2015/05/03

"الحِجَاج فى أخبار الطفيليين" للدكتور/ أحمد علواني عن دار التنوير



"الحِجَاج فى أخبار الطفيليين" للدكتور/ أحمد علواني عن دار التنوير

يظل تراثنا القصصي في حاجة دائمة إلى قراءة نصوصه السردية، قراءة نقدية عميقة من شأنها أن تكشف عن ملامح خفية تحتاج إلى بحثها وسبر غورها، واستخراج دلالتها؛ بل والتفكير فيها بعمق وشمولية. وعندما ننظر في تراثنا القصصي نطالع أخبار الطفيليين، فمن يمعن النظر فى مصادر الأدب العربي وكتبه فى العصور المختلفة سيلحظ اهتماماً بالغاً بالحديث عن ظاهرة التطفيل، حيث شغل الطفيليون بأخبارهم, وشعرهم, وملحهم, ونوادر كلامهم مساحة كبيرة من تراثنا.
وفى هذا الإطار يصدر عن دار التنوير بمصر وتونس ولبنان كتاب، بعنوان: "الحِجَاج فى أخبار الطفيليين" للدكتور/ أحمد علواني
ويشتغل د. أحمد علواني فى هذا الكتاب على نصوص سردية تراثية، إنها أخبار الطفيليين المتناثرة بكتب التراث العربي، حيث قام بجمعها، وترتيبها، ودراستها؛ للكشف عن جمالياتها السردية، وتحليل أنساقها الخطابية، ومناقشة أبعادها الحجاجية، وذلك فى محاولة لإثبات فاعلية النص التراثي وقابليته للدرس النقدي وما فيه من إجراءات تطبيقية تجلت فى: تفكيك وتفكير، نقد وتحليل، خطابية وإقناعية... وبعيدًا عن الإسهاب نحن بإزاء كتاب جديد ومفيد، يحلل ظاهرة اجتماعية إنسانية عن نماذج بشرية، تفضح ـ بتطفيلها ـ رجالاً يمتلكون الطعام؛ وآخرون سيطفلون عليهم لأنهم لا يجدون ما يأكلونه.
ولقد توصل د. أحمد علواني إلى أن أخبار الطفيليين تمثل وثيقة فنية لها دلالاتها الأدبية والاجتماعية والسياسية والتاريخية والثقافية، والطفيلي ـ بوصفه الشخصية المحورية داخل الأخبار ـ فى حجاجه واحتياله إنما يثور على المجتمع، فيخرج ليطلب حقه فى العيش فى قلب المجتمع، ولا عيشٌ بدون غذاء، حيث يمثل الطعام قضية جوهرية مطروحة فى أخبار الطفيليين، وموقف الطفيلي من الطعام هو موقف الإنسان الذى لا يجد ما يأكله، ومن هنا يرى أن حقه الطبيعي أن يأكل ليعيش، ونتيجة لذلك يطفل على غيره، وفى تطفيله لا ينفصل عن واقعه؛ بل يراقبه عن كثب، وينقده بطريقته الخاصة، ويحتال عليه بأساليبه المتنوعة، حيث يُقبل الطفيلي على الموائد والولائم ـ دون دعوة ـ في ثقة، فهو يمتلك قدرة تمكنه من التغلب على خصمه/صاحب الوليمة بالحيل العجيبة، وسرعة البديهة، والذكاء الوقاد، وخصوبة الخيال، وبراعة التنكر والتمثيل، إلى جانب قدرته على تخدير خصمه تخديرًا عقليًا، يقوم على المناظرة ومقارعة الحجة بالحجة، ومن ثمًّ يقف عقل الخصم عاجزًا عن التفكير، وهنا سيرضخ ويُذعن تاركًا الطفيلي يمر ليدخل فيأكل.
وقد يفتقد الطفيلي لصاحب الوليمة/المتلقي الذي يتجاوب مع حِجَاجه، فلا يجد من يقدر بلاغته البيانية وأساليبه الإقناعية، وفى هذه الحالة لن ينثني عن غايته، وهنا يستعيض عن الحجة بالقوة، ولا تعنى القوة أنه سيحارب ليفرض نفسه على الطعام، ولكنه سيحتال بطرق تمثيلية أخرى، ستجدها مطروحة بين دفتى هذا الكتاب الذى يجمع أخبار الطفيليين الواردة بالكتب التراثية، ويرصد بلاغتهم الحجاجية، ويكشف عن الأنساق الخطابية والأبعاد الحجاجية، التي تبوح بها أخبار الطفيليين وأشعارهم.

ليست هناك تعليقات: