قراءة
مضادّة في رواية " أَعْشَقُنِي"
للأديبة د.سناء الشّعلان
بقلم الأديب الناقد:
عباس داخل حسن
Tampere-Finland
" إنّ لفي وسع النّقد،بالضّبط عبر
اعترافه بأنّه لغة وحسب " الصّورة أكثر دقّة لغةً ورائيّةً" أن يكون
بمفارقة ضدّيّة،لكن بأصالة،موضوعيّاًوذاتيّاً،تاريخيّاً ووجوديّاً،كلياتيّاً وتحرريّاً؛فاللّغة
التي يختارها النّاقد أن يتحدّث بها ليست هدية السّماء، بل هي واحدة من عدد من اللّغات
التي يقدّمها موقعة في الزّمن وهي موضوعيّاً،المرحلة الأخيرة من تطوّر تاريخيّ
للمعرفة والأفكار والشّبوبات الفكريّة أنّها ضرورة،ومن جهة أخرى فإنّ كلّ ناقد
يختار هذه اللّغة الضّروريّة تبعاً لنسق وجوديّ ما ،بوصفه وسيلة لممارسة وظيفة أدائيّة
فكريّة تخصّه وحده واضعاً في هذه العمليّة ذاته الأعمق،أيّ تفضيلاته ومتعة مقاومته،وأشكال
هوسه،وبهذه الطّريقة يحتوي العمل النّقديّ ضمن ذاته على حوار بين موقعين تاريخيين
وذاتيتين اثنتيين،موقع المؤلّف وذاتيته،وموقع النّاقد وذاتيته،لكن هذا الحوار يكشف
تحيّزاً كاملاًنحو الحاضر؛فالنّقد ليس تحية اجلال تؤدى لحقيقة الماضي أو لحقيقة
الحاضر الاخر،بل هو نظم لذلك الجلي المدرك في زمننا نحن"(2)
"أَعْشَقُنِي"
رواية عشق وحب مجوسيّ ؛ " أنا أحبّ إذن أنا موجود" وخيال علمي في آن معاً،
تقع أحداثها زمنيّاً في الألفية الرّابعة،وفي مكان لازال العلم يحثّ الخطى لسبر أغواره بالوصول إليه لاستيطانه،فتستبقهم
الرّوائيّة سناء الشّعلان بخيالها بأن تمسح درب التّبانة،ويعيش العاشق المتحوّل
جنسيّاً في أحد كواكبه بعد الخلاص من ستّة حروب كونيّة اقتلعت الإنسان من الأرض
التي نعيش عليها باستدعائها بعداً كونيّاً
خامساً كما تعرفه ببعد الحبّ بعد أن تعبت البشريّة من سلطة الكراهيّة والحروب التي قضت على أحلامها
وآمالها وخلّفت الدّمار والظّلم.
إنّ
رواية "أَعْشَقُنِي" رواية إشكاليّة بمعنى الكلمة منذ العنوان الأوّل
الرّكن الأساسيّ للعمل السّرديّ وعلاقته التّرابطيّة مع النّصّ السّرديّ.وهذا أوقع كثير من القراء والنّقاد في الايهام المقصود من
لدن الرّوائيّة لاثارة مخيلة القارئ،وإدخاله في متاهة المعنى مصرّاً على مواصلة
تيهه اللّذيذ؛فبدأ يفتشّ عن عائديّة الفعل
" أَعْشَقُنِي" المرهون بالنّطق والسّماع مثيراً السّؤال عند المتلقي
هل "أَعْشَقُنِي" عائد
"للأنا" السّاردة المتخفيّة وراء النّصّ " الكاتبة" أم
"لأنا" بطل أو بطلة الرّواية . إنّها متاهة تثير المتعة
وتستفز المخيّلة في البحث عن دلالات " أَعْشَقُنِي" ،ومن هنا تنشأ
"خيبة الانتظار"/ أفق انتظار القارئ " المتلقّي " ،ويسمّى هذا
الفارق بين كتابة المؤلف وأفق انتظار القارئ بالمسافة الجماليّة وفق "ياوس" التي عرّفها بالبعد القائم بين ظهور الأثر الأدبيّ
نفسه وافق انتظاره عند القارئ منذ المدخل الأوّل " العنوان" وأنّ طبيعة القراءة وآلية التّأويل التي تسعى
للوصول للفهم وفق مدارك القارئ " الفهم يتضمّن دائماً بداية التّفسير،أيّ التّفسير
صياغة المعنى تدمج الإدراك أيضاً" (3)
"والقارئ حرّ في فتح العمليّة الدّلاليّة
للنّصّ،وإغلاقها دون أيّ اعتبار للمدلول في سبيل نيل لذاته من النّصّ،وعلى نحو
يكون فية قادراً على خلق سياقات مؤتلفة ومختلفة،وعلى شاكلة أن تكون فيها كلّ قراءة
بمثابة تحدّ لذاكرة القارئ الذي يتابع حين يشاء تقلّبات الدّال،وهو ينساب مراوغا
لقبضة المدلول لأنّه قارئ يملك مطلق الحريّة لربط النّصّ بانساق من المعنى في
منتهى اللّذة والمتعة،الأمر الذي يمكّنه في إعادة انتاج المعنى " (4) .
وإنّ القراءة النقديّة لأي عمل أدبيّ تسعى في
الكشف عن الأبعاد الجماليّة ورصدها معتمدة على رصيد القارئ" النّاقد"
ومعرفته السّيوسولوجيّة والثّقافيّة وإطلاعه على المدارس النقديّة المختلفة لكسر
احتكار النّقد بالمعنى،بل أصبح القارئ مكمّلاً في الصّنعة الخيالية للنّصّ من خلال
رصيده المعرفي و"نزاهته الجماليّة".
إذن نحن في إزاء عنوان إشكاليّ مبني على التّلغيز الذي
يثير فضول القارئ في تتبّعه للوصول الى المعنى الكامن لغويّاً فيه؛لأنّه
عنوان إيحائيّ متعدّد الانتساب،وعلينا تفكيكه من خلال قراءة الرّواية،هذه لعبة
ذكية بامتياز فرضته الرّوائيّة "العنوان "،وأجبرتنا على الدّخول إلى المفتتحات
الدّاخليّة للرّواية التي نكتشف أنّها رواية خيال علميّ،لكنّها بذات الوقت رواية
حبّ رومانسيّ من الطّراز الأوّل،وهي مكتوبة بلغة شاعريّة فيها انزياحيّة واسعة من
المجاز والرّمزيّة والاثارة،وهذه إشكاليّة أخرى نقف إزاءها؛لأنّها تتطّلب حضور لغة
معجميّة معروفة عند القرّاء بالخبرة العامّة
للعلوم الطّبيعة الفيزيائيّة والطّبية وبديهيات الزّمن التي شكّلت نزعاً
حدثيّاً ورؤيّاً في الرّواية في الزّمان والمكان،وشكّل العنوان عنصراً مشوّقاً يهدّد
القارئ بالتّشويش "فالتشويق إذن" لعب مع البنية ، ولأنّه كذلك فمقدور له
أن يخاطر بها،وأن يمجّدها- إن جاز القول- فهو توتّر حقيقيّ للمدرك، وهو إذن يمثّل النّظام في هشاشته،وليس السّلسلة،فإنّه
يتمّم فكرة اللّغة نفسها،فيما يبدو مثيراً للعاطفة أكثرو،هو الأمر الذي يبدو أكثر
فكراً؛فالتشويق إنّما يأخذ بتلابيب الذّهن"(5)،وهكذا مسكت الرّوائيّة بذهن القارئ
وتلابيبه بغض النّظر عن التّأويل المتولّد لـ فعل "أَعْشَقُنِي " رأس النّصّ
المسرود ودلالته المتنافرة كفعل يتلاعب بالقارئ،لكنّه عشق ليس نرجسيّاً؛لأنّه من أجل
آخر أعدم من الوجود الماديّ،ليظهر في الوجود النّفسيّ والشّعوريّ كما نعرف لاحقاً
في أحداث الرّواية ليس كعشق "نكوريسس- نرجس" الذي يلقي نفسه في النّهر
بعد أن شاهد صورته كما أخبرتنا الأسطورة الأغريقيّة .
وقد نجحت السّاردة بطريقة أو بأخرى بترقيق اللّغة
وشعرنتها دون إرباك بنية المحكي آخذة بالحسبان الحفاظ على المصطلحات العلميّة،علماً
بأنّ النّصّ العلميّ مظهر من مظاهر العقل والنّصّ الأدبيّ السّرديّ مظهر من مظاهر
العاطفة، كما أنّ النّصّ العلميّ أساسه محتوى الموضوع،في حين النّصّ الأدبيّ أساسه
شكل الموضوع،وهذه الأشكاليّة التي حلّتها سناء الشّعلان باللّغة،ونجحت فيها من
خلال تمكّنها اللّغويّ وأسلوبها المشوّق،وأنّ اللّغة وسيلة في انتاج المعنى وتفجير
طاقاتها الايحائية والدّلاليّة لخلق الصّورة السّرديّة بغية الوصول إلى أعلى تعبير
عن الفكرة والانفعال الجماليّ وترسيخ الخطاب الخياليّ للرّواية،وهي تعرض عليه مرآة
بنيتها الخاصّة لتؤكّد أنّ السّرد بوصفه أدباً يصنع لغة من شروط اللّغة نفسها بوصفها
أداة تخيليّة .
الذّات
عينها كآخر:
من خلال تحوّل بطل الرّواية الى كائن مزدوج
الجنس "يعشق" نفسه "ذاته" يظهر جلياً لنا دياتلتيك الوجود
والعدم للذّات والآخر الذي لايتحقّق إلاّ بوجود أنا أخرى،وهذا التّناقض الظّاهري
لـ أَعْشَقُنِي يدخلنا في مسألة فلسفيّة للأنا أو الذّات والآخر،وهي كاحتجاج على
الواقع الهمجيّ لقتل بطلة الرّواية في حقيقة الأمر أنّ "أنا" البطل هي
مثلت عينها كآخر لإحضار الوجود بكامله التّعالقيّ مع الذّوات "بين وجود الإنسان
بوصفه حرّاً،فلا يتعلّق الأمر هنا بمواجهة مسألة لايمكن علاجها علاجاً مستقصى إلاّ
على ضوء إيضاح دقيق للوجود الإنسانيّ،بل
علينا أن نعالج الحرّيّة في ارتباطها بمشكلة العدم وبالقدر الدّقيق الذي به تكون
شرطاً لظهوره"(6)؛فموت البطلة بقي متّصلاً شعوريّاً كذات حاضرة بعشيقها الذي
يحمل بجنينها بعملية طبيّة .
إنّ الوعي
بدلالات النّصّ وتأويلها" والبحث عن المعنى القصديّ الذي يخفيه المؤلّف
في مكان ما من نصّه .لذلك فقد احتضن التّأويل اتّجاهاته الفلسفيّة والأدبيّة الذّاتيّة
والشّخصانيّة الظّاهرانيّة التي تهتمّ بذوات المؤلّفين في محاولاتهم لترميم
المعاني الكامنة ضمناً في نصوصهم،غير أنّ هذا التّأويل تعدّد وانقسم."(7)
هذا ما ما فعلته رواية "أَعْشَقُنِي"
في تفعيل ما وراء التّأويل وضدّ التّأويل وتأويل التّأويل" بمعانيه اللّغويّة
والنّصّية والتّشريعيّة،ومتاهة "أَعْشَقُنِي" الأخرى هي البحث في عوالمها
ومساراتها الزّمانية والمكانيّة والوجوديّة كلّ هذه العوالم بنتها الرّوائيّة
بواسطة خيال علميّ استشرافيّ لايمكن انكاره،مثلما إعدمت الإحساس بالواقع المادي
لتوجده سرديّاً،؛لنعيش إشراقات ذهنيّة تبدو أكثر بعداً عن الخيال المحض،وأقرب إلى
التّفكير العلميّ المنظّم للمنهجيّة بتوقّع لأحداث المستقبل وفق التّطوّر العلميّ
الذي تشهده الإنسانيّة علميّاً وتكنولوجيّاً.
بين الخيال
والفنتازيا:
إنّ طرح بدائل لمشكلة الإنسان اليوم وفق رؤية
سرديّة خياليّة متطابقة مع اختياراته التي يتمنّاها هي التي تقودنا إلى تشكيل الصّورة النّهائيّة
للمستقبل باختيار واعٍ للتنبّوءات وتجسيد مفهوم الاستشراف العلميّ،وإن كان متأتياً
من خلال الخيال السّرديّ الذي يبدو مقبولاً ومتطابقاً مع الخيال العلميّ،وهذا يتطلّب
منا عدم الوقوع في إشكاليّة المصطلح الملتبس عند البعض بين الخيال العلميّ
والفنتازيا .
"واقع
الأمر أنّ الخيال العلميّ كان دائما دائماً أساس العديد من الاختراعات الباهرة والإنجازات
التقنية غير المسبوقة ومن ميّزات هذا النّمط من الخيال الموصوف بالعلميّ أنّه
لايكون خيالاً صرفاً متفلتاً من كلّ قيد،بل خيالاً منضبطاً ومتّصلاً بالعلم
ونظرياته" (8)،وعكس الفنتازيا التي يكون فيها ارتباط بالواقع المعاش بشكل أو بآخر،وأن
يقوم على الظّواهر الخارقة والمثيولوجيّا والأساطير والخرافات .
التّحوّل الجنسيّ او المسخ:
ان موضوع التّحوّل الجنسيّ
ليس بجديد في الرّواية العالميّة والعربيّة،وموجود بكثرة في ألف ليلة وليلة،والقصّ
العالميّ ومنبع قصص الخيال المحض والعشق والفنتازيا بتلاوينها جميعها. وكذلك نجده
في الأساطير السّومريّة والبابليّة والإغريقيّة والفرعونيّة وقصص القرآن .
واعتمد روايات كثيرة في العالم على موضوع تحول
الجنس البشريّ من كائن إنسانيّ الى مسخ آخر كما في رواية "فرانتز كافكا الرّائعة
"المسخ " الذي يستيقظ ليجد نفسه قد تحول إلى حشرة ضخمة،أو في رواية "قلب كلب " لـ "لميخائيل
بولغاكوف"؛حيث تبيّن لنا تجربة البروفسور بريو برافنسكي بنقل غدة نخاعيّة من
رجل قتل حديثاً الى دماغ كلب،فيتحوّل الكلب الى رجل دميم مسخ.
إنّ
اختلاف رواية "أَعْشَقُنِي" في تحويل جنس البطل الى امرأة حامل لم تكن
قائمة على الفنتازيا بل على خيال علميّ ممكن؛لأنّنا نعيش لحظة زمنيّة مختلفة في
التّطوّر العلميّ غير معهود يمكن تصديق مثل هذا التّحوّل ولو بالخيال الذي برّرته
الرّواية كما ذكرنا استشرافيّاً وعلميّاّ . دون أن نغفل أن هذه الرّوايات تشترك في
تعرية القهر الإنسانيّ والظّلم وإبراز المشاعر الإنسانيّة لإدراك معنى الطّغيان
السّائد،إنّها فنتازيا سوداء فاضحة قد استخدمتها الرّوائيّة بمنطقة الخيال
الاستشرافيّ العلميّ الصّرف،وكانت مقنعة للقارئ لوعي الكاتبة على ماتحكيه وكيفة ما
تحكي وأسلوب الحكي، أو كما عبّر عنه بوجه الدّقة الرّوائيّ البيروفي العظيم "
ماريو فارغاس يوسا" حين قال:" إنّ
قدرة رواية ما على الإقناع تكون أكبر،كلما بدت لقارئها أكثر استقلاليّة وسياديّة،
حين يوحي له كلّ ما يحدث فيها بأنّه يحدث بموجب آليّة داخليّة للتّخيّل الرّوائيّ،
وليس بقسر تعسفيّ تفرضه إرادة خارجيّة. وعندما تشعر الرّواية بأنها مكتفية بذاتها،
وتتضمّن كلّ ما تحتاج إليه لكي تحيا،فإنّها تكون قد وصلت إلى أقصى قدرة على
الإقناع، وتمكّنت من إغواء قارئيها،وجعلهم يصدّقون ما ترويه لهم. ويربط يوسا فاعليّة
الإبداع الرّوائيّ بخاصيتين هما: التّماسك وطابع
الضّرورة؛ فالحكاية التي تتضمّنها الرّواية يمكن أن تفتقر إلى التّماسك، لكن
الأسلوب الذي يعبّر عنها لا بد أن يتسم بها، لكي يسمح لانعدام التماسك هذا بالظّهور
كما لو أنّه طبيعيّ وجزء من الحياة"(9)
هذا ما لمسته كقارئ
للرّواية لأكثر من مرة إضافة إلى كلّ ما تقدم سأدوّن ملاحظتين أساسيتن لما أعتقده
في تناول الأعمال السّرديّة نقديّاً أو في قراءة ما يكتب عن النّصّوص .
·
ليس من الضّروريّ أن يسرد النّاقد أحداث الرّواية أو
القصّة للقارئ قدر الكشف عن العناصر الجماليّة والقيم الفنّيّة للعمل،وعلى القارئ أن
لايجهد نفسه،ويضيع وقته بما يكتب من دراسات نقديّة قبل قراءة الأعمال الفنّيّة والنّصّوص
المنقودة،علماً بأنّ لغة النّقد لا تقلّ قيمة عن لغة النّصّ،وقد عبّر عنها رولان
بارت بـ "الميتالغا" كمعادل "للميتاسرد" والاستهلال يوضّح ذلك
.
·
" إنّ دور النّاقد في وضع قدراته الدّينامّية في قراءة النّصّوص وميكازينمات البحث في اكتشاف الدّلالات الإشكاليّة المتناقضة في حدود العمل وفضاءآته،ولايمكن بأيّ حال من الأحوال أن يكون النّقد وفق قوانين قطعيّة كما هو العلم؛فالفن والأدب يشكّلان حالة وجدانيّة خاصّة يدخل العلم والمعرفة ضمن مكوّنها وتكوين المبدع .
إنّ عمل النّاقد نابع من الفلسفة؛فهو يبحث عن مكامن الجمال في العمل المنقود ،ويصبح مثله مثل الفيلسوف وصلاحياته التي تطالب الفنان بإثبات مايقوم به هل هو عمل خير أم وسيلة إلى الخير، والجمال هو الخير بعينه وقيم الخير نابعة من الجمال ذاته.
وهذا بحاجة إلى إحساس ينطوي على جملة من العوامل المعرفيّة للوصول الى اللّذة التي نتوخاها من القراءة حتى في "النّقود” التي نحرص على قراءتها دون انقطاع بعد قراءة أيّ عمل أدبيّ أو مشاهدة أعمال تشكليّة أو أفلام سينمائيّة.
ومن هنا فإنّ مهمة النّاقد ليست وعظيّة أو دعويّة،بل هي بحث في مكامن النّصّ الذي يعدّ أساس الخبرة الجماليّة ومصدرها كما يقول "كلايف بل ":"" عندما نحاول إدراك العمل الفنّيّ جماليّاً يجب علينا أن لا نتذوّق أو نقيّم العمل الفنّيّ من وجهة نظر اهتماماتنا الشّخصيّة واعتقاداتنا أو عواطفنا أو تحيّزاتنا الثّقافيّة،بل من وجهة نظر العمل نفسه وبناءً على الصّفات أو الكيفيّات الكامنة في الشّكل الدّال؛فالشّكل الدّال وحده هو أساس الخبرة الجماليّة ومصدرها، بعبارة أخرى أن نتذوّق العمل الفنّيّ موضوعيّاً في ذاته ولأجل ذاته ... وهذه هي النّزاهة الجماليّة" (10) التي نصل من خلالها إلى أعلى درجات اللّذة
في القراءة والانفعال الجماليّ .
رواية " أَعْشَقُنِي" تجربة مضافة إلى
أدب الخيال العلميّ في الوطن العربيّ الذي يعاني من الفقر،ولم يوجد كتاب بهذا الضّرب
من السّرديّات القصصية والرّوائيّة إلاّ بعدد أصابع اليد الواحدة.
وفي ظل التّطوّر العلميّ الذي تشهده البشريّة
والتّقدّم التّكنولوجيّ نحن بحاجة ماسّة إلى هذا النّوع من الرّوايات آخذين بعين
الاعتبار أنّ لكلّ نص قوامه واستفراده بوصفه تجربة جديدة مضافة،ولا بدّ أن تقوم من
داخل السّياق الثّقافيّ والاجتماعيّ للتّجربة الإنسانيّة .
الإحالات:
1-أَعْشَقُنِي،
رواية للدّكتورة سناء الشّعلان. الطّبعة الأوّلى 2012. الناشر: مؤسّسة الورّاق للنّشر
وللتوزيع، عمّان، الأردن .
2- في الأدب والكتابة والنّقد
– رولان بارت ترجمة وتقديم الدكتور عبد الرحمن بوعلي – دار نينوى للدّراسات والنّشر
– دمشق 2014،ص156.
3- الاتجاه الأسلوبيّ البنويّ في نقد الشّعر تأليف
عدنان حسين قاسم – الدّار العربيّة للنّشر
والتّوزيع، ط1 سنة 2001 ،ص42.
4- مقال الدّكتورة نعيمة سعديّة كليّة الآداب واللّغات – جامعة محمد بخضير
–بسكرة " النّصّ الأدبيّ وفعل القراءة – قراءة في عاشق فلسطين لمحمود درويش
" المقال منشور على الموقع الالكترونيّ للجامعة .
5- مدخل الى التّحليل البنويّ للقصص – رولان
بارت - ترجمة منذر العياشي – دار نينوى للدّراسات
والنّشر – دمشق ،ص86.
6- الوجود والعدم - بول
سارتر- ترجمة عبد الرحمن بدوي – دار الآداب – بيروت 1966ط1 ،ص82.
7- السّيمياء والتّأويل –
روبرت شولز ترجمة سعيد الغانمي – المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر-بيروط 1994 ،ط1
،ص9.
8- الخيال العلميّ أم
الفنتازيا الأستاذ محمود بري - مجلة أفق الصّادرة عن مؤسّسة الفكر العربيّ – العدد
26 في 1 تشرين الأوّل – بيروت .
9- خورخي ماريو فارغاس يوسا
" 28 مارس 1936م" روائي بيروفي وصحفيّ وسياسيّ،حاصل على جائزة نوبل 2010
،وترجمت أعماله إلى أكثر من 20 لغة وصاحب حصاد لجوائز عالميّة كثيرة .
10 – سقوط السّماء في خان
الشّابندر – عبّاس داخل حسن - إصدار دار الجواهري للنّشر والتّوزيع – بغداد 20016 ،ط1،ص15.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق