《 آتون الغادر 》
بقلم: شريف الرفاعي
يستحيل الليل إلى لون الماء و صفائها ، الهدوء يطبق على الطرق ..
إلا أنه فعل ما فعله بالأمس ..
دكتور غبريال الذي يلتهم الكتب و ينقذ الوريقات الضالة في الشوارع و يحتفظ بها ، أذكر انه منذ مدة لاصق بيته _حيث يعيش كأعذب_ طيلة شهور الشتاء خصاما لها ، ارتفع صوته بالأمس " اذا ما أحمر شفق الصباح خرجت انت على الكون شمسا " ، كررها كثيراً حتى اعتقدنا انه يهذي أو أنه احتضن الجنون مرة أخرى .
صوته يدك رأسي ، كاد الزجاج ان ينكسر ، خرج الجميع إلى شرفاته بينما نزل البعض حيثما يمكث و حاول تقليل تلك الموجات الهرتزية المحطمة ..
تتفاوت كلماته بين الإله الشمس و الحاكم المقدس و يرتفع صوته مع كلمة " آتون " و في كل مرة يقولها ينفجر قلبي تجاهه حتى قاربت أن اقتله .
حينما ظهرت الشمس في الأفق ركع و جلس يقدسها ، هدأ تدريجياً لكنه لم يتحرك إنشا واحداً من مكانه ، بمرور الوقت انصرف الناس من حوله ساخطين على هذا الصباح العكر ..
في عودتي من العمل لم أصدق انه مازال مكانه يجري بنظره خلف قرص الشمس ، راقبته من الشرفة ، عند الأصيل أضيئت المصابيح الكهربية بينما هو يودع الطبق الذهبي المستدير وقت احمراره ، سار يركع أمام كل مصباح كهربي و يقبله !
ثم ينتهي بآخر مصباح بالشارع و يمر عليهم مجدداً ، أريد أن أعرف ما في جوف هذا الرجل .. نزلت إليه مستفسرا عن هذه الأفعال و لماذا سجد للشمس ، رد علي :-
- إن كان اخناتون اول موحد بإله واحد فبالتأكيد هو الإله الصحيح لأن الدعوة إلى التوحيد ستتم بدعوة من هذا الإله لنبيه اخناتون
أعلم ان الفراعنة يعدوا نفسهم أبناء الآلهة لهذا سألته :-
- و هل من الصحيح ان يعد النبي نفسه ابنا للإله ؟
- لم يحدث ، ما هذا إلا افتراء اخرجه غير المؤمنين قبل الميلاد و انت تصدقهم
- و لكن إلهك هذا يختفي ليلاً
- يختفي و لكنه يترك أتباعه
- و من هم ؟
- المصابيح ، صورة آتون على الأرض
صمت قليلاً ثم عاد مسرعاً في كلامه
- انظر إلى النور و الدفء و الأمل فيها
ذهب يتحسس بيده هذا المصباح المعلق على عامود منخفض متابعا كلامه ..
إذ بالكهرباء تصعقه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق