صدر حديثاً عن المكتب المصري للمطبوعات كتاب "الخطاب الإسلامي ..أعشاب ضارة وبيزنس" للمؤلف الأستاذ/ مصطفى عبادة
تراث واحد أم عدة تراثات، تراث السلوك أم تراث الفكرة والعقل؟ وهل كل ما ترك العرب القدامي يعتبر من التراث الذي لا ينبغي الاقتراب منه؟ تراث الجزيرة العربية أم تراث الدول المفتوحة؟
المعركة كلها تدور، والمعارك التي دارت قبل ذلك،كلها تعلقت بفقه السلوك، السلوك القديم وأهملنا تراث العقل العربي، وقفنا عند المذاهب الأربعة الفقهية المالكي والشافعي والحنفي والحنبلي، وشروحها وفنونها، وشرح وشروحها وآراء الرجال فيها علي مدي 1400 سنة، ولم نتحدث عن الفارابي، والحسن بن الهيثم، وابن رشد، وأبي حيان التوحيدي، وأبي بكر الرازي، وابن النفيس، والحسن البصري، مكتشف حدقة العين، وأبي جعفر المنصور، مكتشف الصفر والأرقام، ويعقوب بن إسحاق الكندي ابن الكوفة العراقي، الذي اهتم بالعديد من المجالات مثل الرياضيات والفلك والكيمياء والفيزياء والطب والموسيقي، والذي كان له دور كبير في نشر النظام الهندي للترقيم في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا....
فالتراث أصبح بمضامين أيديولوجية، وهناك أزمة في علاقة المسلمين بالإسلام بنسخته المسيسة تاريخياً، وينشغل المسلمون بالدعاية العلمية للدين بدلاً من إنتاج المعرفة، والمساهمة في إنجازات العلوم الحديثة واعتبر البعض أن الإقرار بالإعجاز العلمي في القرآن قد يكون بديلاً للبحث العلمي، لكن يبدو أن هذا حدث عندما وجد المسلمون أنفسهم يتأخرون بقرون خلف بقية العالم المتطور معرفياً، فأتوا بمسميات تقول للجماهبر: نحن لا نحتاج للبحث العلمي، وكلما يصل غيرهم لنتائج بحثية واكتشافات مبهرة، يأخذ المسلمون تلك النظريات وينسبونها لآيات في القرآن يؤولونها لتتناسب مع ما جاء في النظرية العلمية، وكأن القرآن يحتاج للعلم، لكي نثبت بأنه كلام الله .
مشكلة التعامل مع التراث، وتجديد الخطاب الفقهي، ربما هي الحلقة الأضعف التي يدخل منها العدو لهزيمة المسلمين أنفسهم، ووضعهم في خانة المتخلف والجاهل، وطرح السفاسف، وظروفنا وإهابنا دفعنا للغرق في هذا المستنقع الذي لا أول له ولا آخر، ولن يكون له أول ولا آخر،
أنفقنا القرن العشرين كله في مناقشة هذه القضايا، فيما كان الأعداء يقضمون وطننا جزءاً جزءاً، ويخربون عقولنا جزءاً جزءاً، ويخطفون النابهين منا بالجملة والقطاعي، ويستنزفون أموال العرب في شراء اختراعاتهم وأسلحتهم لنقتل بها بعضنا البعض، فثقافتنا كما قال نصر أبوزيد: تعبد النصوص إذ يكفي أن تقول قال فلان حتي يتوقف العقل، ويبدو أننا سننفق القرن الحادي والعشرين في مناقشة القضايا نفسها لنخرج الخروج النهائي من التاريخ، ونعوي في الصحراء بلا مأوي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق