أحمد طوسون : مدونتي جزء من مسئولية ثقافية تخلت عنها الصحف طواعية
بقلم/ إبراهيم محمد حمزة
إذا بحثت يوما عن تفاصيل أي مسابقة علي الإنترنت، ستجد بحثك يوصلك مباشرة إلي مدونة شديدة البهاء والتميز، لأديب مصري قدير هو أحمد طوسون، أحمد كاتب أربعيني، يعمل محاميا ويعيش بسنورس بالفيوم، له عدد جيد من الإصدارات منها "مجرد بيت قديم (قصص)، شتاء قارس(قصص)، عندما لا تموء القطط (قصص)،مراسم عزاء العائلة (رواية)، حكاية خير البلاد(قصة للطفل)، حكاية صاحب الغزلان (قصة للطفل). حصل أحمد طوسون علي عدد كبير من الجوائز من إيطاليا والإمارات ومصر ولبنان .. حول المدونات وسنينها، كان الحوار ...
> الملاحظات الأولي أمام مدونتك تؤكد أنها مدونة احترافية، وأنك تتعامل معها بجدية.. متي بدأت المدونة ؟ وما دواعي إنشائها؟ وما مصدر تفوقك التقني الملحوظ فيها ؟
أنا من جيل ليس وثيق الصلة بالتكنولوجيا، ولم يخطر في بالي أن أتعامل يوما مع شاشة كمبيوتر وكيبورد، وكنت أتعجب من الأصدقاء الذين تركوا الورقة والقلم إلي الكتابة مباشرة علي الكمبيوتر لكن صديقي الشاعر والروائي أحمد قرني ألح علي أن أقتني جهاز كمبيوتر وصحبني إلي أحد المتخصصين الذي باعني جهازا، فطلبت منه أن يصحبني إلي البيت ليجرب الجهاز أمام عيني ويوصله بالنت ويعلمني كيف أشغل الجهاز وأغلقه، فلم أكن قبلها أمسكت «ماوس» بيدي.. وكنت أعيش أزمة عدم كتابة منذ انتقلت من حجرتي الخاصة بفوضويتها التي أحفظها إلي شقتي بعد الزواج، انقطعت عن الكتابة في البيت( رغم كل المحاولات) وأصبحت أقتنص أوقات الفراغ في المكتب للقراءة والكتابة.. لكن حيز الشاشة المحدد أعادني من جديد للكتابة والقراءة مباشرة علي الكمبيوتر الذي تعرفت عليه بلا وسيط أو معلم.
تعلمت عادة قراءة الصحف من والدي رحمة الله عليه، ومع خطواتي الأولي بالنت حرصت علي متابعة المواقع الإلكترونية للصحف، وكانت المدونات تفرض حضورها علي النت والثقافة ووسائل الإعلام وكنت أعجز عن وضع إجابة صحيحة لسؤال: كيف تصنع مدونة؟ حتي شرح لي الصديق الناقد د.محمد مصطفي حسانين الطريقة، وبمجرد عودتي جربتها ونجحت.. كان ذلك في غضون شهر أغسطس 2007 وضعت سيرتي الذاتية وقصتين قديمتين من نصوصي كعادة الأدباء في مدوناتهم ونسيتها لأشهر ونسيت معها الباسورد الذي يمكنني من الدخول إليها ولم أكن متحمسا لفكرة المدونات التي تخصص لإبداع صاحبها ولا يقرأها أحد.
وفي مايو 2008 بدأت علاقتي الحقيقية بالمدونة بعد شعوري أن الأدباء بالفيوم يحتاجون إلي تسليط الضوء علي إبداعهم ونشاطاتهم بشكل أكبر، وأن أعمم الفكرة بنشر كل ما يترامي إلي من أخبار المسابقات بالمدونة، أما عن المسائل التقنية فقد تعرفت عليها بالممارسة في ظل المتاح فقط من خدمات البلوجر.
> إذا نظرنا للمدونة أنها متخصصة ( مدونة ادبية ) فقد خصصتها داخل التخصص ذاته لتكون وسيلة للإعلان عن كل المسابقات وكل النتائج .. هل حرصك علي المشاركة في المسابقات هو الدافع أم خدمة للمبدعين ؟
دعني أشير أولا إلي ظاهرة سلبية في الصحافة الثقافية العربية عموما والمصرية بصفة خاصة سواء في المتابعات الثقافية أو تغطية المؤتمرات والجوائز، عادة توجه التغطية إلي شخص ما أو أشخاص تربطهم علاقة بالمحرر وتوجيهها لتسليط الضوء علي الموجودين أصلا بدائرة الضوء وللأسف الكثير منها يفتقد إلي المهنية ( مثلا تغطية الصحافة لجوائز كتاب اليوم الأخيرة كارثية، جعلت جريدة متخصصة كأخبار الأدب تنشر الخبر بعددين متتاليين بعد أن جارت أخطاء المتابعة الأولي، مع ملاحظة أن المسابقة تنظمها مؤسسة صحفية عريقة كأخبار اليوم). وفي ظني أن من حق أي أديب فاز بجائزة أن يجد علي الأقل خبر فوزه منشورا في الصفحات الأدبية، بخلاف أن صفحاتنا الثقافية تهمل صحافة الخبر في المجال الثقافي أو تقصرها علي أنشطة المؤسسات.
أما عن التخصص فهو مستقبل الإعلام الورقي والمسموع والمرئي والإلكتروني.. والمدونات التي غزت العالم لن تستمر في نجاحها إلا بفكرة التخصص الدقيق وبخاصة في المجالات العلمية والفنية، وهو ما قد نجد له مردودا في بعض المدونات الغربية ونماذج نادرة في المدونات العربية .
ولإيماني أن كثيرا من المبدعين في القري والنجوع يحتاجون إلي دعم ما يشجعهم علي الاستمرار في الكتابة والإبداع في مجتمع لا يعير الثقافة والمبدعين الاهتمام الكافي ربما وجدوا سلواهم في جائزة أو مسابقة بشقيها المعنوي والمادي يساعدهم علي الوقوف أمام سعار الحياة حولهم وتجاهل النخبة المثقفة لهم. أما لو كان الحرص علي مشاركتي الشخصية في المسابقات فكان الأحري أن أحتفظ بها لنفسي..
وبالتأكيد من الاستحالة أن أستطيع مجاراة السيل الجارف من المسابقات التي أنشرها!
> في خمسة أشهر وضعت ما يقارب مائتي موضوع .. ألا يؤثر ذلك علي تفرغك الذهني كمبدع ؟ وهل ردود الفعل ترضيك ؟ أنا كاتب فوضوي أكتب من وحي الحالة ولا أعرف التنظيم الدقيق لأوقات القراءة والكتابة، حين تداهمني حالة الكتابة أنصاع لها وأترك ما دونها إلي طقوسها مقدما فروض الطاعة والحب وحين تهجرني أهجرها وأشتد في خصامها.
لكن الانترنت يقتطع الكثير من الوقت والشاشة مرهقة للنظر وللصفاء الذهني برغم حرصي علي عدم الانزلاق إلي الشات الذي أخذ كثيرين في طريقه إلي المتاهة!
أما عن ردود الفعل فهي ترضيني، فكثير من الأدباء الكبار والشباب أشادوا بالمدونة، لكنها أيضا تكلفني مسئولية أكبر رغم ظروف عملي كمحام وضرورة أن أجد الوقت للقراءة والكتابة.
> صارت مدونتك قبلة يؤمها عشاق المسابقات، خاصة أنك تحرص تماما علي دقة الخبر .. وأحيانا تسبق جميع الصحف وتحصل علي الخبر من مصدره .. أليس الأجدي أن تجعل هذا المجهود صحفيا ؟
دعنا نتفق أن الصحف عندنا لا تقدم مقابلا ماديا، وكنت وما زلت أشعر بالحرج في مراسلة صفحة مسئول عنها صديق أعرفه لنشر قصة أو مقال.. وطالما لم يطلب لا أراسله.. وأقتصد في كتابة المقالات لصالح الإبداع.. والصفحات الثقافية لا يقرأها المثقفون أنفسهم إلا من خلال المواقع الإلكترونية وصفحتي يرتادها قراؤها وبعض الأصدقاء يمدونني بأخبار للمدونة وكثير من المواقع والصفحات تحصل علي بعض أخبارها من مدونتي .
وفي النهاية أنا كاتب وأؤمن بأن المبدع له دور ثقافي أمارسه مع أصدقائي أدباء سنورس من خلال تنظيم أنشطة وفعاليات ثقافية واكتشاف وتقديم أدباء ونقاد جدد يثرون الواقع الثقافي والمدونة جزء من هذا الدور.
> في بداية تدوينك كنت حريصا علي وضع نصوصك الإبداعية .. ثم تحولت المدونة إلي الخبرية أكثر .. ما السبب ؟
أنا حريص علي نشر أعمالي ورقيا أولا ثم نشرها علي النت أو في المدونة.. لكن إحدي قصص الأطفال نشرتها بالمدونة وبموقع القصة العربية تعرضت للسرقة من كاتبة مجهولة باسم مستعار ثم سطت عليها المواقع ونشرتها دون اسمي ورغم سعادتي بالانتشار الكبير للقصة إلا أنني أصبحت أكثر حرصا في نشر الإبداع عموما علي النت باستثناءات قليلة!
> كثرت المدونات بشكل مفزع .. هل ظنك أنها ستصفي نفسها ؟ أم أنها ستفقد جاذبيتها مع كثرتها الطاغية ؟
المدونة صورة من صور التعبير عن الذات، الشباب في بلادنا لم يأخذ فرصا كافية للتعبير عن ذاته وعن آرائه في كل القضايا.. أصبحت المدونات صورة من صور التعبير السلمي وأعتقد أنها مع الأيام ستنضج أكثر وتتخلي عن طيشها ومراهقتها.. وأنا لست معك فيما ذهبت إليه، بل أعتقد أن المستقبل سيسير بنا إلي طريق أكثر رحابة ووضوحا مع التقدم التكنولوجي، وستظهر الكثير من المدونات الجديدة!
> هل التدوين الأدبي يرتفع بالأدب ؟ أم يفتح بابا لكل من يعرف كتابة اسمه للانضمام لقاطرة الأدب الصعبة ؟
دعنا نفرق بين كتابات( التيك أوي) إن جاز التعبير، وبين الإبداع الأدبي.. والخلط الذي يحدثه البعض ليس في صالح أحد.. هناك مواهب جديدة تتشكل وتحتاج إلي من يشدها لطريق الإبداع الأدبي لكن تحت مفهوم فكرة الأكثر قراءة أو متابعة أو بيعا تهدر الكثير من الثوابت والفوارق بين ما هو أدب وفن وبين ما هو فضفضة وخواطر. وتحت مفهوم المغالاة في الغموض ونظريات الكتابة الأدبية فقد الأدب قارئه!
لو سارت الأمور بطبيعتها ربما ساعد التدوين الأدبي في إعادة القارئ للكتاب.. لكن الشواهد تحيلنا إلي الاحتمال الأسوأ
> هل يمكن أن يأتي اليوم الذي تترك فيه التدوين نهائيا ؟
سؤالك الأيام وحدها تستطيع الإجابة عنه.
http://www.alkaheranews.com/pdf/535/p.17.535.pdf
http://www.alkaheranews.com/details.php?pId=10&aId=1237&issId=535
هناك 4 تعليقات:
أخى الغالى الأستاذ أحمد
والله من الحوارات التى استمتعت بها جدا ، ليس لأنها مع صديق عزيز ومبدع جميل بقيمة أحمد طوسون فقط ، إنما أيضا لدقة تفهمك وحماسك والتزامك .. يا أخى أنت إنسان تستحق كل المحبة .
أخوك : إبراهيم حمزة
العزيز المبدع والكاتب إبراهيم حمزة
أشكرك على كرم أخلاقك الذي تغدق به على الجميع وتفيض به كلماتك دوما
كل الشكر والمحبة والود
وكل عام وأنت وأسرتك الكريمة بخير وسعادة
تحية رمضانية لأخوين عزيزين كريمين أحمد طوسون وابراهيم حمزة
تحية متجددة لابراهيم حمزة المحاور الجيد الذي يجيد التعامل مع المبدعين المثقفين من أمثال أحمد طوسون ؛ الذي يعرف قدر وقيمة الكلمة في عصر أدمن قاطنوه المواراة واللعب على أحبال المصلحة الشخصية
مودتي واحترامي للجميع
المبدعة صاحبة القلم المميز انتصار عبدالمنعم
كل عام وأنت بخير.. لعلك من القليلات اللائي لا ينكفئن على إبداعهن فقط وتمارسين دورا ثقافيا مؤثرا من خلال مقالك الأسبوعي الهام بمجلة أكتوبر.
دمت بخير ومودة
خالص تحياتي
إرسال تعليق