وصف الإعلام الثقافي ب"الضعيف" و"المنحاز".. والناشر العربي "ساعي بريد"
يقطين: روايات «تافهة» هي «الأكثر مبيعاً».. وما حولنا يثبت «فسادنا»
الرباط - ثقافة اليوم
رمى الناقد العربي الدكتور سعيد يقطين "الإعلام الثقافي" بأوصاف "الضعف" و"الانحياز" و"غياب الموضوعية"، واتهم النقد الروائي ب"عدم المواكبة"، ولم يتوان عن اعتبار "ضياع المصداقية" أكبر المشكلات الثقافية التي تواجه العالم العربي، محملاً "الجميع" مسؤولية استرجاع هذا الحق الضائع.
وقال خلال محاضرة بعنوان "الرواية من الجزيرة العربية إلى شواطئ الأطلسي.. رجاء عالم ومحمد الأشعري أنموذجاً" في الصالون الثقافي بالملحقية الثقافية السعودية بالمغرب: "الإعلام الثقافي ضعيف، منحاز، وغير موضوعي. كما أن النقد الروائي غير مواكب. والمبدع عندما لا يجد من يقدر عمله بإعطائه وجهة نظره فيه يظل دائماً متوجساً".
وأضاف: "لهذا لا يمكننا التعجب عندما نرى مثلاً العديد من الروائيين عندما يكتبون في هوياتهم الشخصية بأنهم تأهلوا للائحة الطويلة أو للائحة القصيرة".
واعترف عضو اللجنة التحكيمية لجائزة "البوكر" للرواية تدخّل العلاقات السياسية وأطراف متعددة وعوامل خارجية في نتائج لجان الجوائز "هذا كله صحيح. نحن بحاجة إلى أن تكون عندنا ثقافة جديدة بصدد الجوائز الأدبية والثقافية، لأن الجائزة من التقاليد الثقافية والأدبية التي ينبغي أن تتأسس وتدعم، كما ينبغي أن تنظم".
وأضاف: "صحيح أن القيمين على الجوائز هم المسؤولون عنها. لهم خياراتهم وقد تكون لهم حساباتهم وتصوراتهم وغاياتهم الخاصة من تنظيم الجائزة، إلا أننا مطالبون ونحن نؤسس للتقاليد أن ندعمها بالوضوح والشفافية والموضوعية"، مؤكداً أن "واحدة من كبريات مشكلاتنا الثقافية تكمن في ضياع المصداقية، والجميع يتحمل مسؤولية استرجاع هذا الحق الضائع".
وتأتي محاضرة يقطين في سياق التعاون الثقافي العربي، ومتابعة ما يستجد في الساحة الثقافية ما من شأنه تقوية جسور التواصل بين المجتمعات العربية، كما أكد الملحق الثقافي السعودي في الرباط ناصر نافع البراق.
وذكر يقطين في محاضرته أن الارتقاء بالثقافة العربية يتحقق بتشجيع المثقف والكاتب، لكنه لم يمانع في ان تكون الجوائز مدخلاً لذلك، فالمبدع نادراً ما يجد من يقيم عمله الإبداعي التقييم المناسب، بحسب قوله.
وسلط الضوء على ما أسماه ب "تسونامي" الإنتاج الروائي في السعودية، "في السنوات المنصرمة تزايد الإنتاج الروائي في كل الأقطار العربية، وإن بشكل متفاوت. وأظن أنه في سنة 2006 كان عدد الروايات التي صدرت في السعودية لوحدها نحو 500 رواية، وهو رقم قياسي لم تعرفه أي تجربة روائية في العالم العربي".
وشبه يقطين الناشر العربي ب"ساعي البريد"، من خلال ما اكتشفه أثناء تجربة التحكيم في جائزة البوكر، "عندما قرأنا النصوص المقدمة للجائزة، وكانت حوالي 123 نصا من مختلف البلاد العربية، اكتشفنا أن غالبية النصوص التي اطلعنا عليها كانت بلا ملامح محددة، لأنها تظل تتحرك في فضاءات متعددة بلا بوصلة ولا محرك معين يقودها".
واستطرد: "بل اتضح بأن الناشر عندنا لا يزال يقوم بدور ساعي البريد، أي أن الروايات التي تنشر لديه يقدمها للجائزة بلا تمحيص او تدقيق، في حين أن الناشر الحقيقي هو الناشر الذي لا ينشر أي رواية إلا بعد أن يرى أنها رواية قيمة، وألا يرشحها إلا بعد أن يتأكد من أنها جديرة بالمنافسة".
وتابع: "الناشر وهو الوسيط الأساسي بين الكاتب والمتلقي لا يلعب الدور الذي يمكن أن يقوم به، فقد تصل إليه الرواية وقد يطلب من المبدع مبلغا من المال مقابل نشر هذه الرواية، وبالتالي فهنا ستضيع مصداقية النص وسيصبح أي شيء رواية وهذا هو الواقع".
وتساءل: "كيف يمكن لناشر أن يقدم على نشر نص غير جيد؟ ماذا يمكن أن نقول عن رواية مليئة بالأخطاء المطبعية والنحوية واللغوية والأسلوبية؟ من يتحمل هذه المسؤولية؟"، مشيراً إلى ان النص العربي المطبوع - بصورة عامة - لا يلقى الاهتمام الكافي لدى طبعه، لأنه ينشر وهو مليء بالأخطاء، فكيف يمكن لهذا الكتاب أن يسمو بالقارئ ولو على المستوى اللغوي".
وتابع "ان تغييب القواعد الضرورية للإبداع تتولد في زمن لا يؤمن بالإبداع ولا بالفكر الحقيقي. إنها جميعا وليدة هذا الواقع الفاسد، ونحن كمجتمع عربي نعيش أقصى درجات الفساد في كل شيء. وجميع ما حولنا يثبت بأننا فاسدون، ولأننا لا نريد أن نعترف بأننا فاسدون، فقد طال الفساد كل شيء حتى ان بعض الروايات صار لها موقع، ومكانة وهي أعمال تافهة. وصارت هذه الروايات التافهة الأكثر مبيعاً نموذج الرواية التي يحتذي بها أي مبتدئ، على اعتبار أنها عنوان النجاح والتألق، فتجده متتبعا المواصفات إياها والمغامرات نفسها، ويعنى بالمحرمات والمقدسات عينها".
http://www.alriyadh.com/2011/04/07/article621084.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق