2016/03/12

هالة الشارونى تكتب: معًا مِنْ أجْلِ تَرْسيخِ ثَقافَةِ التَّشارُكِ الأنْشِطَةُ الثَّقافِيَّةُ الَّتى تَطْرَحُ التَّساؤلاتِ، عُنْصُرٌ أساسِىٌّ لِتَغْييرِ أوْضاعِ النِّساءِ

معًا مِنْ أجْلِ تَرْسيخِ ثَقافَةِ التَّشارُكِ الأنْشِطَةُ الثَّقافِيَّةُ الَّتى تَطْرَحُ التَّساؤلاتِ، عُنْصُرٌ أساسِىٌّ لِتَغْييرِ أوْضاعِ النِّساءِ
هالة الشارونى _ مصر

مُنْذُ سَنَواتِ حَياتى المُبَكِّرَةِ ، قَرَّرْتُ أنْ أكونَ أنا نَفسِى ، ولَسْتُ صورَةً مُكرَّرَةً لِمُجْتَمَعٍ تُسَيْطِرُ فيه القِيَمُ الذُّكورِيَّةُ التَّسَلُّطِيَّةُ - ساعَدَنى عَلَى ذَلِكَ وشَجَّعَنِى عَلَيْهِ ، مُناخٌ عاِئِلِىٌّ يُؤْمِنُ بِقَيْمَةِ الحُرِّيَّةِ وبِحَقِّ الاخْتِيارِ .. يُشَجِّعُ عَلَى المُبادَرَةِ وَعَلَى تَحَمُّلِ المَسْئولِيَّةِ . فى الخامِسَةَ عَشْرَةَ ذَهَبْتُ إلَى المَدارِسِ وبُيوتِ الثَّقافَةِ ، أَحْمِلُ مَعِى جِهازَ عَرْضِ الصُّوَرِ الثَّابِتَةِ ، أَحْكِى لِلأطْفالِ حِكاياتِ " مُرْجانَةَ " الَّتى تَفَوَّقَتْ عَلَى الرِّجالِ ، فَأنْقَذَتْ عَلى بابا وهَزَمِتْ عِصابَةَ الأرْبَعينَ لصًّا.. حِكايةَ المَلِكَةِ حَتْشِبْسوت الَّتى ظلَّتْ مَلِكَةً ناجِحَةً مَحْبوبَةً عَلَى عَرْشِ مِصْرَ واحِدًا وعِشْرينَ عامًا، مُنْذُ ( 3500 ) سَنَةً ، عِنْدَما لَمْ يَكُنْ مُتاحًا لِلمَرْأةِ أنْ تَتَوَلَّى العَرْشَ . لَقَدْ نَجَحَتْ بِقُدراتِها الإبْداعِيَّةِ ، فغَيَّرَتْ سِياسَةَ مِصْرَ الخارِجِيَّةَ مِنَ الغَزْوِ والحَرْبِ ، إلَى التَّعاوُنِ التِّجارِىِّ لِتَحْقيقِ الرَّخاءِ ، فَحَقَّقَتِ السَّلامَ والأمْنَ بَيْنَ الشُّعوبِ . ومُنْذُ انْتَهَيْتُ مِنْ دِراستى الجامِعِيَّةِ ، رَفَضْتُ أنْ أتَقَيَّدَ بِوَظيفَةٍ تَجْعَلُنى مُضْطَرَّةً إلَى التَّصادُمِ مَعَ ثَقافَةٍ مُهَيْمِنَةٍ اجْتِماعِيًّا ، تُطالِبُ بِالطَّاعَةِ والتَّبَعِيَّةِ ، تُعَزِّزُ ثَقافَةَ الصَّمْتِ لَدَى النِّساءِ ، وثَقافَةَ التَّمْييزِ القائِمِ عَلَى النَّوْعِ . وعَنْ طَريقِ العَمَلِ مَعَ جَمْعِيَّاتٍ أهْلِيَّةٍ مُتَعدِّدَةٍ ، والعَمَلِ مِنْ خِلالِ وِرَشِ عَمَلٍ لِمُدَرِّساتِ المَدارِسِ ومُشْرِفاتِ الحَضانَةِ ، حَوْلَ فَنِّ حَكْىِ القِصَصِ فى مِصْرَ وخارِجَ مِصْرَ لِتَحْبيبِ الأطفالِ فى التَّعْليمِ ، شَقَقْتُ طَريقى إلَى أطْفالِ الشَّوارِعِ ، إلَى أطْفالِ وفَتَياتِ العَشْوائِيَّاتِ المُحيطَةِ بِالمُدُنِ الكُبْرَى ، وإلَى أحْياءِ الزَّبَّالينَ جامِعِى القمامَةِ، أُشَجِّعُ عَلَى ذَهابِ الأبْناءِ والبَناتِ إلى المَدارِسِ وعَلَى حُبِّ القِراءَةِ ، أُحاوِلُ تَنْشيطَ القُدراتِ الإبْداعِيَّةِ والابْتِكارِيَّةِ ، أرْتَفِعُ بِسَقْفِ الطُّموحِ ، أبُثُّ الثِّقَةَ بِالنَّفْسِ ، أُبَصِّرُهم بِدَوْرِهِمُ الرَّئيسِىِّ المُهِمِّ فى المُشارَكَةِ لأجْلِ مُسْتَقْبَلٍ أفْضَلَ . ذَهَبْتُ إلى العالِقينَ فى مَدينَةِ السَّلُّومِ وفِى المَناطِقِ الحُدودِيَّةِ بَيْنَ مِصْرَ وليبيا، عائلاتٍ مِنْ سوريا والعِراقِ وليبيا وبَعْضِ البِلادِ الإفْريقِيَّةِ ، أتَولَّى تَدْريبَ المُدَرِّباتِ مِمَّنْ يَتعامَلْنَ مَعَ الأُمَّهاتِ والفَتَياتِ ، لِلتَّعْريفِ بِأساليبِ التَّنْشِئَةِ الحَديثَةِ الَّتى تُساوِى بَيْنَ الوَلَدِ والبِنْتِ فى الحُقوقِ والواجِباتِ ، والَّتى تَفْتَحُ البابَ واسِعًا أمامَ المَرْأةِ لِتَقومَ بِدَوْرِها الرَّئيسِىِّ فى التَّنْمِيَةِ وبِناءِ المُسْتَقْبَلِ . ذَهَبْتُ إلَى الأُمَّهاتِ فى قُرَى الفَلاحينَ ، فى واحاتِ الصَّحْراءِ ، فى النُّجوعِ الفَقيرَةِ البَعيدَةِ عَنْ وَسائلِ المُواصَلاتِ ، أُحاوِلُ أنْ أفْتَحَ أبْوابَ الثِّقَةِ بِالنَّفْسِ ، أبْوابَ الأمَلِ والطُّموحِ .. أُقْنِعُهُنَّ ، عَنْ طَريقِ حَكْىِ تَجارِبى الشَّخْصِيَّةِ ، أنَّهُ لَنْ يُغَيِّرَ من أوْضاعِ المرأةِ إلا المَرْأةُ نَفْسُها . * لَقَدْ بَدَأَتْ أوْضاعُ المَرْأةِ فى مِصْرَ تَتَحَسَّنُ فى مَجالَىِ التَّعْليمِ والصِّحَةِ ، لَكِنَّها لا تَزالُ تُصارِعُ لاحْتِلالِ المَكانِ اللائِقِ بِها فى المَجالِ السِّياسِىِّ ، وفى مَجالِ الحَقِّ فى اتِّخاذِ القَرارِ . إنَّ المُجْتَمَعَ المِصْرِىَّ كُلَّهُ فوجِئَ ، خِلالَ الأزَماتِ السِّياسِيَّةِ فى السَّنَواتِ الأخيرَةِ ، بِالمَرْأةِ المِصْرِيَّةِ تَتَولَّى الزَّعامَةَ فى الشَّارِعِ المِصْرِىِّ .. مَعْنَى هَذا أنَّه عِنْدَما اسْتَدْعَتِ الأُمورُ المَرْأةَ لِتَقومَ بِدَوْرِها القِيادِىِّ ، قامَتْ بِهَذا الدَّوْرِ بِكَفاءَةٍ مُنْقَطِعَةِ النَّظيرِ .. مَعْنَى هَذا أنَّ مِصْرَ ، الَّتى حَصلَتْ عَلَى المَرْتَبَةِ ( 124 ) مِنْ بَيْنِ ( 132 ) دَوْلَةً فى مَجالِ مُشارَكَةِ النِّساءِ - عِنْدَما يَحْتاجُ المُجْتَمَعُ إلَى دَوْرٍ إيجابِىٍّ لِلمَرْأةِ ، تَشُقُّ طَريقَها لِنَفْسِها بِنَجاحٍ ، وتَنْهارُ أمامَ قِيادَتِها كافَّةُ التَّابوهاتِ الاجْتِماعِيَّةِ والمُحَرَّماتِ الَّتى تَفْرِضُها أوْضاعُ مُجْتَمَعِ السَّيْطَرَةِ الذُّكورِىِّ . إنَّ المَرأةَ لَدَيْهَا مُعَدَّلُ عَمَلٍ مُرْتَفِعٌ عَنِ الرِّجالِ ، لأنَّ بَذْلَها كُلَّ ما لَدَيْهَا مِنْ جُهْدٍ هُوَ طَريقُها لِتَغْييرِ أوْضاعٍ اجْتِماعِيَّةٍ لابُدَّ أنْ تَتَغَيَّرَ ، حتَّى لا تَقِفَ فى مُواجَهَةِ حُصولِ المَرأةِ علَى الحَقِّ فى المُساواةِ . نَحْنُ نَعْمَلُ مَعًا فى سَبيلِ تَنْمِيَةِ قُدْرَةِ المَرْأةِ لِلتَّغَلُّبِ عَلَى الفَقْرِ والمُساواةِ فى أُجورِ وحُقوقِ العَمَلِ .. نَسْعَى إلَى تَعْليمِ المَرْأةِ وتَدْريبِها عَلَى زِيادَةِ وَعْيِها بِحُقوقِها.. نَعْمَلُ لِحُصولِها عَلَى حُقوقِها وحُقوقِ أبْنائِها فى الصِّحَّةِ والحَياةِ الكَريمَةِ.. نُكافِحُ العُنْفَ ضِدَّ المَرْأةِ ، نَسْعَى لِزِيادَةِ تَوَلِّى المَرْأةِ مَواقِعَ السُّلْطَةِ وَصُنْعِ القَرارِ ، نَعْمَلُ مَعًا لِوَضْعِ الآلِيَّاتِ الأساسِيَّةِ لِلنُّهوضِ بِالمَرْأةِ والطِّفْلَةِ الأُنْثَى، مَعَ التَّمَتُّعِ بِكافَّةِ حُقوقِ الإنْسانِ . نَحْنُ نَسْعَى مَعًا لِلتَّشارُكِ والتَّقَدُّمِ والمُساواةِ .
__________
كلمة ألقيت في رابطة كاتبات المغرب اليوم العالمى للكاتبة المغربية – 9 مارس 2016

ليست هناك تعليقات: