الحوار بعد الأخير مع محمود درويش
شعر/عبد الله أبو شميس
قال لي: عم مساءً! فقلتُ لهُ: عِمْ سُهاداً! كمِ السّاعةُ الآنَ يا سيّدي؟ قال: لا وقتَ في الأبديّةِ، فانظرْ لساعتِكَ الدّنيويةِ. قلتُ: هي الثّانيةْ / بعد منتصفِ الليلِ. أطرقَ في خجلٍ، وأعادَ منامي إلَيّْ
وتنهّدَ في تعبٍ أزَلِيّْ:
عِمْ سُهادا!
_ لا أحبّكَ، يا سيّدي لا أحبُّكْ وتَخالَفَ دربي ودربُكْ فلماذا تُحاصرني في منامي ولستَ شهيداً؟!
_ لنحرسَ نومَ الّذين يحبّوننا.. ميّتَيْنِ!
_ وتسحبني من كلامي لأصبح بينكَ والعالمينَ بريداً؟
_ لأنّي سئمتُ الكلامَ المُعادا
_ هل لديكَ إذنْ ما تقولُ؟
_ لديّ الكثيرُ ولكنّني لا أحبُّ حديثَ الصّحافةْ فَدَعِ الكلماتِ تسيلُ كنهرٍ صغيرٍ يوزّعُ للشّوكِ مثل الزّهورِ ضِفافَهْ
" هوَ ضيفي، برَغْمي، إذنْ فلأقمْ بحقوقِ الضّيافةْ! "
قلتُ بيني وبيني.. ولكنّه قال لي: أنتَ ضيفي هنا. ودعاني لأجلسَ جانبَهُ، فانتبهتُ لكرسيِّهِ المتحرّكِ، كان يطلّ على جهتيْنِ: يميناً على جهةِ الخلدِ حيث يرى وحده ما يرى، ويساراً على جهةِ الوقتِ حيث جلستُ بجانبِهِ، فاستدارَ إلَيّْ
قالَ: عذراً، فلا شايَ في مطبخي البرزخيّْ! / قلتُ: لا بأسَ.. مَنْ يشربُ الشايَ في الفجرِ؟! قال: ولا قهوةٌ! فضحكتُ.
_ إذنْ قلتَ لي يا صديقي بأنّكَ لستَ تحبُّ طريقي
_ بلى، قلتُ يا سيّدي، لا أحبّكَ!
_ فيمَ تزيدُ عنادا؟
_ لا أحبّكَ، فِيمَ أحبُّكَ؟ هل يُعشقُ المرءُ من أجل خبرتِهِ في اصطيادِ الصّورْ وافتضاضِ الحجرْ ولأنّ الطّبيعةَ أهدتهُ أجنحةً ورمادا؟!
_ هوَ هذا إذنْ..
قال في لهجةِ القرويِّ إذا أبصرَ المدنيَّ، فوافقتُهُ:
_ هُوَ " هادا"!
وضحكنا معاً. قال: لولا أبو الأسودِ الدّؤلِيّْ / لتضاعفَ من يكتبونَ العموديَّ وانقرضَ النّثرُ. هذا كلامي ولكنّهُ ليس للنّشرِ. قلتُ لهُ: هل تخافُ وأنتَ هنا؟ فأجابَ: أخافُ أخافُ عليكَ، وأخشى علَيّْ!
قلتُ:
_ ماذا فعلتَ هنالكَ في عيدِ ميلادِكَ؟
_ اشتقتُ للإشتياقِ وللإشتهاءْ وتصفّحتُ بعض المجلاّتِ من عالَمِ الماوراءْ!
_ هل قرأتَ نشيدَكَ بعد الأخيرِ؟
_ قرأتُ.
_ وأخطأتَ في الوزنِ؟
_ والأصدقاءْ..!
واستدارَ إلى جهةِ الخلدِ منفعلاً، ولمحتُ رذاذاً من الضّوءِ في هُدبِهِ الذّهبيّْ
ثمّ عادَ، فقلتُ كأنّي أنا ضيفُهُ:
_ هل أَطلتُ عليكَ وأَثقلتُ؟
_ لا بأسَ، لا وقتَ في الأبديّةِ.. لكنّ أخبارَكمْ لا تسرُّ..
_ وكيف وجدتَ النّهايةَ؟
_ مثلَ البدايةِ: تحتاجُ بعضَ الشّجاعةِ والإنتباهِ وعكسَ البدايةِ: يكثُرُ فيها الْمُساعِدُ!
_ لو عدتَ هل ستعيدُ الحكايةَ؟
_ لا بدَّ..
_ لم يتّضحْ لك شيءٌ هنا فتغيّرَها؟!
_ كلُّ شيءٍ هنالكَ كان أشدَّ وضوحاً!
_ علامَ إذنْ كان يختلفُ الفرقاءُ؟
_ لكي يتواصل نهرُ الهباءْ
_ لم تزلْ تتعمّدُ نفسَ التّراكيبِ والمفرداتِ أليسَ لكم ههنا لغةٌ ثانيةْ تتحرّرُ من ربقةِ الوزنِ والقافيةْ؟
_ ربّما.. ربّما غير أنّي جديدٌ هنا
وأدار إلى جهةِ الْخُلدِ كُرسيَّه في هدوءٍ، وما عدتُ أبصرُهُ. ربّما طارَ بين التّهاويمِ، أو صار دندنةً في التّرانيمِ. حدّثتُ نفسي بأنّ الزّيارةَ قد كُسِرتْ مثل فنجانِ شايٍ على مرمرٍ فارسيّْ!
وضحكتُ من الخاطرِ الفَجِّ. قمتُ لأَخرجَ لكنّهُ عادَ في خفّةِ الطّيرِ، حطّتْ يداهُ على كتِفيّْ
وتبسّمَ لي.. ففهمتُ
_ رأيتَ إذنْ أحدَ الشّعراءِ القدامى؟
_ رأيتُ امرَأَ القيسِ أنشدتُهُ مقطعاً من ( خِلافي معهْ) فبكى زمناً ضيّعَهْ ثمّ أنشدتُهُ قطعةً في مديحِ الضّبابِ.. فناما!
_ وسِواهُ؟
_ رأيتُ ابنَ حَمْدانَ أنشدَ روميّةً عن بناتِ الهديلِ وأنشدتُ سوناتةً عن ورودِ الجليلِ وطِرْنا حَماما
_ وسِواهُ؟
_ التقيتُ أبا الطّيبِ المتنبّي دعاني لأقرأَ شيئاً لهُ فخجلتُ! فأسمعني مقطعاً من قصيدٍ بوصفِ القيامةِ يكتبُهُ منذ ألفٍ وسبعينَ عاما
_ وما زال يكتبُهُ؟!
_ قال لي: كلّما قلتُ أنهيتُهُ شبّتِ الحربُ في بلدٍ فتعلّمتُ شيئاً جديداً عن الموتِ
_ كم ألفَ بيتٍ تراهُ أَتَمَّ ومن يجدُ الوقتَ كي يقرأهْ؟
_ سألتُ سؤالَكَ لكنّهُ قال لي: يا أخا الشّعرِ لا وقتَ في الموتِ..
_ لكنْ، أما قلتَ لي قبل سطريْنِ " لا وقتَ في الأبديّةِ" ؟! هل كنتَ آخَرَهُ والصَّدى؟
_ مثلما كنتُ، يا صاحبي، أَبَدا!
_ ولهذا خجلتَ؟
_ أجلْ. ولهذا سيخجلُ غَيْري أمامي غدا!
_ وهُوَ، المتنبّي، أيُخجِلُهُ أحدٌ؟
_ ربّما.. ربّما لو رأى أحدا!
.. وساءَلني قبل أن يختفي:
_ كيفَ غزّةُ بعد الرّمادِ؟
فقلتُ لهُ:
_ أصبحتْ بَلَدا!
قال:
_ عمّا قليلٍ تصيرُ بلادا..
وأنا لا أحبّكَ لكنّني قد تعلّمتُ منكَ بأنّ المحبّةَ – مثلُ الحقيقةِ- نسبيّةٌ، وبوُسعِ النّقيضيْنِ إمّا أَراداأن يكونا شقيقيْ نِروحاً وخارطةً وبلادا والغيابُ يعلّمُنا كلَّ يومٍ بألاّ نكونَ أقلَّ حيادا
لا أحبّكَ،لكنّني لا أحبُّ النّهاياتِ حين تمزّقُ نهرَ الكمنجاتِ..طار الحمامُ.. وطارَ وصار السّلامُ أقلَّ عتادا
يا بلاداً على حبلها تتهادىبين مَنْ يلعبونَ بأطفالنا لعبةَ الإحتمالاتِ:قد تكبرون وقد تُقبرونَ بحسْبِ مزاجِ رياحِ الشّمالِ..ومَنْ يقبضونَ على موتنا أجْرَهم مرّتيْنِ فقد قتلونا اجتهادا!
سيّدي( آخرَ الشّعراء الّذينَ يؤرّقهم ما يؤرّقُ أعداءَهم)عِمْ سُهادا..
... وانتبهتُ لنفسي إلى جانبِ امرأتي. قالتِ امرأتي: هل تنامُ؟ فقلتُ: أنامُ.. وحاولتُ حاولتُ لكنّ أصواتَهم هطلتْ في خيالي، وجاؤوا جميعاً:
رأيتُ مراجيحَ أطفالِ غزّةَ ترقصُ في جانب اللهِ والشّهداءْ
وأبصرتُ كوفيّةً تتكوّنُ في شكل خارطةٍ تتكوّنُ في شكل زيتونةٍ وتضيءُ السّماءْ
ورأيتُ المدافعَ تَهرمُ كالسّنديانِ العتيقِ ويلعبُ فيها السّنونو
والصِّغارَ حفاةً عراةً من اللّهوِ، تلحقُهُمْ نسوةٌ بعصيٍّ مزيّفةٍ، وتخبّئهمُ في الهواءِ الغصونُ
رأيتُ.. رأيتُ.. رأيتُ
ولم أرَ درويشَ أو شاعراً آخراً
قلتُ: ما حاجةُ الأبديّةِ للشّعراءْ
أن يكونوا هنالك..
أو لا يكونوا!
أيّار 2009
وتنهّدَ في تعبٍ أزَلِيّْ:
عِمْ سُهادا!
_ لا أحبّكَ، يا سيّدي لا أحبُّكْ وتَخالَفَ دربي ودربُكْ فلماذا تُحاصرني في منامي ولستَ شهيداً؟!
_ لنحرسَ نومَ الّذين يحبّوننا.. ميّتَيْنِ!
_ وتسحبني من كلامي لأصبح بينكَ والعالمينَ بريداً؟
_ لأنّي سئمتُ الكلامَ المُعادا
_ هل لديكَ إذنْ ما تقولُ؟
_ لديّ الكثيرُ ولكنّني لا أحبُّ حديثَ الصّحافةْ فَدَعِ الكلماتِ تسيلُ كنهرٍ صغيرٍ يوزّعُ للشّوكِ مثل الزّهورِ ضِفافَهْ
" هوَ ضيفي، برَغْمي، إذنْ فلأقمْ بحقوقِ الضّيافةْ! "
قلتُ بيني وبيني.. ولكنّه قال لي: أنتَ ضيفي هنا. ودعاني لأجلسَ جانبَهُ، فانتبهتُ لكرسيِّهِ المتحرّكِ، كان يطلّ على جهتيْنِ: يميناً على جهةِ الخلدِ حيث يرى وحده ما يرى، ويساراً على جهةِ الوقتِ حيث جلستُ بجانبِهِ، فاستدارَ إلَيّْ
قالَ: عذراً، فلا شايَ في مطبخي البرزخيّْ! / قلتُ: لا بأسَ.. مَنْ يشربُ الشايَ في الفجرِ؟! قال: ولا قهوةٌ! فضحكتُ.
_ إذنْ قلتَ لي يا صديقي بأنّكَ لستَ تحبُّ طريقي
_ بلى، قلتُ يا سيّدي، لا أحبّكَ!
_ فيمَ تزيدُ عنادا؟
_ لا أحبّكَ، فِيمَ أحبُّكَ؟ هل يُعشقُ المرءُ من أجل خبرتِهِ في اصطيادِ الصّورْ وافتضاضِ الحجرْ ولأنّ الطّبيعةَ أهدتهُ أجنحةً ورمادا؟!
_ هوَ هذا إذنْ..
قال في لهجةِ القرويِّ إذا أبصرَ المدنيَّ، فوافقتُهُ:
_ هُوَ " هادا"!
وضحكنا معاً. قال: لولا أبو الأسودِ الدّؤلِيّْ / لتضاعفَ من يكتبونَ العموديَّ وانقرضَ النّثرُ. هذا كلامي ولكنّهُ ليس للنّشرِ. قلتُ لهُ: هل تخافُ وأنتَ هنا؟ فأجابَ: أخافُ أخافُ عليكَ، وأخشى علَيّْ!
قلتُ:
_ ماذا فعلتَ هنالكَ في عيدِ ميلادِكَ؟
_ اشتقتُ للإشتياقِ وللإشتهاءْ وتصفّحتُ بعض المجلاّتِ من عالَمِ الماوراءْ!
_ هل قرأتَ نشيدَكَ بعد الأخيرِ؟
_ قرأتُ.
_ وأخطأتَ في الوزنِ؟
_ والأصدقاءْ..!
واستدارَ إلى جهةِ الخلدِ منفعلاً، ولمحتُ رذاذاً من الضّوءِ في هُدبِهِ الذّهبيّْ
ثمّ عادَ، فقلتُ كأنّي أنا ضيفُهُ:
_ هل أَطلتُ عليكَ وأَثقلتُ؟
_ لا بأسَ، لا وقتَ في الأبديّةِ.. لكنّ أخبارَكمْ لا تسرُّ..
_ وكيف وجدتَ النّهايةَ؟
_ مثلَ البدايةِ: تحتاجُ بعضَ الشّجاعةِ والإنتباهِ وعكسَ البدايةِ: يكثُرُ فيها الْمُساعِدُ!
_ لو عدتَ هل ستعيدُ الحكايةَ؟
_ لا بدَّ..
_ لم يتّضحْ لك شيءٌ هنا فتغيّرَها؟!
_ كلُّ شيءٍ هنالكَ كان أشدَّ وضوحاً!
_ علامَ إذنْ كان يختلفُ الفرقاءُ؟
_ لكي يتواصل نهرُ الهباءْ
_ لم تزلْ تتعمّدُ نفسَ التّراكيبِ والمفرداتِ أليسَ لكم ههنا لغةٌ ثانيةْ تتحرّرُ من ربقةِ الوزنِ والقافيةْ؟
_ ربّما.. ربّما غير أنّي جديدٌ هنا
وأدار إلى جهةِ الْخُلدِ كُرسيَّه في هدوءٍ، وما عدتُ أبصرُهُ. ربّما طارَ بين التّهاويمِ، أو صار دندنةً في التّرانيمِ. حدّثتُ نفسي بأنّ الزّيارةَ قد كُسِرتْ مثل فنجانِ شايٍ على مرمرٍ فارسيّْ!
وضحكتُ من الخاطرِ الفَجِّ. قمتُ لأَخرجَ لكنّهُ عادَ في خفّةِ الطّيرِ، حطّتْ يداهُ على كتِفيّْ
وتبسّمَ لي.. ففهمتُ
_ رأيتَ إذنْ أحدَ الشّعراءِ القدامى؟
_ رأيتُ امرَأَ القيسِ أنشدتُهُ مقطعاً من ( خِلافي معهْ) فبكى زمناً ضيّعَهْ ثمّ أنشدتُهُ قطعةً في مديحِ الضّبابِ.. فناما!
_ وسِواهُ؟
_ رأيتُ ابنَ حَمْدانَ أنشدَ روميّةً عن بناتِ الهديلِ وأنشدتُ سوناتةً عن ورودِ الجليلِ وطِرْنا حَماما
_ وسِواهُ؟
_ التقيتُ أبا الطّيبِ المتنبّي دعاني لأقرأَ شيئاً لهُ فخجلتُ! فأسمعني مقطعاً من قصيدٍ بوصفِ القيامةِ يكتبُهُ منذ ألفٍ وسبعينَ عاما
_ وما زال يكتبُهُ؟!
_ قال لي: كلّما قلتُ أنهيتُهُ شبّتِ الحربُ في بلدٍ فتعلّمتُ شيئاً جديداً عن الموتِ
_ كم ألفَ بيتٍ تراهُ أَتَمَّ ومن يجدُ الوقتَ كي يقرأهْ؟
_ سألتُ سؤالَكَ لكنّهُ قال لي: يا أخا الشّعرِ لا وقتَ في الموتِ..
_ لكنْ، أما قلتَ لي قبل سطريْنِ " لا وقتَ في الأبديّةِ" ؟! هل كنتَ آخَرَهُ والصَّدى؟
_ مثلما كنتُ، يا صاحبي، أَبَدا!
_ ولهذا خجلتَ؟
_ أجلْ. ولهذا سيخجلُ غَيْري أمامي غدا!
_ وهُوَ، المتنبّي، أيُخجِلُهُ أحدٌ؟
_ ربّما.. ربّما لو رأى أحدا!
.. وساءَلني قبل أن يختفي:
_ كيفَ غزّةُ بعد الرّمادِ؟
فقلتُ لهُ:
_ أصبحتْ بَلَدا!
قال:
_ عمّا قليلٍ تصيرُ بلادا..
وأنا لا أحبّكَ لكنّني قد تعلّمتُ منكَ بأنّ المحبّةَ – مثلُ الحقيقةِ- نسبيّةٌ، وبوُسعِ النّقيضيْنِ إمّا أَراداأن يكونا شقيقيْ نِروحاً وخارطةً وبلادا والغيابُ يعلّمُنا كلَّ يومٍ بألاّ نكونَ أقلَّ حيادا
لا أحبّكَ،لكنّني لا أحبُّ النّهاياتِ حين تمزّقُ نهرَ الكمنجاتِ..طار الحمامُ.. وطارَ وصار السّلامُ أقلَّ عتادا
يا بلاداً على حبلها تتهادىبين مَنْ يلعبونَ بأطفالنا لعبةَ الإحتمالاتِ:قد تكبرون وقد تُقبرونَ بحسْبِ مزاجِ رياحِ الشّمالِ..ومَنْ يقبضونَ على موتنا أجْرَهم مرّتيْنِ فقد قتلونا اجتهادا!
سيّدي( آخرَ الشّعراء الّذينَ يؤرّقهم ما يؤرّقُ أعداءَهم)عِمْ سُهادا..
... وانتبهتُ لنفسي إلى جانبِ امرأتي. قالتِ امرأتي: هل تنامُ؟ فقلتُ: أنامُ.. وحاولتُ حاولتُ لكنّ أصواتَهم هطلتْ في خيالي، وجاؤوا جميعاً:
رأيتُ مراجيحَ أطفالِ غزّةَ ترقصُ في جانب اللهِ والشّهداءْ
وأبصرتُ كوفيّةً تتكوّنُ في شكل خارطةٍ تتكوّنُ في شكل زيتونةٍ وتضيءُ السّماءْ
ورأيتُ المدافعَ تَهرمُ كالسّنديانِ العتيقِ ويلعبُ فيها السّنونو
والصِّغارَ حفاةً عراةً من اللّهوِ، تلحقُهُمْ نسوةٌ بعصيٍّ مزيّفةٍ، وتخبّئهمُ في الهواءِ الغصونُ
رأيتُ.. رأيتُ.. رأيتُ
ولم أرَ درويشَ أو شاعراً آخراً
قلتُ: ما حاجةُ الأبديّةِ للشّعراءْ
أن يكونوا هنالك..
أو لا يكونوا!
أيّار 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق