مرثية الشاعر الأسباني "لوركا"
ترجمة: نورسين أشرف.
أنا لن أراه!
قل للقمر أن يأتي
لأني لا أريد أن أرى دم "إجناسيو"
على الرمال
أنا لن أراه!
القمر مشرع الأبواب
حصان الغيوم الراكدة
وحلبة الثور الرمادي مع الأحلام
وأشجار الصفصاف في البريرا
أنا لن أراه!
أشعلْ شمعة ذكراي!
أدفئ ياسمينَ
ذاك البياضِ الدقيق!
أنا لن أراه!
بقرة العالم العتيق
لعقت بلسانها
خرطوم الدم
المراقِِ على الرملِ
وثيران جويساندو
نصفها ميت، ونصفها حجر
أطلقت خوارها كفيلقين رومانيين
عاثا في الأرض فساداً
لا..
أنا لا أريد أن أراه!
أنا لن أراه!
"إجناسيو" صعد عالياً وحلق
رغم ثقل الموت على كتفيه
حلقَ قاصداً الفجر
ولكن الفجر لمن يكن هناك
هو يبحث عن صورته الواثقة
ولكن الحلم فاجأه
هو بحث عن جسده الجميل
ولكنه لاقى دمه المراق
أنا لن أراه!
أنا لا أريد أن أسمعه ينزف
وأسمع الصوت يخفّ ببطء
ذاك النزيف الذي يضيء
كراسي الحشود، ويتدفق
على الجلود المدبوغة والأقمشة المضلعة
للحشود العشطى
التي تدعوني الى الاقتراب!
لا تطلبوا مني أن أراه!
عيناه لم تغمضان
عندما رأى القرون تقرتب
ولكن الأمهات المرعبات
رفعن رؤسهن
وعبر الحقول
ريحُ أصواتٍ سريّةٍ ارتفعت
صارخةَ بالثيران السماوية
- رعاةِ الضبابِ الشاحب-
أنه لا يوجد أميرٌ في أشبيلية
يمكن أن يُقارنَ به
ولا يوجد سيفٌ كسيفه
ولا قلبٌ كقلبِه.
كنهرٍ من الليوث
كانت شجاعتُه الباهرة
وكتمثالِ رخام
كان اعتدالُه الصلب
هواء روما الأندلسية
طلى له رأسه
حيث كانت ابتسامته نرديناً
من الذكاء والظرف
ياله من مصارعٍ رائعٍ في الحلبة!
ياله من مزارع ماهرٍ في الجبال!
يالرقته حين يحمل الحزمة!
يالقسوته حين ينخس الحصان!
يالنعومتهِ عند الندى!
يالروعتهِ عند الاحتفال!
يالضخامتهِ حين رمى
آخرَ رماحِ الظلام!
ولكنه الآن ينام بلا نهاية.
الآن الطحالب والأعشاب
تفتح بأناملَ واثقة
زهرةَََ جمجمتِه
والآن دمه يتدفقُ مغنياً
مغنياً عبر الحقولِ
والمروج
متزحلقاً على القرونِ الباردة
متداعياً بلا روحٍ وسط السديم
متعثراً بين ألف حافر
مثل لسانٍ طويلٍ أسود حزين
ليشكلَ بركة لوعةٍ
قربَ نجماتِ نهرِ كواديلكويفير
آهٍ ياجدارَ أسبانيا الأبيض!
آهٍ ياثورَ الحزنِ الأسود!
آهٍ يادمَ أجناسيو الغالي!
آهٍ ياكلَ عندليبٍ في وريدِه!
لا..
أنا لن أراه!
لا كأسَ يمكنُ أن يحتويه
لا سنونوَ يمكنُ أن يشربَه
لا صقيعَ ضياء يطفيء نارَه
لا أغنيةً لا مطراً من الليلكِ الأبيض
لازجاجَ يغطيهِ بالفضةِ
لا..
أنا لن أراه!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق