شيماء
عبد الرحمن
صدرَ كتاب جديد
عنوانهُ: (العودة إلى الذات) للمؤلف مالك مسلماوي، ضمن سلسلة الموسوعة الثقافية
التي تتناول مختلف العلوم والفنون والآداب، والتي تصدرها دار الشؤون الثقافية
العامة. يبلغ عدد صفحاته (120) صفحة من القطع الصغير.
يعتبر الكتاب محاولة
نقدية لوضع تمظهرات النص العراقي الحديث
في إطار يحدد بنية الشكلية العامة وصيغة تفاعله مع الواقع في تفاصيله النفسية
والاجتماعية السائدة.
وأن نصوص الكتاب نصوص
مختارة من لدن الشعراء أنفسهم ولابد أن يكون الشاعر حريصاً على عرض أفضل ما لديه
لوضع تجربته الشعرية على المحك، قراءة وتوثيقاً.
وعن طريق الاستقراء
كانت أهم المشتركات النصية هو تمركز ذات الشاعر بحضورها الدائم في النص، مع
التباين في طبيعة هذا الحضور. فالذات هي العنصر المهيمن، والنص يدور حولها دوران
الرحى، كما أن النصوص أنشغلت كثيراً بالواقع وأقامت متونها عليه لكنها تبقى ضمن
إطار الرؤيا الذاتية في وصفها الدقيق. فالنص الشعري- في مجمله- (نص دائر)، حولَ
ذاته مرة، وحولَ الخارج مرة آخرى.
أن النص وهو يستعيد
وعيه- بات أكثر جرأة في محاولته الهروب من الذات ومماحكة المظاهر الاجتماعية
الشاذة والانكسارات المتوالية تحت سيادة العنف
واللا معقول وشيوع
الجريمة. ولقد كان لذلك صدى قوي في الذات الشاعرة، لذا ساد الخطاب الشعري التوتر
والرفض والسخرية والصورة اللاذعة.. ومن المؤكد أن الانقلاب السياسي والاجتماعي
يؤدي الى تهيئة الاجواء الى أنقلاب ثقافي، وهذا بدوره يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر
في عملية التغيير وتكريس الأوضاع الجديدة.. لكن عملية التغيير في العراق سارت
بطريق متعرجة ومليئة بالعثرات لأسباب معلومة، كما أن الفاعل الثقافي لم يمارس
الدور المطلوب بسبب الإقصاء والتجاهل والتعطيل المقصود في حمى الصراع على السلطة
وأزدهار المشاريع الطائفية.
ولقد دعمت قراءتي ببعض
من الآراء النقدية المحلية والعربية والأجنبية، وتطرقت الى النظريات الحديثة التي
تعالج النص الحديث من جميع جوانبه. معتمداً مراجع أفادت المداخلة، ولم أنقطع الى
منهج محدد فالشعر أوسع من أن يحاط بمنهج، لكني لجأت الى المنهج الوصفي التحليلي-
كمنهج عام- لبنية النص اللغوية/ النحوية وبنيته الدلالية.
أما الظاهرة الاسلوبية
الطاغية فهي الصورة الشعرية والإغراق بالمجاز والتعشيق السردي في مقاربة الواقع..
من ناحية أخرى كان الاكثر طغياناً هو النزعة التشاؤمية وهيمنة الروح السوداوية،
الامر الذي يحيل الى فهم النص الشعري على أنه ردة فعل لصدمة الواقع المعاش وما
يتضمنهُ من تجاذبات نفسية وأجتماعية وسياسية تحيط بالإنسان وتتلاعب بمصيره.. فالنص
هنا إستجابة موضوعية لوجود قلق مهدد.. ولقد أجتمعت النصوص على هجاء الواقع ورفضه
ومحاولة الخروج منه لما يحويه من الألم والقمع، ومثلما توحدت النصوص في موضوعاتها،
توحدت أيضاً أو كادت في أنغمارها في الصياغة الشكلية.
لاتريد هذه المقاربة
التقصي الشامل للخواص النصية وأن تمت الإشارة الى معظمها بصورة سريعة، إنما جرى
التركيز على الخاصية التشكيلية التي ينزع اليها النص لنصل في النهاية الى عد قصيدة
النثر العراقية إجمالاً بأنها تقع تحت غواية الشكل وحمى التجريب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق