"تدجــيـن المثقفــيـن" قضية خيال إعلامي.. ليست مطروحة في الواقع
أنا شــــــريك في الإيجـــابيات والســـــــــلبيات أيام عصــــفور وأبوشادي
نحاول إصلاح الجوائز بتعديلات قانونية.. حتي لا يظلم أحد
حزين عمر
تأخر اختيار د. عماد أبوغازي في موقعه أمينا عاما للمجلس الأعلي للثقافة. عدة سنوات تم خلالها تداول الموقع من جابر عصفور إلي أحد المقربين منه وهو علي أبوشادي.. ليستمر المجلس في دوره نفسه وسياساته نفسها. التي رأي الكثيرون من المثقفين أنها مجرد "تدجين للمثقفين" أو "ادخالهم الحظيرة".. لكن المجلس لم يستطع غالبا إلا تدجين المدجن. وبقي الكثيرون من المفكرين والمبدعين خارج الحظيرة يمرحون. ويهاجمون أفعال الأجينين السابقين. وخلل الادارة في هذا الكيان الرسمي. من حيث منحه للجوائز ــ باسم الدولة ــ وتشكيله الأساسي. ومضمون لجانه المتخصصة. وأنشطته ومؤتمراته التي تتوجه إلي "المنشيين" وبالتالي لا يشارك فيها أو يتابعها غيرهم!! وفي النهاية حاصر المجلس نفسه. ولم ينجح في حصار أحد!! حالة من التفاؤل سرت في الوسط الثقافي بمجرد تولي د. عماد أبوغازي هذا الموقع. وإن جاء متأخرا.. ويراهن الكثيرون عليه لإعادة الجسور التي دمرت بين هذا الكيان الرسمي وشتي تيارات الفكر والابداع. ولإعادة المصداقية للمجلس الأعلي ليصبح "أعلي" فعلا!! طرحنا علي الأمين العام الجديد كل هذه المآخذ والملاحظات المستقرة لدي المتابعين.. وكانت له اجاباته الصريحة والباعثة علي التفاؤل. * * قلت للدكتور عماد: الدور التقليدي الذي يوقن المثقفون أن المجلس الأعلي للثقافة يلعبه علي مدي العقدين الماضيين هو "تدجين المثقفين" أو "إدخالهم الحظيرة" كما ذكر منسوباً للأمين العام الأسبق!! إلي متي يستمر هذا الدور "السياسي" لا الثقافي؟! * قال: لا أوافق علي أن هذا دور المجلس أو أنه كان دوره.. فمنذ تأسس بشكله الجديد عام 1980 وهدفه الأساسي مشاركة المثقفين في صياغة السياسات الثقافية للدولة والعمل الثقافي. وشهدت الأعوام العشرون الماضية تطورا كبيرا في هذا الاتجاه من خلال اتساع هذه المشاركة بزيادة عدد اعضاء اللجان وعدد اللجان نفسها. وباتساع النشاط. وتوفير إمكانات وموازنات أكبر لأنشطة اللجان... ولا أتصور ان هناك من يهدف إلي تدجين المثقفين. ولا أظن المثقفين أساساً قابلين للتدجين. وهذه ليست قضية مطروحة في الواقع. بل هي مجرد خيال إعلامي!! وأعتبر نفسي شريكا في المسئولية. فيما يتعلق بأنشطة اللجان. والأنشطة الدولية للأمانة العامة منذ منتصف عام ...1999 فإذا كانت هناك أخطاء أو انتقادات فأنا أتحمل جزءاً منها. وكل منا له اخطاؤه وأتصور ان دور الصحافة والاعلام هو تنبيهنا لما نقع فيه من هذه الأخطاء. لا أهدم!! * * ظلال الأمين العام الأسبق جابر عصفور ظلت تخيم علي المجلس وتحركه من وراء ستار أيام الأمين العام السابق: علي أبوشادي.. هل يتخلص المجلس من هذا التأثير ونري لك توجها جديدا؟! * غير موافق علي أن د. جابر عصفور كان يحرك المجلس من وراء ستار فترة علي أبوشادي.. لقد كان لجابر رؤيته وسياسته. وكان لأبوشادي كذلك رؤيته وسياسته.. وبالتأكيد لي رؤيتي وسياستي.. وما اؤكد عليه انني لا اهدم ما بناه السابقون في هذا المكان. بل أشيد فوقه. فهنا بناء قائم فعلا أري فيه عناصر قوة رئيسية. خاصة انني ــ كما ذكرت ــ شريك في المسئولية في فترة كبيرة من أمانة د. جابر وكل فترة أبوشادي. * * توقيت اعلان جوائز كل عام اصبح موسما للخلافات. بسبب الاتهامات الموجهة بعدم موضوعية هذه الجوائز وبعدها عن الحيادية في كثير من الحالات.. ألا يمكن اصطناع ضوابط وقواعد موضوعية تنهي هذه الخلافات؟ * نتمني ان تكون هناك مقترحات بالفعل لتصورات مختلفة لنظام الجوائز. ما استطيع ان اؤكده من خلال تجربة عشر سنوات حضرت فيها اجتماع المجلس اثناء التصويت علي الجوائز ــ بصفة إدارية لا صوت لي ــ أن التصويت لا يحدث فيه تدخل علي الاطلاق. وهو فردي وسري. وفي أوراق مغلقة. وهناك شروط للحصول علي الجائزة ــ وفقا للقانون واللائحة ــ تتمثل في حصول المرشح علي ثلثي الأصوات ليفوز.. وصحة الاجتماع لا تتحقق إلا بحضور ثلاثة أرباع أعضاء المجلس داخل مصر. واقل جلسة تصويت تستمر 4 ساعات. وقد تصل إلي 6 ساعات. لأن التصويت يتم خلال ست جولات. حتي لا تحجب الجوائز إذا لم يحصل أي مرشح علي النصاب القانوني. ومن يقوم بالترشيح ليس المجلس ولا وزارة الثقافة. بل الجامعات واتحاد الكتاب والنقابات الفنية وبعض الجمعيات الأهلية العاملة في مجال الثقافة. وبالتأكيد هناك خلافات كثيرة حول هذا النظام. وحول الجديرين بالفوز. لأننا نختلف في تقييمنا للأشياء وللأشخاص. وإلا لحسم التصويت دائما من أول جولة. وما كانت ستحجب أبداً. وما أظن أن غالبية من حصلوا علي الجوائر يستحقونها. وإن كان هناك بالتأكيد من يستحقها ولم يحصل عليها لظرف ما.. فمثلا الراحل الدكتور سليمان حزين كان مرشحا لجائزة مبارك وأمامه د. عبدالرحمن بدوي. لكن الدكتور حزين توفي قبل أن يحصل عليها. عقبة قانونية * * مشكلة عدم دقة الأحكام علي المرشحين تعود إلي عدم معرفة بعض الأعضاء بهم وبدورهم الثقافي.. ولذا فمن الممكن أن يصوت الأدباء في حالة جائزة الأدب. والاجتماعيون في مجال العلوم الاجتماعية. والفنانون في مجال الفن.. مثلا. * فكرة التخصص هذه مهمة. وقد نوقشت. وحاولنا تطبيقها علي جائزة التفوق كمرحلة أولي. لكننا اصطدمنا بعقبة قانونية: فالقانون ينص علي أن المجلس كله هو الذي يمنح الجوائز. وهذا ما أكدت عليه هيئة المفوضين بشأن هذه المشكلة. وعدم التصويت من الجميع مخالفة لسلطة القانون. وفي جلسة عقدناها يونيو الماضي شكل المجلس لجنة بهذا الشأن. انتهت إلي تصور. سنرسله الي مجلس الدولة لابداء الرأي فيه.. فإذا رأي أن هذا اجراء قانوني سنبدأ بالتطبيق علي التفوق.. وهذا ما انتهينا إليه هذا الأسبوع والاقتراح البديل هو تعديل تشريعي من مجلس الشعب. * * تشكيل اللجان حصة تموينية توزع علي اسماء بعينها. وتتحول إلي حق ثابت لها. وتجري عمليات التجميل بتغيير بعض الوجوه.. ما هي رؤيتك تجاه هذا الواقع؟! * هذا الوضع تم تغييره عام 2007 بتعديل لائحي. بتغيير ثلث اعضاء كل لجنة في كل دورة. وخلال 3 دورات تتغير كل اللجنة. وتم التطبيق في دورتنا الحالية. وخرج ثلث الأعضاء. والتعديل الثاني هو ألا يستمر المقرر أكثر من ثلاث دورات متصلة. وهو لا يطبق بأثر رجعي وبالتالي سيكون الحد الأقصي للمقرر 3 دورات اعتباراً من .2007 وما جري عليه العرف في تشكيل اللجان أن المقرر يقترح اسماء اللجنة في ضوء محددات الأمانة العامة التي تطلبها لمراعاة تمثيل الاتجاهات المختلفة فكريا وابداعيا. وكذلك تمثيل الأجيال والمناطق الجغراقية.. وأنا معك أن هذا غير متحقق في كل اللجان. والتعديل الأخير سيساعد في تحقيق هذا تدريجيا. * * المقولات المترددة بانتظام أن تشكيل المجلس نفسه يضم شخصيات بصفتها الرسمية الوظيفية. ولا علاقة لها بالثقافة.. أهناك نية لتعديل هذا التشكيل؟ * تشكيل المجلس تم بقرار جمهوري. وحاول أن يكون به توازن إلي حد كبير. فمن بين 61 عضوا بالمجلس. هناك 32 عضوا يتم اختيارهم لأشخاصهم. بصفتهم شخصيات عامة. و5 أعضاء يمثلون اتحاد الكتاب والنقابات الفنية الأربعة. ورؤساء الهيئات والقطاعات الثقافية والبيوت الفنية بوزارة الثقافة. وكلهم من الكتاب والمبدعين والباحثين والفنانين علي مدي السنوات الماضية.. وهناك ممثلون لجهات خارج وزارة الثقافة مثل اتحاد الاذاعة والتليفزيون ووجود مسئول عن الاعلام الرسمي مهم. وكذلك رئيس المجلس القومي للشباب بصفة المجلس مسئولا عن توجيه شباب مصر واستيعابهم. وهناك مساعد وزير الخارجية للشئون الثقافية. وعمله مرتبط بالثقافة. وكذلك أمين عام المجلس الأعلي للجامعات وهو أكاديمي وليس بعيدا عن الثقافة.. ويضم المجلس كذلك ممثلين لوزير التعليم العالي والتربية والتعليم.. ووزارة السياحة ممثلة كذلك لما لها من احتكاك بالآثار وتعامل في مجالها.. ويبقي الشخص الوحيد الذي قد يبدو أنه لا علاقة له بالثقافة. وهو ممثل ما كان يسمي بوزارة التخطيط. وكانت الفكرة من وجوده أن وزارته تضع الخطة العامة للدولة. وجزء من هذه الخطة العامة خطة العمل الثقافي. لابد من التنسيق بين هذه وتلك. * * ربما يبدو الإشكال وسيطرة وزارة الثقافة وتوجهاتها علي المجلس من خلال رؤساء الهيئات والقطاعات الثقافية بصفتهم موظفين. يعرفون اتجاه التصويت رسميا ويسيرون فيه!! * انهم جميعا مبدعون وباحثون وأكاديميون. وهم مثقفون لهم قيمتهم.. وإذا فكرنا بهذا المنطق فلن نجد من يصوت علي جائزة مبارك. علي اعتبار المرشحين لها قامات عالية. إلا إذا جئنا بمن نالوها من قبل ليصوتوا علي من يحصل عليها. وهذه فكرة قابلة للبحث. وان كان الكثيرون منهم قد رحلوا!! والمشكلة هي اختزال المجلس في منح الجوائز كل عام. وهذا هو الوضع الذي رآه قانون انشائه.. وليس حقيقيا أن وزير الثقافة يتدخل فيمن يمنح هذه الجوائز.. فغالبية أعضاء المجلس ــ وتحديدا 37 من 61 ــ شخصيات مستقلة. وليسوا كذلك من قيادات الوزارة. بالاضافة الي 8 شخصيات من خارج وزارة الثقافة والفائز لابد له من ثلثي الأعضاء. فمن الذي يستطيع التأثير في كل هذا العدد؟! مؤتمرات التغريب * * ضمن هذه المنظومة تبرز أنشطة المجلس الثقافية. كالمؤتمرات والمهرجانات التي تنفق عليها الملايين ويسيطر عليها تيار التغريب وحده. ولا يحضرها غالبا سوي المتحدثين فيها والمستفيدين منها.. أهناك خطة للتواصل مع شتي القيادات في هذا الصدد؟! * هذه الأنشطة لا تنفق عليها ملايين.. كما ان هذه المؤتمرات ليست لاتجاه محدد. أي التغريبيين فقط. لقد أقمنا مؤتمرا كبيرا عن مصر في العصر العثماني ودعونا كل المهتمين بالموضوع من الشرق والغرب. وأقمنا مؤتمرا عن ابن خلدون. وندوة دولية بمناسبة مائتي عام علي تولي محمد علي حكم مصر.. وفي تصوري أن المجلس ينبغي ان يكون مفتوحا لكل الاتجاهات التي تقبل الحوار: لا تكفر ولا تخون. ولسنا مكانا للأحزاب بل للمثقفين. * * ربما كان النشر في السنوات الأخيرة يؤدي دورا أقرب الي الموضوعية.. وتبقي مشكلته في قلة التوزيع وارتفاع أسعار الكتب.. أليس كذلك؟ * بالنسبة لارتفاع الأسعار ــ الخاضعة لتكاليف الطباعة الجيدة والورق ــ نقدم خصما 50% للطلاب والنقابات ومعظم فئات المجتمع.. وأتمني ان تكون كتبنا أرخص لكن خاضع لمعايير محاسبية. ولدينا مشكلة في التسويق ومخزون كبير من الكتب المطبوعة لا نعرف أين نضعها ــ ومن يقوم بالتسويق لنا صندوق التنمية الثقافية وهناك إجراءات روتينية تعطل هذه العملية. وأتصور ان الحل يكمن في اقامة معارض متنقلة في الجامعات وننفذ هذ الخيار فعلا في عدة جامعات. بالاضافة الي النوادي الرياضية ومعارض هيئة الكتاب ومكتبة مبارك والإسكندرية.. ولدي مشروع سأقدمه للوزير بالبدء في اقامة 25 كشكا بالمحافظات كخطوة أولي.
نقلا عن المساء الأدبي
هناك تعليقان (2):
الصديق العزيز / أحمد طوسون
يسعدنا دعوتك لندوة مركزية بنادى أدب سمالوط وذلك مع الصديق الشاعر أحمد قرنى .. وأرجو إبلاغنا بالموعد المحدد قبله بأسبوع حتى يتسنى لنا دعوة نوادى الأدب بالمحافظة ونتمنى أن تدور المحاضرة حول تجربتك فى التدوين وكيفية استفادة الكاتب من تعامله الإيجابى على الإنترنت
الصديق العزيز/ محمد زهران
شكرا لدعوتكم الكريمة ويشرفني الحضور بصحبة الصديق أحمد قرني وسأبلغكم بالموعد قريبا
تحياتي ومودتي لكم ولنادي أدب سمالوط
إرسال تعليق