2013/02/21

دُوْنَ الشُّعُوْرِ بِالذنـْبِ .. قصة بقلم: ياسر محمود محمد



الوقت : الزمن الكوني القادم
دُوْنَ الشُّعُوْرِ بِالذنـْبِ
ياسر محمود محمد

((مِــن مـلــفـات كــتــاب " الـكون الآن "
للمـؤرخ / ريـتـشـارد  بـيـل ،  الــمــولـود
في جـنـوب أمـريـكـا الـدولـة الـتي نـشـأت
في الــزمــن الـقــديـم ، و تـدور المـلـفـات
حول إبادة شعب سُكـَّان كوكب"ضاد ياس"
الواقــع في المجموعـة الكونيــّـة المجريـّة
الشــرقيـّة الـوسطى ... و قــد كُـتـبـتْ تـلك
الصفحات كبروفة لإحدى فصول الكتاب )).


                                                      
-هتف القائد منير :
-علينا أن نقاوم إن ضياع و هزيمة أسطول الفضاء " الضادي " يعني فناء جنسنا الذي ستبيده القنابل الكونية من مدمرات " أمريكا المتحدة الفضائية " بعد أن ضاع الغطاء الفضاء له .
     لكنّ قوله هذا ذهب كالعديد من الأشياء التي تذهب سُدًى في عالمنا و كوننا هذا الذي تضيع فيه و للأبد كثيرٌ من الأشياء ... ذهب قوله سُدًى مع انفجار مركبته الذي بدا لطواقم المركبات المهاجمة و المطاردة مثل انفجار نجم صغير بدون صوت (*) .
     هتف " زهير " و هو يهرب من ثلاثة دفقات من الأشعة الأرجوانية القاتلة التي دمرت ثلاثة آخرين من رفاقه و طواقمهم .
-أين الأمل ؟! سنفنى الآن نتيجة تخاذلنا ، سننقرض دون حتى أن نحوز سيفا صدئا قديما لنقاتل به ... سيقتلوننا دون أن تطرف لهم عينٌ .
     استمر في الهرب هو و من تبقى من القافلة .. بينما طاردتهم المركبات المهاجمة في شكل أشبه باللهو و هي تطلق نحوهم الأشعة بحيث تدفعهم دفعًا نحو متاهة فضائية ليس منها فكاك .
     إنّ هذا الفصل من تاريخ دولة " أمريكا المتحدة " يبدأ بمنظر عام متخيل لمقاتلة من المركبات  " عبر- النجمية " لدولة " جنوب أمريكا " تطارد قافلة هاربة في إحدى زوايا الكون ... كانت كل مركبات القافلة تنتني للكوكب البائد ...
(( ضاد ياس ))
***
منظر عام :
     قائد قافلة " ضاد ياس " يصرخ في جهاز الناقل الصوتي بهلع مبرر و نبرات صوت مرتعش نظرا لرؤيته ثلاث من قافلته و قد أصابتها الأشعة الأرجوانية القاتلة :
لقد أصيب الجناح الأيسر ..." طاهر م " و " محسن ق " و " صبحي ب " قادة المقاتلات في عداد الموتى و طواقمهم .
     وصلت صرخته إلى آذان باقي طواقم مركبات قافلته التي تتكون من عشرة مقاتلات ضعيفة متهالكة تشبه السلاحف المركبية الفضائية التي كانت تنطلق إلى الفضاء في بداية عصر غزو الكواكب .
________
(*) حيث أن الصوت يحتاج إلى وسط مادي ينقله فهو لا ينتقل في الفراغ النسبي الذي يملأ الكون بين الكواكب و النجوم .
     و أسرعت إحداها لتمر من الشظايا و الطاقة الضوئية الصافية التي انبعثت من المركبات المضروبة و قائدها يهتف .
-ماذا نفعل يا سيادة القائد " منير " .. إنهم يقتلون و يدمرون فقط دون إنذار .. إنها حرب إبادة هم يقتلون دون أدني شعور بالذنب .
***
      أرجو أن أكون قد أوضحت بهذا المشهد بداية النهاية لكوكب " ضاد ياس " و للأمانة العلمية فإنني كمؤرخ فضائي لحروب الإبادة لا أملك نفس مهارة الأدباء و المسرحيين في صياغة المشاهد و لذلك يمكن أن نكمل هذا الفصل بطريقة سردية أخرى .
      لقد بدأ الأمر باتحاد كل دول كوكب " ضاد ياس " بعد أن قامت " ثورة يناير " في إحدى بلاد الكوكب ثم انتقالها إلى كوكب أخرى . لقد كان الاتحاد يمثل مشكلة لهم في حد ذاته في السابق ... لكن الاتحاد بعد الثورة و ازدياد نفوذ دولة " أمريكا المتحدة " أصبح واجبًا .
      إن المشكلة ليست في الوحدة فقط .. و لكن في امتلاك أسباب و عناصر نجاح القوة في كون لا يعرف حاليا في هذا العصر الفضائي المتقدم سوى القوة .. و القوة وحدها .
     إن السفن " عبر النجمية " اخترعت من قبل " أمريكا الدولة المتحدة " القوية ... الدولة التي انبثقت عن الولايات المتحدة . كان الناس في الولايات المتحدة و قد كانت توصف في أوائل القرن الحادي و العشرين بأنها دولة لا تعرف سوى القوة ، كان لديهم مبدأ القوة هي الحق أو بتعبير إنجليزي might is right.. كانت سياستها ترسمُ دولا و تزيل أخرى ، و تتحكم في مصير مليارات من البشر ، و جيشها و حلفاؤها و من ترعاهم بحق هم الأقوى في العالم ، أما من تغضب عليه آراء محركي الرأي فيها فياويله ... أيّامه معدودة ... و نهايته معرفوة ... إما الإنتحار أو أن يعلّق في مشنقة كما فعلوا مع رئيس إحدى دول العالم الثالث في ليلة العيد لدى قومه .
    
     كان انبثاق " أمريكا .. الدولة المتحدة العظمى " ... عن الدولة السابقة " الولايات المتحدة الأمريكية " أو كما يهتف المشجعون الأمريكيون في المباريات اختصارا "USA" و انبثقت دولة أخرى هي " جنوب أمريكا الاشتراكية " لتزول الدولة الأم و ينتج عنها دولتان عظمتان جارتان أختان لكنهما غير شقيقتين فالأولى في حالة عداء تام مع الثانية ... و الثانية همها الأوحد هو ألا تسيطر الأولى على المقدرات في هذا الكون    
   
   
" مـلـحـوظـة كـتـبـت مــن الـمــؤرخ ريـــتــــشــارد بــيـــل"
(((كــان شـعـار الـدولـتـيـن الـعـلم لكن شعار "أمريكاالمتحدة "
كـان الـعـلـم لــلســيطرة على العــالــم و الــكــون و بالــقـوة
و لـلأسف كان العلم قد تقدم تقدما مذهلا على كوكب الأرض
أو الــكـوكــب الــثــالــث حـســب الـبـعـد عـن نـجـم الـشـمس
في طرف درب التـبّانة كما يـصنفها علماء "أمريكا المتحدة"
فـي خــريـطـتـهـم الإسـتـعــمـاريــة لـلــســيـطـرة على الـكون
كــان كــوكـب الأرض – و بـعـكس آراء كثيـر من العـلماء –
هـو الـمـمتلك لأعلى درجات الـتـطــور في الـجـزء المـنـظـور
مـــن الــكون الــمــرئي الـــذي تستطيــع السفن العبر نجمية
الـــوصــول إلــيــه بـيـنـمــا كـانــت " أمـريـكا الاشـتراكية "
-و الاســم قــد يبدو مضحــكـا في أخــريات القرن العـشرين-
كــانـت تريد بمساعـدة دول كـثيرة أخرى ... القـوة للعدل ..
و بـالـعـلم ... كان ذلك شعـارها – القـوة للعــدل و بـالعلم –
و مـــن لا يـمــتــلك قــوة بــالـــعلم لا يــمــتــلــك مــصــيـره
كـــما كــان شـــعــار أطــلــقــتــه إحــدى دول العــالم الثالث
في الــكــوكــب الــثــالــث مــن المـجـمـوعـة الشـمـسية )))
   
     لقد كان تمرد كوكب " ضاد ياس " ضد ظلم و جبروت " أمريكا المتحدة " مجرد تعبير عن الرأي ، و محاولة من بعض العناصر المتعلمة و المثقفة في الكوكب المتخلف تقول لــ"أمريكا المتحدة" : نحن شركاء في الكون لدينا حضارتنا و ديننا ، نحن لدينا علماؤنا و تاريخنا الذي يسبقكم في تاريخ الكواكب المتحضرة ، لدينا علماء كثيرون تسيطرون أنتم عليهم بمجرد بزوغ نجمهم ،      و الآن بعض من العلماء الذين رفضوا سيطرتكم يقولون : لا .
     فماذا كان جوابكم ؟؟؟!!!
     كان الجواب عمليا .. لقد قررت " أمريكا المتحدة " إبادة كوكب " ضاد ياس " .
     إن الأمر ليس كما في السابق ؛ فأمريكا الأم كان باستطاعتها المكر و الخبث ليسيطر بعض عملائها على دولهم و بالتالي على مصير شعوبهم ؛ ليبقى الأمر في يد أمريكا ، التي تقتل و تشرد أيضا في هذه الدول ، دون إعلان للخبايا و ما تخفيه الصدور .
     لكنّ الثورات قد قامت في " ضاد ياس " و وضح جليا أنه لن يستسلم و بقعة الضوء و النور قد تمتد لثوار ... في كواكب أخرى .
     لقد كان من المحتم إيادة " ضاد ياس " لأنـّه كوكب مارق ... كوكب لا يحتمل أن يعيش في كنف أرقى الحضارات - بمنظور " أمريكا المتحدة " - .. إبادته دون أي شعور بالذنب ... إنه كوكب خائن لمصيره و قدره الذي يقضي عمليا ببقائه في نطاق و مدار " أمريكا المتحدة " ( إن هذا قدرك يا "ضاد ياس " .. فهل تهرب من قدرك ؟! ....
     لا .. إذا فمصيرك أن يقتلك جنود " الماشينز الأمريكان " ...
     و ذلك بتعبير لقنه إياهم قادتهم :
                       " اقتلْ ... و دون أدنى شعور بالذنب "


الأربعين - السويس

ليست هناك تعليقات: