شارع القبط
مارينا سوريال
"اذا العمايم تشتكى ايش يكون حال الالبسة" كانت تدندن وتتذمر وهى تدور تمسك بالالبسة تقوم بطويها وتضعها بذلك الصندوق كانت ام فانوس لاتزال تصرخ بألبستها بينما تتحاشاها كل من فى الدار بينما رحل سيدهم يوسف باكرا مع سماع صوت الاذان على غير عادته كان لا يزال صوتها يرن فى اذنيه "اذا كرهك جارك غير باب دارك" لكنها تجاره باكملها ليست له بمفرده حتى وان كان كبير اخوته لكن يوسف منذ زمن طويل اعتاد الا يجادل ام فانوس فانها حين تبدا فى الكلام لا تتوقف ابدا ويمكنها قص نفس الحكايا عبر كل الالسنه دون كلل او ملل ويوسف منذ الامس وهو يشعر بألام ظهره تعود له من جديد ،وذلك الحلاق قد فر بعيدا ينتظر ما سيحدث من بعيد منذ ان ظهر ليشع بينهم وهم لا يعرفون عنه سوى انه الحلاق دائما ما يختفى عندما يشتم رائحة الخلافات بين التجار وليس اى تجار تجارة هيدرا التى يحملها يوسف على كتفه بعد رحيل والده وهو فى السادسة عشر
كان العيد الكبير يقترب بينما ام فانوس تدور فى الدار الواسعة تتاكد منتوافر البقوليات اللازمة لذلك الاسبوع العظيم الذى يسبق قدوم ليلة سبت النور واحد القيامة ،كان عليها ان تتاكد يوم احد الزعف من توافر الطيور اللازمة الدار لم تعتد الصمت فى العيد تعلم ان زوجات اخى يوسف عبدالمسيح وصادق سياتون للدار الكبير من صباح السبت الدار ستمتلىء بالقادمين ستفتح ابواب المضيفة سترسل الطعام الللازم لام عازر زوجة ابونا متياس سياتى لمباركة الدار كعادته كل عام وسياتى معه اعيان التجار .
اخرجت حزامها الذى تتمنطق به من ليلة احد السعف حتى صباح سبت النور تلك عادتها التى ورثتها امها وجدتها ربما نسيت كثير من عادتهم بعد ان انتقلت لدار التاجر يوسف لكن تلك كان عهد نذر للبتول اقامته منذ زمن طويل فى ابوسرجة تلك الكنيسة التى عاشت طفولتها الى جوارها بدوام صيامها انقطاعى اسبوع الالام واسبوع للبتول فى صيامها حتى تقترن بيوسف لم تخبر انها ارادته من قبل .
كانت تسمع جدتها تردد " اذا كترت الالوان اعرف انها من بيوت الجيران " لكن فى دار يوسف لم يعرف سوى الوانها فقط كانت داره بيت العيلة يجتمع فيه اخوته ونسائهم واولادهم لديه لا تدرى كيف سيمر العيد عليه تلك المره انها تصرخ ليلا يا نصره لكنها لا تستطيع ان ترفع صوتها كانت تخاف اذا جلست على كنبتها صباحا بعد ان تقوم بتوزيع المهام على مريم ومرثا وتقتسم بينهما بالعدل اعمال الدار تنعى حظها ماذا بعد كل تلك السنوات ولم يحبهم الجيران ..كانت منذ صغرها تعلم ان حب الجيران هو امانهم اذا فقدته فالخوف من كل شىء هو لهم صحيح ان الوالى لم يعد مثل السابقين وتجاره يوسف ابن هيدرا تحسنت وارتفع مقام بنايمين ابن عمها حتى صار من كتبت الديوان من جديد مثلما كان جده فى السابق قبل ان تلفق له قضية ويموت كمدا فى محبسه وقبل ان تاتى غاره عليهم من جديد فيهرب ابوها بامها واختها بعيدا الى الصعيد حيث تهدا الاحوال فى المحروسة من جديد ولكنها لم ترهم من جديد بعد ان تركتها امها فى رعاية دار هيدرا لكنها لم تنسى القصة وبرغم ان دارهم لم تخلو من الزوار ولم تنسى ان تحصى عدد المحتاجين وترسل الزوار اليهم فخوفها يعود عندما تسمع اسمها يوضع بجواره نساء يعاقبه .
كانت ام محروس زوجة ذلك الحلاق تقول انها بركة ام النور بعد صيامنا الطويل اصبحنا نخرج ونفتح الدكاكين من جديد قبل محمد على باشا الكبير ما كنا نضمن عود قمح .كانت ام محروس تثرثر وعقل ام فانوس يعمل تردد ام محروس بسخرية مالك يا ام فانوس لم تكفى عن الحديث من قبل .
فترد ام فانوس بشرود :اذا كترت النواتية غرقت المركب يا ام محروس
تجيب ام محروس بحذر: اذا بليت بالشحاتة دق ابواب الكبار
طول عمرنا متحملين يا ام محروس تتنهد وتكمل:
غلبنا ايام الفرنسوية ابو يوسف بالزور وقف على رجليه
وهى صغيرة كانت تسمع كلمات بونابرته تتردد على الالسنه وسط الناس " لسنا كفار العصور الهمجية الذين ياتون اليكم لمحاربه ايمانكم ،اننا نعترف بان ايمانكم رفيع القدر " لكنها فى الليل كانت تسمع الاقدام وهى تركض والعسكر من خلفها تكتم صرختها كان ابيها اسحاق ينام جوار حمارته خوفا عليها من السرقة .كان يقول اموت مع حمارتى ولا اشوف بيتى جعان .فى صغره عندما قدم من سوهاج عمل سماكاكان ينام على الشط عمل صغيرا وادخر شابا فاشترى حمارته وعربه اليد التى لازمته حتى مات من دونها نكدا .كان بائعا للثمار كل مااستطاع بيعه لكنه لم يصل للطعام بسهولة كان عليه ان يتعلم ..نومه على الطرقات ووسط الدكاكين وسماع الساهرين ومراقبه العابرين هى من عرفته بواكيم لا يعرف له مله ولا جنس يقول انه قدم من بعيد حدف بحر يضحك فتسقط الخمره من فمه ..قال لاسحاق اعرفك انت فتى السماك من اين اتيت ؟الا تعرفى تخاف منى يا اسحاق اتعرف بشبابى كنت من تجار الخردة القديمة ولكن تعرف الحرب لا تترك لك لا مال ولا عيال .يقولون ان محروستكم محروسة صحيح يااسحاق ...
كانا يتحركان قبل الفجر يجمعان بقايا الحديد بقايا الخشب يبحثان حثيثا وسط الاتربة كان على اسحاق ان يجوب المحروسة حسب ما اخبره حتى جمع مااستطاع ان يشترى به الحماره بينما يواكيم يراقبه كان يغتاظ منه وهو يراقبه كيف يثمن الحماره ويربح فيها .من بقايا الخشب صنع عربته اليد الاولى ..لاتعرف اين عم يواكيم الان تذكر ان ابيها كان يردد انه اختفى عندما قدموا معا الى المحروسة فى تلك الليلة كانت المدينة تحتفل بالمولد النبوى بينما يقف هناك على فرسه بونابرته كان يرتدى زى شرقى وعلى راسع العمامه ينتعل البابوجا ومن خلفه ضباطه وقواده الى المسجد حيث كان مجتمعا مائة شيخ بانتظاره فجلس هو بينهم على وسادات منثورة وشاهدوه يقف معهم فى الصلاة بل تعجب رجال الدين منه من ليلتها رحل يواكيم لا يعرف له ارضا لكنه لم ينسى التجاره فى ليلته الاولى التى بات فيها فى المحروسة راى مناما فتى صغير يرتدى الابيض ضياءه بهيج يتقدم من ناحية هب اسحاق واقفا حاول ان يتقدم ليتبارك منه لكن الفتى ابتعد قال انظر فتح كفيه فراى الدماء تخرج من وسطهما ذعر اسحاق وقال من فعل بك هذا رد الصغير انما هو انت ..استيقظ اسحاق فزعا تلفت من حوله لم يجد سوى العراء وحمارته نهض واوقظها ربطها بالعربه وسار بها من ليلتها عرف انه لن يتاجر بالخرده قال فى نفسه يا سيدى اذا سامحتنى ما اعود للسرقة وساعوض مال العربه والحماره بيتى ايضا سيكون ماوى للمحتاج ..
كان لبائع الخضروات رفائيل ابنتان ماتت امهما منذ ثلاث سنوات لكنه رفض ان يتزوج مرة ثانية برغم ان قلبه كان لابنه شريكه منذ ان اتى الفرانسيس وبونابرته دب الخوف فى قلبه سمع مثلما سمع اخريين بسرقة الدكاكين وعندما يحل الخوف يغلق الناس عليهم ابواب البيوت ويتوقف البيع والشراء ،كان يعلم ان صغرى بناته لن تتزوج لعيب فى قدمها خلقت به انها لا تسير مثل بقيه الفتيات انها تجلس دائما وتريد من يخدنها ويساعدها كان يقول امها رحلت وتركتها لى بها شيطان اعطى مالى لمن يخرجها لى ويعيدها سليمة .لم يتبقى لديه سوى زهرة انها كالزهرة ينادى عليها فتركض لتحمل الخضروات وتنظفها يقول ان البائع الامين تجارته نظيفه ..كانت تخرج مع ابيها فى الصباح لتساعده فى رص الخضروات قبل ان تعود لتفطر اختها وتنظف الدار الصغيرة غرفتان واحدة لها ولاختها والثانية لابيها.كانت تراقبه من بعيد وهو ياخذ الخضر من ابيها فى الصباح الباكر وينطلق على عربته احبته لم تخبر سوى مريم ابنه الدباغ عطالله الوحيدة والتى كان يلقبها بمحروس ولم تستطع بعد ذلك سوى ان تكون ام محروس وجدت ذلك افضل وشعرت معه ببعض الراحة لم تنطق يوما معترضة على منادتها محروس فى صغرها !!كانت زهرة هى الوحيدة التى لم تسخر منها ولم تنادها مثل البقيه بمحروس كانات معا يهرب لسطح الدار ويشاهدا الباعة ويراقبا الطيور من الاعلى اخبرتها ان ذلك الفتى الذى قدم من المحروسة اخبرت مريم انها لو استطاعت الذهاب مرة واحدة اخيرة لتلقى نظرة على البتول بكنيسة ابى سرجة ستعطيها النذر وتعود ولكن تلك الخالة التى كانت تزورها وايام المحروسة قد انتهت منذ ان ماتت امها وقدموا الى الاسكندرية الى ان اصبحت تجاره ابيها فيها فقط .
كانت تبكى كل ليلة متضرعة فى سبيل تلك الزيارة لذا عندما اوقظها روفائيل فى صباح احد الايام واخبرها ان تستعد سوف تزور خالتها فى ابى سرجة من جديد لم تصدق وبكت بدموع دارتها عن ابيها اذا اعتبرت ما حدث هو معجزة وبشرى لها من البتول وانها تريد ان تذهب مريم اليها وعندما اوقدت شمعتها هناك عرفت ان اسحاق لها هى وحدها وليس لاخرى سواها كانت سعيدة بينما وجه ابيها متجهم وهو يسمع حديث عم قلته له عما اخبرهم به المعلم جرجس من رسالته التى ارسلها لبونابرت ورد فيها عليهم "استلمت الكتاب الذى ارسلته الامة القبطية وانه من دواعى سرورى حمايةتلك الامة التى لن تكون من الان وصاعد امة محتقرة وعندما تتيح الظروف والشىء الذى لا اراه بعيدا قد اسمح لها ان تقيم شعائرها الدينية علانية كما هو الحال فى اوروبا حيث يتابع كل انسان عقيدته ""ولكن ساعاقب بشدة القرى التى قتل فيها الاقباط وقت الثورات التى نشبت بينما انت تستطيع من الان فصاعد اخبار ابناء امتك ان بامكانهم حمل السلاح ويركبوا البغال والخيل ويضعوا العمامات على رؤسهم ويتزينوا بما يشاءون "
كانت زهرة صبية لم تهتم سوى بالعودة لتحكى لمريم كل ما حدث بالتفصيل تكاد تجزم لها ان شاهدت البتول تلوح لها .عندما عادت اخذت على مريم العهد الا تفترقا ابدا كانت مريم ومحروس ثم ام حروسة وفية للعهد لم تترك زهرة او ابنتها مريم ام فانوس .
وعدها ان يصير صاحبا لدكان يوم ان اتم ابونا ابراهيم اكليلهم لكنه لم يفعل وزهرة لم تحزن فقد اصبحت هى سيد الدار بعد وقت قليل ولم تنجب سوى يؤنا ولم تعد لرؤية ابيها لم تسامحه بعد ان ماتت اختها شعرت بداخلها بالذنب لانها رحلت عنها لتتزوج باسحاق ولم يعد هناك من يهتم بها ينقلها ليريها الزهور ويطعمها وينظفها لم تعد لزيارة بيت روفائيل وشعرت بغضب لم تعلنه من ابونا ابراهيم كيف سمح لابيها بالزواج مرة اخرى بعد امها من ابنة لبائع الاسماك وعلا غضبها عندما سمعت انه احضر منها صبى دعى مينا .
كانت زهرة تراقب اسحاق وهو ينام جوار حمارته،القى جواره بعمامته فى ازدراء راقبتها وهى متسخة ،لم ترى احدا من عائلتها يرتدى العمامه من قبل مثل بقية الاهالى لذا عندما وافق بونابرته على ارتداء اليعاقبه اياها والمزركش شعرت انها مميزة سيحظى اسحاق بالتجاره التى لم يستطع ابوها منذ ان رحل مع زوجته لم تستطع كباح غضبها عليه ،كانت اخباره تصلها لاتدرى لما تحرص على متابعتها ،تعرف انه احب الصبى الذى انجبه حتى ان نسى ابنته زهرة ..
كان يراقب كل يوم حال الباعة فى خلال ايام كان يحصى كل ليلة ما استطاع ادخاره لنفسه من الخضر واخفائها فى الدار كان يخبرها ليلا ان الفرنسوية طلبوا مائتى الف منهم لفرنسا مضاعفين المال عليهم وان الكتبة ومباشرى الاقاليم يقومون بجمع المال الان وغدا لن يجد باعة ليشترى منها الخضروات ولن يستطيع بيع بضاعته علانية .اخبرها انه سيغادر حتى تختفى تلك الهوجة عليهم لبعض الوقت ترك لها بعض المال واخبرها اين تخفيه .فى الليل استيقظت مريم على صوت الحركة راقبت خيال ابيها اسحق وهى تبتعد بعيدا عن الدار بينما تراقبه امها من بعيد بعيناها لتطمئن ان لا احد راهما والا سلماهما للفرنسيس .
مريم تدور وتلف فى الدار محدثه ضجيجا تنهرها زهرة التى تجلس جوار النافذة تطل برأسها علها تجد زوجها قد ظهر من جديد بعد ان طالت غيبته للاسابيع من قال انه هرب واخرون هجرها .راقبت تجار السوق يحاولون تعويض خسارتهم بعد ان اضطر بعضهم الاستدانه كى يوفر المطلوب منه للفرنسوية
كانت تعرف زوجة المعلم الجوهرى لكنها لم تستطع المغادرة والسفر اليها فى المحروسة كان يقولون ان الاحوال جميعهم متساوية كان المباشرين ينتظرون قدوم زوجها ربما علم بهذا لذا تاخر فى العودة لداره كانت ستخبر زوجتة وابنته انهما بلا مال انه تاجر على عربه يد ليس له دكان ولا بضائع زوجها المعلم جرجس الجوهرى رئيسا للمباشرين الا يستطيع ان يخبرهم بترك زوجها ليعود لداره ولابنته .
من بعيد كان ملثما يقف فى الظلام بعد ان تاكد من اغلاق البيوت على اصحابهم يعلم انهم بالداخل طفلته مريم وزهرة بالداخل ينتظرانه لكنه لا يستطيع الدخول لا يعلمان كيف يعيش ولكنه منذ ان هرب من مدنيته فى الجنوب يتيما وعاش جوار البحر تعلم ان يعيش برضى ان يستغنى عن الطعام حتى اذا لم يتوفر ان يعتمد على جسده فحسب .سال نفسه هل الرب غاضبا منه لانه لم يفكر فى ان يخرج عشوره ابدا وقت ان كان لديه مال وفضل ان يبقيه لداره لطعامهم وطعام حماره وتجارته منذ ان دخل الى الاسكندرية لم يفكر فى الاقتراب من كنيستها سوى لطلب الاكليل ..لكنه لم يفكر قط ان الرب غاضبا منه ولما سيغضب انه فى قلبه لم يفكر السوء باحد فقط اراد ان يعوض صغيرته صحيح انه غاضبا قليلا لانه لم يحصل على صبى حتى الان ولكنه بدا فى ان يحب زوجته فى البداية كانت فرصة ..يتيم من الجنوب كان يعمل بحارا ثم بائعا للخردوات لولا الخضروات بعد ان ضاعت تجاره الخرده وسرقه عربة اليد لمات من الجوع من جديد لكن رفائيل عوضه بالمال والبضاعة واعطاه ابنته اعطاه الكثير اكثر مما اراد او حلم الان ابح بامكانه ان يفكر بالبنين بنين كثر يعوضونه اليتم .نسى ثأره القديم هناك .اراد اولاد وتجاره لكنه هارب الان من وجه المباشرين صحيح بشائر ثورة القاهرة ربما ستؤجل اعين المراقبين عنه وسينتبه الجميع للمحروسة فقط لكنه اوقن ان الفرانسيس لن يكونوا سوى خراب على بنى اليعاقبه .فكر فى ان يعود الى الصعيد من جديد ولكنهم فى كل مكان .لم يستطع ان ينجو منهم سوى هدرا الصائغ يقال انه اعطى المباشرين اموال عن بشارة الدباغ وانطونيوس الاسكافى وربما اخريين كان بيته يمتلىء يوم العيد محملا لمن يريد من المحتاج من الطعام فكان يفتح مضيفته لعليه القوم يسهرون وترتفع الادخنة حتى الصباح فيما مضى لم اسمه يذكر سوى بالتندر والذم فى نسبه كان عليه ان ينمو وسط حكايات النساء التى تداولتها الالسنة عن خضرة تلك التى خدمت بالدار طيلة طفولته لكنه استيقظ يوما وجدها قد رحلت امة منعت ذكر اسمها فى الدار من جديد يقولون صاحب الدار هام بخادمتة حبا ،لا يعرف اهل الحى الا ان سيدة الدار حزمت مالها وعادت للسكنى فى دار والدها داوود تاجر الفواكة الصعيدى الذى عاش سنوات طويلة بالاسكندرية لكنه لم يغير لهجته قط وظل ينادى بالتاجر الصعيدى ،ارتفعت الالسنة خرجت من بيوت القبط عن ذلك التاجر الذى يخطىء مع خادمتة لم يكن هيدرا التاجر الوحيد الذى يقتنى الخادمات كان هناك ميخائيل تاجر الاقمشة الذى احب ياقوت خادمتة وتزوجها على زوجتة ودارت الالسنة من جديد ..لم يعرف اصل لهيدرا هل هو من اهل المحروسة ام الشام لم يكن يشبه فى ملامحة اهل المحروسة فاتح البشرة اشقر طويل عريض المنكبين قدم فتيا قليل الحديث فلم يخبر صديق بسره او اصله لم يعرف ان كان له اخوه لكنه يتقن لهجة اهل البلاد من كثرة ما عاش فيها لم يعد احد يهتم بالسؤال .
لم يقبل ان يزوجه ابنته سوى بشارة تاجر الاسماك الذى كان من اصل شامى قدم جده للتجاره ثم تزوج من الاسكندرية وعاش بها لم يكن يزور الشام سوى مرة واحدة فى العام يقضى بها ثلاثة اشهر بعضهم قال ان له بيتا اخر هناك ولكن احدا منهم لم ياتى ابدا للاسكندرية .
تزوج هيدرا بعد العيد من ام يوسف لم يعرف احد اسمها او لم يعد يتذكره احد فقط كانت ام يوسف من قبل ان يولد هو ظل الزوجين بلا ذرية ثلاث سنوات كانت ام يوسف تبكى ليل نهار كانت ترافقها خادمتها رفقة وهى تزور الاجساد وتعطى نذورها بل مرت على الاضرحة ايضا لم يفارق هيدرا دارها فيها ليلة واحدة قبل ان يحمل ملابسة يتبعه خادمة نور لبيت جديد قام بشرائه ..تعالت الالسنة من جديد انها ام ياقوت الساحرة هى التى نشبت سحرها واغلقت الدار لم يرد هيدرا ان يدفع مالا الاتاوة عليه مثل بقية التجار لم ينسى بعد ان اصبح تاجرا تلك العصا التى رافقته طيلة حياته كان يغضب فيضرب بها على الارض فى عنف رفعها فى وجه من تقدم للاتاوة من قبل وعندما كسر ساقى ذلك الغريب من حارة اخرى تجمع من حوله الاهالى والتجار لانه رفع عنهم الاتاوة لكن حق المباشرين الذى فرض عليهم من قبل المماليك والفرنسيس من بعدهم لم يؤجل بل كان يتقدم الجميع ..
كانت رائحة البخور تتعالى من غرفته تلك الليلة تناول كوبين من النبيذ جوار الطعام احرق صدره اخبرته ان تلك الكبده الطازجة ستزيد جسده قوه فلم يبالى من دمائها الطازجة استلذ طعم اللحم الناىء.خدمه من سمعوا صوت صرخاته قال انه يراه انه يشبه هناك يقف فى غرفته جوار زوجته ..ظل بالدار الجديدة لكن ام يوسف لم تغادر دارها كانت لا تغادر غرفتها راقدة فى فراشها منذ ان رحل كانت فقط ام ياقوت من تجلس الى جوارها تهمس لها غدا سيعود اسيادى اخبرونى بهذا سيعود عندما ياتى الولد ليس واحدا فحسب بل ثلاث كما تمنى هو لا تخافى لن يتزوج باخرى لن يتزوج هيدرا باخرى سواك ...كانت ام يوسف تتوقف عن البكاء وتخبرها انه رحل قبل ان تقوم احجبتها بالمطلوب فترد انه ليس عليها ان تخاف حجابها يلازمه وسيعيده الى داره من جديد .. حتى عندما ارسل داوود والدها لتعود الى دارها بكت عند قدمى والدها ان يتركها فى بيت زوجها لانه سيعود لم يغضب دواد اكثر من رحيل ذلك الخادم معه والذى رفض طلبه فى شراءه من قبل ..
ارتفعت اصوات الزغاريد علم صباحا عندما مال عليه خادمة واخبره بالخبر الذى انتظره منها سنوات فى تلك الليلة عاد لدارها من جديد كان عليها ان تنتظر اشهر قبل ان ترى يوسف حقيقة بين يديها مثلما تمنى هو واتشحت بالاسم فقط لسنوات الان احضرت له الصبى لكنه كان واحدا وحيد فكانت زيارتها لام ياقوت التى اصبحت ضيفتها الدائمة فى مخدعها فيما بعد فكانوا ثلاث يوسف وعبد المسيح وصادق اصغرهم كان يحمل احدى عشر اصبعا فصعب عليه ارتداء النعال فى قدميه او السير جوار يوسف كلما هم بالحديث معه كان ينصرف كان يرى اشمئزاز اخيه الاوسط منه .خرج صادق يتجول فى الحى بحثا عمن يحدثه كان دائما ما يتحدث بصوت مرتفع لم يستطع ان ينتهرينتهره احد من تجار ذلك الحى لكنه لم يستطع ان يطىء بقدميه حى اخر لا يعرف هيدرا بل كان يسمع سبابه عندما يمر ابن الشيطان كان يقشعر يركض حتى يعود الى حارته يستند الى احدى الجدارن حتى يجده خدم ابيه وكان نور هو خادمه الوحيد الذى يستطيع العثور عليه عندما يهرب فى الليل ..
كان على ذلك الجدار يبكى عندما سمع ذلك النفس الاخر يتنهد استدار لينظر الى ظهره فوجد اخر يفترش الارض ويستند الى ذلك الجدار فزع صادق طمأنه :لاتخف انا حنا انظر انا لا احد يقترب منى مثلك يقولون حنا المجذوب .
كان نهار الاحد فى عشرين ربيع الاخر عندما وقف ذلك الفتى ذو العمامة البيضاء على راسه صارخا وسط اهل الحى "كل مؤمن وموحد بالله عليه ان يتبعنى اليوم سنجعل هؤلاءالكفار يغادرون"
سمعت المحروسة ذلك الصوت فخرجوا صوبوا الجامع الازهر اغلقت الدكاكين جاب نور يبحث عن صادق جوار كل الجدرانه لكنه لم يجده احتار كيف سيعود ليخبر سيده هيدرا بذلك والمحروسة تغلى والكل يتحصن بعد ان قتل بعضهم جنود فرنسين ولولا ان اغلق هيدرا ومن معه من التجار الدكاكين لاصابهم ما اصاب بقيه الدكاكين الاخرى من النهم ..سمع البعض ذلك الصوت ينادى انهم ايضا اليعافبه منهم وليسوا منها ..امر هيدرا خدمه ان ياخذوا زوجته واولاده وان يصعدوا الى السطح ليحتموا كانت اصوات الناهبين تقترب من ابواب الدار الكبيرة.
زحفا مختبئين فى تلك الغرفة التى يقطنها حنا تحت الارض واحكما اغلاقها عليهم قال لصادق لا تخف لا احد سيتذكرنا ليس لدينا ما ينهبونه منا نحن فقط سنشاهد كان الخوف يصمت صادق عن الحديث تذكر ابيه واخوته الان ترى هل دخلوا الى دكانه الى الدار الان تصرخ امه الان ماذا عن ورد خادمته هل فرت من الدار الان مع بقيه الخدم كل هذا لم يعرف اجابه عنه الا بعد ان انخفض صوت الصراخ فى الشوارع وعادت صهول جياد الفرنسيس تجوب الشوارع من جديد ..عندما انخفض الصوت واستطاع النهوض من جديد استطاع ان يلمح ابواب داره من بعيد لاتزال هناك على حالها وحديقتهم الصغيرة لا تزال هناك ولم يصبها مكروه لكن الابواب كانت مفتوحة تطلع فى الدار الواسعة ولم يسمع سوى صوت صراخه لم يجد دكاكين الحى التى يعرفها قالوا له لقد عاد الى اهله هناك فى الشام اخذهم الجميع وصعدوا الى تلك السفينة كانت ورد معهم وايضا نور ولكن ام يوسف لم تستطع ان تتذمر بعد توقف هيدرا عن الحديث بعد ان احرقوه له دكانه ..
كان الكل يتحدث حول دخول العثمانين قلعة ابى قير فتهلل الناس ،شعر صادق بانقباض فى قلبه لما تركوه ورحلوا لم يتذكره احدا منهم ليبقى لاجله ويفتح ابواب الدار ام انهم ارادوا التخلص منه وعاهته وسافروا بعيدا وتركوه وحيدا ،جرجر قدميه باتجاه غرفة حنا وجدها مفتوحة لم يكن حنا يغلقها فى العادة بل يتركها دائما مفتوحة على مصرعيها لياتى لزيارته من يستطيع فكانت بيوت كبار الحى ترسل خدمها فى الاعياد لتعطيه من ذبائحها .كان ينتظر قدوم العيد كبشرى سارة له بتذوق طعام اللحوم من جديد .كان يقضى الايام لم يكن يتناول سوى المدمس
عندما رحلت ورد عنه شعر صادق بالراحة تعجب من شعوره وهى الوحيد التى كانت تحبه فى بيت هيدرا الواسع .شعر انه ليس عليه ان يقلق من ابيه وعلى ورد من امه التى لن تقبل بها كان صادق يعرف انه ليس كيوسف او عبدالمسيح لانه مختلف به شىء مختلف ولد به وهو لم يختار بل ولد ليجد قدميه على هذا النحو وان عليه ان يسير فى الشارع ويتلفت الجميع وينظر اليه والا يزهب لدكان ابيه مثل اخويه بل يبقى داخل الدار تخدمه ورد هى الوحيدة التى لا تدير راسها ويمكنها النظر لشكل قدميه الغريب .كان يكره الليل والنوم لانهما يفصلانه عنها والان بعد ان رحيل الجميع وهى معهم لم يشعر سوى بالراحة ليس عليها ان يخاف من احد او على احد منهم بعد الان .يكفيه البقاء مع حنا هو ايضا يشبه بلا احد وليس عليه الخوف كان يضحك والعسكر فى كل مكان كادت المحروسة ان تشتعل ويصلها مداها الى كل مكان لكنه لم يقلق من شىء استمر على عادته فى الخروج لسرقة الدخان واستنشاقه كان يجد متعته فى ايجاد المزيد من اللاعيب والحيل لسرقته دون مال ،دون مال لم يحتج يوما ان يكون معه وقت ان يجوع يعرف كيف يحضر ما يشتهى ولا يحب الورود ..لا يحب سوى الدخان والطعام وان يصير لديه ونيس لذا لم يشتكى من وجود صادق معه لم يهتم بسؤاله من هو ولكنه عرف انه ابن ذلك التاجر كان يسمعه يتحدث مع نفسه ليلا لم يتذمر نفخ دخانه واخبره انه عليه ايضا ان ينسى لقد رحلوا وبكائه وصراخه لن يعيدهم الا يكفيه انهم رحلوا دونه .لكنه لم يعد يتذمر بل سكن وعاد للبقاء معه ولم يعد يتذكرهم بل احب الدخان والطعام واعتقد انه كره الورود ايضا مثل حنا ..حتى عندماعاد بونابرت من جديد للمحروسة وانتصر على العثمانين لم يهتموا سوى بايجاد مزيدا من الحيل للحصول على الدخان والاطعمة الطيبة .تعلم صادق المشى .ان يسير فى الطرقات دون ان يلتفت احدا اليه .فبدأ بالسير بالقرب من غرفة حنا الصغيرة ثم تعلم ان يدور فى ذلك الحى ويراقب الباعة والدكاكين وان يتعرف على صبى الدباغ والاسكافى وبائع السمك والقهوة.
تعلم ان يستيقظ مع صوت اذان الفجر وان يخرج يتابع حركات المصلين من بعيد تعجب فهو لم يعرف كيف تؤدى الصلاة من قبل ..كان يتجول يراقب حتى يذهب الناس الى النوم .تعلم ان يخرج من حارته ويتجول فى الشوارع والاذقة الاخرى فيعرف اهلها ويتطلع الى وجوههم دون ان يهتم احد بالنظر اليه ..يريد ان يسير ويسير ليعوض ما فاته يشعر انه يريد ان يسير ويبحلق فى الوجوه الى الابد فيرى ضحكات وعبسات ودموع وتنهد يسمع الناس وهم يتحدثون حول بونابرته الغاضب من العلماء والمشايخ بعد ذهابهم اليه لتهنئته بالنصر على العثمانين لكنه يقول لهم "ايها العلماء والاعيان،انى اتعجب من حزنكم لانتصارى،انكم لم تقدروا موقفى ازاءكم حتى الان ،مع انى كررت لكم انى مؤمن بان لا اله الا الله وانى اجل النبى واحب المسلمين " فكان همسهم يتعالى دون ان يتحدث احدهم اليه ..كان صادق اكثرهم راحة فلم يعد احدا يتعجب منه او يسأله عن اسمه ومن يكون بل اعتادوا سيره واصبح بعضهم يعطيه الطعام كلما اقترب من دكانه لقد ابتعد كثيرا عن حارته ..حتى عندما رحل بونابرت وقيل ان هناك ذلك الكليبر الان بدلا عنه كانا يتنفسان هو وحنا الادخنه ببطء واستمتاع كانت تلك الاوزة المسروقة مشتهاه الكثير من الاهالى ممن حرقت دكاكينهم اثناء ثورة المحروسة ضد بونابرت وكان بيت هيدرا احدهم وسمع انهم طالبوا بتعويض بيوت ودكاكين امة القبط لكن بونابرت لم يصغى اليهم ..كان صادق يتلذذ وهو ياكل بنهم ليس عليه الخوف من الاكل امام احدهم مثلما كان يحدث وهو يتناول الطعام مع هيدرا واخويه فى سره كان يدعوه باسمه ولم يعد يذكر متى عقله نادى ذلك الرجل بابيه لكنه كان يفعل مثل اخويه فى الصباح بان يقبل يديه وينتظر دوره فى الطعام بصمت .كان احيانا يتلعثم وهو يراقب قدميه .كانوا ينتهون من الطعام سريعا كان يشعر بانها يريدون الابتعاد عنه ..دائما ما وجه حديثه الى اخويه بينما اكتفى بلمحه له مرة او اثنتين احصاهما فلم يكثر ابدا عنهما ...
يقولون ان اهلك يعودون من جديد قال حنا
من تقصد ؟
ماذا لو عاد ابيك واخوتك من جديد ؟لقد رحل بونابرت وكليبر ليس مثله سيعوض اصحاب الدكاكين اليعاقبه من جديد
ورد ربما تعود ايضا اليس كذلك ؟ولكن انا احببت السير معهم ساعود الى غرفتى من جديد
وورد همس حنا بمكر
راقب صادق قدميه من جديد ليس كمثل اى قدم ولا حدبته كانت لاحد من بيت هيدرا من قبل لقد زاد بمقدار مرتين منذ ان غادرت امة وورد ماذا اذا عادتا الان وشاهدتا تلك الحدبه ..
كان هو وحنا الوحيدين بلا خوف كانا يراقبان من بعيد بيوتا تفتش لابراهيم العطار وسمعان الاسكافى وبعض تجار الشوام والاورام وداود وبعض تجار اليهود بينما هما يعلمان انهما غير مرئيان لان ياتى احدهم ليفتش عن اسلحة فى غرفتهم تحت الارض لكن صادق تلك الليلة تذكر ورد اكثر من اى ليلة اخرى وشعر انها لن تعود من جديد ..اشتاق ليوسف رغم انه كان يحدثه قليلا لكنه افضل من اللاشىء الذى يقدمه اياه عبدالمسيح ..هو ايضا ربما يكون حزينا بالشام لن يرى ماريا مرة اخرى لقد تزوجت ورحلت الى الدلتا بعد ان رحل هو بوقت قصير كان والدها يخشى ان يقتحموا دكانه ويسرق بيته ربما ابنته لم يعد يعرف سوى الخوف لكن حنا مثله لا يعرفه لذا احبه انه صديقه الذى لا يعرف الخوف .بينما الجميع يعرفه حتى والده هيدرا وضيوفه فى تلك المضيفة كان يراقبهم ويستمع اليهم كلما تجمعوا فى المساء ولم يفكر احد ان ينهره عن التصنت ربما لانه الوحيد من بين اخوته الذى منع من الاقتراب منها او الحديث حتى نسى الناس امره ولم يعد احد يسال هيدرا عن احوال ابنه صادق ..
لما علينا الخوف دائما لاننا قبط وشوام منذ ان اتى المملوك ولم يحمل لينا خيرنا قلنا بونابرت سيوقف هذا الخوف ولكن انظروا كدنا ان نقتل ونجونا ..نعطى للمباشريين ما يريدون بل نزيد برغم انه مضاعف عن بقية الخلق ولكن تعود ان نصمت الى متى الخوف ؟ تنفس ميخا تاجر الاقمشة فى غضب بينما تطلع فيه سمعان وحزان اصحاب عطاره الحى لبعضهما همس ميخا نفكر فى العودة للشام مثلما اتينا صحيح سافرنا صغار ولم يعد يذكرنا الاهل ولكن هذا افضل من خسارة التجارة والمال لقد تعبنا فى كل ركنا فى دكاكنا ولن نتركه للصوص ينهبونه حتى حامد شريكنا صدقهم ووشنا بنا اننا نخفى اسلحة للثورة من جديد نريد الفرنسوية
تنهد هيدرا :ليس كل التجار هكذا مضيفتى لا تخلو من احدا ..ولكن على حال مما الخوف نحن لم نتعلم حمل السلاح ممنوعا علينا الى الجيش لم ننضم كيف سنسرق اسلحة ونقوم بتخزينها فى دكاكينا وداخل الكنائس !..
رد ميخا:فى النهاية سنرحل يا هيدرا لم يعد المكان امن لنا جدودى عاشوا ودفنوا هنا ربما لن يسمح لى بزيارة قبورهم من جديد ..ولكن انت الى اين سترحل
رفع هيدرا راسه حملق بوجه ميخا :لم افكر بهذا من قبل اسكندرية المحروسة بهما اموالى وهنا اهلى والخوف شريكنا ايضا
بل قل صديقنا رد ميخا
بالامس رايت مناما ..رايت ذلك الغلام من جديد قال هيدرا
بهت وجه ميخا زفر بخفه :اى غلاما لم يعد لنا ملجأ شام كالمحروسة وانقطعت صلتى بالاندلس منذ رحل جدى
ذلك الصبى لا ياتى لى دون سببا منذ ان رحلت واتيت الى هنا وهو ياتى الى منامى زارنى قبل ان يولد صادق ..
التقت عيناى صادق بورد تعلم ان يزحف لمقعده ببطء وان يجلس فيه منتظرا طعامه يلتهم ما استطاع منه مادام لن يراه احدا ..كان العسل يتقاطر على ملبسه غير مبالى وهو يتناوله بشراهه ويفكر فى ذلك اليوم الذى دخل فيه الفرنسوين الى القاهرة لم يبالى احدا وكانه لم يحدث شىء تعجبوا لان احد من اليعاقبه اوا لشوام والاروام واليهود لم يخرج للاستقبالهم ولم يصطف الاولاد فى الطرقات بل مضى كلا الى عمله المعتاد ولم يتحدث عنه لا فى الشوارع او الحوارى وتذكر تلك الليلة التى عاد فيها هيدرا الى البيت مهموما لقد طلب مثل بقيه اعيان القبط للقاء بونابرته مثلما طلب هو اراد ان يذهب للمعلم جرجس الجوهرى فى طلب اعفاءه من تلك المقابلة لن ينسى بقية التجار ذلك ربما ظنوا انه احب بونابرته .اراد ان يخبره ان سنه لن يسمح فى ان يبدا من جديد لقد صار لديه امراة وصبيان الان ..
وضعت ام يوسف العمامة الكشمير على راسه هيدرا وهى تبتسم وهى تراه بالعمامة مثل بقية التجار للمرة الاولى من قبل لم يكن مسموحا لهم برتدائها ،تحسست الكسوة ذات الاكمام المذهبة ،تلك الوردة الذهبية الموضوعة بها .كان الوفد سيتحرك صباحا ليكون فى تمام الموعد المطلوب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق