نورهان خليل
اتصال تلو الآخر، انتظار على الشبابيك حتى اللّيل، اطمئنان ومساعدة كلها وظائف تقوم بها الأم دون كلل أو ملل. و لكن يقابلها في بعض الأحيان تذمّر من فلذات كبدها. عذرهم موجود، فهم لا يرونها بالعين التي تراهم بها. عين الحنان و الإهتمام الكبير، إذا قررنا وصف ما تقوم به لن نكتفي بكتاب أو حتى موسوعة. إنها الأم الملاك الحارس.
يحاول أطفالها مكافأتها على ما قامت به، مهما حاولوا لن يستطيعوا أن يعيدوا جزءً حتى. في الأحرى هي لا تنتظر مقابل. ففطرة الأم خلقت مجبولة بصلصال العطاء.
إن مرضت، هنا تحلّ الكارثة. يشعر الإبن أنه مكبّل اليدين. عاجز، يريد أن يقطف لها نجوم السّماء و يأتي بالمستحيل.
وإن سلّمت أمانتها إلى بارئها، تكسر القلوب برحيلها. حينها يشعر طفلها أنه أصبح وحيداً في عالم مليء بالبشر. يبدأ بالبحث في وجوه الناس عن ذلك الحنان و تلك اليد الشافية مليّنة الصخر. تبدأ قشرته بالصلابة و يقسو كالصّوّان. فلم يعد لديه منبع للحنان أو مصدر قوة. مجبر أن تنبع قوته من أعماقه. ألم يقولوا بالهجرة عن الوطن أنها داء؟ جرّبوا هجران الأمّ -لا سمح الله- و اطلبوا ما شئتم إن عثرتم على الدواء.
صدّقوا أنّها حتى بعد رحيلها تبقى موجودة في حياة أطفالها على شكل أدعية مستجابة. تواسيهم عند حزنهم في أحلامهم، تكون الملاك الحارس الذي يرافقهم كل لحظة. قدّروا الأم و احموها فلا حياة من بعدها. وإن سئلتم عن الحب عندها اعرفوا أنه أصبح ملاك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق