2010/12/22

قاسم مسعد عليوة يوجه بيانا إلى أدباء مصر

مؤتمر أدباء مصر
 الدورة الخامسة والعشرين
                 ـــــــ

مؤتمرنا مؤسسة لها شخصيتها الاعتبارية
دعوة للمناقشة

قاسم مسعد عليوة

الأحبة أدباء مصر..

     ولد مؤتمر أدباء مصر ليبقى وينمو ويعيش، وعلى الرغم من أن أصواتاً تنادت لإنهاء حياته بدعوى استنفاده لأغراضه، وأخرى دعت إلى إبطاء نموه بتوسيع المدى الزمنى بين دوراته، وأخيرة كادت تنجح فى خلط أهدافه بأهداف مؤتمرات غير أدبية، لكن بالتفافكم حوله وذودكم عنه، أبطلتم تأثيرات هذه الأصوات الماسة بكيانه، المهددة لمستقبله، لأنكم تعلمون علم اليقين أن حاجات الحركة الأدبية فى تنام مستمر، وأن إشباعها لا يتحقق بغير الأداء المنظم، وأن مؤتمركم هذا واحد من أهم الأشكال التنظيمية التى تسهم فى إشباع هذه الحاجات.

     لقد أصبح هذا المؤتمر بنبل أهدافه، واكتمال هيئاته، وانتظام أعماله، ظاهرة لا مثيل لها فى مصر والشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، وربما فى العالم بأسره، وإلا فدلونى على بلد أقام أدباؤه مؤتمراً لهم استمر لخمس وعشرين دورة  وسلخ سبعةً وعشرين عاماً من عمر الزمان.

     وأسجل هنا لوزارة الثقافة، التى تشرف على المؤتمر وتدعمه، وللهيئة العامة لقصور الثقافة ـ الامتداد القانونى لجهاز الثقافة الجماهيرية ـ التى ترعاه وتنظمه، كل تقدير واحترام، فمع تعاقب وزراء الثقافة وقيادىّ الجهاز والهيئة، فإن وزيراً أو قيادياً واحداً لم يسع إلى عرقلة انعقاد دورات المؤتمر، أو المساس باستقلالية أدائه، أو نزاهة انتخاباته الداخلية؛ ومع هذا فمستقبل المؤتمر ـ وهذه حقيقة ـ ما زال مرهوناً ليس فقط بمواقف وزراء الثقافة ورؤساء الهيئة العامة لقصور الثقافة، وبمدى إيمانهم أو عدم إيمانهم بأهميته وجدواه، وإنما أيضاً بالمستجدات والطوارئ الخارجة عن نطاق الهيئة المنظمة والوزارة المشرفة؛ فما من نص قانونى يوجب الانعقاد الدورى لهذا المؤتمر؛ وهذا فى حد ذاته خطر كبير على مستقبله. نعم، صحيح  أن المؤتمر قد تجذر فى تربة الحقل الثقافى المصرى، لكن من الصحيح أيضاً أن اقتلاع هذه الجذور أمر ممكن إن امتدت إليها أيدى الباطشين أياً كانت مواقعهم.

     لذا، فإننى أكرر دعوتى لأدباء مصرلبذل الجهد من أجل تحويل مؤتمرهم إلى مؤسسة ذات شخصية اعتبارية. لقد التف نفر مخلص منكم حول هذه الدعوة، ومن أجل الشروع فى تأسيس المؤسسة التى تحمل اسمه عقد هذا النفر اجتماعاً بقصر ثقافة مصر الجديدة منذ سنوات، اقترح أثناؤه إنشاء جمعية أهلية تضطلع بمهمة الحفاظ على المؤتمر، لكن المحاولة لم تكلل بالنجاح. وزير الثقافة نفسه، الفنان فارق حسنى، صرح غير مرة بأن هذا المؤتمر ما هو إلا مؤسسة، لكن إجراءً قانونياً يصدر به تشريع من مجلس الشعب، أو قرار من رئيس الجمهورية؛ أو لائحياً يصدر به قرار من رئيس مجلس الوزراء أو الوزير، لم يتخذ ولم يعلن عن النية فى اتخاذه.

الأحبة أدباء مصر..
 
     ما من ضمانة حقيقية لاستمرار هذا المؤتمر سوى تحويله إلى مؤسسة لها شخصيتها الاعتبارية؛ والوصول إلى هذه الموسسة لن يتحقق بغير أحد طريقين، أحدهما خاص والآخر عام.

     فأما الطريق الخاص فلا يتم  ارتياده إلا بالعمل الأهلى، نعم فشل النفر الذى مشى فوق هذا الطريق وحاول أن ينشئ جمعية أهلية قوامها أعضاء المؤتمر لأسباب منها ما هو تنظيمى ومنها ما هو تمويلى، بالإضافة إلى أن جهة الإشراف ـ وما من مؤسسة فى مصر إلا تخضع لجهة إشراف ـ ستكون لوزارة الضمان الاجتماعى؛ لكنه مع هذا يظل خياراً مفتوحاً لمحاولات أخرى تتأسس على الدروس المستفادة من التجربة القديمة.   

     وأما الطريق العام فيستلزم هيكلاً تنظيمياً لا يكتسب شخصيته الاعتبارية إلا بقانون أو قرار دونهما جهود وأية جهود. إن تحويل مؤتمركم الظاهرة إلى مؤسسة عامة ذات شخصية اعتبارية إنما يرتكز على عدد من المقومات منها أن:
·        الأدباء هم من يصوغون منظومة القيم والذائقة الجمالية فى الدولة، ومن ثم فإنهم إنما يؤدون عملاً عاماً.
·   الأدباء يمثلون قطاعاً شعبياً يمول، بضرائبه المباشرة وغير المباشرة، الموارد العامة للدولة؛ ومن ثم فإن من حقهم الحصول على قدر من الإنفاق العام بتمويل مؤسستهم هذه.
·   استمرار الإشراف على المؤتمر لسبعة وعشرين عاماً ( خمس وعشرين دورة) من قبل وزارة الثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة يضمن استمرار إشرافهما وعدم تحويل هذا الإشراف إلى جهة غير معنية بالشأن الثقافى.
·        مخرجات المؤتمر باتت تمثل مدخلاً من مدخلات صانع القرار الثقافى العام.

     أضع الأمر برمته بين أيديكم فى هذه المرحلة المفصلية من مراحل حياة المؤتمر، وأدعوكم لمناقشته بالكيفيات التى ترونها، والأمر فى البداية والنهاية هو أمركم.

تحريراً فى 21 ديسمبر 2010م.
قاسم مسعد عليوة

ليست هناك تعليقات: