2018/03/07

نور الإبداع يتحدى ظلام انقطاع الكهرباء



نور الإبداع يتحدى ظلام انقطاع الكهرباء

استأنف صالون الشاعر والإعلامي/ السيد حسن ندواته الاثنين بمناقشة رواية مسارات متشعبة للكاتبة/ رانيا مسعود. ويُقام الصالون في مقر جمعية دار الأدباء بشارع قصر العيني أمام مجلس الشعب، والذي يعاني من انقطاع التيار الكهربائي منذ عدة أشهر، وفي ظل أجواء الانقطاع الدائم للتيار الكهربي يمتنع بعضُ الأدباء والشعراء عن مواصلة الحضور، إلا أن الندوة تحظى بإقبالٍ لا بأس به من الروائيين والشعراء الذين اعتادوا أن يكون الصالون حاضنة لمواصلة إلقاء إبداعاتهم شعرًأ ونثرًا. وبعد انتهاء فعاليات معرض القاهرة الدولي في دورته التاسعة والأربعين لم يجد الأدباء بُدًّا من الحضور والمشاركة، حتى وإن كانت الظروف تمنعهم عن ذلك، فكان التحدي بإضاءة الشموع وإشعال الكشافات سواء بأجهزة هواتفهم أو بالكشافات المعتادة البسيطة. وقد شارك في إعداد قراءة نقدية للعمل الروائي الأول للكاتبة كلٌّ من الشاعر/ السعيد عبد الكريم والشاعر/ أسامة عيد، فضلًا عن دراسة نقدية موسعة من الناقد والإعلامي السيد حسن، والذي أدار الندوة بالاشتراك مع الشاعر/ أسامة عيد. ويقول الأستاذ/ السيد حسن عن العمل الروائي (مسارات متشعبة): لو كنتُ لأصوغ العبارة التصديرية للنص الروائي لقلتها بصورة مختلفة: المسار الواحد يفقد الحياة لذته، هذا بدلًا من المسارات الواحدة.
وقد أشاد الشاعر والإعلامي الناقد/ السيد حسن بالأداء اللغوي واللغة الشاعرة للرواية، وأضاف أن الرواية مكتوبة بصورة مختلفة ومتفردة، وإن جاز لنا تصنيفها فهي رواية استبطانية تكشف عن مكامن النفس، وتنتمي إلى الروايات النفسية الاجتماعية التي تهدف إلى مواجهة المجتمع بالتشوهات التي تجتاحه. أضاف كذلك أن الرواية تناولت النصوص الدينية والمقدسة وصدرتها إلى المجتمع دون أن تقحمها على النص نفسه؛ فقد جاءت الآيات التي تعبر عن أكل لحم الناس في أكثر من موضع، هذا إضافةً إلى تناول موضوع خضراء الدمن وما لهذا الحديث من شكوك مثارة حوله قد تؤكد ضعفه إن لم يكن انتحاله.
وقال كذلك إن الرواية مكتوبة بشكل أفقي، وتارةً يستشعر القارئ باختناق؛ حيث تطوقه الكاتبة بالمزيد من العبارات التي تضعه فيما هي فيه من حالة اختناق حقيقية تواجهها من ممارسات المجتمع على البطلة، وأنها وإن كانت تحاول أن تنفي عنها انشغال البطلة بما يقوله المجتمع من آراء، فلا يبدو ذلك مما اهتمت هي به وأظهرته في فصولها؛ فهي في معظم ما أشارت إليه من موضوعات في عملها تجزم أن كلام المجتمع يؤثر في البطلة إلى حدٍّ كبير. أما عن الشخصية المحورية أو البطلة فهي الكاتبة التي تحاولُ أن تكتب روايتها من البداية إلى النهاية إلى أن تتناثر أوراقُها بيدي أبيها وأخيها في الهواء، وهنا نحن نجد أنفسنا أمام رواية داخل رواية فالكاتبة رانيا مسعود هي الكاتبة لرواية مسارات متشعبة التي تكتبها الشخصية المحورية نفسها لتقدمها للنشر، وهو ما يحيلنا إلى الأفلام التي يكون فيها البطل نفسه مخرجًا لفيلم داخل العمل السينمائي نفسه، فهنا البطلة الروائية تكتب عملها الروائي وتكتبهما معًا رانيا مسعود.
        ويقول الشاعر/ السيد عبد الكريم: لقد وقعت رانيا في شرك استخدام ضمير الأنا وهو ما جعلني أقرأ العمل ثلاث مراتٍ وفي كل مرةٍ أحكم عليه بأنه ينتمي إلى أدب السيرة الذاتية؛ فالحديث بضمير الأنا بمخاطبة الروائية داخل الرواية للقارئ قد يُلبِس عليه الأمر بما يجعله لا يفرِّق بين الالتفات بالتناوب بين ضمير الغائب والضمائر الأخرى والسرد الذاتي. ولو أن رانيا مسعود استخدمت من البداية ضمير الغائب في السرد لكان أفضل لها في عرض الموضوع.
واختلفت آراءُ الحضور في تقنية العمل بالسؤال عن كون العمل منتميًا إلى القالب الروائي المتعارف عليه أو انتمائه إلى أدب من نوعٍ مختلف، وأجاب عن هذا الناقد والإعلامي/ السيد حسن أن الرواية لا تنتمي إلى أسلوب الحكاية بينما تتحقق فيها شروط الكتابة الروائية، فهي لا تسرد أحداثًا بينما في الحقيقة هناك أحداث، وهي لا تحكي شيئًا زمنيًّا يحدث بصورة يومية اعتيادية، ولكنها تقدم لنا الشخصية وعلاقتها بالمجتمع والقضايا التي تطرحها وتضع للعمل مقدمة وخاتمة وهي الشروط الواجب توافرها في الرواية وإن اختلف نمط هذه الرواية عن الأنماط التقليدية المعتادة.  
وعن علاقة مضمون الرواية بالغلاف واختيار صورة اليدين ولوحة المفاتيح يقول: البطلة تنعزل عن المجتمع بينما تتواصل عن طريق مواقع التواصل الاجتماعية لتشتبك مع شخصيات متعددة، فلوحة المفاتيح هي التي تصل البطلة بالعالم الأزرق، بينما البياض السائد يدل على البياض الذي تتحدث عنه منذ مقدمتها حين يتشرب بما تريد أن تكتبه على الأوراق.
        وقال الشاعر/ السعيد عبد الكريم: يُحسَب لرانيا مسعود النفس السردي الطويل الذي قدَّمَت به العمل الروائي الأول لها، وإن اختلفنا معها في طريقة تقديمه، فإننا لا نختلف على تميز العمل وانفراده ودقة لغته وسلامتها.
   واستشهدَ الإعلامي الناقد/ السيد حسن بكثير من عبارات الرواية التي برعت فيها الكاتبة باستخدام اللغة الشاعرة عالية المستوى.
وعلَّقت الكاتبة/ إيمان حجازي على بعض من موضوعات الرواية، كما وجه كل من الروائي/ صلاح قابيل، والشاعر/ عبد السلام عبد النبي، والشاعرة/ هناء أمين أسئلتهم حول العمل وأجاب عنها باستفاضة كل من الشاعرين الناقدين السيد حسن والسعيد عبد الكريم.
اختتمت الندوة بتقديم بعض الأشعار شارك فيها الشاعر الفلسطيني الكبير/ سعيد الغول، والشاعر/ أسامة عيد والشاعران/ السعيد عبد الكريم والسيد حسن والشاعر المهندس/ مجدي علي.

ليست هناك تعليقات: