البحراوى يهاجم ناقدا شهيرا ويتهمه بالنفاق
كتب وجدى الكومى
هاجم الناقد سيد البحراوى ناقدا مشهورا لم يصرح باسمه، وقال كيف يتم افتتاح هذا المؤتمر بمحاضرته التى قال فيها كلاما سبق وقلته منذ 30 عاما ويعود لتكراره الآن على أنه كلامه؟ وقال إن هذا الناقد دمر الحياة النقدية ودمر العديد من الأجيال من المبدعين والنقاد.
وأضاف: أعتقد أن النقاد المشاهير أصبحوا الآن تجار علم وليسوا علماء، وأصبحوا ينافقون ليأكلوا على كل الموائد، وأنا أحمل هذا الجيل الذى يتبوأ مقاعد الشهرة مسئولية إفساد الحركة النقدية الآن ومستقبلا، وإذا كان هناك جيل أو جيلان قد سقطا، فإن أجيالا قادمة سوف تنجو. أكرر أننى لست متشائما، وأراهن على الأجيال القادمة، وهذا الارتباك الفكرى والأخلاقى للنقاد، ليس بعيدا عن الارتباك الفكرى والأخلاقى للقادة والسياسيين.
جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت أمس الثلاثاء ضمن فعاليات المؤتمر الدولى للنقد الأدبى والواقع الثقافى، وأدارها الناقد الدكتور صلاح فضل وجمعت على المنصة بخلاف البحراوى بطرس حلاق وعبد الرحيم الكردى وسعد مصلوح.
وكان البحراوى قد افتتح حديثه بالإشارة إلى جرأة اختيار المؤتمر الذى اعتبره دعوة مباشرة لمحاسبة النقد الأدبى، وعقب الدكتور صلاح فضل على كلمة البحراوى قائلا: بدلا من أن يتهم بعضنا البعض، فأنا أرى أن لغة الاتهام ليست هى الأنسب على الإطلاق، وإنما قبول الاختلاف وفهم هذا الاختلاف فهما ودودا، وليس فهما عدائيا، لأن القبول يعنى أخذ موقف عدائى لغيرى، وليس ذنب الناقد الذى تتحدث عنه أنه قام بدور ما جعله أكثر شهرة، فمن الممكن أن أُقيم إسهاماته إن كان قد أسهم، أو تنازلاته إن كان قد تنازل.
وأشار فضل إلى أنه منذ نشأة الديكتاتوريات العسكرية التى نعيشها الآن، لم تتح الحرية للمثقف؟ بل تم محاصرته وللأسف حدث هذا التضييق بعدما حكمنا أنفسنا ونلنا الاستقلال، وأكد فضل أنه منذ أن نلنا استقلالنا، وابتلينا بهذا الهامش من الحرية جنبا إلى جنب إلى انتهاء عصر الموسوعات وابتداء عصر التخصص، أصبح هناك دارسون متخصصون، وتعددت مراكز الثقافة العربية، إذن تغير الأوضاع السياسية والاقتصادية، واعتبار المثقفين الذين يحاولون توسعة النقد الأدبى لتنفح النقد السياسى، فلابد من حصارهم، وعدم إتاحة الفرصة لهم، إلا بالقدر البسيط، وتحجيم أى نبرة حادة بألف وسيلة ووسيلة، وأكد فضل أن آليات التحجيم وسلب السلطة والتجاهل والتى يتعرض لها الناقد، لابد من أن تقلب النقاد إلى مناضلين بدلا من أن يخدشون وجوه البعض.
وعقب البحراوى على مداخلة الدكتور صلاح فضل مؤكدا على أن الناقد فى العصر الليبرالى كان مستقلا، وتبعيته ربما كانت لحزب أو لحكومة، أما بعد الحكم العسكرى، فقد أصبح مفروضا على الناقد أن ينتمى إلى الحكم الموجود، ومع ذلك كان هناك نقاد ضد الناصرية، وضد السادات، وما حدث بعد ذلك خطير، يفسر ما هو الوضع الذى نحن فيه الآن.
وقال البحراوى: الآن الناقد المشهور استدرج إلى سلطات متعددة، وليس سلطة بلده فقط، وإنما إلى سلطات عربية، وإلى المال النفطى الذى يعتبر "غسيل أموال" وبالتالى نتائجه فيمن يعطى وفيمن يأخذ سوف تكون خطيرة، جدا، وعدد كبير من النقاد استدرج للوقوع فى هذه المشكلة، وقال البحراوى: أنا لا أتهم أشخاصا، وإنما أتهم توجها أصبح مجرما، لأنه يدمر المبدعين والأجيال الجديدة منهم والنقاد، وما ذكرته اليوم من مثال كان فادحا ومستفزا، وأن يتبنى ناقد كلاما كتب ضده منذ 30 عاما ويعتبره كلامه، فهذا أمر غير مقبول.
وقال الدكتور أحمد درويش مقرر المؤتمر: علينا أن نتقبل كل أطراف الصراحة، من أن نقول إن النقد فَقَدَ موقعه على الخريطة، وهذا كلام يجعلنا نمتد ببصرنا أكثر، والمسافة التى تفصلنا عن المثقف العام مسألة مقلقة، والفوضى التى تجتاح حياتنا كلها، لدرجة أننا لا نعلم لماذا ننقد، فهل نعود مرة أخرى مع تحمس سيد البحراوى الذى اتهم جيلا بأكمله، وربما علينا أن نحس، وننقل الأحساس بأهميتنا إذا حضرنا أو غبنا، والطريق طويل ينبغى أن نتعاون فيه جميعا.
ويبدو أن الناقد بطرس حلاق قد فهم أن الدكتور جابر عصفور هو المقصود بهجوم "البحرواى" فقال: ما جاء به جابر عصفور فى محاضرة الصباح كان استكمالا لحديث سابق فى تونس معه، وقال: أكاد أوافق على كل ما قاله الناقد الدكتور جابر عصفور، إلا ما يرتبط بسلطة الناقد، لأنى أراها تطوح بنا فى دروب غير دروب النقد، وأضاف الحلاق أن وهم إعطاء الناقد سلطة شىء عبث ومضيعة للوقت، وليس فقط بسبب تضييق الفسحة الديموقراطية، وتضييق صيغة الفعل بسبب التخصص المجزء، ولكن لأسباب داخلنا، فما هو السبيل إلى القيام بعمل مفيد وملتزم للمجتمع؟ هل باستعادة ما قام به طه حسين والعقاد؟ بالعكس، بل هو بابتكار ما قاما به من جديد، ويحيلنا هذا إلى أن الناقد الأدبى له عمله ولا يمكن أن يقتصر على التحليل الميكانيكى.
فيما أشار عبد الرحيم الكردى إلى أن الناقد الآن أو الباحث يطبق "باترون مستورد" من الخارج، على الرواية الآن، وإذا حولت هذه الدراسة إلى رموز، فسوف نجدها متشابهة، وعندما ننظر للنقد فى هذه الحالة، سنجده بلا هدف، فهو شبيه بالذى يحلل الجثة بلا هدف، وإذا سألنا طه حسين "لماذا تحلل النص؟" يقول لمضاهاته بالمجتمع، وإذا سألنا العقاد لماذا تبحث فى هذه القصيدة، يقول: أبحث عن الحرية والنظام، إذن فهو يبحث عن قيمة إنسانية، وكذلك أمين الخولى الذى كان يبحث عن الخصوصية، وشكرى عياد أيضا كان يبحث عن القيم الإنسانية، وأكد الكردى أن النقد بهذه الحالة أصيب بالجفاف، وإذا أراد الباحث أن يستعين بالتراث، فإنه يستعين بالتراث البلاغى فى أسوأ صوره، ويأخذ القوالب التى تشبه الباترونات أيضا، وتصادر على ذوقه.
وعقب الدكتور السيد فضل، قائلا إن سعادتى بالغة بهذه المنصة لأنها دخلت فى صلب هذا المؤتمر، وأنا مؤمن بأن النقد الأدبى فى أزمة ويوشك أن يموت، ونحن فى مؤتمر أنصرف المشاركون، وانصرف حتى من كان لهم حق الجلوس على المنصة.
وأشار إلى أن طه حسين والعقاد كانا يتعاملان مع النقد الأدبى كجزء من الحياة الاجتماعية والسياسية، أما النقاد الآن فليس ذلك، وحتى طوق النقد الثقافى الذى كان من الممكن أن ينقذ النقد الأدبى، فالنقاد يتعاملون معه كما جاء منذ 30 سنة.
يذكر أن مؤتمر النقد الأدبى قد افتتح أمس بندوة للدكتور جابر عصفور، استعرض فيها تجربته مع النقد الأدبى، وهاجم فيها عدد من الروائيين الشعراء كفاروق جويدة، ودعا إلى إعادة مفهوم "القيمة" للنقد الأدبى، كما دعا النقاد إلى مواجهة ضعاف المستوى من المبدعين، قائلا: "يجب أن نقول للأعور أنت أعور فى عينه" وهذا ما أثار جدلا كبيرا فى الأوساط الثقافية والأدبية، امتدت لتشمل ندوات المؤتمر ذاته.
نقلا عن اليوم السابع
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=241801&SecID=94&IssueID=0
هاجم الناقد سيد البحراوى ناقدا مشهورا لم يصرح باسمه، وقال كيف يتم افتتاح هذا المؤتمر بمحاضرته التى قال فيها كلاما سبق وقلته منذ 30 عاما ويعود لتكراره الآن على أنه كلامه؟ وقال إن هذا الناقد دمر الحياة النقدية ودمر العديد من الأجيال من المبدعين والنقاد.
وأضاف: أعتقد أن النقاد المشاهير أصبحوا الآن تجار علم وليسوا علماء، وأصبحوا ينافقون ليأكلوا على كل الموائد، وأنا أحمل هذا الجيل الذى يتبوأ مقاعد الشهرة مسئولية إفساد الحركة النقدية الآن ومستقبلا، وإذا كان هناك جيل أو جيلان قد سقطا، فإن أجيالا قادمة سوف تنجو. أكرر أننى لست متشائما، وأراهن على الأجيال القادمة، وهذا الارتباك الفكرى والأخلاقى للنقاد، ليس بعيدا عن الارتباك الفكرى والأخلاقى للقادة والسياسيين.
جاء ذلك خلال الندوة التى عقدت أمس الثلاثاء ضمن فعاليات المؤتمر الدولى للنقد الأدبى والواقع الثقافى، وأدارها الناقد الدكتور صلاح فضل وجمعت على المنصة بخلاف البحراوى بطرس حلاق وعبد الرحيم الكردى وسعد مصلوح.
وكان البحراوى قد افتتح حديثه بالإشارة إلى جرأة اختيار المؤتمر الذى اعتبره دعوة مباشرة لمحاسبة النقد الأدبى، وعقب الدكتور صلاح فضل على كلمة البحراوى قائلا: بدلا من أن يتهم بعضنا البعض، فأنا أرى أن لغة الاتهام ليست هى الأنسب على الإطلاق، وإنما قبول الاختلاف وفهم هذا الاختلاف فهما ودودا، وليس فهما عدائيا، لأن القبول يعنى أخذ موقف عدائى لغيرى، وليس ذنب الناقد الذى تتحدث عنه أنه قام بدور ما جعله أكثر شهرة، فمن الممكن أن أُقيم إسهاماته إن كان قد أسهم، أو تنازلاته إن كان قد تنازل.
وأشار فضل إلى أنه منذ نشأة الديكتاتوريات العسكرية التى نعيشها الآن، لم تتح الحرية للمثقف؟ بل تم محاصرته وللأسف حدث هذا التضييق بعدما حكمنا أنفسنا ونلنا الاستقلال، وأكد فضل أنه منذ أن نلنا استقلالنا، وابتلينا بهذا الهامش من الحرية جنبا إلى جنب إلى انتهاء عصر الموسوعات وابتداء عصر التخصص، أصبح هناك دارسون متخصصون، وتعددت مراكز الثقافة العربية، إذن تغير الأوضاع السياسية والاقتصادية، واعتبار المثقفين الذين يحاولون توسعة النقد الأدبى لتنفح النقد السياسى، فلابد من حصارهم، وعدم إتاحة الفرصة لهم، إلا بالقدر البسيط، وتحجيم أى نبرة حادة بألف وسيلة ووسيلة، وأكد فضل أن آليات التحجيم وسلب السلطة والتجاهل والتى يتعرض لها الناقد، لابد من أن تقلب النقاد إلى مناضلين بدلا من أن يخدشون وجوه البعض.
وعقب البحراوى على مداخلة الدكتور صلاح فضل مؤكدا على أن الناقد فى العصر الليبرالى كان مستقلا، وتبعيته ربما كانت لحزب أو لحكومة، أما بعد الحكم العسكرى، فقد أصبح مفروضا على الناقد أن ينتمى إلى الحكم الموجود، ومع ذلك كان هناك نقاد ضد الناصرية، وضد السادات، وما حدث بعد ذلك خطير، يفسر ما هو الوضع الذى نحن فيه الآن.
وقال البحراوى: الآن الناقد المشهور استدرج إلى سلطات متعددة، وليس سلطة بلده فقط، وإنما إلى سلطات عربية، وإلى المال النفطى الذى يعتبر "غسيل أموال" وبالتالى نتائجه فيمن يعطى وفيمن يأخذ سوف تكون خطيرة، جدا، وعدد كبير من النقاد استدرج للوقوع فى هذه المشكلة، وقال البحراوى: أنا لا أتهم أشخاصا، وإنما أتهم توجها أصبح مجرما، لأنه يدمر المبدعين والأجيال الجديدة منهم والنقاد، وما ذكرته اليوم من مثال كان فادحا ومستفزا، وأن يتبنى ناقد كلاما كتب ضده منذ 30 عاما ويعتبره كلامه، فهذا أمر غير مقبول.
وقال الدكتور أحمد درويش مقرر المؤتمر: علينا أن نتقبل كل أطراف الصراحة، من أن نقول إن النقد فَقَدَ موقعه على الخريطة، وهذا كلام يجعلنا نمتد ببصرنا أكثر، والمسافة التى تفصلنا عن المثقف العام مسألة مقلقة، والفوضى التى تجتاح حياتنا كلها، لدرجة أننا لا نعلم لماذا ننقد، فهل نعود مرة أخرى مع تحمس سيد البحراوى الذى اتهم جيلا بأكمله، وربما علينا أن نحس، وننقل الأحساس بأهميتنا إذا حضرنا أو غبنا، والطريق طويل ينبغى أن نتعاون فيه جميعا.
ويبدو أن الناقد بطرس حلاق قد فهم أن الدكتور جابر عصفور هو المقصود بهجوم "البحرواى" فقال: ما جاء به جابر عصفور فى محاضرة الصباح كان استكمالا لحديث سابق فى تونس معه، وقال: أكاد أوافق على كل ما قاله الناقد الدكتور جابر عصفور، إلا ما يرتبط بسلطة الناقد، لأنى أراها تطوح بنا فى دروب غير دروب النقد، وأضاف الحلاق أن وهم إعطاء الناقد سلطة شىء عبث ومضيعة للوقت، وليس فقط بسبب تضييق الفسحة الديموقراطية، وتضييق صيغة الفعل بسبب التخصص المجزء، ولكن لأسباب داخلنا، فما هو السبيل إلى القيام بعمل مفيد وملتزم للمجتمع؟ هل باستعادة ما قام به طه حسين والعقاد؟ بالعكس، بل هو بابتكار ما قاما به من جديد، ويحيلنا هذا إلى أن الناقد الأدبى له عمله ولا يمكن أن يقتصر على التحليل الميكانيكى.
فيما أشار عبد الرحيم الكردى إلى أن الناقد الآن أو الباحث يطبق "باترون مستورد" من الخارج، على الرواية الآن، وإذا حولت هذه الدراسة إلى رموز، فسوف نجدها متشابهة، وعندما ننظر للنقد فى هذه الحالة، سنجده بلا هدف، فهو شبيه بالذى يحلل الجثة بلا هدف، وإذا سألنا طه حسين "لماذا تحلل النص؟" يقول لمضاهاته بالمجتمع، وإذا سألنا العقاد لماذا تبحث فى هذه القصيدة، يقول: أبحث عن الحرية والنظام، إذن فهو يبحث عن قيمة إنسانية، وكذلك أمين الخولى الذى كان يبحث عن الخصوصية، وشكرى عياد أيضا كان يبحث عن القيم الإنسانية، وأكد الكردى أن النقد بهذه الحالة أصيب بالجفاف، وإذا أراد الباحث أن يستعين بالتراث، فإنه يستعين بالتراث البلاغى فى أسوأ صوره، ويأخذ القوالب التى تشبه الباترونات أيضا، وتصادر على ذوقه.
وعقب الدكتور السيد فضل، قائلا إن سعادتى بالغة بهذه المنصة لأنها دخلت فى صلب هذا المؤتمر، وأنا مؤمن بأن النقد الأدبى فى أزمة ويوشك أن يموت، ونحن فى مؤتمر أنصرف المشاركون، وانصرف حتى من كان لهم حق الجلوس على المنصة.
وأشار إلى أن طه حسين والعقاد كانا يتعاملان مع النقد الأدبى كجزء من الحياة الاجتماعية والسياسية، أما النقاد الآن فليس ذلك، وحتى طوق النقد الثقافى الذى كان من الممكن أن ينقذ النقد الأدبى، فالنقاد يتعاملون معه كما جاء منذ 30 سنة.
يذكر أن مؤتمر النقد الأدبى قد افتتح أمس بندوة للدكتور جابر عصفور، استعرض فيها تجربته مع النقد الأدبى، وهاجم فيها عدد من الروائيين الشعراء كفاروق جويدة، ودعا إلى إعادة مفهوم "القيمة" للنقد الأدبى، كما دعا النقاد إلى مواجهة ضعاف المستوى من المبدعين، قائلا: "يجب أن نقول للأعور أنت أعور فى عينه" وهذا ما أثار جدلا كبيرا فى الأوساط الثقافية والأدبية، امتدت لتشمل ندوات المؤتمر ذاته.
نقلا عن اليوم السابع
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=241801&SecID=94&IssueID=0
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق