(الفيس
بوك بوصفه نصاً)
محمد كاظم رسن
ضمن الموسوعة الثقافية التي تصدر عن دار الشؤون الثقافية العامة صدرَ
كتاب بعنوان (الفيس بوك بوصفه نصاً) لمؤلفه الدكتور أثير محمد شهاب. يعد الكتاب
الذي بين أيدينا الآن محاولة جديدة لقراءة النص الابداعي عن طريق مواقع التواصل
الاجتماعي، وقد أجتهد المؤلف في رصد تلك التحولات في مسار القراءة العربية، فلا
يمكن أغفال دور الاساليب الحديثة في التلقي، وجيل التفاعليين الجدد أو مايطلق
عليهم بجيل "ستيف جونر"، وما قدمه للثقافة الانسانية من تحول وتطور في
مجال القراءة والتلقي، أننا أمام جيل جديد في تقديم ثقافة مختلفة تجاوزت المثقف
الورقي الذي بقي مقيداً بأساليب تقليدية في تقديم الثقافة.
الكتاب محاولة نقدية عربية أستطاعت أن تسلط الضوء على الابداع العربي
في ضوء وسائل التواصل الاجتماعي.
يوضح الكاتب في المقدمة على ان النشر وسيلة متوافرة لكثير
من ممارسي الكتابة والتدوين، أذ خضعت الكتابة في أزمنة عدة الى قانون
الناشر ومسؤول الصفحة الثقافية، بحيث دفع هذا الآمر الى ضبط أيقاع النشر في
التعبير وعدم ترك الامر مفتوحاً لكل من لديه رغبة الكتابة، وأذ دخل الفيس ومواقع
التواصل الاجتماعي الى حيز النشر، فأننا بصدد رصد التحولات التي رافقت الثورة
التكنولوجية وتطور الاتصالات التي أنعكست على مستوى التلقي، ولم يعد ذلك الحضور
الذي كان مقتصراً على عدد من الكتاب هو أمتياز لهم، بل دخل عدد كبير من الكتاب
ليمارسوا فعل الكتابة من خلال هذه التفاعلية الجديدة التي أسهمت في تعبير الكل عن
دواخلهم، ولعل مايتصدر مواقع التواصل الاجتماعي من ملاحظة (أكتب مايفكر به) فرصة
لأشراك الجميع في التعبيربلا ضوابط أو حدود، واذ نرى أن هذه الظاهرة قد أسهمت في
التعريف بعدد كبير من ممارسي الكتابة، فأننا بنا حاجة الى رصد ذلك الخرق الحاصل في
قوانين الفعل الابداعي في تصدر الكتابة الساذجة وغير الرسمية الى فضاء التلقي،
وأشراك أكبر عدد من القراء في أصدار جملة من التصورات، فلم يعد التخصص حاضراً في
أصدار الحكم، ولم تعد الكتابة الدقيقة حاضرة في الكشف.
يسعى هذا الكتاب الذي بين أيديكم الى الدخول في هذا المجال والتعرف
على خصوصيات النشر الالكتروني وأمتياز نصوص الفيس بوك عن النصوص الاخرى التي تطبع
على الورق، وقد جاء هذا الكتاب بثلاثة فصول يسعى كل فصل الى الكشف عن خصوصية
مختلفة عن الاخرى، لذلك حمل الفصل الاول عنوان: (مابعد النصيّة) لنتحدث من خلاله
عن قيمة التفاعل ومايفرضه على المتلقي ومنتج النص، فيما جاء الفصل الثاني (قارئ
النص الحداثي) ليعرفنا على شكل التلقي الجديد الذي أسهم هو الاخر في أشراك أكبر
عدد من القراء وتحويل تلك التعليقات الشفهية الى نصوص مكتوبة تصح مسار النص
الجديد.
وأتخذ الفصل الثالث صفة الاشهار، لنشير من خلاله الى تلك الامكانية
التي يمكن أن توفرها مواقع التواصل الاجتماعية في تمرير خطاب ثقافي جديد ومختلف.
وبعد كل هذا، فأننا نعتقد أن هذا الكتاب له سمة الريادة في الحديث عن
نص الفيس بوك أو نص التويتر، وحسبنا من كل هذا هو خدمة القارئ والكشف عن أمتيازات
القراءة بعد أجيال وأطنان من الورق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق