نورهان خليل
عندما عدت من ذلك المشوار الثقيل. لم أكن أبحث عن راحتي أو حتى عن سريري ولا عن مخدتي.
انطلقت في زوايا و دهاليز المنزل متلمسة كل الأماكن. وجدتني أغوص في تلك الخزانة التي لا طالما بقيت مرتبة. أبحث بين رفوفها عن صاحبة تلك الأثواب التي فارقتني منذ ساعات ولا أعلم أين هي الآن.
عادت بي الذاكرة عندما كنت أتجنب أن أمرّ حتى من أمام هذه الخزانة المهيبة. و عندما أقرر أن أجازف، كنت أفتحها خفية و أستلّ من داخلها الأثواب وأضعها على الجسد الصغير و أحلم بنفسي كبيرة و يمكنني لبس ما يحلو لي، و لما لا فلم أعد تلك الشقية الصغيرة التي تخلّف ورائها جبالا من الفوضى. و أعود فوراً من ذاكرتي تلك لأتمنى لو أنني لم أحلم يوماً بها.
لو أنني رضيت بفساتيني الصغيرة و ألعابي البسيطة لما كنت أعيش هذا الآن. فلم يعد هناك من يوبّخني ولا حتى ينصحني. لم يعد لدي الآن سوى هذه الخزانة المليئة بالذكريات و رائحة الثياب المحببة لدي.
خسرت الحبيبة و لم يبق لدي سوى الوقوف على الأطلال، منتظرة ذلك اليوم الذي سيجمعنا من جديد. هذه الحياة تذكرني بلعبة تركيب القطع لانتاج الاشكال، عندما نفقد القطعة الأساسية لا يعد لدينا أمل بإكمال الشكل المرجوّ. و لكن إذا هدمناه نستطيع عندها البدأ من جديد بتشكيل مجسّم مختلف كليًّّاً عمّا حلمنا به دائماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق