2010/12/25

هويدا صالح تكتب لليوم السابع عن فضائح ويكليكس وكلينكس "الغيطانى"


"فضائح ويكليكس وكلينكس "الغيطانى"
هويدا صالح
"إن عصر تولى فاروق حسنى للثقافة لا يقل خطرا على مصر من نكسة 1967" تلك كانت كلمات الكاتب الكبير جمال الغيطانى وهو يقارن بين مجىء فاروق حسنى لوزارة الثقافة وبين نكسة 67، حيث انتكست الأوضاع الثقافية بمصر منذ توليه، الأمر الذى – بحسب الغيطانى- أتاح الفرصة للتيارات الظلامية لتنتشر بالشوارع، وهكذا رأى الكاتب الكبير أن صرح وزارة الثقافة أصبح يمثل وسيلة للربح، بل وتمنى الغيطانى ألا يكون لدينا وزارة للثقافة من الأساس.. هذه المقارنة عقدها الكاتب الكبير جمال الغيطانى حين بدأ معركته الشرسة مع وزير الثقافة فى نهايات القرن الماضى، على صفحات جريدته المتخصصة "أخبار الأدب"، منذ ما يزيد عن ثلاثة عشر عاما قضاها جمال الغيطانى فى حرب مستعرة من خلال عموده الأسبوعى "نقطة عبور" ومن خلال التحقيقات الصحفية التى يحررها صحفيو أخبار الأدب، ويكشفون من خلالها فساد وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للآثار، يكشفون المسكوت عنه، ويؤلبون النخبة المثقفة التى هى القارئ الافتراضى لجريدة متخصصة، قارؤها نخبوى متخصص.

وقد كان الوسط الثقافى يعرف بعلاقة الصداقة التى كانت تجمع الوزير الفنان ـ بحسب وصف الغيطانى له ـ وبين الكاتب الكبير، ولكن لا أحد يعرف على وجه الدقة سبب تلك الحرب التى استمرت منذ نهاية فترة التسيعنيات وحتى بداية ترشح الوزير لرئاسة اليونسكو فى عام 2009. حتى الوزير نفسه لم يكن يعرف حسبما صرّح لمهدى مصطفى ومحمد حبوشة فى 2007، فى حوار خاص جاء فيه: "ذكرت ضمن أصدقائك جمال الغيطانى من قبل الوزاره لماذا كانت المعركة الدائمه بينكما بعد ذلك؟

"لا تسألنى أنا‏,‏ بل اسأله هو‏,‏ فليس لدى معلومات‏,‏ وأنا لم أبدأ أى معركة معه أو مع غيره"‏.‏

‏‏ كان الغيطانى واحدا من الذين أطلقوا عليك الوزير الفنان فى الصحافة المصرية؟
"أريد أن أقول لك شيئا‏,‏ ليس لدى أى شىء ضد أى أحد‏,‏ لأننى لست موظفا فى وظيفة قطاع خاص‏,‏ أنا جئت لأحتل وظيفة خدمية قومية‏,‏ لكل المجتمع المصرى‏,‏ للذين معى والذين ضدى‏,‏ وبالمناسبة، أنا غير مستنكف لما يقوم به الغيطانى إطلاقا‏,‏ وأرجو أن تصدقنى أن ذلك جزء من اللعبة الثقافية,‏ لأن الأمر كان سيصبح ثقيلا لو أن كل شىء صار جميلا وغير ناقص‏,‏ وفى النهاية هو له رأى ونحن لنا رأى‏".

إذن المعركة الضارية التى شنها الكاتب الكبير ضد الوزير الفنان كانت لعبة، أو جزء من اللعبة، لم تكن قضية قومية يدافع فيها الكاتب الكبير وتلاميذه عن آثار البلد، أو ثقافتها، أو مالها العام الذى يتم إهداره بوجوه متعددة، بل كان لعبة لتحريك المشهد الثقافى، بالطبع لم يهم أحد من أطراف اللعبة البسطاء والساذجين أمثالنا والذين يغضبون لهذا الوطن، لم يهمهم أن نشعر بالإحباط والقرف لأن على رأس وزارتنا فاسد وإدارته فاسدة، كما دأب الغيطانى على أن يؤكد لقرائه، لم يهم أحد أن تُستغل جريدة قومية ينفق عليها من أموال الدولة المصرية فى لعبة أو حتى عداوة شخصية من صديق انقلب إلى عدو لكاتب وصحفى كبير.

ولم يكتف الغيطانى فى معركته بصفحات جريدة "أخبار الأدب" بل أصدر كتابا بعنوان «حكايات المؤسسة»، على شكل هجاء طويل لشخصيات وأحداث وقعت فى المؤسسة الصحفية التى يعمل فيها، كما طالت معركته مع وزير الثقافة فاروق حسنى، حتى أن أعداء الغيطانى وقتها رأوا أن كل ذلك "معركة شخصية". فهل الفساد فى المؤسسة أم فى الشخص الذى يديرها؟ يجيب: "فى مصر المؤسسة هى الشخص الذى يديرها. أغلب مؤسسات مصر تخضع للشخصنة، وهى فكرة مملوكية أساساً"، انتهت المعركة/اللعبة بينهما وتم الصلح دون أن نعرف أيضا لماذا تمّ الصلح، وهل تمام الصلح بين الرجلين معناه أن الحال انصلح فى وزارة الثقافة، ولم يعد فيها فساد يؤرق الكاتب الكبير، ولم تعد أموال العامة يضيعها الوزير وموظفوه؟

هل تمام الصلح الذى لا نعرف سببه جعل الكاتب الكبير يغض الطرف عن كل مشاكل وزارة الثقافة؟ ويجعله يصرح لموقع اليوم السابع فى يوم 3 ديسمبر 2010 بأن ما ورد فى موقع "ويكليكس" الإلكترونى والذى جاء فيه أن السفيرة الأمريكية بالقاهرة مارجريت سكوبى أرسلت خطابا للخارجية الأمريكية تطالبها بالوقوف ضد فوز فاروق حسنى المرشح المصرى فى انتخابات اليونسكو، جعله يرى أن "الوثيقة، أثبتت وطنية الوزير وموقفه المشرف وجاءت بمثابة شهادة إيجابية فى حقه. وأكد الغيطانى، أن الوثيقة لم تمثل مفاجأة بالنسبة له خاصة وأنه كان يعلم بأمر رسالة سكوبى لكيلنتون منذ أن أرسلتها، مشيرا إلى أن هذه الوثيقة أكدت أنه حيل بين حسنى وبين هذا المنصب قصدا، وأن هناك ضغوطا كثيرة مورست عليه من أجل إقصائه من هذا المنصب".

وهنا يتبادر لذهن العارفين ببواطن الأمور، الخبثاء أمثالى وأمثال القارئ المتعود على فكر المؤامرة، وأن لا شىء يتم فى مصر من قبيل المصادفة، يتبادر سؤال جوهرى من أين علمت يا كاتبنا الكبير بأمر الوثيقة، وثيقة سكوبى لكلنتون منذ أرسلتها ؟! سأكتفى بعلامة استفهام كبيرة، وعلامة تعجب أكبر، فحتما أنت رجل فوق الشبهات برأينا المتواضع، وصدمة كبيرة لنا أن نفهم أن لك علاقة بسكوبى أو بالمخابرات الأمريكية أو السفارة الأمريكية فى القاهرة يجعلك تعرف بأمر الوثيقة حال صدورها، ستكون كارثة الكوارث لو صدقنا نحن البسطاء أن رموزنا المدافعين عن الوطنية والقومية والعروبة لهم علاقة بالأمريكان أيا كانت شكل العلاقة.
أنا واحدة من حواريك يا عم جمال، وتربت ذائقتى الثقافية والإبداعية على أدبك، وثقت فى كل القضايا التى تثيرها فى "نقطة عبور"، وشعرت بالغضب حين كنت تفجر القضايا التى تدين وزير الثقافة وموظفيه، وتندد بآثار مصر التى يضيعها الوزير الفنان، غضبت معك ولعنت الفساد طوال ما يقارب العقد والنصف، وبكيت على شهداء مسرح بنى سويف من المثقفين والمسرحيين، وحزنت لضياع وحريق المسافر خانة، وصدقت تماما أنك تريد خير هذا الوطن وتسعى للكشف عن الفساد وتحاربه، والآن بعد كل هذا التصديق وهذه المعارك من حقى أن أحاسبك.

لماذا شننت هذه الحرب إذا كان الوزير نزيها وبريئا برأيك؟ أذكر أنك شككت فى وطنية الوزير قبل عقد الصلح المشبوه معه، ونفيت عنه أحقية وجدارة أن يترشح لليونسكو، هل أذكرك بتصريحك لموقع إسلام أون لاين فى 31 مارس 2009؟ لقد قلت "فاروق حسنى ظل لسنوات يعلن أنه ضد التطبيع، ثم نفاجأ بحديث طويل لصحيفة إسرائيلية، ولكن إذا لم يكن هذا تطبيعا كاملا فماذا يكون التطبيع إذن، وأضفت ـ بحسب إسلام أون لاين ـ أن حلم اليونسكو يتطلب شروطا أكبر كثيرا من إرضاء إسرائيل أهمها أن يكون المرشح صاحب نشاط فى مجالات التربية والتعليم والثقافة، ومجال إحلال السلام" وهذه الصفات نفيتها عن الوزير الفنان.

والآن بعد توريط القارئ فى معاركك الخاصة، وتصديق كل فضائح الوزير، سواء كانت حقيقية أو مبالغ فيها أو حتى مفبركة لمدة سنوات كما أشرت أليس من حقنا أن نتساءل أيها الكاتب الكبير هل فعلا مجرد سطر أو سطرين فى وثائق الفضائح الأشهر (ويكليكس) تحول موقفك تماما، وأصبحت تؤمن ببراءة الوزير؟! وأين كل الفساد السابق الذى نبشت فيه وفاحت رائحته تزكم الأنوف وتملأ القلوب غضبا على وزارة فاسدة بحسب وصفك لها؟!.

هل بضع كلمات فى وثيقة "ويكليكس" تجعلك تمسك بمنديل كلينكس وتمسح كل اتهاماتك، وتنكر كل الفساد الذى نددت به لعشر سنوات ونيف؟!
نقلا عن اليوم السابع

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

الحمد لله ياربي ....أن أبعدتنا وحصنتنا من مثل هذه التفاهات والاطماع الرخيصة ....شكرا لك ياعظيم ...د محمد صالح رشيد/ العراق