث بها الي المجلة ويستطيع دائما ان يكون مجيدا، ويستطيع ان يكون شيئا، إلا أن ثمة ما يعيب شعره، فإذا تخلص من تداعياته اللفظية واتكأ علي احساسه المفتعل.. وثب بشعره خارج تلك الدائرة التي يحبس فيها انفسهم اكثر البادئين... أنا لا أقول إ ن الشاعر محمد عفيفي مطر مبتديء، ولكني اقول انه تخلص من قيود الشعر العمودي ينبغي ان يتخلص من جميع قوالبه، وعيب الشعر العمودي دائما هو خطابيته ويقظة الحس اللغوي فيه.. والي جانب هذا فإن الشاعر يقع في هنات عروضية لاسبيل الي التعرض...، وكانت المجلة في عدد سابق. قد توهت عنه قائلة: (أما الشاعر الجديد الذي نقدمه اليوم الي القراء فخورين معتزين فهو الاستاذ »محمد عفيفي مطر«، وجدنا له في بريد الشهر الماضي ثلاث قصائد، أما القصيدة الأولي فهي »فردوس« أو »بائعة المانجو«.. والقصيدة الثانية هي »قبض الريح« والقصيدة الثالثة هي »رسالة وعد«.. وفي القصائد الثلاث ستتضح خصائص شاعر موهوب كفء، وأهم هذه الخصائص: صفاء الصياغة الشعرية.. علي أن الشاعر الجديد تنقصه بعض أشياء ينبغي ان يستكملها، فتجاربه النفسية فيها نوع من الغموض، وهو غموض ينتج عن عدم تأمله في تجاربه تأملا يكفي لكي يصل به الي معرفة حالته النفسية بالضبط، ومعرفة الفكرة التي يريد أن يقولها للناس من بين تفاصيل تلك التجربة... وفي تضاعيف التعقيب يعيب المحرر علي الشاعر تأثره في بعض فقرات قصائده بقصيدة »كان لي قلب« لأحمد حجازي.. ويدلل علي ذلك بمقطع يقول فيه مطر: (وشيء كان في العينين معسول التعابيروقلت: اركب.. رعاكلأني كنت- يا أماه- والأحلامعلي وعد مع الأيامحملت حنيني الدفاق والجلبابوأعوامي التي اوفت علي العشرينوسرت اجوب- يا أمي- بلاد الناسواقسم لم تغب عني ضيوف الدار)هذه المحاورات والمداورات جعلت عفيفي مطر يشغل- فيما بعد- مساحات رئيسية في المجلة، واصبح من شعراء المجلة المرموقين، فقرأه الناس بشكل واسع، ويطلب خيري شلبي عنوانه من المجلة ويعلق عليه نقاد وشعراء في المجلة.. هذا علي عكس تجربته مع مجلة الرسالة الجديدة، والتي علقت علي احدي رسائله في عدد اكتوبر ٥٥٩١، يقول المحرر ردا علي الشاعر محمد عفيفي عامر: (اخترنا من جملة قصائدك قصيدة ستنشر، اما قصائدك الباقية فهي في أكرم جوار.. ارجو ان تهتم بتنويع انتاجك... فمن عيوب الشاعر ان يكون انتاجه لونا واحدا. تغني فيه القصيدة عن البقية.. وامامي ثلاث مقطوعات لك هي في الحقيقة قصيدة واحدة تتكرر »غريب«.. »غربة الدار«.. »من دموعي«.. ولست اوافقك في ان الحب يمر ساجد الخطوة، لأن الحب عظيم وكبير، ولست معك في أن اشواك الطريق ادمت قدميك، فإنني أري أن القيد قيدك.. وأن وظيفة الشاعر هي أن يغني للحياة.. وأن يسكب آلامه الصغيرة في حياة البشرية المتدفقة. وانه يسعدني ان اسمع هتافك للحياة قويا ورائعا..) وتتردد اسماء كثيرة في مجلة الشهر بشكل متواتر مثل الروائي الراحل حسن محسب- دائم الارسال-، ليسأل مرة عن أشياء تخص المجلة، ويرسل ابداعاته فيرد عليه المحرر، ومرة ارسل رسالة يعلق فيها علي حديث لوزير الثقافة، ويقترح عليه بعض الاقتراحات مثل: انشاء دار نشر تابعة للوزارة، وان تكون بها لجنة لفحص انتاج الناشئين، وايضا تقرأ اسم فخري فايد كثيرا، الكاتب القصصي، وعلاء الدين مصطفي الناقد، ومحمد مهان السيد الشاعر، بل نقرأ اسماء عربية كثيرة، منها رسالة استفسارية من بدر الدين عرودكي- دمشق- في نوفمبر ٨٥٩١،ليسأل فيها: (هناك عدة اسئلة اود الاستفسار عنها وهي:.١- ماهي نوع العملة التي اريد ارسالها لكم كي ترسلوا لي مجلات »الشهر« الماضية، هل هي بالعملة المصرية، ام السورية، ام ليس هناك من فرق.. وما قيمة العدد الواحد بالعملة السورية، اذا قبلتم؟.. ٢- هل هناك شروط لنشر المقالات المتعلقة بالأدب والفنون والنقد؟.. ولا اعرف لماذا ردت المجلة بـ(ارسلنا اليك خطابا خاصا).. فهل الرد المنشور كان سيوقع المجلة في حرج سياسي ام ماذا؟.. خاصة ان البلاد -في ذلك الوقت- كانت في حالة وحدة اندماجية!!>>>وقبل أن نغلق ملف »الشهر« الأوسع يطالعنا في عدد يونيو ٠٦٩١، ما كتبه منتصر كامل القليوبي لائما علي نعمان عاشور لما يكتبه في المسرح.. فيقول: (كانت البداية في مسرحية »المغماطيس« محاولة غير ناجحة قوبلت بالابتسامة والتشجيع، وفي مسرحية »الناس اللي تحت« تحولت البسمات الي ضحكات وعلا التصفيق.. وفي مسرحية »الناس الي فوق« صفقت، لم اضحك، ولم اجد هدفا واحدا، ولكنني صفقت لسبب واحد.. الجدار الأخير من المسرحية، واعتبرته انا فتحا في عالم المرح فغفرت لك جميع العيوب المسرحية... إلي أن كان يوم ولم استطع ان اغفر وتوقفت يداي عن التصفيق.. كانت مسرحية »سينما أونطة«... وأخيرا في مسرحية »صنف الحريم« مصمصت شفتي،.. ويسترسل القليوبي لومة وعتابه وجلده لنعمان عاشور، بل يكتب في المقال ذاته رسالتين.. الأولي الي أحمد حمروش المسئول عن عرض المسرحية، والثانية للدكتور محمد مندور الذي تبرأ من قراءة المسرحية، بينما احمد حمروش يصر علي أن مندور اقرأها.. هكذا كان مقال القليوبي بمثابة محاكمة لثلاثة من اعمدة الثقافة والنقد والمسرح والدولة.. واظن ان هذا المقال المنشور في باب (مناقشات).. نفتقده جدا في شئون صحافتنا الآن.. وفي العدد ذاته نقرأ مقالا لعبدالعال الحمامصي عنوانه: (شعراء آخر الزمان).. يهاجم فيه شعراء مدحوا شيخا عربيا بعد ان قبضوا الثمن، ثم ينهي مقاله بـ»الكلمة التي يواجه بها الشرفاء حبال المشانق من قال لك بان هذه الكلمة لايمكن ان تباع وان يستجدي بها العطاء.. شعراء آخر الزمان).. ولا انسي هنا ان عبدالعال الحمامصي الذي كان يكتب في باب »مناقشات« و»بريد القراء« اصبح مسئولا عن باب (مع كتاب القصة) في مجلة نادي القصة.. ونقرأ بعض ردوده علي الأدباء الناشئين.. ففي عدد يوليو ٠٧٩١ يرد علي الكاتب سعدالدين حسن من طنطا قائلا: (عندما قرأت قصة (معزوفة الفجر المقتول في هيروشيما) شعرت باني امام كاتب لديه ما يقوله.. وان هذا الذي يقوله يعانيه ويؤرقه.. ولكن ايها الصديق مادمنا اخترنا نوعية معينة وهي القصة القصيرة لتوصيل هذا الذي نريد ان نقوله فعلينا ان نلتزم بتوصيفات هذا الشكل الفني من اساليب التعبير مهما تباينت تجاربنا عليها).. ويرد علي الكاتب الأردني الياس فركوح: (قصتك.. وايضا الرجال يبكون قصة القادم من جحيم الحرب.. والمطاردة والنابالم الي احدي علب الليل الذي كان قد اعتاد التردد عليها.. قامت فكرتها الأساسية وسط ضباب تفريعات لم اجدها تقدم العمل.. لقد كانت لديك الفرصة لتعطينا الكثير بالمقابلة بين عالم البعض المتعفن وبين ما يحدث في الصحراء حيث الموت،.. ثم نقرأ ردا مثيرا علي الكاتب محمد السيد عيد.. القاهرة يقول عبدالعال: (قصتك.. آه يابلد« مسطحة.. والرمز فيها باهت الي حد السذاجة،، ولم تسنده خلفية فنية تكشفه وتغنيه.. كما ان القصة تصور الناس كأنما هم أغبياء بالفطرة.. حتي الرجل الوحيد بين الجمهور الذي دأب يتحدي الحاوي وشعوذته لم تقنعنا بصواب معارضته.. وفي النهاية ارغبته علي الاستسلام ليصفق مع القطيع بعد اخذه من الجمهور علقة ساخنة.. فما هي القيمة التي تريد تأكيدها.. ثم مسألة الطائرة التي اقحمتها علي الموضوع قهرا.. واوقعتها علي ارض الملعب والحاوي يمارس اساليبه.. جاءت دخيلة وغير مبررة ولا تخدم شيئا).. هنا عبدالعال يحول الي حكيم يرشد الأدباء، قبل ان يصير الاثنان علي قدم سواء وزمالة في عدد من المؤسسات مثل اتحاد الكتاب.. وغيرها.>>> ولوعدنا لأوائل الخمسينيات، سنجد ان مجلات مثل (القصة) و(قصص للجميع) تحتفي بباب »رأينا في قصتك« جدا، وسنقرأ علي صفحات هذا الباب اسماء صارت اعلاما فيما بعد، مثل الكاتب والسيناريست الكبير محفوظ عبدالرحمن، ومحمد حافظ رجب، وعبدالمنعم عواد ويوسف ومحمد الخضري عبدالحميد -الضيف الدائم علي بريد القراء علي مدي اربعة عقود- وغيرهم وبعد محاولات عديدة نجح محفوظ عبدالرحمن في نشر اقصوصة في باب (نادي القصة) تحت عنوان »الهدية« في مارس ١٥٩١، وفي عدد ديسمبر ١٥٩١ يرد المحرر علي صبري موسي قائلا: (قصتك »الخارجة علي القانون« لم تنشر لا لانك شاب، فانك لم ترسل شهادة ميلادك مع القصة، ولكنها لم تنشر لانها »خرجت« في بعض مواقفها علي »قانون« القصة.. ولو كنت محلك لما سمحت لليأس ان يتطرق الي نفسي.. واذ كذلك اني كتبت عشرات ومئات المواضيع والمقالات قبل ان تتنازل المجلة التي كنت اعمل بها بنشر مقال او موضوع منهما.. لا تيأس وحاول مرة اخري!).. وفي العدد نفسه نقرأ قصة (عوانس) لفوزي سلمان في باب (نادي القصة).. ولعبدالنور خليل أيضا وفي باب رأينا في قصتك سنقرأ محمد حافظ رجب كثيرا، ونقرا ردود المحرر عليه، حيث كان يرسل له من الاسكندرية، وتحت عنوان (سينالونيا) يرد المحرر علي حافظ رجب قائلا: (كان عملاق الجسم ماردا في الشر يخشي الجميع بطشه احب احدي الجميلات وسرعان ما ذبح منافسه في هواها فحكم عليه بالاعدام، وزج به في سجن الجزيرة).. وبعد عرض القصة يقول المحرر: (هذا ملخص قصتك، وهي السادسة التي ثابرت علي ارسالها الينا، و لكنها الأولي التي اوشكت ان تحظي بالنشر لولا بعض العيوب التي لفتنا نظرك اليها في العدد السابق، والتي نرجو ان تتفاداها..وفي هذا السياق قرأنا اسم »يوسف شاهين« أكثر من مرة، فجاء في باب (رأينا في قصتك)-: (تزوجت زوجي.. قصة سينمائية للأديب.. يوسف شاهين.. قرأنا قصتك وقدمناها علي غيرها من الاعمال برغم اننا لاننشر قصة بمثل طول قصتك، حيث استغرقت ٤١ فولسكاب، وملاحظتنا الاولي عليها انها مسرفة في خيالها ولسنا نقول بان القصة يحب ان تكون واقعية دائما ولكننا نري انها عندما تتناول موضوعا خياليا فلابد من ان تنسجم مع ما يتوافق عليه وما يستطيعون قبوله بارتياح.. اننا نشكرك علي الثقة بنا، ونحمد لك مجهودك ومثابرتك لك التوفيق في كتابة القصة المحبوكة)..>>>نلتقط من بين رسائل عبدالمنعم عواد يوسف الكثير ، ففي فبراير ٣٥٩١ يرد محرر باب (رأينا في قصتك) في مجلة القصة عليه قائلا: (ياعبدالمنعم لك حاسة النقد النفساني والاجتماعي، ولكن جهدك قصير، فتسرد الظاهرة ولا تحاول التعليل واعتقد انك لو حاولت الكتابة في محيط الجامعة، يكون ذلك أجدي لما فيه من صور وظواهر تستدعي السرد والمعالجة، وابتعد بقدر الإمكان عن الاسلوب العامي ان شئت ان ننشر لك،.. وفي عدد مارس ٢٥٩١ يرد المحرر علي عبدالمنعم كاتبا: (المسرحية التي كتبتها في فصل واحد، لايمكن ابدا ان تنشر في الوقت الحاضر الاسباب كثيرة من بينها ان حوادث المسرحية وقعت في مستشفي الاسماعيلية وبطل المسرحية وامثاله من الابطال لا مكان لهم علي المسرح، انهم في مكان بعيد جدا ياصديقي، واخبارهم وقصصهم لايجوز نشرها لأسباب كثيرة، من بينها انهم- اي هؤلاء الابطال- لم يرتكبوا جريمة، ولم يرتشوا، لم يخونوا، ولم يقعوا فريسة للانحلال والفساد.. هل فهمت!!أرجو أن تكون قد فهمت!!)>>>ولم تخل مجلات ذات طابع يساري مثل مجلة الغد من رسائل، فنقرأ اسم محفوظ عبدالرحمن يتصل بها- ايضا- ونقرأ رسالة طريفة للقاص محمد كمال محمد في سبتمبر ٣٥٩١ يقول: (انني كبائع صحف في الاسكندرية، قد لمست ما لاقته مجلتكم- ومجلتنا ايضا- من رواج، فاق توقعنا لها، اذ زاد التوزيع عما قدرناه لها نحن الباعة، فانا قد وزعت المجلة وانا قد قرأتها قبل ذلك اكثر من مرة غير اننا لاندري السر الآن في عدم صدورها بانتظام.. ويرد المحرر: (نشكرك.. والسر لايخفي عليك.. وقد اشرت اليه في خطابك..«.ولا اريد في هذا السياق ان افوت بابا مهما كانت تعده مجلة -ايضا- من اهم المجلات بعد ثورة يوليو، وهي مجلة الرسالة الجديدة، التي كان رئيس تحريرها يوسف السباعي، وكان يعتني بأبواب بين القراء وبيني، وبريد القصة، وبريد الشعر اعتناء خاصا.. وسأمر مرورا علي هذه الأبواب، لألتقط ماتيسر.. ففي العدد ديسمبر ٥٥٩١، نقرأ رسالة للفنان والناقد التشكيلي الراحل محمود بقشيش يسأل فيها: »هل هناك فارق بين الرومانتيكية والصوفية)، لي مسرحية من ثلاثة فصول، فهل لو كانت تصلح للنشر يكون لها نصيب في مجلتكم الغراء).. فيرد المحرر قائلا: (طبعا.. هذا مذهب، وهذا مذهب، والفوارق حجة.. ويستحيل المقارنة بين المذهبين في هذا المجال، ولكني- علي قدر علمي- استطيع ان الخص الفارق بأن الرومانتيكية عشق الفرد، والصوفية عشق لله،.. وفي ذات العدد يرد المحرر علي الشاعر مجدي نجيب.. وكان يكتب القصة قائلا: (نزعتك الكلاسكية.. في عصرنا الذي يستحق ويتسم بالواقعية.. امر يستحق معك... لقد كتبت القصة.. ولكن ضميرك الحي انبك علي هذا النموذج من دائرة الحياة الانسانية.. وهي حقل الادب والفن.>>>ولا اريد ان اترك مجلة الرسالة قبل ان اورد ردا علي الشاعر احمد حجازي يقول المحرر في عدد سبتمبر ٥٥٩١: (اما الشاعر »احمد عبدالمعطي« فيقول في مطلع قصيدته »عواطف محترقة«: كان مهما مارقاثم انكسرمذ تبدي في ربيعي واندثرلم يحلق في فؤادي غير ليلثم مال ثم ماء ثم فرّ فيعلق المحرر: (وحقل الشاعر يشبه مستودعا من »مخلفات الجيش الانجليزي« فهذه العلاقات المتنافرة في استخدام لوازم الصور الشعرية.. تكشف عن اضطراب التداعي النفسي الذي يربط الهم بالربيع، ويحلق بالليل في قلبه، ثم يتحول الي بناء منهار، من غير ترتيب في ربط هذه الصور) ورسالة اخيرة من صلاح السيد متولي (صلاح عيسي).. يقول فيها: ارجو ان نري نجيب محفوظ قريبا في »غرام الأدباء«، وماذا تم في رد قلبي).. فيرد المحرر- ان شاء الله، تحت الطبع).. والمجال بالطبع خصب وثري وحافل بالمفاجآت.. فقط اريد ان اقفز الي السبعينات لاختار نموذجا واحدا من مجلة الكاتب وكان محرر بريدها الراحل علي شلش.. وفي عدد مايو ٧٧٩١ نقرأ له ردا علي الشاعر احمد زرزور: (قصيدتك »دراسة المغني الذي احتبسه الصمت« فيها كل ما كان يسميه نقادنا العرب القدامي باسم المعاطلة.. فتراكم الصور وتصعيد الغموض وتصعيب العبارة ليس من الشعر الجيد في شيء اليس كذلك؟).. وتقرأ ردا آخر علي الشاعر احمد فضل شبلول: (قصيدتك).. (ها هو يتساءل).. في قصة التكوين.. يلزمها شيء ما لكي تكتسب العبرة والاصالة المطلوبتين.. ذلك الشيء تستطيع اكتشافه بمعاودة قراءتها، هذه عينات بعيدة من تراث ضخم عنوانه العريض بريد القراء.. انجب كبارا ومبدعين.. تراث يحتاج النظر والدرس الدقيقين والتفصيل.. لمعرفة تاريخنا الثقافي بشكل جيد.
نقلا عن أخبار الأدب
هناك تعليق واحد:
إذا كان العام 1431 عام القمري هو ظهور الإمام المهدي الرجاء الاستمرار في قراءة مضمون هذا بلوق وآمل أن تكون ذات فائدة لكم
http://emam-mahdi-1431.blogfa.com/
Whether appearing in 2010 constantly savior is
Please continue to read the content of this blog I hope to be of interest to you
http://emam-mahdi-1431.blogfa.com/
Баба Ванга - Baba Vanga - World War III in November 2010 -
september/2010 East explode in the sky star -
انفجار نجم في السماء الشرقية 23 رمضان ۱۴۳۱
الحرب العالمية الثالثة في نوفمبر 2010
إرسال تعليق