مناقشة الكتاب المسرحي سوق الكلام للدكتور مصطفى
عطية جمعة
في ملتقى السرد العربي بالقاهرة
في أمسية بهيجة ، وليلة ماتعة من ليالي ملتقى السرد
العربي ، في يوم السبت 5 / 8 / 2017م تمت
مناقشة كتاب د.مصطفى عطية في الإبداع المسرحي " سوق الكلام " ، بحضور
أستاذ النقد والدراما في معهد الفنون المسرحية بأكاديمية الفنون بالقاهرة ،
الدكتور / أسامة أبو طالب ، مع مؤسس ملتقى السرد العربي ورئيسه الأستاذ الدكتور /
حسام عقل ، وكوكبة من المبدعين والباحثين والنقاد .
استهل الندوة
الدكتور حسام عقل ، الذي تطرق إلى كتاب الليلة في الأدب المسرحي ، مؤكدا على حاحة
الساحة الثقافية إلى الكتابة المسرحية ، منوها إلى إصدارات ( د.مصطفى عطية )
المتعددة وأنشطته في مجالات عديدة للكتابة شملت: القصة والرواية والمسرحية
والدراسات النقدية والفكرية ، وأن هذا الكتاب إحدى حلقات في إبداعه ، وتمنى أمسية
من النقاش الثري حول هذا الكتاب ، ثم ترك الميكروفون لمؤلف الكتاب في كلمة موجزة .
وقد ذكر د.
مصطفى عطية في كلمته التهميدية أن هذا الكتاب هو الثالث في سلسلة كتاباته المسرحية
، والحادي عشر في مسيرته الإبداعية في القصة والرواية والمسرح ، وقد سبقه كتابان ،
الأول " أمطار رمادية " وهو مسرحية طويلة صدرت عن مركز الحضارة العربية
بالقاهرة 2008م ، والثاني : " مقيم شعائر النظام " والذي صدر عن دار
الأدهم بالقاهرة 2013 . ويشتمل كتاب " سوق الكلام " على أربعة نصوص
مسرحية ، الأول مونودراما الجزار ، والثاني على واحدة ونصف ، والثالث سوق الكلام ،
والرابع الأصنام ( قبس من قس بن ساعدة " وهو مسرحية تاريخية .
وجاء دور
المتحدث الرئيس الدكتور أسامة أبو طالب والتي امتدت حوالي الساعة، وتناول فيها
نقاطا عديدة ، أبرزها ، مناقشته الأولى للناقد الذي يكتب الإبداع ، ومدى تأثير ذلك
على الإبداع ذاته ، ذاكرا أمثلة عديدة لمثل هؤلاء ومنهم الشاعر الإنجليزي تي إس
إليوت ، ومن أبرز المشكلات التي تواجه الناقد عندما يكتب إبداعا وجود المقاييس
النقدية التي قد تمنع التوهج الإبداعي ، منوها إلى أن العقل النقدي يختلف في
تكوينه عن العقل الإبداعي ، كما أن العقل السردي يختلف عن العقل الدرامي الجدلي .
ثم تطرق د.
أبو طالب إلى كتاب " سوق الكلام " متوقفا عند المسرحية الأساسية، والتي
حمل الكتاب عنوانها وهي " سوق الكلام " ، وأوضح أنها تناقش مأساة التجارة
الرخيصة في الإعلام المعاصر ، وكيف أنه تحول إلى سوق رائجة ، ممولة من أصحاب
المصالح وأهل السياسة ، وأن هذه المسرحية تتناول شخصية " ماجد كسباني "
، والذي له من اسمه نصيب، فهو شخص لا يعرف إلا التكسب والتلقب ، ويمكن أن يتعصب
للقضية ويتعصب أيضا لعكسها فلا فرق عنده ، المهم حضوره الإعلامي ، والمكسب من
ورائه . وأشار د. أبو طالب أن المأخذ على هذه المسرحية أن الفكر طغى على الجانب
الدرامي ، وأن المؤلف اهتم برسم الشخصية وأبعادها على حساب البنية الدرامية
والصراع . ثم تناول د. أبو طالب أيضا مسرحية مونودراما " بنت الجزار " ،
وذكر أن من عيوب المشهد المسرحي المعاصر شيوع هذا اللون من الكتابة المسرحية
المعتمدة على الممثل الواحد ، ولكنه أبدى إعجابه بالنص ، ورأى أنه يقدم قضايا
عديدة من الواقع الشعبي المصري ، من خلال شخصية هند بطلة المسرحية . وختم د. أبو
طالب كلمته بالإشارة إلى اللغة المستخدمة في الكتاب وهي اللغة الثالثة ، التي تقع
وسطا بين الفصحى والعامية ، والتي بدأها توفيق الحكيم في مسرحية الصفقة .
من جانبه ،
تناول د. حسام عقل في مناقشته للكتاب جملة موضوعات ، حيث توقف عند مسرحية
مونودراما بنت الجزار ، موضحا أنها تسلط الضوء على قضية المطلقة في الواقع المصري
، ونظرات الناس إليها ، خاصة أنها فتاة مدللة جميلة ، ركض وراءها الكثيرون ، ولكن
أباها آثر تزويجها لموظف قريب لهم ، أنجبت منه ثلاثة أطفال ، ثم طلقها .
وقد أشار د.
حسام إلى القضية المطروحة في نص سوق الكلام ، والتي تمس العصب العاري في الإعلام
المعاصر ، وفصل القول في هذه المسرحية التي تبحث تفصيلا في شخصية أحد الإعلاميين
المتنقلين بين الممولين من الساسة ورجال الإعلام ، وهناك شخصيات حوله وصولية نفعية
، لا قيم لهم ولا مبدأ . وذكر منهم شخصية صاحبه المنافق والذي هو من حملة المباخر
الذين نجدهم مع أهل السلطة والإعلام والمال . وأكد د. حسام على الفحولة اللغوية
التي تميز بها الكتاب ، وهي من سمات المؤلف في كتاباته المختلفة ، مشيدا باللغة
الثالثة المستخدمة ببراعة في هذا الكتاب ، وأن كل نصوص الكتاب تدور حول عرض شخصية
، يدور السرد المسرحي حولها ، وهذا أحد ألوان الكتابة المسرحية .
جاءت مداخلات
الحضور ثرية للغاية ، حيث أبدى د. يسري عبد الغني سعادته بالكتاب، وأعجب بما فيه
من نصوص متعددة والقضايا التي تطرحها ، وإعجابه أيضا بنشاط المؤلف في كتابات عديدة
، وأشار إلى عشقه للمسرح ، وأن لديه كتابا عن إبداع توفيق الحكيم ، وقد أشاد
بمسرحية قس بن ساعدة وما فيها من بنية وأحداث درامية .
وتطرق د. الحملاوي صالح إلى البعد النفسي في الشخصيات
خاصة شخصية الطبال في مسرحية على واحدة ونصف ، وأشادت القاصة عبير عبد الله بأجواء
النصوص المسرحية وما فيها من قضايا ، منوهة إلى التشويق والإمتاع في نصوص الكتاب .
وألقى الشاعر طارق يوسف دراسة مكتوبة ، أشاد فيها بنصوص الكتاب ، وحلل بعضها ،
خاصة سوق الكلام وبنت الجزار . وشارك في النقاش أيضا : الشاعرة وفاء السيد ،
والقاص شعبان محمد ، والقاص ناصر فاضل ، والقاص زكريا صبح ، والشاعرة سمية رمضان ،
والشاعر محمود نبيل .
وعقب د.
أسامة أبو طالب على مداخلات الحضور ، متوقفا عند بعض الطروحات المتصلة بالبعد
النفسي للشخصيات وأهمية البناء الدرامي للمسرحية . وجاءت كلمة المؤلف د. مصطفى
عطية في الختام شاكرة للحضور جميعهم ، مشيرة إلى التميز النقدي لقراءة د. أسامة
أبو طالب والذي يهتم كثيرا بالطرح الفكري والبنية الدرامية ، والصراع في النص .
وتوجه بالشكر إلى د. حسام عقل ، مشيدا بموهبته النقدية الكبرى ، وثراء معلوماته
وعمق ثقافته ، وقدرته على الغوص في النصوص ، وأنه من أبرز كتاب المقال النقدي
والفكري المعاصرين . كما شكر المؤلف كل الحضور الكريم وقراءتهم المثمرة للكتاب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق